الفصل 82

الفصل 82: ضياع الأخلاق أم انحراف محبة الأب

كان الأمر فاجعًا جدًا

لم يتلقَّ سونغ بانغ ضربًا جسديًا فحسب، بل اضطربت روحه أيضًا من ضرب أبيه

في كل مرة يفتح سونغ ييمينغ فمه كان يصف سونغ بانغ بأنه قطعة نفاية، أو يأمره بأن يرحل أو ينظر إلى نفسه جيدًا

بقي تشو شُوان بلا تعليق

هل أصاب زعيم جبل السيوف التسعة خلل في رأسه

كنت فقط أمارس الضغط وأحذّرك من التمادي

فلماذا انهلت على ابنك بهذا الجنون ضربًا

وبلغ به الأمر أن أهانَه بالكلام

راود تشو شُوان شكٌّ بأن الابن ليس ابنه أصلًا

ذُهل كل أفراد عائلة تشو

كان تشو تيانمينغ والآخرون في الأصل غاضبين ومشمئزين من رغبة سونغ بانغ في الزواج من تشو يُن

لكن حالته الراهنة وصورته أثارتا فيهم الشفقة

يا له من مسكين

لقد عُذِّب إلى هذا الحد على يد أبيه

شكّ الجميع بجدية أنه ليس ابنه البيولوجي، وربما التُقط من كومة قمامة

وفي تلك اللحظة كان ذلك الـ«ابن» مجرد كيس لكمات لتفريغ الغضب في صدر أبيه

لم تطق تشو يُن رؤية منظره البائس، وخاصة حين سمعت استغاثاته المكبوتة

رفع سونغ بانغ يده بصعوبة

أنقذوني، ساعدوني

طق

انكسرت اليد

عندما سمع أفراد عائلة تشو تلك الطقة ارتجفت أيديهم

لقد جُنّ زعيم جبل السيوف التسعة

هل عليهم إيقافه

ماذا لو هاجمهم بجنونه

لا أحد هنا يقدر على هزيمته

ولكن إن قتل ابنه ثم أفاق من جنونه فهل سيلومهم

سبّ تشو تيانمينغ في نفسه، ما بال جبل السيوف التسعة يختار مجنونًا ليكون زعيمه

أيمكن أن يكون قد حدث خلل في زراعته مؤخرًا

وهذا محتمل جدًا

إن واصلت ضربه فسيموت، قالت تشو يُن بحذر

رمقها سونغ ييمينغ بنظرة امتنان، وتلاشى الضغط من حوله أخيرًا

وركل سونغ بانغ قائلًا، ألن تشكر الآنسة تشو

شكرًا… شكرًا

انهمرت دموع سونغ بانغ، وغابت ملامحه، وانتفخ جسده حتى صار كأنه كرة

وتعرّض قلبه لصدمة هائلة

سيكون هذا اليوم كابوسًا يطارده إلى الأبد

قال سونغ ييمينغ بإخلاص، اطمئني أيتها الآنسة تشو، هذا التافه لن يظهر أمامك مرة أخرى

سأعيد هذا الوغد وأؤدّبه كما ينبغي

مع أن سونغ بانغ بدا في حالٍ مزرية، فإن حياته ليست في خطر، وسيتماثل للشفاء بعد قضاء وقت في التعافي

في الحقيقة لا داعي لهذه القسوة

بدت تشو يُن معتذرة قليلًا

كان ردع ذلك الخبير الغامض مرعبًا إلى حد كبير

لقد أخاف زعيم جبل السيوف التسعة حتى الجنون

شكرًا… شكرًا

احمرّ وجه تشو يُن، فكل ما آل إليه كان بسببها، وفوق ذلك عليه أن يشكرها على تدخلها، فشعرت بالحرج

إلى اللقاء، سأعود الآن لأؤدّب ابني

انتهيت

أظلمت الدنيا في عيني سونغ بانغ حين سمع ذلك، أتأديب ابني يعني أنه سيعذّبني حتى الموت، وفقد وعيه في الحال

جاء سونغ ييمينغ متوعّدًا، ثم انتهى به الأمر يحمل ابنه المشوّه راجعًا في عجلة وذعر

كان ينبغي أن يغضب من اليد الخفية وراء الستار، لكنه رغم الإهانة وتشويه ابنه لم يحمل ضغينةً تجاهها

بل على العكس، امتلأ احترامًا وتوقيرًا لتلك الجهة

لا بد أن ذلك الكبير أبدى رحمة، لذا أشعر بالامتنان والانطباع الحسن نحوه

لا تفسير غير هذا

كان تشو شُوان قد غرس ختم بذرة الروح في سونغ ييمينغ من غير علمه

ولأن تشو شُوان لم يفرض إرادته عليه لم يدرِ الآخر أنه صار تحت السيطرة

ما لم يتعارض الأمر مباشرة مع أفكاره فلن يلحظ وجود الختم، وسيظن فحسب أن تشو شُوان قد ترفّق به، ولذلك يحترمه ويُحسن الظن به

