الفصل 86
الفصل 86: أول بوذا في العالم؟
نظر تشو شُوان إلى مو تُو الذي يتوسل الرحمة دون أن يتأثر
بعد هذه المدة من التآكل تحولت ثلث روح مو تُو الشيطانية إلى روح بوذية
كانت روح بوذا تشع نورًا ذهبيًا مهيبًا
بدا كراهب موقر نال الطريق العظيم
تحويل خبير شيطاني إلى بوذي… مجرد التفكير في الأمر منحه شعورًا بالإنجاز
ولما حدّق في مو تُو الذي صار نصف شيطان ونصف بوذا بدأت تخطر لتشو شُوان أفكار جديدة
ماذا لو حوّل العِرق الشيطاني إلى عِرق بوذي
مجرد الفكرة تجعله متحمسًا
فهذا يعادل السيطرة المباشرة على عِرق قوي، أو حتى خلق عِرق جديد بالكامل
منذ تلك اللحظة لن يكون في هذا العالم عِرق شيطاني، بل عِرق بوذي فقط
إن حقق هذا الإنجاز فعلًا فستكون مكافأة النظام فوق كل ما يمكن تخيله
ومع ذلك فعليه أن يمضي خطوة خطوة فلا يتعجل الأمور
فبعد أن يُحوَّل مو تُو سيتمكن من فهم وضع العِرق الشيطاني على نحو أفضل ثم يضع خططه ببطء
…
وإذ فكّر أنه سيحصل قريبًا على تلميذ بوذي مخلص لديه، استبدّ الحماس بتشو شُوان
فبمجرد أن يتحول مو تُو لن يُدعى مو تُو بعد الآن بل بوذا
أول بوذا في هذا العالم
إن لم يكن في هذا العالم بوذا، فسيكون تشو شُوان أول بوذا والبوذا الحق
أما بوذا الشيطان فسيكون أول بوذا مُحوَّل
والحقيقة أن تشو شُوان وإن كان بوذا فليس بوذا بالمعنى التام، لذا سيكون بوذا الشيطان هو أول بوذا حقيقي
انتظر تشو شُوان تحوّل مو تُو إلى بوذا، ثم أخرج مرآة السماوات اللامتناهية واتصل مجددًا برن تشانغهه، إذ أراد أن يعرف إن كانت هناك طائفة بوذية في المناطق التسع والخمسين إقليمًا
وبطبيعة الحال، وبصفته شخصية عظيمة الجبروت في العوالم اللامتناهية، فكل ما في المناطق التسع والخمسين إقليمًا ينبغي أن يكون تحت قبضته
لذلك لم يسأل مباشرة، بل اكتفى بتلاوة بضعة نصوص بوذية وكشف بعض المعلومات عن البوذية
فغمر الدهش والذهول وجه رن تشانغهه
وبمجرد رؤية رد فعله أدرك تشو شُوان على الفور أنه لا وجود لبوذا في المناطق التسع والخمسين إقليمًا
وإلا لاستحال ألّا يتعرّف رن تشانغهه على النصوص، فالبوذية فريدة الملامح
وفي داخل البرج الزجاجي المطهِّر للعالم، كان مو تُو لا يزال يبكي ويتوسل الرحمة، شعر أنه على وشك الجنون
كان تآكل النور الذهبي مشكلة بلا شك، غير أن الهمهمات كانت أفظع بكثير
فقد كانت الهمهمات مشبعة بقوة غريبة، وحتى إن خلت من تلك القوة فمجرد همهمة لا تنقطع في أذنيك طوال اليوم لا يطيقها أحد
ولو كانت همهمات عادية لربما قدر على إغلاق حواسه الخمس كي لا يسمعها ولا يحسها
غير أن تلك الهمهمات بدت كأنها تتلو النصوص مباشرة إلى روحه، فلا سبيل إلى حجبها أو محوها
كان ذلك مرعبًا بحق
