الفصل 79
الفصل 79: تلفيق تهمة، خطة خبيثة جدًا
وافق باعة الخضار واللحم ببساطة على طلب تشِن جون، وتركوا عنوان فناء سيهييوان قبل أن يغادروا
أما الأرز والدقيق فلم يُبالِ متجر الحبوب بكمية تشِن جون القليلة، ولم يدعم التوصيل إلى المنزل
وبينما كان الأخوان عائدين مع مشترياتهما، أخرجت العجوزة الصمّاء محفظة جلدية صغيرة مصنوعة بإتقان من صندوق تحت سريرها
كان الكيس الجلدي يبدو قديمًا، لكن صناعته كانت في غاية الدقة
وما إن فتحته حتى وجد بداخله سوارًا شفّافًا
هسّ
تجمّد يي جونغهاي الواقف قريبًا
مع أنه لا يفهم في الذهب والفضة أو اليشم، فإن السوار أمامه كان شديد الجمال، وواضح أنه قطعة فاخرة
بل لعلّه أثر قديم
أتزال العجوزة تخبئ كنزًا كهذا
لم يملك يي جونغهاي إلا أن يتساءل في نفسه: كم ياترى بقي لدى العجوزة الصمّاء من ثروة
ولما رأت العجوزة الصمّاء أن يي جونغهاي لا يستطيع صرف عينيه عنه، قالت وفي نبرتها مسحة فخر: لهذا السوار أصل غير عادي، فقد خرج من القصر. في الماضي كان يستخدمه النبلاء
كان في الأصل زوجًا، ولم يبق الآن إلا واحد. ومع أنه ليس كبيرًا، فهو يكفي وزيادة لشراء فناء سيهييوان كله
ما عليك إلا أن تستغل غياب عائلة تشِن عن البيت، فتخفي السوار في بيتهم، ثم بعد الظهر أذهب إلى مركز الشرطة لأبلغ عنه. ليدعوا الشرطة تمسكهم متلبسين، وعندها على الأقل سيقضي فتى عائلة تشِن بضع سنين في الداخل
جونغهاي، هذا ما يسمى قتلًا بلا سفك دماء. ومضت لمعة خبث في عيني العجوزة الصمّاء
ارتعش يي جونغهاي القريب منها من غير قصد
يا لها من قسوة
حين كان يتعامل مع الناس في الفناء، غايته القصوى أن يضغط عليهم، وفي أسوأ الأحوال يغرّمهم أو يجعلهم ينظفون الساحة
أما حركة العجوزة الصمّاء فتعني السجن
التلفيق وإن كان حيلة قذرة، لكنه لا شك فعّال
ما دامت الشرطة ستعثر بعد الظهر على السوار في بيت تشِن جون فسيكون أمره قد انتهى
وبعد صراع داخلي أقنع يي جونغهاي نفسه أخيرًا وقرر اتباع خطة العجوزة الصمّاء
قال مترددًا: يا عجوزة، أليس من غير اللائق أن أكون أنا من يخفي السوار في بيت عائلة تشِن
فإن كُشف أمر كهذا فمكانته ككبير الفناء الأول ستُسحب منه يقينًا
وعندها، دعك من توسّل العجوزة الصمّاء، حتى سيد السماء لن ينقذه
أتريدني أنا أن أخفيه. حدّجته العجوزة الصمّاء بعينين غاضبتين
كان يي جونغهاي يريد أصلًا أن يقول إن شا تشو يمكن إرساله ليخفيه، لكنه تذكّر أن العجوزة الصمّاء تعامل شا تشو كحفيد لها، فابتلع كلماته
هذا أمر يمكن فعله أولًا وإخطارها لاحقًا، فلا داعي أن تعرف العجوزة الصمّاء الآن
قال مبتسمًا بتكلّف: سأذهب، سأذهب الآن. ثم دسّ السوار بحذر في جيبه، ونيّته أن يمر أولًا على الفناء الأوسط ليجد شا تشو ويجعله ينفّذ الأمر
لكن ما إن خرج من غرفة العجوزة الصمّاء حتى رأى تشِن جون عائدًا بمشترياته
تبًا
لا بد من انتظار خروج تشِن جون إلى كشكه قبل التحرّك
ولكي يورّط تشِن جون، اندفع يي جونغهاي بكل ما لديه، عازمًا على التغيب عن العمل صباح ذلك اليوم
لكن شا تشو كان مترددًا قليلًا
فالمعلم ليانغ في هذه الأيام شديد العصبية، كبرميل بارود قد ينفجر في أي لحظة
إن تأخّر فسينال توبيخًا لا محالة
قال يي جونغهاي مستدرجًا: يا شا تشو، أنسيت الضرب الذي نلته من قبل؟ أنسيت أنك تريد الانتقام منه. أثار أولًا الضغينة في قلب شا تشو، ثم استخدم نبرة تحدٍّ
كان شا تشو حينها في العشرين من عمره، في سن يموج بالحيوية وسرعة الاندفاع
وبعد التحريض وافق فورًا
