الفصل 111: تحرّك ضد غاتس
كونوها، السنة 48 — ليلة العاشر من أكتوبر
«آآآآه!!!»
دوّى صراخ امرأة يتفجّر بالألم من أعماق مزار يبعد قرابة عشرة أميال خارج قرية كونوها
في الخارج، وتحت ضوء القمر، كان ناميكازي ميناتو متوتّرًا يقف على أهبة الاستعداد. وإلى جانبه، مسندًا ظهره بلامبالاة إلى عارضة خشبية، كان غاتس
في الداخل، دوّى صوت تسوناده وهي تصدر الأوامر بعجلة
«شيزونه! أريد ماءً ساخنًا! كوريناي! مناشف! هيا بسرعة!»
«ن-نعم، المعلمة تسوناده!»
«أنا أتولّى الأمر!»
مسح ميناتو عرق جبينه بيد ترتجف
«هل الأمور على ما يرام حقًا؟ لم أسمع كوشينا تصرخ بهذه الطريقة من قبل…»
قال غاتس، وذراعاه متشابكتان، وابتسامة جانبية على شفتيه
«يقولون إن ألم الولادة يساوي ضربة ساحقة في أكثر موضع حسّاس لدى الرجل. يمكنك أن تتخيّل»
ارتجف ميناتو عند وقع التشبيه الصادم
رغم التوتّر، لم يكن بوسعهما سوى الحراسة. فمع ضعف كوشينا أثناء الولادة، تعدّ تلك اللحظة الأخطر لتحرّر الكيوبي
والأسوأ أن دولًا عدوّة كانت تترصّد أي فرصة لخطف الوحوش ذوات الذيول
وكانت كوشينا نفسها قد تعرّضت سابقًا لمحاولة اختطاف من نينجا السحاب
استمرّت صرخاتها، وكل واحدة منها كانت تنخر أعصاب ميناتو
ثم فجأة…
«واااه! واااه!»
شقّ بكاء مولود حادّ السكون
اتّسعت عينا ميناتو وهو يستدير مدهوشًا
«إنه صبي!»
تعالت صيحة تسوناده
لبُرهة طويلة ظلّ ميناتو متجمّدًا، ثم تمتم كأنه لا يصدّق
«أنا… أصبحت أبًا. أنا أب!»
لكن غاتس ضيّق عينيه. تلألأ بصره بحمرةٍ خفيفة، فقد لمح قبل خمس ثوانٍ ما سيقع
انخفض صوته إلى هدير خافت
«ميناتو. الخطر قادم. استعد»
تصلّب ميناتو على الفور، واثقًا بحدس غاتس دون تردّد
فجأة، على بعد نحو عشرين مترًا أمامهما، بدأ الفضاء نفسه يتموّج ويلتوي
انفتح دوّار أسود يتّسع شيئًا فشيئًا. ومن داخله خرجت عدّةُ ظلال
رجل برداء أسود وقناعٍ برتقالي حلزوني النقش
وخلفه… ستّة أشخاص، لكلٍّ منهم شعر برتقالي شائك، وثقوب غريبة في الوجه، ورداءات سوداء تتزيّن بسُحُب حمراء
أوبيتو. ومسارات الألم الستة
تمتم ميناتو وقد صدمه المشهد
«نينجتسو الفراغ والزمن؟»
وتبدّل بريق عيني غاتس حين وقعتا على الستّة
«ما هذا…؟ لم تجرِ الأحداث هكذا في الأنمي. لم يكن من المفترض أن يكون باين هنا…»
رفع أوبيتو يده. «تنحّوا»
تقدّم مسار الديفا ومدّ كفّه
«الدفع الأعظم»
اندفع موج من قوّة ساحقة كالتسونامي، يعوجّ الهواء ويمزّق الأرض
اتّسعت عينا ميناتو
«ما هذه القوّة؟!»
لكن قبل أن تبلغ الصدمةُ مداها، كان غاتس قد تحرّك. قبض يمينه، وانطلق كالرصاصة ليقابل الموجة وجهًا لوجه
وما إن اصطدمت قبضته بالقوة الخفية حتى تشقّقت الأرض حولهما من شدّة الوقع، وتناثرت شظايا الحجر في الهواء مع تصادم قوّتين هائلتين
بعيدًا، في قاعدةٍ مخفية، اتّسعت عينا ناغاتو وهو يراقب عبر وصلة الشاكرا
«مستحيل… ألغى الدفع الأعظم بلكمةٍ واحدة؟!»
عاد المشهد إلى ساحة القتال، فصاح غاتس وهو يدير رأسه قليلًا
«ميناتو! كفّ عن الوقوف كالعاشق المذهول! انطلق! اذهب إلى المزار — الآن!»
وأشار بعجلة خلفه
استفاق ميناتو من ذهوله. وما إن همّ بالتحرّك حتى اختفى الرجل المقنّع فجأة
«اللعنة!»
تمتم ميناتو، ثم ومض داخل المزار
في الداخل، كانت الفوضى عارمة
كوشينا مستلقية على الطاولة منهكة، وجسدها يرتجف من الوطأة. وقفت شيزونه وكوريناي أمامها يحميانها، وعلى كلتيهما إصابات طفيفة
كانت الدماء تقطر من ذراع تسوناده وهي تواجه المتسلّل المقنّع، ووجهها شاحب لكنّه صامد
وفي ذراعي الدخيل… كان رضيعٌ يبكي
انغرس كوناي على مقربة من جبين المولود
«وغد!»
