الفصل 380: سِفر شيطان يوانشي، تغيّر جذري

كان كل ما هنا غريبًا إلى حد مذهل، لكن تقلبات الفضاء بدت مألوفة قليلًا

بدأت تُطلق وعيك السماوي، باحثًا في كل مكان

وفي النهاية دهشت حين اكتشفت أن هذا العالم ليس إلا المجال البشري

غير أنّ تقسيم المجال البشري إلى أربعة أجزاء جعل هذا الجزء بعينه يبدو غريبًا عليك بعض الشيء

“همم؟!”

“كيف تتصل هذه الهاوية بالمجال البشري”

“وتلك الأبواب الستة العظيمة”

“إن كان الأمر كذلك، أليس معنى هذا أن هذا المكان يصل جميع الأقاليم الستة”

تراجعت إلى الخلف

ثم دخلت الأبواب العظيمة الخمسة الأخرى واحدًا تلو الآخر

وقد قادت فعلًا—كما تخيلت—إلى عوالم ذوي العمر الطويل، والشياطين، والوحوش، والأشباح، والعالم السماوي

لكن الباب العظيم المؤدي إلى العالم السماوي، حين عبرته، لم يَقُد إلى المجال السماوي الذي عقدت معه، بل إلى أرض الأجداد لذلك المجال السماوي

بدأت تُجري أبحاثك هنا

يومًا بعد يوم، وسنة بعد سنة

في الألفية الرابعة والخمسين

اخترقت إلى مرحلة متأخرة من العالم الثالث عشر

في الألفية السابعة والخمسين

اخترقت إلى قمة العالم الثالث عشر

لكن حتى بعد كل هذه السنين من الدراسة لم تجد شيئًا يخص الأبواب الستة العظيمة

بدت كأنها مجرد صلة بسيطة تتيح لك السفر من الهاوية إلى الأقاليم الستة عبرها

“آه، ليكن”

“يبدو أن وظيفة هذه الأبواب الستة لا تتجاوز هذا القدر”

هززت رأسك مستعدًا للرحيل

لكن ما إن عدت إلى الهاوية حتى أضاء موضع الأبواب الستة فجأة

وأمام الأبواب الستة ظهر تدريجيًا كيان ذهبي

كان غارقًا كله في نور ذهبي

وخاصة عيناه، إذ انبعث منهما بريق باهر للغاية

“السلام عليك أيها الأصغر”

“عندما انفتحت الفوضى أول مرة وانفصل الين واليانغ”

“فإن طاقة السماء والأرض الروحية للنباتات والأشجار والطير والوحش، كوّنت بعضُها نواةً في ألف عام، واتخذ بعضُها هيئة بشرية في عشرة آلاف عام”

أولئك الذين فهموا منهم طريقة الزراعة الروحية سُمّوا وحوشًا

وكان درب زراعتهم مختلفًا عن درب البشر

فالوحوش، وإن بلغوا قوة سحرية هائلة، يظلون في الأصل بشرًا يتجاوزون ليصيروا مكرمين

ولذلك لا بد لزراعة الوحوش أن تمر بثلاث مراحل: الاستنارة، وفتح المسارات، وتحوّل الشكل

أما من استيقظت لديهم الذكاء الروحي أولًا فقد يكونون أشجارًا عتيقة في الغابات أو وحوشًا في الجبال

امتصوا خلاصة القمر والنجوم والندى، وأمضوا مئة عام لفتح ذكائهم الروحي

وإن أرادوا التبدّل كان عليهم الخضوع لتقسية الجسد ببرق سماوي، ليطرحوا عظام الكدر ويحصلوا على جسد بشري وجنين الطريق

ومع ذلك فمسار الوحوش عسير كعُسْر ارتقاء البشري إلى السماء

ولذا أنشأ هذا الأكبر طريقة بديعة تُعين الأصاغر على زراعتهم وينالوا عمرًا طويلًا

وما إن خبا صوته حتى تلاشى الطيف أمامك ببطء

وما وقع عليه بصرك بعد ذلك كان كتابًا يشع نورًا ذهبيًا خافتًا

حدّقتَ فيه مليًا فاكتشفت أن عليه أربعة أحرف كبيرة تقول: سِفر شيطان يوانشي

تأكد أنك تتابع هذه الرواية عبر موقع مركز الروايات، المكتبة العربية الأكبر والأفضل بلا إعلانات، وبوجودك معنا تدعم المترجمين لتقديم المزيد.