وحين رأى ذلك تنفّس يي جونغهاي الصعداء
وفائدة جرّ شا تشو إلى الأمر أنه إن كُشف، فإن العجوزة الصمّاء ستحمي شا تشو بضراوة
قال شا تشو: يا كبير الفناء، متى أذهب
لا تعجل، فذلك الفتى تشِن جون يغادر عادة قرابة الساعة التاسعة. فلننتظر بهدوء
التاسعة
ساور شا تشو شيء من الندم فجأة. إذ بعد أن يتم المهمة ويهرع إلى مطعم فنغدنغ سيكون الوقت قد جاوز العاشرة، وقد يتعرّض للضرب اليوم
ولما لاحظ يي جونغهاي تصرّفاته غير المعتادة ظنه قد جبن، فطمأنه قائلًا: لا تقلق، التاسعة وقت آمن جدًا. شو داماو وعائلته ليسوا في البيت، وعمّك الثاني ليو هايتشونغ ذهب إلى العمل، والعجوزة في الفناء الخلفي ستساعدنا في المراقبة
سأعينك حينها على سدّ الفناء الأوسط أيضًا. إن حاول أحد الذهاب إلى الفناء الخلفي صاحبت بصوت عالٍ، وهكذا نضمن أن يكون كل شيء محكمًا بلا ثغرة
هزّ شا تشو رأسه موافقًا حين سمع ذلك. فهو لا يخشى إخفاء الأشياء في بيت عائلة تشِن، بل يخشى المعلم ليانغ أكثر
لكن الندم صار متأخرًا، ولم يبق إلا أن يُتم المهمة بسرعة ويعود إلى المطعم
انتظر الاثنان في غرفة شا تشو. وقبيل التاسعة خرج يي جونغهاي إلى الفناء ليتفقّد الوضع
كنس الفناء الأمامي أولًا وتأكد أنه خالٍ، وكاد يتجه إلى الفناء الخلفي، فإذا به يرى تشِن جون والآخرين يدفعون عربة استعدادًا للمغادرة
تفاجأ يي جونغهاي لحظة، ثم استدار ودخل الغرفة كأن شيئًا لم يكن
تمتم تشِن جون مع نفسه: هذا العجوز متوتّر قليلًا
كان الوقت يقترب من العاشرة، ومنطقيًا ينبغي أن يكون يي جونغهاي في مصنع درفلة الصلب، لذا فمجرد ظهوره هنا ولو من غير توتر أمر غير طبيعي
لا شك أنه يدبّر أمرًا سيئًا
لم ينبّههم تشِن جون، ودفع العربة خارج فناء سيهييوان مع لين ياو ويان جiacheng
غير أنه عند مدخل الزقاق قلّب معصمه، فظهرت تميمة حمراء بحجم راحة اليد
على الفور تحوّر الورق الأحمر إلى خيط رفيع غير لافت طار نحو عصفور يجثم على الجدار
كان الشتاء قد حلّ، والطيور الوحيدة المرئية في مدينة سي جيو عصافير صغيرة
هذه طيور اجتماعية مقيمة، تستطيع العثور على طعام في الشتاء ولا تحتاج إلى الهجرة جنوبًا
سرعان ما خفق أحد العصافير بجناحيه وطار نحو فناء سيهييوان
في تلك اللحظة، وبعد أن تأكد يي جونغهاي من ابتعاد تشِن جون والآخرَين، نادى شا تشو على عجل
لم يتباطأ شا تشو. وبعد أن تأكد من الأمان، اتجه مباشرة إلى بيت عائلة تشِن
نظر فوجد الباب مقفلًا
هيه، الفناء كله لا يقفل أبوابه، وبيتك وحده مقفل. أتريد التميّز
تمتم شا تشو ساخطًا، وأخرج سلكًا من جيبه، وببضع حركات سريعة فتح القفل العتيق
لم يكن أحد ليتوقع أن شا تشو يعرف فتح الأقفال أيضًا، ومهارته ليست أدنى مما ستكون عليه مهارة بانغ غِنغ في المستقبل
تسلّل إلى الغرفة بهدوء ومسح بعينيه ما بداخلها
قال متعجبًا: ها هو تشِن جون يطبخ طعامًا لذيذًا في البيت كل يوم، فلماذا لا أرى على الموقد إلا مُكوّنين
كان شا تشو طاهٍ بطبيعة الحال، وخبيرًا بالتوابل. ولإخراج طعم جيد في القلي السريع لا غنى عن التوابل
لكن على موقد بيت عائلة تشِن لم يكن هناك سوى الملح وصلصة الصويا
غير أن وقت التفكير لم يحن بعد. أخرج شا تشو المحفظة الجلدية الصغيرة من جيبه واستلّ السوار اليشمي
تس تس، ما تزال الجدة تملك شيئًا بهذا الجمال، إنه حقًا بديع
وجد شا تشو السوار اليشمي آسرًا هو الآخر، لكن عينَيه خلت من الجشع
أليس ما كان للعجوزة الصمّاء ملكًا له
بل إن هذا السوار وحده لا يكفي، فبعد رحيل العجوزة ستؤول إليه كل الكنوز، بل وحتى البيت