الفصل 2
الفصل 2: القوة المتقدمة والتعافي السريع
«حس مطلق بالسلاح الناري»، «استشعار الخطر»، «حس الشفرة منخفض المستوى»
كانت ثلاث كرات ضوء تطفو في ذهنه، اثنتان خضراوان وواحدة بيضاء، يراها تشين تيان من منظور غريب يشبه «الرؤية الداخلية» الموصوفة في روايات الووشيا
لكن بصراحة، بعد امتصاص كرات الضوء الثلاث للموهبة، لم يشعر تشين تيان بأي تغيّر في جسده، وربما لا تظهر آثار هذه المواهب إلا حين يلامس الأسلحة النارية والسكاكين ويدخل ساحة القتال
بعد ذلك واصل تشين تيان حمل الجثث، ولم يمتص أي كرة موهبة جديدة حتى غادرت مركبة النقل
«يا للخسارة»
خفض تشين تيان نظره ووقف منتصبًا داخل التشكيل
مع أن المواهب الثلاث كانت جيدة، وبخاصة «حس السلاح الناري المطلق» مع «استشعار الخطر» اللذان قد يجعلان منه رامي رشاش ممتازًا أو قناصًا في ساحة القتال، إلا أن هذا كله لا يخرجه من كونه عتادًا للاستهلاك في المعارك؛ غايته القصوى أن يكون عتادًا أكثر فاعلية
طقطقة، طقطقة، طقطقة
في تلك اللحظة اقتربت من بعيد مركبة نقل كبيرة
قال ضابط آخر قافزًا من المركبة بابتسامة: «ريموند، حسنٌ أن رجالك لم يغادروا بعد»
«ساعدني على إدخال هؤلاء الأورك ذوي الجلد الأخضر أيضًا، جنودي يرون جثثهم قذرة ولا يريدون لمسها، فدع هؤلاء النسخ يفعلون ذلك»
سأل ريموند أولًا: «كيف هو الوضع على الجبهة»
لاذ الضابط بالصمت لحظة، وقد غامت ملامحه قليلًا: «ليس جيدًا، ما زلنا لم نُحكِم السيطرة على مرتفعات الجولان، وتكبّد فوجُنا خسائر فادحة، وإن استمر الحال هكذا، أخشى أننا سنُضطر للتخلي عن المهمة والانسحاب إلى وادي لييانغ»
«خُذ هؤلاء العتاد البشري ودربهم جيدًا، وبعد ثلاثة أيام سنواصل اقتحام مرتفعات الجولان، وعندها سيكون عليهم أداء دورهم»
«مفهوم»
أومأ ريموند بصمت
طقطقة، طقطقة
أنزلت مخالب آلية ضخمة أجسادًا أشبه بتلال صغيرة؛ هؤلاء هم الأورك ذوو الجلد الأخضر الذين تُسميهم الفرقة
قاماتهم طويلة وبدنهم صلب، ومتوسط طولهم يفوق البشر بكثير، وجوههم خضراء ومسننة الأنياب، وعضلاتهم نافرة كجذوع أشجار ملتوية، مفعمة بقوة بدائية وحشية
جلودهم الخشنة بلون أخضر داكن مُنفّر، كأنها مغطاة بطبقة من طحالب متآكلة على الدوام، وسطحها محفّر غير مستوٍ، تعلوه ندوب وقروح متقيحة، وتنبعث منه رائحة لاذعة
أنزل تشين تيان رأسه وضم شفتيه، يقاوم بقوة رغبة في القيء، فرائحة الأورك أسوأ من حفرة صرف صحي عمرها شهر
أصدر ريموند الأمر: «أربعـة لكل مجموعة، انقلوهم إلى الداخل»
أمسكت النسخ، جماعاتٍ من أربعة، بأطراف الأورك ورفعوهم إلى علوّ معيّن ثم حملوا الأجساد إلى الثكنات
كان تشين تيان قد اختار هدفه مبكرًا، فسارع إلى جانب أطول جثة أورك وأقواها، وأمسك بيده العريضة الخشنة
فوووش
خرجت كرتا ضوء خضراوان من جسد الأورك ودخلتا جسد تشين تيان
«الاسم: قوة متقدمة (أخضر)»
«النوع: موهبة سلبية»
«الوصف: تعزّز العظام والعضلات بقوة كبيرة، فترفع القدرة الانفجارية والتحمل ومقاومة الضربات»
…
«الاسم: تعافٍ سريع (أخضر)»
«النوع: موهبة سلبية»
«الوصف: يتمتع صاحب هذه الموهبة بنشاط خليوي يفوق العاديين بكثير، وقدرة قوية على ترميم الجسد، مع تعزيز ملحوظ لمقاومة شتى السموم»
ما إن دخلت الموهبتان جسده حتى لاحظ تشين تيان تغيّرًا هادئًا يطرأ على بدنه
عظامه تُصدر طقطقة خفيفة وألمًا واهنًا كأنه يتعرض للطرق، وألياف عضلاته تغدو أصلب كأنها أسلاك فولاذ، وحتى جلده بدا وكأنه اشتد قليلًا
