الفصل 148: الممر إلى القمر
«أحقًا يوجد ممر خلف الشلّال؟» قالت هانابي وهي تتبع غاتس إلى الداخل
«قرأت عنه في بعض السجلات القديمة لعشيرة الهيوغا، لكن رؤيته بعيني… أمر مختلف تمامًا»
دخلا إلى فضاءٍ كَهفي فسيح أكبر من أي كهفٍ تقطّرٍ عادي، وعلى النظرة الأولى لا يبدو فيه ما يلفت على نحو خاص
باستثناء كلمة منقوشةٍ عالي الجدار بخط غريب
أملت هانابي رأسها قليلًا وقالت: «هذا الرمز… أظن أنه يعني البداية في اللغة القديمة»
كانت قد درست بعض نصوص الهيوغا الكلاسيكية فعرَفت الرمز من سجل قديم
لزم غاتس الصمت وهو يمسح الكهف بعينين حادتين
وقال: «يبدو أن هنا ما هو أكثر من مجرد ممر»
«همم؟» رفعت هانابي بصرها متحيّرة
فجأة—هسّ
اندفعَت ظلالٌ عدة من العتمة
حتى مع تفعيل البياكوغان لم تستطع هانابي تبينها بوضوح، فقد تحركت كأنها خيوط ضوء، تتراقص تواقيع تشاكراها داخل مجال رؤيتها وخارجه ولا تترك إلا آثارًا باهتة
«سيّد—»
اندفع حدسها، فمدّت يدها بفزع لتقبض طرف عباءة غاتس
لكن يدها قبضت الهواء
لقد اختفى
طَخ طَخ طَخ
ترددت أصواتُ أجسادٍ ترتطم بالصخر في أرجاء الكهف
استدارت هانابي شهقةً تعلو شفتيها
كان غاتس واقفًا على بُعد يقارب 30 مترًا تحيط به بقايا محطّمة، وقد سقط المهاجمون جميعًا
«هك—هكذا ببساطة… طرحهم كلهم أرضًا»
ارتجّ صوتها، فلم تكن قد رأته يتحرك أصلًا
كانت تعرف أن غاتس قوي—فهذا من المسلّمات في كونوها—لكن… كانت هذه أول مرة تشهدها بنفسها
أسرعت نحوه تركض، والدهشة مطبوعة على ملامحها: «كان ذلك مذهلًا… لم أرَ حتى—يا للعجب»
قال مبتسمًا وهو يقرص وجنتيها: «تُبدين وجهًا لا يليق بكِ أيتها القطة المتوحشة»
«همف، كنت بدأت أعاملك ببعض الاحترام أيضًا…» تمتمت هانابي وهي تُفلت وجهها متجهمة
جثم غاتس قرب أحد الساقطين يتفحص الجسد، وأطلت هانابي من فوق كتفه
لكن ما إن لمس كتفه حتى تفتت الجسد كأنه من طين، وفي ثوانٍ انحلّ إلى غبار
«م… ما هذا؟ ما الذي حدث؟»
قال غاتس بنبرة مسطّحة: «دمية»
«مثل دمى سونااغاكوري؟»
أجاب موضحًا: «المبدأ متقارب والطريقة مختلفة، دمى الرمل تُحرَّك بخيوط التشاكرا، أما هذه… فتخضع لقوة عينية، نوع من الدوجتسو»
قطّبت هانابي حاجبيها: «وهل يمكن التحكم بالدمى بدوجتسو؟»
قال: «على ما يبدو»
نهض غاتس وهو ينفض الغبار عن أصابعه، ثم نظر إلى هانابي
وقال: «اذهبي واستأجري غرفةً في أقرب قرية، وانتظريني هناك»
«هاه! أتترك تلميذتك هكذا؟»
اختطّت قدمها الأرض وقد فارت طباعها
قال بجفاءٍ صريحٍ أطفأ اندفاعها: «لم تري حتى كيف هاجمت الدمى قبل قليل»
خفتت حدتها لحظةً ثم قالت بصوت منخفض ثابت:
«إذًا… عِدني أن تدرّبني بجديةٍ أكبر بعد هذا»
رفع غاتس حاجبًا
وقالت، وهي تُخفي حرجها في آخر الجملة: «يعني… إن وافقت، سأسمح لك حتى بربت رأسي متى شئت»
ضحك قائلًا: «نتحدث لاحقًا، الآن… عودي»
ثم تغيّر وجهه وجفّ صوته: «لقد حطّمتُ دُماهم، وسيدرك متحكمهم ذلك قريبًا، اذهبي الآن»
«حسنًا»
وهذه المرة لم تجادِل، واستدارت تعدو خارج الكهف
في أقصى عمق الكهف بلغ غاتس مشهدًا مريبًا
حوض ماءٍ يتلألأ بتوهجٍ أخضر شاحب، تبدو سطحه كالماء، لكنه حين لمسه تموّج دون أن يبتل جلده
أغمض عينيه وفعل «صوت كل الأشياء»، دافعًا هاكي الملاحظة إلى ذروته
تجهم حاجباه
حتى مع هذا الإدراك لم يكن الأمر يسيرًا، فمهما يكمن وراء الحوض قديم جدًا
ممرّ زمكان
وليس ممرًا عاديًا
إنه بوابة يتجاوز عمرها 1000 عام، صيغت بتشاكرا عالية الكثافة والصقل لا يقدر عليها إلا من يقارب مستوى المسارات الستة أو أعلى
الذين تركوا توقيع تشاكراهم على هيناتا
قد عبروا من هنا
مال غاتس برأسه هامسًا: «لو كنت محظوظًا… ربما يُسهم هذا في تقدم القالب لدي»
ثم خطا للأمام وقفز
وفي اللحظة التي دخل فيها…
شعر بجذبٍ عنيف، قوة شفطٍ تسحبه إلى الأسفل
التوى الضوء، وانثنى الفضاء
وفقد الزمن معناه
وحين انجلت الرؤية، كان غاتس واقفًا وسط غابة لا تنتهي حتى ساحلٍ بعيد، والهواء ساكن، والشمس معلّقة في السماء دون حرارة
«إذًا هذا هو… القمر»
كان قد خمّن ذلك حتى قبل وصوله
بعد نحو 3 أعوام من الهزيمة الأولى لكاغويا، بدأ فرعٌ من نسلها—العائلة المتفرعة من الأوتسوتسوكي—يتحرّك
وعلى القمر الصناعي المصنوع، سئموا الأرض وقرروا محوها وبدء كل شيء من جديد
قهقه غاتس ساخرًا
«يا للسخف، الأرض فوضى نعم… لكن من طلب من سكان القمر التدخل؟»
في تلك اللحظة سمع صرخةً حادةً من فوق
رفع بصره
سربٌ من الدمى يمتطي طيورًا آلية هبط من السماء مُسقطًا ظلالًا فوق الغابة الفضية، وكانت أعدادهم بالمئات، وربما بالآلاف
«أوه، إذًا أنتم تعلمون بوجودي منذ الآن»
ابتسم غاتس وهو يُطرِق مفاصله
«ما دمتم تعتزمون تدمير الأرض على أي حال… فليكن التعامل معكم أولًا»
«أتمنى أن تكونوا مستعدين لتلقّي قبضتي»
وتقدم خطوةً إلى الأمام مبتسمًا عريضًا