الفصل 197
الفصل 197: رحيل مشاة الفضاء
ضرب آران صدره مطلقًا زفرة ثقيلة
ألقى نظرة نحو الأرض البعيدة المحروقة الجرداء، وفي عينيه تعبير معقّد
مورست، ذلك الآثم الأبدي في قوم الإلف، سقط أخيرًا، وبالتفجير الذاتي أيضًا
كان ينبغي أن يكون هذا مدعاة لفرح كبير، لكنه لم يستطع أن يشعر بالسعادة
وحين تذكّر ما قاساه قوم الإلف قرابة قرن، امتلأ قلبه كراهية، لا تجاه مورست فحسب، بل تجاه جذر كل شر، حاكم الفوضى سلانش
”ملك الإلف، هل أنت بخير”
طار يونهاي الشرقي إليه يسأل بقلق
”أنا بخير، يا سيد يونهاي”
هزّ آران رأسه
”حسنًا”
نظر يونهاي الشرقي إلى قتال الدرجة 6 العنيف في البعيد وقال
”لقد حان وقت إنهاء هذه الحرب”
إن انضمام آران ويونهاي الشرقي، وهما خبيران من الطراز الأول، حطّم على الفور صفوف الإلف المظلمين الذين كانوا أصلًا في موقف ضعيف
وخلال زمن قصير كُنِس خبراء الدرجة 6 داخل العش
لكن الحرب لم تنتهِ عند هذا الحد
فقد بقيت بعض وحدات الدرجة 6 متمركزة عند نقاط تفتيش متفرقة في الغابة المظلمة، تقود القوى المتبقية في مقاومة عنيدة سببت للأسطول إزعاجًا غير قليل
وهؤلاء لا بد من التعامل معهم
”يمكن للقوات البرية الدخول”
أصدر يونهاي الشرقي الأمر
شقّ هدير منخفض كأنه زئير وحش عتيق ظلام الليل
هبطت من المدار ثلاث سفن نقل من فئة “القلعة المدرعة”، وتلألأ هياكلها بدرع طاقة أزرق خافت كأنه هالة غامضة تغلف عمالقة من فولاذ
وحين شقّت المقدمة الغيوم، اشتعلت الكتل المتلاطمة باللهيب الدافق من العوادم، ورسمت عبر السماء ليلًا ثلاثة خيوط قانية، كأنها سلاسل قضاء أُلقيت من عالم العُلى
مع صرير احتكاك نافذ، انفتحت فتحات أسفل سفن النقل كأفواه فاغرة، وامتدّت من داخلها مزالق مغناطيسية عدة
اندفع مشاة نجوم مكتملو التسليح على تلك المزالق كطوفان أسود
ارتدوا دروع قدرة ثقيلة، صفائحها الحادّة الزوايا تشعّ بلمعان معدني بارد، وقد وُسِم كل شبر من الدرع بشعار الفيلق
علّقت بنادق البولتر على صدور المحاربين، وتألّقت حول الفوّهات أقواس كهربائية دقيقة تُنذر بنيران فتاكة توشك أن تنفجر
وفي لحظة الهبوط اندفعت نيران ارتداد من أحذية المحاربين فثبتتهم بقوة على التربة المحروقة
سريعًا شكّلوا تشكيلات قتال، وجالت أشعة الليزر الحمراء لبنادق البولتر حولهم تمسح كل حركة في الظلام بيقظة
”تحرّكوا”
بأمر من كل قائد بدأت الوحدات تتحرك، ثلاثيًا ثلاثيًا، وكل عشر مجموعات تشكّل سرية، وتضم كل سرية عددًا من مستخدمي الطاقة الروحية النخبة
تفرّقوا كأنهم أسماك أُطلقت في بحر عميق، لملاحقة المخلوقات المظلمة المزعجة
دا دا دا
دوّى هدير بنادق البولتر
تقدّم الخط الفولاذي الذي شكّله مشاة النجوم بثبات
ومع كل ضغطة زناد بصقت الفوّهات نارًا، وانطلقت طلقات البولتر بسماكة المعصم تصفر بصوت الموت
كان الإلف المظلمون، ما إن يخرجوا من ظلال الأشجار، تتشقّق صدورهم وبطونهم تحت طلقات البولتر، فتتفتّح ضبابات دم قانية في ضوء القمر، وتتطاير أطراف محطّمة في الهواء كدمى مكسورة
جابت سفن حربية الأعالي، وأقفلت الرادارات على الأرض، وفي الأسفل ابتلع سيل فولاذي من مشاة النجوم كل الأعداء
شهد آران وشيخ الإلف مجريات الحرب كلها
ومنطقيًا كان ينبغي أن يسعدهما فتك الإلف المظلمين بهذه القسوة، غير أنهما شعرا في هذه اللحظة بقشعريرة
قوة الإمبراطورية مرعبة
كان الإلف المظلمون أمامهم كالماشية، يُذبّحون بلا هوادة
وماذا لو اضطر قوم الإلف يومًا لمواجهة الإمبراطورية، فكم سيكون الحال أفضل
