الفصل 178
الفصل 178: ثمرة قوّة سماوية لعشرة آلاف وحش وثمرة شجرة الروح الصافية
على ظهر النسر العملاق أشرف تشين تيان على الغابة بأسرها
بعد دخولهم النطاق الملكي ازدادت خضرة الغابة زهوًا وتلوّنًا، ووقفت شتى أشجار الروح الزاهية شامخة
كلما اقتربوا من سيد الشجرة ازدادت أشجار الروح عددًا وتنوعًا
ارتفعت كثافة الطاقة الروحية باستمرار وصار الهواء نقيًا على نحو استثنائي، وكانت شهيقـة واحدة كفيلة بمحو تعب يوم كامل
كان هذا الجو يكاد يضاهي الطابق الخامس من برج مصدر النجوم في أكاديمية شيونغيينغ العسكرية
قال تشين تيان غير قادر على كتمان إعجابه: «يا لها من أرض رخاء»
كان طلاب أكاديمية شيونغيينغ العسكرية يضطرون إلى إنفاق قدر كبير من الاعتمادات الدراسية لدخول برج مصدر النجوم من أجل الزراعة الروحية، ولم يكن وقتهم هناك محدودًا فحسب، بل إن غرف الزراعة كانت تمتلئ غالبًا
أما هنا فكل شبر يحتوي على طاقة روحية وفيرة، ما يجعله حقًا ملاذًا مثاليًا للزراعة الروحية
هوووو
انقضّ النسر العملاق سريعًا وحطّ أمام شجرة روح هائلة
وقف بجوار الشجرة إلفيان، ذكر وأنثى، وكأن العُلى أغدقت عليهما كل ودّها؛ فالأول وسيم على نحو متقن، والثانية باهرة الجمال، وبمجرد وقوفهما هناك كانا أجمل منظر في العالم
قال حرّاس الإلف منحنين: «سمو الأميرة، سمو الأمير»
أومأت الأميرة وأشارت للحراس بالانسحاب مؤقتًا
وبعد انصرافهم حدّق الإلفي في تشين تيان رافعًا ذقنه قليلًا وقال بصوت مهيب
«تشين تيان، لماذا لا تركع أمام هذا الأمير»
نظر إليه تشين تيان بفتور وقال
«أيها الصغير، أتظن أنني لن أعرفك لأنك ترتدي قناعًا»
تبدّل وجه آرَان فجأة وقال بدهشة
«لقد عرفتني فعلًا، ألا تصدمك حقيقة أنني أمير الإلف»
ابتسم تشين تيان
فمنذ اليوم الأول الذي لقي فيه آرَان كان يشعر بأنه ليس بشرًا
فأيّ بشر ذاك الذي يسأل سؤالًا سخيفًا مثل: «ما القنّاص»
ثم أظهر آرَان لاحقًا معنى «المثقّب بالثغرات» تمامًا: توتره الشديد تجاه شجرة الروح ذات الكرمة الأرجوانية، واهتمامه المبالغ فيه بالأميرة فينُويا من قبيلة تشينغيو، وتعامله الحميم جدًا مع فينُويا
كل هذه التصرفات دلّت على أن آرَان من الإلف، بل كائن نبيل جدًا بينهم، والأرجح أنه أمير الأسرة الملكية للقمر الفضي
قال آرَان وهو يطأطئ رأسه وقد خاب أمله: «آه، ممل، لم ترتعب حتى»
لم تكن «النسخة المتوقعة من المشهد» هكذا
ألم يكن ينبغي لتشين تيان أن يضطرب عند رؤيته هو وأخته، ثم يكشف هويته، فينذهل تشين تيان ويقول
«ماذا، أنتَ في الحقيقة أمير الإلف»
أليس هذا تسلسل الحبكة المعتاد
أيمكن أنني أفشيت أمري في موضع ما
نادَت الأميرة في هذه اللحظة بصوت هادئ يخلو من المهابة المعهودة: «تشين تيان، شكرًا لاعتنائك بسيرانديل وإرشاده في هذه الفترة، فنموّه مهم للغاية لقبيلتنا»
سيرانديل هو اسم آرَان الأصلي
أومأ تشين تيان وقال
«آرَان وأنا زميلان في الفريق، ولا مجال لحديث من اعتنى بمن»
قال آرَان ضاحكًا بفخر: «هاها، أسمعتِ يا أختي، إننا نعتني ببعضنا»
طرختْه الأميرة على رأسه وقالت بوجه خالٍ من التعابير: «أين أدبك»
«آخ»
قبض آرَان على رأسه وقد أوشك أن يبكي: «لماذا تحبون ضرب رأسي جميعًا، ستجعلونني أحمق» ثم قال: «تشين تيان، لقد وافقت أختي، يمكنك دخول بحيرة القمر الفضي لإزالة لعنة الحاكم الشرير من جسدك»
