الفصل 81
الفصل 81: أنقذوني، لقد جُنّ والدي
لم يكن سونغ ييمينغ على عجلة، إذ اتجه إلى أراضي أسرة تشو على مهل
وفي كل مرة يصل فيها إلى إحدى مدن مقاطعة تشو كان يدع أحد التلاميذ المرافقين له يتولى السيطرة على تلك المدينة
وقد جلب معه من تلاميذ جبل السيوف التسعة عددًا يساوي عدد مدن مقاطعة تشو
وبالمقارنة مع سونغ بانغ الذي كان يغرق في القلق، فقد كان سونغ ييمينغ يعلم أن التسرع ضربٌ من العبث، فبعد كل هذه الأيام يُرجَّح أن عشبة القلب الأسود قد استُخدِمت بالفعل
ولم يكن يفكر حقًا في سونغ بانغ ابنه، فإذا كانت تشو يون تملك موهبةً خارقة في صقل الحبوب، فما ينبغي التفكير فيه الآن هو كيف يرعى حفيده
وفي الوقت نفسه كان سونغ ييمينغ ينتظر ردة فعل أسرة تشين
فإن لم تُبدِ أسرة تشين موقفها قبل وصولهم إلى أراضي أسرة تشو فستسير هذه الرحلة بسلاسة
أما إن ظهرت أسرة تشين فسيواجهون بعض العثرات
كانت لأسرة تشين صلة وثيقة بالشيخ الأكبر هونغ فَي من جبل السيوف التسعة، ويبدو أن أسرة تشين العظمى لها ارتباطٌ خفي بجبل السيوف التسعة
وحتى هو بصفته سيد الطائفة لم يكن يعرف الكثير عن ذلك
فذلك أمرٌ تسيطر عليه مباشرةً قِلة من الشيوخ العجائز في جبل السيوف التسعة، ولم تكن له أهلية التدخل
ومع أنه سيد الطائفة، فليس هو أقوى خبيرٍ في جبل السيوف التسعة
ففي هذا العالم للكلمة العليا تكون للقوة
…
وصلت أسرة تشو، ولم يظهر أحدٌ من أسرة تشين
تنفّس سونغ ييمينغ الصعداء، ستمضي هذه الرحلة بسلاسة
وقف تشو تيانمينغ وسائر الشيوخ أمام أراضي الأسرة يحدّقون في سونغ ييمينغ وابنه بوجوهٍ كئيبة
ولم تستجب أسرة تشين لطلبهم المساعدة
ومن الواضح أنهم لا ينوون العون
وحين تذكّروا العلاقة بين أسرة تشين العظمى وجبل السيوف التسعة شعر تشو تيانمينغ والآخرون بالإحباط
فإن سيد طائفة جبل السيوف التسعة خبيرٌ في المستوى التاسع من مرحلة الحق
فكيف لأسرة تشو أن تقاومه
وحتى هذه اللحظة لم تُنشئ أسرة تشو خبراءَ من مرحلة الحق
لقد كُشف أساس الأسرة للتو، وحتى الشيوخ الذين نالوا قوة ميراث مرحلة الحق لم يبلغوا بعدُ مرحلة الحق
أيمكنهم تكليف برج القمر الأسود بالتحرك
إن الثمن الذي ينبغي دفعه للتعامل مع سيد طائفة جبل السيوف التسعة يفوق ما تقدر أسرة تشو بأكملها على تحمله
أيمكن أن يقدّموا أساس أسرة تشو ثمنًا لبرج القمر الأسود
من الواضح أن ذلك مستحيل
كما تلقت تشو يون الخبر فأسرعت بالحضور، تفكر في أن تطلب العون من ذلك الشيخ الغامض
تجاهل سونغ ييمينغ أفراد أسرة تشو تمامًا
فليس بينهم واحدٌ بلغ مرحلة الحق
فعلى أي أساس سيقاومونه
وفوق ذلك فهو سيد طائفة جبل السيوف التسعة، ومن حسن حظ أسرة تشو أن يصاهروا مثله
ومن هذا المنظور لم يفهم لِمَ ترفض أسرة تشو
غير أنه ما إن أعاد التفكير في الأمر حتى اشتعل قلبه حماسة، فإذا كانت أسرة تشو لا تطيق تزويج تشو يون إلى خارج الأسرة بل وترفض فرصة مصادقة سيد طائفة جبل السيوف التسعة، فليس لذلك إلا سببٌ واحد، وهو أن موهبة تشو يون في صقل الحبوب تفوق الخيال
وأن وجودها مرتبطٌ بنهضة أسرة تشو
“أبي، إنها هي”
رأى سونغ بانغ تشو يون وهي تسرع بالمجيء، فأشار إليها بحماسٍ وعيناه تتقدان
“أيتها الحسناء الصغيرة، لن تفلتي مني”
كان سونغ بانغ في غاية الحماس
“اخرس”
باك
صرخ سونغ ييمينغ بغضبٍ فجأة وصفع وجه سونغ بانغ
تحيّر سونغ بانغ تمامًا
غطّى وجهه المنتفخ ونظر إلى أبيه بذهول، لم يفهم لِمَ ضربه فجأة
وذُهل أفراد أسرة تشو كذلك
وفي تلك اللحظة كان قلب سونغ ييمينغ ممتلئًا رعبًا
وكان جسده كله يرتجف، حتى غدا واهنًا لدرجة أنه لم يملك إلا أن يركع على الأرض
ومن رآه ظنّ أنه يرتجف غضبًا
“أبي، لِمَ ضربتني”، قال سونغ بانغ متظلمًا