جعل تشو شُوان من سونغ ييمينغ قطعة شطرنج

ولا يُدرى متى ستُفعَّل هذه القطعة أو هل ستُستعمل أصلًا

وقبل تفعيل ختم البذرة لن يدري سونغ ييمينغ أن ختمًا زُرع فيه، ولن تتبدل أفكاره وأفعاله البتة

والتبدل الوحيد الذي قد يشعر به هو ازدياد احترامه وتوقيره لذلك الخبير الغامض

ولن يشك في نفسه بسبب هذا الميل العاطفي الطفيف

وهذا هو المرعب في ختم بذرة الروح

لزعيم جبل السيوف التسعة منزلة مرموقة، فبرجّة من قدمه قد يرتجّ كثيرون في الإقليم الجنوبي

ومع أنه ليس أقوى خبراء جبل السيوف التسعة فإن مكانته ونفوذه بالغان، ويمكنه في اللحظات الحرجة أن يؤدي دورًا مهمًا

ومع ذلك جعله تشو شُوان قطعة شطرنج على نحو عابر، غير مُكترث بكونه سينتفع به أو بماهية دوره

غادر سونغ ييمينغ مسرعًا

وذُهل تلاميذ جبل السيوف التسعة الذين يسيطرون على مدن مقاطعة تشو حين رأوا الزعيم يحمل شيئًا لا يشبه البشر

ومن الزيّ بدا أن ذلك الشيء هو الأخ الصغير سونغ بانغ

ما الذي جرى

انسحاب، عودوا إلى جبل السيوف التسعة، أمر سونغ ييمينغ

كانت عائلة تشو مرعبة، ولا طاقة لهم بمخاصمتها

ثم إن الطرف الآخر متخفٍ ولا يريد لفت الأنظار

ولذلك وجب إبقاء الأمر سرًا

لم يرد سونغ ييمينغ أن يُغضب تلك الجهة المفزعة فتأتي تبحث عنه لتقتله

فبقوة تلك الجهة المخيفة لن تكفي قوة جبل السيوف التسعة مجتمعة في مواجهتها

ولو زلّ لكان الهلاك مصير جبل السيوف التسعة

ما الأمر يا زعيم

حدّق تلاميذ الجبل في سونغ بانغ المشوّه وسألوا بفضول

ماذا تعنون بما الأمر، هذا الوغد قليل الحياء، لا بد من تلقينه درسًا قاسيًا، قال سونغ ييمينغ غاضبًا

فصمت تلاميذ الجبل، ومهما بدا سونغ بانغ بائسًا فليس لهم أن يتدخلوا

واستدعى سونغ ييمينغ جميع تلاميذ جبل السيوف التسعة من مقاطعة تشو، فعادت الأرض إلى سيطرة عائلة تشو

قصر أسرة تشين العظمى الإمبراطوري

حدّقت تشين كييون في المعلومات بين يديها في عدم تصديق

لم يمت سونغ ييمينغ

وابنه قد لا يبدو آدميًا الآن، غير أن ذلك عند المزارعين ليس مُهلكًا ما دامت الأسس لم تتضرر، فالإصابات سطحية في الغالب

أكان ذلك الفتى الوسيم، الشاب الثالث عشر من عائلة تشو، رقيقًا عطوفًا إلى هذا الحد

لمعت عينا تشين كييون، أيمكنها أن تذهب لرؤيته إذن

إن رقّ قلبه مع زعيم جبل السيوف التسعة فلن يُعسِّر الأمر عليها، أليس كذلك

لكن ماذا لو

وبينما تفكّر لم يسعها إلا أن تتنهّد

لا تستطيع الذهاب إلى عائلة تشو، فماذا لو احتجزها وجعلها خادمة

إنها حكاية خرافية أن تهرب إمبراطورة أسرة تشين العظمى لتصير خادمة، لم تكن مختلّة ولا مغرمة إلى هذا الحد

شعر شيوخ عائلة تشو كأنهم في حلم

ظنّوا أن عائلتهم في خطر عظيم، واستعدّوا لتقبّل تزويج تشو يُن قسرًا لسونغ بانغ

فمن كان يظن أن النهاية ستكون هكذا

جُنّ زعيم جبل السيوف التسعة فجأة، فانهال على ابنه ضربًا وإهانة حتى فقد صورته الآدمية

أهو ضياع الأخلاق أم انحراف محبة الأب ما قاد إلى هذه المأساة