وشك تشو شُوان في أن الاستنارة في البوذية تعتمد في حقيقتها على الإلحاح الدائم والتمتمة المستمرة التي تدفع المرء إلى الانهيار قبل أن يستنير
من الذي يحتمل هذا بحق، فقد كان طنين لا ينقطع يملأ أذني مو تُو، وفوق ذلك كانت الهمهمات تخاطب وعيه وروحه مباشرة
ولم تُجدِ توسلات مو تُو نفعًا، فاستدار إلى الشتم من جديد، كأنه يحاول أن يستفز تشو شُوان ليرديه قتيلاً فورًا
كانت تلك الهمهمات مرعبة إلى حد بعيد
ومع مرور الوقت، ولسبب ما، كان مو تُو يجد نفسه أحيانًا يتلو نصًا بوذيًا
كان ذلك تمامًا خارج إرادته
وأدرك أن أفكاره ووعيه بدءا يتأثران
وكان يجد نفسه أحيانًا يخفض رأسه ويتلو تعويذة “أميتابها”
كان الأمر مرعبًا للغاية
…
مضى أكثر من شهر منذ أن حاول سيد جبل السيوف التسعة سونغ ييمينغ أن يُجبر أسرة تشو على تزويج تشو يُون لابنه
وبعد سماع الخبر ألقاه معظم الناس خلف ظهورهم ولم يبحثوا عن أسبابه
وظن أغلبهم أن سونغ ييمينغ عاد خالي الوفاض بسبب تدخّل إمبراطورة أسرة تشين العظمى
قصر الملك الشرير
جلس الملك الشرير الحالي على عرشه، ووجهه قاتم كئيب
ومنذ أن أُصيب بجراح بالغة على يد تشين كييون صار مزاجه أشد حدة
فالملك الشرير الذي كان باردًا محكَم التدبير صار سريع الانفعال، متهورًا، يثور لأتفه الأسباب بعد أن تفشّى تيار “الاقتحام إلى قصر الملك الشرير”
ثم، وبعد أن هُزم على يد تشين كييون، ازداد طبعه سوءًا
وكان على وجهه سواد كأنه خُدع من حبيبته
وكان خدَم الملك الشرير على أعصابهم كل يوم، لا يجرؤون حتى على أخذ نفس عميق خشية أن تستفز أي حركة أو إيماءة ضيق الملك الشرير فيقتلهم حالًا
وكان عليهم حتى أن يُفكّروا أيدخلون بأقدامهم اليمنى أم اليسرى
ومؤخرًا، كان ثمة سيئ الحظ جاء يرفع تقريرًا إلى الملك الشرير وهو في مزاج عكر
فقال الملك الشرير في النهاية: “كيف تجرؤ على أن تدخل قدمك اليسرى أولًا من الباب، مت”
ثم لطمه حتى أرداه صريعًا
كان الأمر فظيعًا
وأصبح إن كان الملك الشرير في مزاج سيئ لا يرفع الخدم إليه أي تقرير خوفًا من أن يصفعهم حتى الموت بذريعة مختلَقة
وكان كل ذلك بسبب كون وُو
فالتيار الذي أطلقه “الاقتحام إلى قصر الملك الشرير” أغضب الملك الشرير إلى حد غيّر طبعه بالكامل
“هل صحيح أن مقاطعة تشو ليست تحت ولاية أسرة تشين العظمى؟ وأن أسرة تشين قد همّشت أسرة تشو” سأل الملك الشرير ببرود
“مولاي، هذا صحيح، ولا فخ ولا مؤامرة”
وكان الواقف أسفل العرش تشانغ جيانفِينغ، أحد المحاربين الأشرار المئة والثمانية في البلاط الشرير
وبخلاف الملك الشرير نفسه، يتألف البلاط الشرير من عشرة قادة أشرار، وستة وثلاثين جنرالًا شريرًا، ومئة وثمانية محاربين أشرار
وهم يمثلون قمة قوى البلاط الشرير
وكان القادة الأشرار والجنرالات الأشرار والمحاربون الأشرار يرتَّبون بحسب القوة، ولم تكن مناصبهم ثابتة، فمن كان أقوى حل محلّ من يشغل اللقب