باك
صفعةٌ أخرى هوت على وجه سونغ بانغ، وقال سونغ ييمينغ بغضب: “أضربك”
“أتطمع في الآنسة تشو”، زأر سونغ ييمينغ وصفع سونغ بانغ مجددًا
“لماذا لا ترحل وتلقي نظرة على نفسك أولًا، هل أنت أهلٌ للآنسة تشو”
كان تشو تيانمينغ والآخرون في ذهول، ما الذي يجري مع سيد طائفة جبل السيوف التسعة، ولماذا يضرب ابنه
أنظروا، لقد انتفخ وجه ابنه، وإن تابع ضربه فسيصير وجهه كوجه خنزير
أمّا تشو يون ففرِحت حين رأت ذلك، فلا بد أن ذلك الشيخ الغامض قد حذّر سيد طائفة جبل السيوف التسعة
حتى سيد طائفة جبل السيوف التسعة أُجبِر على الإذعان، ذلك الشيخ الغامض قويٌّ للغاية
لا بد أنه في مرحلة الإمبراطور
كان رأس سونغ بانغ يطنّ من الضرب، وظلّ مذهولًا يحدّق في أبيه
ما الذي يحدث
لِمَ أُضرَب
لم يُضرَب هكذا قط منذ طفولته
“أبي، أنا ابنك”، بكى سونغ بانغ
صفعة
صفعه سونغ ييمينغ مجددًا، وبدا للناظرين أن سونغ ييمينغ شعر بأنه لم يضربه بما يكفي، فواصل ضربه
وشتمه قائلًا: “لِمَ أنجبت نذلًا مثلك”
“ولِمَ أنتَ مولَعٌ إلى هذا الحد بالزواج من الآنسة تشو”
“أنت قطعةُ قمامة، والآنسة تشو زهرةٌ نفيسة، أأنت أهلٌ لها”
“لِمَ أنجبتُ شيئًا عديمَ النفع مثلك، ألا تملك ذرة حياء، ما دمت قطعة قمامة فالتزم مكانك، ما الذي أخرجك لتُزكم الأنوف”
“وجودك يلوّث عيني الآنسة تشو، أنت قطعة قمامة ومع ذلك تجرأت على الطمع في الآنسة تشو، ألا يؤلمك ضميرك”
“أين ضميرك، كيف صِرت هكذا، ها”
كان سونغ ييمينغ يصرخ وهو ينهال على سونغ بانغ ضربًا
تجمّد الجميع في أسرة تشو من الذهول
يا سيد طائفة جبل السيوف التسعة أجننتَ
لماذا تتكلم عن ابنك بهذه الطريقة
فإن كان ابنك قطعة قمامة، أفلا تكون أنت أيضًا قطعة قمامة، بل قمامة عتيقة
وقد فغرَت تشو يون فمها وبدت الدهشة على وجهها، أبهذه القوة ذلك الشيخ الغامض
حتى سيد طائفة جبل السيوف التسعة بدا مذعورًا إلى حد طرح كرامته أرضًا
وكان الأشد ألمًا هو سونغ بانغ
لقد تحيّر تمامًا
وكان رأسه يطنّ، والدموع والمخاط لا ينقطعان، وقد تورّم رأسه حتى لم يعد وجهه يُعرَف
وأشد ما آلمه في قلبه أن من فعل به ذلك ومرّغه في الإهانة هو أبوه نفسه
أنا قطعًا لست ابنه البيولوجي
“ألا يؤلمك ضميرك”
“أنت قطعة قمامة ومع ذلك أردت أن تدنّس زهرةً نقية، ألا تستحي”
“ما هذا الجلد السميك”
“لماذا لا ترحل، وبمنظرك البائس هذا أتظن أنك أهلٌ لها”
كان جسد سونغ ييمينغ كله يرتجف وهو يواصل ضرب سونغ بانغ بجنون، وكانت ضرباته تزداد فظاعة وثِقَلًا
وقد تورّم رأس سونغ بانغ حتى تضاعف حجمه، وصار وجهه مدوّرًا حتى إن ملامحه لم تعد تُرى
“أنقذوني أنقذوني لقد جُنّ والدي”
كان يُسمَع أنين سونغ بانغ المكتوم وهو يكافح طلبًا للنجدة
لقد دبّ فيه الهلع، فلعلّ أباه قد جُنّ حقًا
وإن لم يتوقف أبوه الآن فهو يشعر أنه قد يموت
ولم ينتبه أحدٌ إلى أن عرقًا باردًا قد طفح على جبين سونغ ييمينغ
كان ضغطٌ مرعب يغمر جسده ولا يَلوح له انقشاع
ولم يجرؤ سونغ ييمينغ على التوقف، فلم يكن أمامه إلا أن يعضّ على أسنانه ويضرب ابنه أشدّ فأشد
لقد كانت أسرة تشو مرعبة
فما إن خطا إلى أراضي أسرة تشو حتى هبط عليه ضغطٌ غامض مرعب
وكان المعنى الذي يُفهم منه واضحًا، إنه تحذير
وما صدم سونغ ييمينغ أن هذا الضغط أقوى مئة، لا، ألف مرة من أولئك العجائز في جبل السيوف التسعة
لقد ذُعر
وكان مخرجه الوحيد أن يتحرك بنفسه ويؤدّب ابنه
لقد كان ينقذ نفسه وينقذ ابنه كذلك
وخطر له أشياء كثيرة، فلا عجب أن أسرة تشين العظمى اختارت ألا تُخضِع أراضي أسرة تشو وتجعلهم أتباعًا لها
فكل ذلك لأن ثمة وجودًا مرعبًا كامنًا في أسرة تشو
فلعل أسرة تشو فخٌّ نصبه وجودٌ قويٌّ غامض