4
الفصل 4: العثور على كهف
سقط نوح جالسًا تحت الشجرة بثِقَل. لقد أُنهِك مجددًا.
فكلما جمع قليلًا من الطاقة، استهلكها على الفور.
والآن كان عليه أن يُشعل نارًا، وهذا بحد ذاته عملٌ شاق. لحسن الحظ أنه كان يعرف بعض الطرق. فقد خرج في رحلة تخييم أيام الجامعة مع أصدقائه، وهناك أشعلوا النار بفرك عودين من الخشب وشووا عنزة.
تنهّد بعمق، ثم أخذ غصنين جافين، وثبّت أحدهما بالحبل حتى لا ينزلق. ومع كل شدّة على الحبل، كان العود يدور بسرعة على الخشب أسفله. ومع استمرار الاحتكاك تصاعد الدخان، وبعد قليل ظهرت شرارة صغيرة. نفخ عليها بحذر حتى وُلدت شعلة صغيرة.
كانت هذه الطريقة السهلة التي تعلّمها من صديقه روبرت في تلك الليلة.
بعدها ألقى بعض الأعشاب الجافة لتقوية النار، ثم أضاف المزيد من الحطب.
بقيت 3 ساعات على غروب الشمس. كان عليه أن يطبخ الأرنب المقرن ويجد مأوى يقيه ليل الغابة.
أخرج جثة الأرنب من الثلج، ثم استعمل رأس الرمح شبه المفلطح ليقطع جلده السميك. كان الأمر صعبًا ومُرهقًا، فلم يقطع سوى إحدى ساقيه الخلفيتين، وبشق الأنفس نزع الجلد عنها.
علّق اللحم فوق النار ليشويه، بينما قلبه يخفق بشدّة، خوفًا من أن تجذب الرائحة وحوشًا أخرى.
لكن في تلك اللحظة، كان الجوع هو الوحش الأشد فتكًا بالنسبة له. حتى جرح كتفه لم يعد يعني له الكثير.
وبعد 40 دقيقة لم يعد يطيق الانتظار، فأكل اللحم كما هو، بلا توابل أو ملح. لم يكن طعمه جيدًا، لكن من أجل البقاء لم يكن أمامه خيار.
حين أنهى ساق الأرنب بالكامل، شعر بالشبع أخيرًا.
الآن حان وقت التفكير في المأوى. لكنه كان جريحًا، وبناء مأوى كامل بيديه أمر مستحيل.
لذا بدأ يبحث عن كهف قريب.
ربما ابتسم له الحظ أخيرًا بعد أن ضحك عليه طويلًا، فقد وجد كهفًا ليس بعيدًا.
لكن الحذر واجب. لو كان هناك وحش يسكنه، لكانت نهايته الحتمية. رمحه البدائي تحطّم، وجسده لم يعد قادرًا على معركة أخرى.
التقط حجرًا، واختبأ خلف شجرة، ثم قذفه داخل الكهف. كان كتفه يؤلمه، لكن لم يكن أمامه خيار.
انتظر أي حركة، أي زئير، أي صوت. لم يحدث شيء.
قذف حجرًا آخر. لا شيء أيضًا.
تنفّس الصعداء ودخل. الكهف لم يكن كبيرًا، لكنه مثالي لقضاء الليل.
لم يبقَ سوى أن يؤمّن الماء. الثلج موجود، لكنه يحتاج إلى غليه أو تقطيره، وإلا أصيب بالمرض.
أحضر النار إلى داخل الكهف، ثم جثة الأرنب، فالمزيد من الحطب والعشب الجاف. وفي النهاية، جمع شجيرات وأغصانًا ليغطي مدخل الكهف حتى لا يُكشف مكانه.
الآن جاء دور الماء. لم يملك أدوات للتقطير، لكن يمكنه إذابة الثلج ثم غليه للتعقيم.
فكّر بحيلة: لو استطاع استخدام جلد الأرنب كوعاء، لحلّ المشكلة.
قضى ساعة ونصف في سلخ الجلد بحذر حتى بقي قطعة واحدة كاملة. غسلها بالثلج جيدًا، ثم طواها كأنها كيس وملأها بالثلج. تركها قرب النار لتذوب.
ثم جمع بعض الصخور ووضعها في النار لتسخن. وعندما احمرّت من الحرارة، أسقطها داخل الجلد المملوء بالماء. بدأ الماء بالغليان، كفيلًا بقتل أي بكتيريا.
جلس مسنودًا إلى جدار الكهف، مدخله مُغطى، والنار تبعث دفئًا مريحًا. لأول مرة منذ وصوله، شعر أن بوسعه التفكير بهدوء.
الجرح لا يزال يؤلمه بشدة، لكنه محتمل. كل ما عليه هو الصمود ليومين فقط. مضى نصف يوم بالفعل. تبقّى 36 ساعة.
كان يدرك أن قوانين هذا العالم صُمّمت لتناسب القادمين من الأرض، ليسهل عليهم التكيّف في البداية.
بعد ساعتين، برد الماء، وترسّبت الشوائب في القاع. بدا صافياً من الأعلى. شربه بشراهة، وأخيرًا حصل جسده على أغلى ما يفتقده منذ 36 ساعة.
ثم شوَى قطعة أخرى من اللحم وأكلها.
بعدها زاد الحطب على النار، وأسدل جفنيه. غلبه النوم فورًا.