الفصل 3: شهية الرعب

انتهى اختبار القبول في الصباح

امتلأ الجو بأحاديث متحمسة بينما اجتمع الناجحون مع آبائهم الفخورين، وعيونهم تلمع بالراحة والفرح

أما من لم يجتزوا، فما زال الأمل قائمًا — فهناك فرصة لاختبار تعويضي الشهر القادم

لكن بالنسبة لأطفال مثل مايت غاي، الذين لم ينجحوا هذه المرة، فلا وقت للراحة

كان عليهم أن يضغطوا أكثر ويتدرّبوا أشد — وإلا خطر بهم أن يتخلّفوا حتى العام المقبل

…

لم تعرف كوريناي يوهي أمها قط، إذ توفيت أثناء ولادتها. ربّاها والدها يوهي شينكو — وهو جونين نخبة متمرّس غالبًا ما يكون خارج القرية في مهمات — فتعلّمت القوة في الصمت

لكن اليوم مختلف. لقد عاد والدها، وهي اجتازت اختبار القبول. كان يومًا نادرًا يجمع فرحتين

قضيا ظهيرة هادئة يتجولان في شوارع كونوها المألوفة، يتشاركان لحظات نادرة من السلام

ومع هبوط الشمس نحو الأفق، تلقي ظلالًا طويلة بين الأشجار، قادها شينكو إلى ما وراء أسوار القرية

“أبي؟ لماذا نذهب بعيدًا إلى هذا الحد؟”

سألت كوريناي وهي تُضيّق عينيها

“ستعرفين”، أجاب شينكو بابتسامة غامضة، وأومأ نحو درب الغابة أمامهما

مرّت بضع دقائق

ثم — وقع خطوات بين الشجيرات

ظهر شكلان صغيران من مسار الغابة: أحدهما بثياب سوداء، والآخر بثياب خضراء. كلاهما بطول كوريناي تقريبًا. رمشت وقد تعرّفت عليهما

غاتس ومايت غاي — الفتيان اللذان ظهرا في اختبار الصباح

ركض الاثنان بجوارهما بأقصى سرعة، والعرق يتطاير عن جبينهما. استطاعت كوريناي أن تسمعهما يتمتملان بين أنفاس متقطعة

“456…456…456…”

سقط فكّها من الدهشة

“أهما… لا يزالان يركضان منذ الصباح!؟”

اختفيا في البعيد. ثم بعد لحظات عادا يدوران من جديد، وما زالا يعدّان

“457…457…457…”

حدّقت كوريناي مذهولة

“إنهما يقطعان لفّات… طوال هذا الوقت!؟”

تذكّرت كلمات غاتس في وقت سابق من ذلك اليوم. شيئًا عن الركض 500 لفة

مستحيل… أكان جادًا؟

معظم الأطفال من العائلات المدنية لا يصمدون أكثر من بضع لفّات حول ساحة التدريب. هذان الاثنان — وعمرهما خمس سنوات فقط — كانا يركضان لساعات

ما هما؟ وحشان؟

عادا يدوران من جديد. لكن هذه المرة، ارتجفت ساقا مايت غاي

سقط على العشب وهو يلهث بقوة

“أ-آسف… يا غاتس… ل-لا أستطيع… المتابعة…”

أمسك بطنه وكأنه سيتقيأ. لم يُبطئ غاتس، لكنه ألقى نظرة إلى الخلف

“ليس سيئًا”، تمتم، وقد تفاجأ بأن مايت غاي صمد إلى هذا الحد

بفضل تعديلات النظام، أُعيد تشكيل جسد غاتس — على هيئة بنية مونكي دي غارب في طفولته

مقارنةً بالطفل العادي في عالم ناروتو، كان الأمر شبه غير عادل

فالمعايير الجسدية المتوسطة في عالم ون بيس تفوق كثيرًا نظيرتها في ناروتو

وبالنظر إلى أن غارب ينحدر من سلالة مونكي دي فائقة الصلابة، فمن الطبيعي أن يكون جسده في طفولته على مستوى مختلف تمامًا

واصل الركض مركزًا

كان النظام يطلب تدريبًا يوميًا يعادل ما كان عليه غارب في طفولته كي يمنح أي مكافآت خاصة. تفويت يوم يعني تفويت فرصة للنمو أقوى

“لازم أنهي”، صرخ وهو يبتعد. “ارتَح — لقد أبلَيتَ حسنًا”

حاول مايت غاي أن ينهض من جديد

“م-مهلًا! سآتي… معك!”

لكن ما إن حاول الوقوف حتى خانته ساقاه مجددًا

جثا يوهي شينكو بجانبه ووضع يده على ظهره. كان صوته جادًا

“إن تحرّكت الآن، ستُجهد عضلاتك لدرجة أنك لن تمشي بصورة طبيعية لأسبوع. وإن تجاوزت حدك، قد لا يلتئم الضرر أبدًا”

“حقًا!؟” اتسعت عينا مايت غاي فزعًا. وتمدّد على الأرض بلا حراك، لا يجرؤ على الحركة

تقدّمت كوريناي وهي ما تزال مذهولة. “أأنتما حتى بَشَر؟ من يتدرّب بهذه الطريقة؟”

“أنا لست هكذا!” ردّ مايت غاي مدافعًا

“عادةً أتوقف عند 100 لفة. لكنني التقيت غاتس… وكان قد وصل إلى 200”

كان يتكلم بإعجاب — وبقليل من الغِيرة

عقد يوهي شينكو حاجبيه. “انتظر. منذ متى تعرفان بعضكما؟”

“منذ العام الماضي”

اختنقت كوريناي من الدهشة

العام الماضي؟ كان عمرهما أربع سنوات

وكأن الإشارة قد وُجهت، انعطف غاتس ثانيةً، مارًا كالسهم

“458…458…458…”

إنه يزيد سرعته!؟

شعرت كوريناي بقشعريرة. “هل… خفّف سرعته سابقًا ليوفّر طاقته؟ والآن يندفع؟”

حتى شينكو بدا مضطربًا

هذا الفتى… أي جسد هذا

انسلّ الوقت

وحين توقّف غاتس، كان البدر يتدلّى عاليًا في سماء الليل. ترنّح إلى العشب، مُغرِقًا بالعرق وصدره يعلو ويهبط

حدّقت كوريناي فيه وكأنه نبت له رأس ثان

همس النظام في أذن غاتس بلطف

[إنجاز التدريب اليومي: القالب — مونكي دي غارب. نسبة الإتمام: 7.71%]

اقترب يوهي شينكو بهدوء ومدّ يده نحو معصم غاتس. “دعني أتحسّس نبضك—”

“هيه! ماذا تفعل، أيها العجوز!؟” سحب غاتس يده عابسًا. “لا أحب هذا النوع من الأمور”

تجمّدت كوريناي وشينكو معًا

“…كنت سأتفقد حالتك الجسدية فقط”، قال شينكو وهو يكبح رغبته في توبيخ الصغير

ابتسم غاتس ابتسامة محرجة. “إذا كان الأمر كذلك، فلا بأس. لكني أريد مكافأة”

رفع شينكو حاجبًا. “أي نوع من المكافأة؟”

“اشترِ لي عشاءً”

رمش شينكو — ثم ضحك

“هذا كل ما في الأمر؟ اختر أي مطعم في القرية. العشاء عليّ”

من بين الطلبات المبالغ فيها، كان هذا الأسهل، فكّر. لكن لسبب ما، شعر أني دخلت فخًا الآن…

خلفه، كان مايت غاي ممددًا على الأرض، يرمق الجونين النخبوي بنظرة تعاطف