الفصل 14
الفصل 14: وصول الخطر
«إنه لشعور جميل أن تظل حيًّا»
بينما يجلس في مؤخرة المركبة العسكرية، أرخى شياو يونلونغ جسده، واجتاحه شعور عميق بالإرهاق، فهذا أثر جانبي لحقنة الأدرينالين، وحتى مستخدم طاقة روحية من الرتبة الثانية مثله لا يستطيع تفاديه
«نعم» تنهد تشين دادي وقد غلبته المشاعر
لقد كانت هذه العملية فاشلة، فلم يسيطروا على هضبة الجولان، كما كانت الخسائر فادحة، إذ تكاد قوات النسخ التي استُخدمت كوقود للمدافع تُباد عن بكرة أبيها ولم يبقَ سوى نحو عشرة بالمئة، بينما تجاوزت خسائر الجنود النخبة ثلاثين بالمئة، وأُبيدت فرق خاصة كثيرة تمامًا
لقد حالفهم الحظ حقًا إذ بقوا على قيد الحياة دون إصابات خطيرة
في الطريق إلى المعسكر، خيّم الصمت على المركبة، حتى شياو يونلونغ الثرثار عادة لم يتكلم إلا قليلًا، فما زالت أفكار الجميع عالقة بمشاهد ساحة القتال القاسية، وكان من الصعب عليهم الخروج منها لبعض الوقت
بيب بيب
وقبيل وصولهم إلى المعسكر بقليل، رنّت ساعاتهم الذكية في اللحظة نفسها بضع مرات، ففتحوها وبدت على وجوههم فورًا أمارات سرور
«يا للعجب، كم هي كثيرة النقاط العسكرية» اعتدل شياو يونلونغ في جلسته على الفور، وعلت وجهه أمارات حماس
أضاءت عينا ليو تشاوتشاو، وامتقع وجهها المتعب قليلًا ليغدو في لحظة مشرقًا جذابًا
قال تشين دادي، وهو ينظر إلى تشين تيان بابتسامة «هذه المرة ركبنا موجة تشين تيان، فلولاه لما حصلنا إلا على جزء يسير من هذه النقاط العسكرية»
في المعركة الكبرى الأخيرة، لم تُنجز فرقة التنين الأرضي عمليًا سوى مهمة واحدة: القضاء بنجاح على قط روحاني من الرتبة الثانية
ومنطقيًا، لم يكونوا ليستحقوا نقاطًا عسكرية كثيرة
لكن تشين تيان لمع نجمه في الحرب، فسقط مئات من كائنات الأورك برصاصه، ورغم أن الثلاثة الآخرين لم يقتلوهم بأنفسهم، فإنهم بوصفهم أفراد الفريق نفسه استطاعوا مشاركة قدر وافر من النقاط العسكرية التي حصدها تشين تيان
«هاها، تشين تيان، أحبك حتى الموت» لفّ شياو يونلونغ ذراعه حول كتف تشين تيان، وراح بحماس يحاول أن يطبع قبلة على وجهه، غير أن تشين تيان تَحرّك بسرعة خاطفة ودفع وجهه بيده قائلًا بازدراء
«ابتعد عني»
«وووو، ما أقساك» تظاهر شياو يونلونغ بالحزن الشديد، لكنه لم يحتمل حتى ثانيتين قبل أن ينفجر ابتسامة فرِحة
بَفْ
تذكّر موقعنا مائة وواحد كانشو
لم تستطع ليو تشاوتشاو منع نفسها من الضحك عندما رأت تبدل تعابير شياو يونلونغ بهذه السرعة
كان وجود شخصية مرحة في الفريق حقًا أمرًا ممتعًا
ولاحظت أيضًا أن تشين تيان لم يعد باردًا كما كان، بل بدا أنه يصير أكثر «إنسانية»، يستطيع أن يلوذ بالصمت، وأن يتوتر، وأن يُبدي قلقًا على زملائه و… ازدراء
ابتسم تشين دادي، ثم تذكر أمرًا وقال «تشين تيان، القيادة العسكرية عادلة جدًا، وستحصل أنت أيضًا على ما تستحقه من النقاط، لكن وضعك خاص، ولم تُسجَّل هويتك بعد داخل الإمبراطورية، لذا لا يمكن صرف النقاط لك مؤقتًا»
«لكن لا تقلق، فمتى عدنا سأرفع تقريرًا فورًا إلى قسم اللوجستيات لأساعدك على إتمام تسجيل الهوية بأسرع وقت»
كان تشين تيان نسخة مستنسخة، وُلد قبل ثلاثة أيام فقط، لذا لم يكن أحد ليسجل هويته بعد
وفي الإمبراطورية، عدم امتلاك هوية لا يعني استحالة الحركة، لكنه يحرمك على الأقل من التنقل والرحلات والإقامة الطبيعية، ومن شتى مزايا الرعاية
«حسنًا» أومأ تشين تيان
وللأمانة، كان متشوقًا جدًا لمعرفة مقدار النقاط العسكرية التي سيحصل عليها، وما الأشياء الجيدة التي يمكن مبادلتها بهذه النقاط
وبعد قليل وصلت القوة الكبرى إلى المعسكر
وأمرت هيئة القيادة جميع الأفراد بحزم أمتعتهم فورًا، وبعد ساعتين ستنسحب الفيلق من المعسكر وتتراجع إلى وادي لِيَيانغ
«يبدو أن الفيلق قد تخلّى تمامًا عن هضبة الجولان» تنهد تشين دادي
