الفصل 107: تحققت أمنية غاتس
من دون أن يلاحظ كثيرون، وصلت نهاية السنة 47 لكونوها بهدوء، وكانت سنة جديدة على الأبواب
على الرغم من أن تسونادي أصبحت الهوكاغي، بقيت المرأة نفسها المتراخية الجسورة كما كانت دائمًا
في تلك اللحظة كانت متراخية في مكتب الهوكاغي، ساقاها مرفوعتان، ومغمورة في الأعمال الورقية
قال غاتس وهو يدخل بخطى هادئة ويضع قائمة على مكتبها: «تسونادي، آنكو تقدّمت لاختبارات التشونين هذا العام، تحتاجين الموافقة»
ردّت تسونادي منفعلة وقذفت القلم الذي بيدها نحو رأسه
أمال غاتس رأسه فمرّ القلم جانبًا، ثم ضحك بخفة
تمدّدت تسونادي على كرسي مكتبها وأنّت
«أكاد أفقد عقلي، كل يوم الشيء الرتيب نفسه، بماذا كنت أفكّر حين صرت هوكاغي»
«كان ينبغي أن أكون في الكازينو، في حانة، أرمي النرد وأحتفل»
تقدّم غاتس من دون تردد، وضع القائمة على مكتبها، ثم ضمّها ليخفف عنها
همس قريبًا من أذنها: «فلنهدّئ التوتر قليلًا»
احمرّ وجه تسونادي على الفور، فهي تعرف ما تعنيه نبرته
لم تكن المرة الأولى
تلاحقت أنفاسها وتذبذب صوتها وهي تحاول أن تتماسك وسط جو من اللهو والعبث الخفيف لكسر الرتابة
قال غاتس هامسًا: «اهدئي»
وأضاف: «وضعنا قواعد مع أنبو، ولا أحد يقتحم المكان بلا إذن، وأنا أملك حدسًا قويًا»
قال وهو يرفعها قليلًا لتستند براحتها: «لا نطيل أكثر مما يجب»
انقضى وقت من المزاح والتخفيف من التوتر قبل أن يعودا إلى الأوراق
بعد زمن قصير، تهدّل جسد تسونادي على الكرسي كدمية قماش
لقد زال الانزعاج السابق، ليس لأن الضغط اختفى، بل لأنها لم تعد تملك الطاقة لتبقى منزعجة
مرت دقائق أخرى قبل أن تستطيع الجلوس باستقامة
حدّقت في غاتس بنظرة متعبة، التقطت القلم مجددًا وواصلت إنجاز كومة المستندات
سأل غاتس وهو يجلس في الجهة المقابلة من المكتب يراقبها: «أولئك الشيوخ الثلاثة… أما زالوا يسببون لك المتاعب»
لم تكن الحمرة قد غادرت وجه تسونادي تمامًا وهي تزفر وتتمتم
«لم يهدؤوا بعد، دانزو يتظاهر بالالتزام، لكني أعرف أنه لا يزال يخفي معظم نشاطات الجذر عني، لا يرفع إليّ إلا القشور»
نقرت بلسانها بضيق وأردفت
«أما كوهارو وهومورا؟ فيعارضان تقريبًا كل سياسة أطرحها»
«مثل ماذا»
«عمليات كوشينا، وكيف نتعامل مع مسألة أوتشيها، والسياسات الدبلوماسية مع البلدان الأخرى… باختصار، أي شيء أحاول تعديله»
سردت كل ذلك بنفس واحد، وكان الغضب واضحًا
قال غاتس بنبرة مسطّحة: «يبدو أن الأمر أسهل لو تخلّصنا منهم»
ارتجفت يد تسونادي وانزلق القلم، وحدّقت فيه بنظرة حادّة
قالت: «تمهّل، لا ترتكب حماقات»
قال غاتس وهو ينقر جبهتها بخفة: «أتظنين أنني سأغتالهم هكذا فحسب؟ اطمئني، لست غبيًا، سأتعامل مع الأمر بطريقة أنسب»
تمتمت تسونادي: «لكنّك لا تزال تنوي التخلص منهم، أليس كذلك»
ورغم كلماتها، لم تُبدُ صدمة، ولا حتى انزعاجًا، بل بدت مرهقة فحسب
هي لا تكنّ شفقة تُذكر لتلك الصقور العجائز، لكنها كانت قلِقة من أن يجرّ غاتس على نفسه متاعب لا داعي لها
موقع مركز الروايات هو المصدر الأصلي لهذه الرواية. خالٍ من الإعلانات، ومتابعتك هنا تمنح المترجمين الحافز لترجمة أعمال أكثر.
ففي النهاية، إزاحة كبار مستشاري كونوها ليست خطوة ضئيلة المخاطر
وفي النهاية، وبعد جولة أخرى من الممازحة والدفء المتبادل، غادر غاتس المكتب
كان الثلج قد بدأ يتساقط فوق كونوها، يغطي الأسطح والشوارع ببياض ناعم
استبدل بزّته المعتادة بمعطف سميك دافئ خاطته كوريناي بيديها
وبينما كان يتمشّى في القرية، مرّ بأكبر متجر أسلحة فيها
ناداه صاحب المتجر بصوت مألوف ومبتهج: «يا لورد غاتس، ما زلت تعمل بجد كما أرى»
لكن عيني غاتس انجذبتا إلى امرأة حامل تقف إلى جانبه، شعرها معقوص على شكل عقدتين، وإحدى يديها على بطنها المنتفخ
سأل غاتس بابتسامة دافئة: «ما زلتما تنتظران الصغيرة»
«بفضلك نعم، لقد اخترنا اسمها، تنتن، وموعدها في مارس» قال صاحب المتجر بفخر
قال غاتس وهو يومئ: «أتطلع لذلك»
«تأكد من أن تناديني حين تولد»
لوّح بيده ومضى في طريقه
وما إن انعطف قرب بيته حتى توقّف فجأة
قال بصوت مسموع: «أترى أن تقنية الومضة الجسدية لديك كافية لتتسلل من دون أن أشعر؟ اخرج يا شيسوي»
هبط ظلّ رشيق خلفه، كان شيسوي أطول قليلًا وأكبر عمرًا من آخر لقاء، حكّ مؤخرة رأسه بخجل
قال: «لا تزال حادًا كما عهدتك يا معلمي»
رفع غاتس حاجبًا
«تتنقّل خلسة من جديد، ماذا تريد»
رمق شيسوي المكان بنظرة فاحصة وخفض صوته
«ليس آمنًا أن نتحدث هنا، هل نذهب إلى مكان أكثر خصوصية»
شبك غاتس ذراعيه
«أتظنني أخاف أن يسمعني أحد داخل كونوها»
أجاب شيسوي بسرعة: «لا لا، لكن إن رآني بقية أوتشيها أتحدث إليك فسيفجّرون ضجّة»
«فليذهبوا إلى الجحيم» تمتم غاتس ساخرًا وهو يشير بإبهامه نحو الغابة خلف سور القرية
وفي طرفة عين، اختفيا
بعد ثانية، كانا يقفان في أحد ميادين التدريب العامة في أطراف القرية، الأشجار حولهما مكسوة بالصقيع، والأرض مفروشة بالثلج
لم يُضِع شيسوي الوقت
قال: «يا معلمي، عشيرة أوتشيها تزداد قلقًا، هناك أحاديث كثيرة مؤخرًا… عن الهوكاغي»
ضيّق غاتس عينيه
«ألم تخفف تسونادي سياساتنا تجاههم؟ أما زال لديهم اعتراض»