«ها قد حصلت أخيرًا على وسيلة للبقاء»
تلألأت عينا تشين تيان، فهاتان الموهبتان كانتا ما يريده أكثر من سواه
رفعت القوة المتقدمة لياقته البدنية إلى مستوى جديد
ومنحَه التعافي السريع قدرة قوية على ترميم الجسد؛ فحتى إن أُصيب يمكنه استعادة فاعلية القتال خلال وقت قصير نسبيًا
بهاتين الموهبتين أساسًا، ومع عون «استشعار الخطر»، سترتفع قدرته على النجاة في ساحة القتال كثيرًا
حمل تشين تيان مع ثلاثة من النسخ جثة الأورك وساروا ببطء نحو الثكنات، وخلال الطريق راح يتفحص النسخ الآخرين خلسة
كان لكل نسخة مظهر مختلف وطول متفاوت، مما يدل على أنهم لم يُصنعوا من قالب واحد، أما ما يشتركون فيه فهو تعابيرهم الباردة الخالية، كأنهم روبوتات بلا عاطفة
ومع ذلك فهذا طبيعي أيضًا
فذاكرة كل نسخة لا يُغذّى فيها إلا سيل بياني قصير جدًا، لا يعرفون ما هو الفرح أو الغضب أو الحزن أو الخوف، وربما فقط حين يسمعون معلومات تتعلق بإمبراطورية المجرّة تتأثر مشاعرهم قليلًا
قلّد تشين تيان هيئة النسخ وتعابيرهم، محافظًا على وجهٍ لا مبالٍ طوال الوقت، يخفي نفسه بإحكام
وفي هذه اللحظة فهم أخيرًا لماذا يظهر كثير من الممثلين الرجال ذوي الأداء الضعيف لأول مرة بصورة «الوسيم البارد»، لأن التظاهر بالبرود فعلًا أمر سهل جدًا
دمدمة ارتطام
سقطت جثة الأورك أرضًا بثقل، فسارع تشين تيان بالعودة ليرى إن كان يستطيع لمس جثة أخرى
لكن لم تُنقل جثث أورك كثيرة، وبحلول عودته كانت الأجساد كلها قد نُقلت
ولمّا رأى ذلك لم يجد إلا أن يتنهد بحسرة
«تحرّكوا للتجمع»
رفع ريموند يده اليمنى وهتف بصوت عميق
سرعان ما تجمّعت كتيبة النسخ، وتقدّمهم ريموند نحو ساحة تدريبهم الأولى
ميدان الرماية
…
الأورك ذوو الجلد الأخضر والنسخ كلاهما عتاد للاستهلاك صنعته إمبراطورية الأورك وإمبراطورية المجرّة، لكن بتقنيتين مختلفتين
الأورك ذوو الجلد الأخضر أقوياء بدنيًا لكن ذكاءهم ليس عاليًا
أما النسخ فذكاؤهم عادي، هادئون مطيعون، لكن خصائصهم البدنية أضعف قليلًا
وأدّى هذا الاختلاف إلى تباين كبير في اتجاهات التدريب
فالأورك ذوو الجلد الأخضر يصعب التواصل معهم، لذا تحبسهم إمبراطورية الأورك معًا، وحين يحين موعد القتال تُعطى كل واحدة منهم هراوة مسننة ودرع صفيح، ثم يُطلقون للاندفاع
أمّا النسخ، فبعد خروجهم من المصنع يُؤخذون إلى ميدان الرماية، حيث يدرّبهم المدرّبون ثلاثة إلى سبعة أيام على الأسلحة النارية ليألفوا استخدامها ويُحسّنوا دقة التصويب
وعندما يذهبون إلى ساحة القتال يتولّى النسخ مهمة نيران الكبح، فيقضون على أكبر عدد ممكن من الأورك ذوي الجلد الأخضر
قُسّمت آلاف النسخ إلى مجموعات وأُرسلت إلى أربعة ميادين رماية كبيرة، وبعد أن عرض المدرّبون مبادئ الرمي تلقى كل واحد بندقية قياسية
وعلى عكس ما توقّعه تشين تيان، لم تكن هذه البندقية القياسية سلاحًا ليزريًا كما في روايات الخيال العلمي، بل سلاح مقذوفات شائعًا للغاية
وما إن لامس البندقية حتى انتابه إحساس غريب، فسبطانتها الباردة بدت امتدادًا لعضوه، وكل جزء فيها تحت سيطرته، ويستطيع أن يشعر بنبضها مع كل نفس
ارتكز كتفُه بثبات على مؤخرة البندقية كأنها اتحدت به دون أدنى نشاز، واستقرت إصبعه برفق على الزناد، والإحساس عند طرفها ملأه بثقة لا توصف
ضيّق عينيه قليلًا، فامتدّ بصره عبر المنظار، وغدا العالم كله واضحًا في تلك اللحظة، والبقعة في الهدف على بُعد عشرات الأمتار تضخمت إلى أقصى ما في عينيه
بانغ
انطلقت الطلقة