الفصل 88: تلك اللمسة العذبة
بعد وقت قصير، لمح كيتسوتشي واثنان من قادة الجونين من قرية الصخر غاتس يقترب وهو يدفع كرسيًا متحركًا، وعلى شفتيه ابتسامة عريضة
وكان يجلس على الكرسي ثالث التسوتشيكاغي، أونوكي، بجسدٍ واهنٍ مثبتٍ بمِقوّم فولاذي طبي خاص مشدود إلى ظهره
«أبي»
«يا سيدي التسوتشيكاغي»
اندفع كيتسوتشي والجونين الاثنان نحوَه، وعلى وجوههم مزيج من الصدمة والارتياح
قال غاتس رافعًا كفه إنذارًا بالهدوء
«تسونادي بذلت جهدًا هائلًا لإعادة وظيفة عموده الفقري، لكنه لا يزال هشًّا كالبورسلان، حركة خاطئة واحدة وقد ينهار»
ومع هذا التحذير، دفع غاتس الكرسي إلى الأمام وربما بقوة زائدة قليلًا
انزلق أونوكي نحوهم، فتهالك الشينوبي الثلاثة من قرية الصخر مذعورين لتثبيته
وكانت تسونادي وأوروتشيمارو قد شددا على أمرٍ واحد: لا تكشفوا الحقيقة كاملة عن حالة أونوكي
فالرجل المسن لا يزال مشلولًا من الخصر إلى أسفل، ولو عرف شينوبي الصخر ذلك لتعطلت محادثات الهدنة الحسّاسة، وهذا ما لا يحتملونه الآن
انساب في الجو صوت أوروتشيمارو الأجش
«فلنبدأ مناقشة شروط وقف إطلاق النار»
قطّب أحد الجونين من قرية الصخر قائلًا
«تسوتشيكاغينا ليس على ما يرام بوضوح، هل نطلب إرجاءً قصيرًا»
ضيّق أوروتشيمارو عينيه الشبيهتين بعيني الأفعى
وانبعثت هالته الكاسحة بمستوى حكّام القرى، ثقيلةً ومخنِقة
وقال ببرود «إن لم تكونوا مستعدين، يمكنكم الاستراحة في ثكنات كونوها»
كان واضحًا في نبرته أنه لا تأجيل، فكل ساعة تُهدر قد تُعرّض الجبهة الجنوبية للانهيار
وليس وقف إطلاق النار شأنًا بسيطًا، فهناك نزاعات الأراضي والتعويضات والإجراءات، وكلها تتطلب وقتًا ودقة
وكان الزمن هذه المرة رأس مالٍ لم يعد لدى كونوها منه الكثير
قبض كيتسوتشي قبضتيه
«مفهوم، لكن… اسمحوا لوالدي بالعودة إلى إيواغاكوري للراحة، لا يمكنه البقاء هنا على هذه الحال»
قهقه أوروتشيمارو بخفوت
«أنا لست شيطانًا، دعوا العجوز يذهب، لكن تأكدوا ألا يفتعل مشكلات لاحقًا»
لم يكن يُلقي كلامًا للاستهلاك، فمع وصول أونوكي إلى هذه الحالة صار حضوره أقرب إلى تحذير لإيواغاكوري منه إلى ورقة قوة
أومأ كيتسوتشي إيماءةً حاسمة وأشار إلى أحد تابعيه ليرافق أونوكي إلى الديار
ثم، بزفرة ثقيلة، جلس هو والجونين الآخران قبالة أوروتشيمارو لبدء المفاوضات التمهيدية للهدنة
قال غاتس بابتسامة خفيفة «يبدو أن الأمور تحت السيطرة هنا»
«سأترك الباقي لك ولتسونادي»
سأل أوروتشيمارو وهو يبتسم «أوتغادر مجددًا»
«لم تكَد ترتاح منذ وصلنا، وها أنت تعود إلى النار»
أجاب غاتس بصوت أكثر خفوتًا «ما باليد حيلة، ما زال هناك أناس على الجبهة الجنوبية، لا أريد أن يدفعوا الثمن لأني قررت أخذ قيلولة»
ابتسم أوروتشيمارو فحسب
لم تحضر تسونادي اجتماع التفاوض، فقد كان الجرحى كثرًا ينتظرونها، وكانت الأيدي المداوية أهم من الكلمات في تلك الساعة
ولما عادت إلى خيمتها الخاصة لترتاح قليلًا، كان صدر سترة الشينوبي لديها مبللًا بالعرق
نزعتها، وما إن بدأت تفك أزرار القميص الداخلي حتى اندفع ستار الخيمة
تصلبت تسونادي في مكانها
«أيها الأحمق، أما سمعت بالاستئذان»
قال غاتس بوجه جاد «طرقت… في قلبي»
ارتعشت قبضتها
وأردف «لدينا هنا حاكمان للمستوى الأعلى، أنتِ وأوروتشيمارو، أما قرية الصخر فلا أونوكي لديها ولا روشي، وأقوى ما عندهم حاليًا حامل ذو الذيول الخمسة»
«هذا ليس كافيًا ليشكل تهديدًا»
اقترب وأخذ يدها برفق وجذبها نحوه
سألت، وهي تعرف الجواب «ستذهب إلى الجبهة الجنوبية، أليس كذلك»
«نعم… لا بد أن أذهب، هناك أناس ينتظرون»
اشتدت شفتا تسونادي قليلًا، ولم تكن بارعة في إظهار المشاعر، لكنها، بعد توقف قصير، قالت بنبرة هادئة «احذر على نفسك»
ثم ودّعته بلحظة مودة مقتضبة تناسب الموقف، محتفظةً برأسها هادئًا لتعود إلى عملها
وحين خرج غاتس من الخيمة بوجهٍ هادئ ونَفَسٍ متزن، التفت مبتسمًا
بقيت تسونادي لحظة تحدّق في المرآة، تمس أطراف شفتيها، ثم تمتمت بامتعاضٍ دافئ «ذلك المزعج»
جلست بعد قليل وبدأت تكتب تقريرها إلى كونوها
وتحرّت أن تُبرز دور غاتس في القتال، فهو عمله نعم، لكن…
همست وهي تبتسم «ذلك المزعج»
بعد يومين وليلة، حلّق صقر رسول فوق سماء كونوها، ولفافة مشدودة إلى ساقه
لم يكن ساروتوبي هيروزن في مزاجٍ للمجاملات
فالحرب سارت على غير ما يُرام في جبهات عدة، وابنه الأصغر أسوما صار عبئًا متزايدًا
وثِقل القيادة كان أثقل من أي وقت مضى
«يا هوكاغي-ساما»
انحنى أحد أفراد الأنبو وقدّم له اللفافة
«معلومات عاجلة من الجبهة الشمالية»
فك هيروزن ختم اللفافة وتصفّح محتواها
ثم تجمّد
«أونوكي أُسر»
ارتجفت يداه قليلًا
صحيح أن أونوكي لم يكن بقوة الرايكاغي الثالث بدنياً، لكنه كان ماكرًا، ثعلبًا عجوزًا أفلت من أفخاخٍ أكثر مما رآه معظم الشينوبي في حياتهم
أما الآن فقد صار عاجزًا، محطمًا جسدًا ومعنًى، وعلى يد رجل واحد
غاتس