انفجرت تسوناده غيظًا وهي بالكاد تكبح غضبها
لقد استهانت به. تقنيته غريبة للغاية… قبل أن يستوعبن ما يحدث كان قد اخترق دفاعاتهن
«لا تتحرّكوا!»
لوّح الكوناي على بُعد إنشات من جبين ناروتو الصغير، وزأر أوبيتو
«إن لم تريدوا لهذا الوليد أن يمضي مباشرةً إلى العالم النقي… فلا ترتكبوا حماقة»
«اهدأ!»
صرخ ميناتو، وصوته يرتجف عجلةً وهلَعًا
قهقه أوبيتو بسخرية باردة من خلف القناع البرتقالي، ولهجته ممزوجة بالجنون وبرهةٍ فاترة من الهيبة
«ناميكازي ميناتو… إن كنت تريد ابنك، فتعال وخذه»
في ومضة عين تموّه الفضاء حول عين أوبيتو اليمنى كتموّجات الماء
ثم… اختفى
آخذًا ناروتو معه
«ميناتو! اذهب! أنقذ ناروتو!»
صرخت كوشينا من فوق طاولة العمليات وهي تعضّ على ألمها
«سأفعل!»
أومأ ميناتو بحزم، واشتعلت زرقة عينيه عزيمة
التفت إلى تسوناده
«سيدتي تسوناده، احمي كوشينا من فضلك. سألحق بهم!»
ومن دون انتظار جواب اختفى في ومضة، مستعينًا بتقنية الرعد الطائر ليلحق بأوبيتو عبر الفضاء نفسه
في خارج المزار، كانت مسارات الألم الستة قد أحاطت بغاتس
تثبّتت عيونهم الخالية من الانفعال على المحارب الوحيد الواقف بهدوء بين الأوراق المتساقطة
«غاتس. أقوى مستخدم للتايجتسو… لقد سمعت عنك»، قال مسار الديفا
«إنه لشرف أن ألتقي أسطورةً قبل أن أرسلها إلى العالم الآخر»
ضيّق غاتس عينيه وهو يحدّق في من يُدعى القائد بابتسامة ساخرة
«هذا المهرّج التافه يظنّ نفسه الزعيم الأخير فعلًا» تمتم وهو يفرقع عنقه
«إنهم ليسوا أحياء… أشعر بذلك. الشاكرا تتدفّق من أعينهم لا من قلوبهم. أسلوب دمى من نوع ما… مثير للاهتمام» قالها غاتس بصوتٍ مسموع
تقلّصت ملامح باين. لم يتوقع أن يفضح هذا الغريب حقيقة المسارات بهذه السرعة
أمال غاتس رأسه بابتسامةٍ عريضة ولمعة لعب في عينيه
«أنتم تدركون أن هذا مكان كونوها، صحيح؟ وتعرفون من أكون… ومع ذلك تدخلون وكأنكم المالك هنا. إذن أخبروني… من أين تأتيكم هذه الثقة؟»
حلّ صمت قصير قبل أن يخطو مسار الديفا قُدُمًا بصوت باردٍ حاسم
«جئنا… من أجل السلام»
لكن قبل أن يجيب غاتس، أطلق باين الهجوم الأول
في الأثناء، أدركت تسوناده والبقيّة في الداخل أنّ الخطر في الخارج يتصاعد
سريعًا رفعن كوشينا على نقّالة واستعددن للتحرّك
وما إن خرجن حتى اتّسعت عينا كوريناي أمام المشهد
«غاتس! من هؤلاء بحق…؟!»
لكن الوقت لم يسع لشرح
«تقنية الاستدعاء!!»
ضرب مسار الحيوان كفّه بالأرض
انفجارٌ ضخم من الدخان أعقبه ظهور وحشين مستدعيين عملاقين: كلب كاسر برأسين، وطائر مُقزّز ذو ريشٍ كالفولاذ
كانا هائلين في الحجم، لا يقلّان عن العظَمى من الضفادع أو الأفعى العملاقة ماندا
لم يلتفت غاتس حتى. انساب صوته مفعمًا بالثقة
«تسوناده. خذي كوشينا واذهبي. لقد أصبح الأمر جِدّيًا قليلًا. سأعتني بهؤلاء المسوخ»
تردّدت تسوناده لحظة، ثم أومأت
«كن حذرًا. لا تمُت علينا»
وانطلقت مع كوريناي وشيزونه نحو كونوها وهي تصحب كوشينا
لكن مسار الحيوان لم يكن ليدعهن يهربن بهذه السهولة
بصرخةٍ حادّة، هوى الطائر المستدعى نحو المجموعة الهاربة، ومنقاره المعقوف يلمع بنيةٍ قاتلة
«أتراني أتجاهلك فعلًا؟»
اختفى غاتس في لحظة، وظهر في الجو مباشرةً أمام الوحش الهابط
لا تقنية مبهرجة. ولا قدرة خاصّة
مجرّد قبضة
ومعها…
«كا-كرااااك!!!»
ما إن لامست قبضته المنقار حتى تهشّم كزجاج هشّ، وتبع ذلك انفجار موجة صادمة دفعت الرياح تعصف عبر الأشجار
عوى الطائر الوحشي من الألم، وراح يدور خارج السيطرة قبل أن يرتطم بالغابة أسفلَه وسط ركامٍ من الريش والأشجار المحطّمة