تقدّمت على الفور وبدأت تتأمل محتواه

وجدت أنه بالفعل تقنية زراعة روحية قوية للغاية، قادرة على كسر قيد الحاجة إلى عالمٍ مُتعاقد معه للخرق إلى العالم الحادي عشر، غير أنها في جوهرها لا تنفعك كثيرًا

فبفضل “النمو يومًا بعد يوم” بات بوسعك أن تزرع بلا أي تقنية زراعة أصلًا

وفوق ذلك

كان سِفر شيطان يوانشي في الأساس تقنية زراعة لعرق الوحوش، وهو يتعارض كثيرًا معك

ومع أن عالمك الحالي عالٍ للغاية وبإمكانك أن تُحوّل الطاقة الداخلية في جسدك كلَّها إلى طاقة شيطانية، فإن زراعة هذه التقنية قسرًا لن تجلب إلا نصف النتائج بمضاعفة الجهد

تركك هذا في حيرة قليلة

لكن ذاك الطيف لم يكن ليمنحك تقنية زراعة بلا سبب

وبعد لحظات من التفكير قررت تبديل زراعتك

ذهبت إلى عالم الوحوش عبر باب الشياطين

وبدأت تبديل زراعتك

كان هذا المسار سلسًا على نحو استثنائي

وبعد تبديل زراعتك، نجحت في زراعة هذا السِفر المسمى شيطان يوانشي

ومع تتابع الوقت قليلًا قليلًا، زرعت بسرعة مجال ذوي العمر الطويل للأصل الأول حتى بلغ عالمًا مرتفعًا نسبيًا

وفي هذه اللحظة نفسها ظهر الطيف مجددًا

ولم يعُد هذه المرة أجوفَ خامدًا كما كان في قاع الهاوية، بل بدا عليه مسٌّ من الذكاء

“همم؟! كيف تكون من بني البشر”

دهش الطيف ذهولًا كبيرًا

وأنت حين رأيته تفاجأت قليلًا أيضًا

ثم رويتَ له القصة من أولها إلى آخرها

أخبرته أنك وجدت أبوابًا ستة عظيمة في هاوية تحت الأرض، تؤدي تباعًا إلى عوالم ذوي العمر الطويل، والشياطين، والوحوش، والأشباح، والبشر، والعالم السماوي

وأنك دخلت كلًا منها واستكشفت، فلم تجد شيئًا

غير أنك حين هممت بالمغادرة بعد بحث لم يُثمر، منحك طيفٌ ذهبي تقنية الزراعة هذه

“أهكذا إذًا”

“فهمت”

“يبدو أن تقلُّب الأزمنة أثّر كثيرًا في الميراث الذي تركناه”

تنهد الطيف الذهبي طويلًا

ثم أخبرك أنه في العصور القديمة فتحت السماء والأرض عوالم البشر والسماويين والشياطين الثلاثة

ثم فُتحت عوالم ذوي العمر الطويل والوحوش والأشباح الثلاثة

وأنه كان أول حاكمٍ لمجال الوحوش

وقبل فنائه، هو وحكام الأقاليم الخمسة الأخرى أقام كلٌّ منهم ميراثًا يُنال بالقدر

لكن من كان يظن

أن مواطن ميراثهم، بعد سنين لا تُحصى من التغيّرات العظمى، لم تَعُد كما كانت عليه في بداياتها من الكمال

وإن لم يكن يدري ما الذي حدث بالضبط، فإنه واثق أنك كان ينبغي أن تتلقى تقنية الزراعة التي تركها حاكم المجال البشري

حَيَّرك كلام الطيف قليلًا

ثم قلت: “أمم… أيها الأكبر، هل تخبرني ما تقنية زراعة ميراث حاكم المجال البشري”

“إنها فن الأرواح الفطرية التي لا تُحصى”

“وهو، شأنُ سِفر شيطان يوانشي لهذا الأكبر، يعينك على تجاوز بعض قيود العوالم، فتخترق مباشرةً إلى عوالم فوق الحادي عشر”

“لكن بالمثل، لن يكون طريقك بعدها سهلًا”

فلما سمعت هذا ابتهج قلبك، وبادرت بالسؤال سريعًا عن كيفية زراعة فن الأرواح الفطرية التي لا تُحصى

فمهما كان الطريق شاقًا، فلن يشقّ عليك

ومع عون “النمو يومًا بعد يوم”، ما دمت تكسر القيود التي تجلبها العوالم، استطعت أن تخترق فورًا

“أعتذر يا صديقي الصغير”

“لا أعرف كيفية زراعة فن الأرواح الفطرية التي لا تُحصى”

“غير أنني”

“أستطيع—على الأغلب—أن أحاول مساعدتك على استدعاء ميراث حاكم المجال البشري”

عند سماع ذلك طرتَ فرحًا

وعُدت بسرعة إلى موضع الأبواب الستة العظيمة

لكن من كان يظن

أن انشغال الطيف الذهبي لم يُحدث هنا أي تغيير البتة

وفي تلك اللحظة بالذات أحسست بهالات قوية للغاية تظهر في الخارج وتتجه نحوك بسرعة