ومنذ تأسيس البلاط الشرير لم تتبدل سلالة الملك الشرير قط، ولم تهتز مكانته، أما القادة والجنرالات والمحاربون فقد تبدلوا مرارًا وتكرارًا
وقد حدث أن كتم بعض مزارعي الهرطقة أنفسهم حتى اشتد بأسهم فأظهروا بطشهم بهزيمة المحاربين الأشرار ومن ثم حلوا محلهم
وبالطبع، ولتثبيت مواقعهم، كان كل قائد شرير يدرب أتباعه، وكثير من الجنرالات الستة والثلاثين كانوا فِرَقًا تابعة لبعض القادة الأشرار
وكذلك الحال مع المحاربين الأشرار
أما من لم ينتسبوا إلى فِرَق القادة الأشرار فكلهم يُنسبون إلى فصيل الملك الشرير، ومن لا فصيل لهم كانوا غالبًا ما يتعرضون للاستهداف والقتل من الآخرين
وحدهم المنتسبون إلى فصيل الملك الشرير لا يواجهون تلك المشكلة
وقد وُلد تشانغ جيانفِينغ مزارعَ هرطقة من عامة الناس، وصبر سنوات طوالًا حتى سنحت له الفرصة فهزم محاربًا شريرًا وحل محله
ومن انتسب إلى فصيل الملك الشرير لا يتعرض للقتل على يد فِرَق الجنرالات الأشرار أو القادة الأشرار
ومع أن فصيل الملك الشرير قوي، فلا بد من توازن بين الجنرالات والقادة والمحاربين الأشرار، لذا كانوا راغبين جدًا في استقبال المزارعين الهرطوقيين عديمي الخلفية، وحمايتهم، وترقيتهم إلى مناصب عليا
وكان نظام البلاط الشرير مباشرًا بسيطًا
“كيف تقارن قوتك بسونغ ييمينغ”
رمق الملك الشرير تشانغ جيانفِينغ وسأل
“أضعف قليلًا” أجاب تشانغ جيانفِينغ بصراحة
فسونغ ييمينغ سيد جبل السيوف التسعة بعد كل شيء، ومع أنهما كلاهما في الطور التاسع من عالم الحقيقة، فإن تشانغ جيانفِينغ سيخسر لا محالة في قتال حقيقي معه
وأومأ الملك الشرير، ولم يُفاجَأ
فتشانغ جيانفِينغ ليس إلا محاربًا شريرًا، ولا يبلغ حتى رتبة جنرال شرير، فمن الطبيعي ألّا يكون ندًا لسونغ ييمينغ
ولجبل السيوف التسعة جذور عميقة جدًا، ثم إن السيد ليس أقوى خبراء الطائفة، بل هو بارع في إدارة الطائفة، وتطويرها، وإنفاذ قوانينها
وبالطبع لا يمكن أن تكون قوة السيد ضعيفة أيضًا
وكان سونغ ييمينغ قويًا، ومن بين الجنرالات الستة والثلاثين لا يزيد من يستطيعون هزيمته على عشرة
“اذهب”
ولوّح بيده آمرًا تشانغ جيانفِينغ بالمغادرة
وضيق الملك الشرير عينيه وشرع يفكر، فمقاطعة تشو تحتل مكانة بالغة الأهمية في أسرة تشين العظمى
فهي تكاد تكون في عمق أراضي أسرة تشين العظمى
ولأسرة تشو علاقة غير عادية مع أسر تشين وتشاو وخه، فإن قدر على السيطرة على أسرة تشو فربما كانت أوفى نفعًا من الطائفة الهرطوقية، وفي اللحظة الحرجة يمكنه استخدام أسرة تشو لطعن أسرة تشين في الظهر
“إن تحركت بنفسي، فحتى لو كانت أسرتكم يا تشو وكرَ تنين أو عرينَ نمر فستُرغمون على الانحناء لي”
ابتسم الملك الشرير ببرود