ولم ينسَ آرَان أن ينسب الفضل لنفسه: «أرأيت، لم أكذب عليك»
لمع الفرح في عيني تشين تيان عند سماع ذلك، وانحنى قليلًا للأميرة
«شكرًا لكِ يا سمو الأميرة»
قال آرَان بضيق: «هيه، وماذا عني، يجدر بك أن تشكرني أنا أيضًا»
تجاهله تشين تيان متصنعًا أنه لم يسمعه، فجعله هذا التصرف يطحن أسنانه من الغيظ
راقبت الأميرة تفاعلهما وشعرت فجأة ببعض الغِبطة، فمع أنهما شقيقان لم تكن هي وسيرانديل قريبين بهذه الدرجة قط، وفي المقابل بدا هذا البشري الغريب كأنه الأخ الأكبر لسيرانديل
قالت الأميرة: «سيرانديل، أحضر الهدايا التي أعددتُها»
«حسنًا»
كان آرَان يعرف ما الهدايا، فمضى مباشرة إلى الجانب وأتى بصندوقين خشبيين
قالت الأميرة بجدية: «تشين تيان، هذه هدايا الشكر التي أعدّتها أسرتنا الملكية لك، عرفانًا بإنقاذك فينُويا وبمساعدتك لسيرانديل على التطور»
قال آرَان وقد تعمّد إثارة فضوله: «تشين تيان، أسرِع وافتح الهدايا، إنها حقًا أشياء نفيسة» فاشتعل فضول تشين تيان وتشوّقه
وما كانت الأميرة لتُعِدّ إلا ما يليق
طَقّ، فُتح الصندوق الأول، فابتدر آرَان التعريف قائلًا: «هذه الهدية الأولى، ثمرة قوّة سماوية لعشرة آلاف وحش»
«ثمرة قوّة سماوية لعشرة آلاف وحش تحملها سيد الشجرة، تمتص دماء وطاقة كثير من الوحوش العملاقة بعد موتها، وبعد مئة عام من الحضانة تتكون ثمرة واحدة، وبعد تناولها تعزز دمك وطاقتك وقوتك وبنيتك بدرجة كبيرة»
«وهي مناسبة جدًا لمقاتل طاقة روحية مثلك»
تفحّص تشين تيان الثمرة، وكانت على شكل قلب عملاق ممتلئ مشدود، ونقوش سطحها كأنها عمل محفور بإتقان، معقدة لكنها منتظمة، كأن الطبيعة بريشتها السحرية رسمت رقومًا غامضة، وكل خط يختزن طاقة قديمة جبارة
وعندما تسكن كانت تخفق كالقلوب الحقيقية، تنتفخ وتنقبض، وإن كان الخفق طفيفًا فإنه يكفي ليُشعر المرء بوفرة الطاقة الكامنة فيها
تمتم تشين تيان بالاسم: «ثمرة قوّة سماوية لعشرة آلاف وحش»، وكانت هذه الثمرة متوافقة جدًا مع «جسد المتغلب الوحشي» لديه، فبعد تناولها سيقوى جسده المتغلب متزامنًا، ما سيوفّر عليه مئات الآلاف وربما قرابة مليون من نقاط التطور
قال آرَان يحثّه: «أسرع وافتح الثانية»
«حسنًا»
أومأ تشين تيان وفتح الصندوق الخشبي الثاني
كانت ثمرة زرقاء فاتحة، ملساء السطح، تتخللها عروق فضية كأفاعٍ روحية سابحة، وما إن فُتح الصندوق حتى فاح عبير صافٍ كنسيم عليل يمرّ على الروح فيجعلها أنقى وأشفّ
قال آرَان: «هذه ثمرة شجرة الروح الصافية، وهي أيضًا ثمرة يحملها سيد الشجرة، ولها أثر في تنقية الروح وتعزيز القوة العقلية، وأعتقد أنه بضمان الثمرة وبحيرة القمر الفضي معًا ستزول لعنة الحاكم الشرير عنك يقينًا»
ابتسم آرَان، وفي كلماته اهتمام صادق بتشين تيان
أغلق تشين تيان غطاء الصندوق، والتفت إلى آرَان وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة
«شكرًا يا صغيري»
في ذاكرة آرَان كانت هذه أول مرة يعبّر فيها تشين تيان عن امتنانه له، فاتسعت ابتسامته أكثر كأنه أتمّ مهمة باهرة
قال آرَان وهو يناول الصندوقين لتشين تيان بنبرة جادة: «وأيّ شكر، فهذه كلها لشُكرك أنت، وسآخذك لاحقًا إلى بحيرة القمر الفضي، لكن من الأفضل أن تأكل هاتين الثمرتين قبل الدخول لتكون في أفضل حال لإزالة اللعنة»
«حسنًا»
أومأ تشين تيان وعيناه تلمعان بتوقع
لقد شارف هدف المجيء إلى نجم الإلف على التحقق