لاحظ يونهاي الشرقي التغيّر في وجوه آران والآخرين، ولم يملك إلا أن يبتسم بخفوت
فهذه المعركة اليوم لم تكن لمعاونة الإلف على اجتثاث الإلف المظلمين فحسب، بل لِتُري الإلف أيضًا قوة الإمبراطورية، وتكشف لهم الفجوة بينهم وبينها
فالإمبراطورية تحتاج حليفًا مطيعًا
وأسرة الشرق أيضًا تحتاج تعاون الإلف بكل قلب
”هلمّ بنا، لنُنْهِ أمر الإلف المظلمين أولًا”
قال آران بصوت عميق
إن الفجوة بين الإلف والإمبراطورية هائلة إلى حدّ يورث اليأس
لكن قوم الإلف لن يستسلموا لأنفسهم بسبب ذلك
فما داموا قد قرّروا احتضان الكون، فعليهم مواجهة الفجوة والسعي للتطوّر
وفي المستقبل سيكون لقوم الإلف أسطولهم هم أيضًا، وسينشدون اسم الإلف في بحر النجوم
”هؤلاء هم مشاة النجوم الحقيقيون”
نظر تشين تيان إلى الجنود غير البعيدين، المشدودين بالسيوف المنشارية وبنادق البولتر، ولم يملك إلا أن يتنهّد
فمقارنةً بهؤلاء الجنود النخبة، كان جنود كوكب ألفا 7 في ذلك الحين كالمبتدئين التِماسًا للتدريب، لا مقارنة في الصلابة النفسية ولا في الكفاءة التكتيكية
ورغم أنهم ليسوا مستخدمي طاقة روحية ولا أصحاب قدرات خاصة، فإن امتياز السلاح والمعدات، مع الانسجام داخل تشكيلاتهم، يكفيان ليذبحوا بسهولة إلفًا مظلمين من الدرجة 2، بل ومن الدرجة 3 أيضًا
وإذا واجهوا أقوياء أعلى درجة، تدخّل مستخدمو الطاقة الروحية داخل التشكيل فورًا لاعتراض العدو القوي وتطويقه وقتله
مضت العملية كلها بانضباط ومنهجية، عرضًا بديعًا لهيبة قوات الإمبراطورية النخبة
”لو أنني أملك وحدة كهذه يومًا”
لم يملك تشين تيان إلا أن يتمنّى في سرّه
وبالطبع فبلوغ هذه الأمنية ليس يسيرًا، فهو ليس صاحب موهبة قيادية، وفي عمله في المكتب السابع يقضي معظم وقته في الاستخبارات أو مهام قتال سرية
أما إمساك السلطة العسكرية، بل وقيادة أسطول فضائي، فذلك لا يتم بلا خبرة ذات صلة
في الوقت الراهن تبقى الأمنية فكرة
لكن لا أحد يضمن ما يخبّئه المستقبل
فلعلّه في مستقبل غير بعيد يحظى هو أيضًا بفرصة أن يصير جنرالًا أو حتى مشيرًا
”لنخرج ونقتنص بعض القتلى، وإلا ستختفي الأهداف قريبًا”
قبض تشين تيان على “القتل الخفي” وواصل رحلة صيده
كان الإلف المظلمون ذوي بأس في المقاومة، لكن للأسف، أمام قوة الإمبراطورية المروّعة، غدت كل مقاومة عبثًا
فبعد ليلة من القتال المستعر، أُبيد أكثر من 95% من الإلف المظلمين في مجموعة القتال الأولى، فيما فرّت فئة صغيرة إلى مناطق أبعد نأيًا
لم يسترح تشين تيان لحظة طوال الليل، وسبق جنود الإمبراطورية في الصيد، فهلك على يديه عدد لا يُحصى من المخلوقات المظلمة، وجنى خلال ليلة واحدة ما يزيد على 600,000 نقطة تطوّر
بلغ مجموع نقاط تطوّره 1,700,000، فلم يعوّض استهلاك تطوير جسد المتسيّد الهمجي فحسب، بل حقّق أيضًا رقمًا قياسيًا جديدًا في رصيد نقاط التطوّر
وعند عودته خِلسة إلى الأرض المقدسة للإلف، التقط تشين تيان طرفًا من حديث آران ويونهاي الشرقي
”لقد أُبيدت مجموعة القتال الأولى
بعد ذلك لا بدّ أن نضغط قُدمًا ونقضي على مجموعة القتال الثانية ومجموعة القتال الثالثة”
”بعدما ينتشر خبر إبادة المجموعة الأولى، ستتوغّل هاتان المجموعتان أعمق في الاختباء، ولعلّ تحديد موضعهما سيستغرق بعض الوقت”
مجموعة القتال الثانية، مجموعة القتال الثالثة
رفع تشين تيان حاجبيه قليلًا، ووقف عند باب بيت الشجرة، وسعل مرتين، وقال
”أنا أعرف أين توجد مجموعة القتال الثانية”