لقد مات كثيرون، ومع ذلك لم يتمكنوا من السيطرة على الهضبة، وكان في صدره شيء من عدم الرضا
قال شياو يونلونغ ببساطة «يا قائد، لا يد لنا في الأمر، فالأيدي العاملة غير كافية»
لم يتعلق قلبه بهضبة الجولان، فطالما بقي حيًا وجمع المزيد من النقاط العسكرية، فقد حقق الهدف الذي جاء من أجله إلى الجيش
والآن بعدما جمع النقاط التي كان يرجوها، فالأفضل ألا يقاتل بعد الآن
«آه، إنه لأمر مؤسف لا غير» هز تشين دادي رأسه
لو كان في الفيلق عدد أكبر من مستخدمي الطاقة الروحية أو أصحاب القدرات، لكانوا بالتأكيد قادرين على السيطرة على هضبة الجولان
على مدى ألف عام من الصراع مع إمبراطورية الأورك، حافظت إمبراطورية المجرة، اعتمادًا على تفوقها في التكنولوجيا والأسلحة، على اليد العليا بثبات في المنافسات غير الخوارقية
غير أن تأثير مستخدمي الطاقة الروحية وأصحاب القدرات في الحرب بالغ الضخامة، فإذا لم يتكافأ مستوى القوة العليا، فلن تستطيع أقوى الأسلحة تغيير مسار الحرب
إنه عالم يخص الأقوياء
فمستخدمو الطاقة الروحية رفيعو المستوى يستطيعون بقوتهم وحدها تدمير فيلق، أو مدينة، بل وحتى قارة، وهو ما لا يبلغه أي سلاح
«دعنا من هذا الآن، لا طائل من الحديث فيه، هيا لنحزم أمتعتنا» لوّح تشين دادي بيده ودخل إلى الغرفة ليبدأ الحزم
ودخل شياو يونلونغ ولِيو تشاوتشاو الغرفة أيضًا ليجهزا أمتعتهما
دخل تشين تيان الغرفة ورتب ببساطة أشياء القنّاص السابق هوانغ شون، فوضَع النافع منها في الأمتعة، أما ما لا حاجة إليه مؤقتًا فألقاه كله في كيس الفضاء
وأثناء ذلك واصل التجربة، فاكتشف أنه إضافة إلى استخدام اليدين، يمكن لأي جزء من جسده يلامس شيئًا أن يمتصه إلى كيس الفضاء
وقد حلّ هذا له مشكلة
فهو كان يريد قبل قليل في ساحة القتال أن يجمع بعض الأسلحة النارية المبعثرة والسكاكين القتالية والمعدات في كيس الفضاء، لكن لو انحنى لالتقاطها لاضطر إلى القرفصة أو الانحناء، وهو أمر غير مريح ويسهل أن يثير شكوك زملائه
أما إذا استطاع استخدام قدميه أيضًا، فلن يحتاج إلا إلى الاقتراب من الهدف وركله ركلة خفيفة، فيسحب الشيء سرًا دون أن ينتبه أحد
وبعد نصف ساعة، انطلقت فرقة التنين الأرضي حاملة أمتعتها مع القوة الرئيسية نحو وادي لِيَيانغ
……
حلّ الليل
لم يواصل الفيلق السير ليلًا، بل ضرب معسكره في المكان
وأقامت فرقة التنين الأرضي في خيمة كبيرة تبعد عشرات الأمتار فقط عن الإمدادات اللوجستية المهمة
وكانت هذه أيضًا المهمة التي تسلموها للتو: حماية قسم اللوجستيات
«ههه، حظ طيب، لسنا مجدولين لدورية الليلة» ارتمى شياو يونلونغ على البساط، ولم تمضِ سوى دقائق من الدردشة حتى ثقلت أجفانه وراح في النوم سريعًا
ثم نام تشين دادي وليو تشاوتشاو أيضًا
فبعد أن خبروا حربًا قاسية خطرة، بلغ التعب من الجميع مبلغًا عظيمًا، وقد صمدوا حتى الآن بقوة الإرادة لا غير، وما إن لامست رؤوسهم الوسائد حتى اجتاحهم الإرهاق كأنه سيل من جبل وموج من بحر
غَطْ… غَطْ…
تعالت الشخير في الخيمة وانخفضت
شَبَكَ تشين تيان يديه خلف رأسه، وحدّق في سقف الخيمة، ولا يدري لماذا كان قليل النوم
كانت مشاهد حياته السابقة الغنية والمتنوعة تتداخل مع صور المعركة الدموية القاسية في هذه الحياة، كعرض شرائح مضطرب يعيد نفسه في ذهنه
ولوهلة شعر كأنه غارق في حلم، لا يميز أالوضع الآن وهم أم هو واقع
……
كان الليل قد انتصف في الخارج، والمعسكر غارق في السواد
كانت أسراب الطائرات المسيّرة تحرس السماء، والرادار بالأشعة تحت الحمراء يغطي منطقة تمتد لعدة كيلومترات بلا أي نقاط عمياء
فوو… فوو…
انتفخت فجأة كومة تراب صغيرة على بُعد مئة متر خارج المعسكر، وشقّ رأس أفعى هائل الأرض ببطء، يلف جسده بردٌ يعزلُه تمامًا عن الرصد بالأشعة تحت الحمراء
وتحتَه كانت وحدة القط الظلي تتحفز للانقضاض، وعشرات الأزواج من العيون الخضراء المخيفة تتوهج كأنها نيران أشباح، تلمع بدهاء وقسوة