الفصل 12
الفصل 12: المراوغة العجيبة
«اهجموا»
اندفع تشين دادي أولًا دون أن ينطق بكلمة، فتكدّست على جسده طبقة من الصخر البني الداكن بسرعة، وفي لمح البصر تحوّل إلى رجلٍ حجري
دوّي
تجاوزت كرتا نار تشين دادي، ورسمتا قوسين نصف دائريين في الهواء، وانطلقتا نحو القط الروحي من اليسار واليمين
«هوو»
ارتفع طرف فم القط الروحي كاشفًا عن أسنان حادّة بخفوت، وبضغطة قدمٍ واحدة تحوّل فورًا إلى ظلّ أسود وتلاشى، لتتصادم كرتا النار في الهواء
ومضة
قفز القط الروحي بخفة، منقضًا نحو ليو تشاوتشاو بسرعة شبحيّة
كانت ليو تشاوتشاو مستعدة سلفًا، فانفجر جسدها لهبًا، وتحوّلت في لحظة إلى إنسانٍ ناري
ولمّا رأى القط الروحي ذلك توقّف فورًا، كأنّ العطالة لا وجود لها لديه
في تلك اللحظة لمع ضوء شفرة من الجانب
كان شياو يونلونغ يقبض على سيف معركة ذي نقوش قاتمة، يلتف حول حدّه ضوء أخضر، فاندفع بشقّة إعصارية مباشرة نحو رأس القط الروحي
لوى القط الروحي جسده كأنه بلا عظام، فجعل سيف المعركة يمرّ ملاصقًا لأنفه في هيئة غريبة آسرة، ثم لوّح بمخلبه بيده المعاكسة ممزّقًا نحو وجه شياو يونلونغ
أمال شياو يونلونغ رأسه إلى الخلف فورًا، لكن مخالب القط تركت مع ذلك ثلاث علامات بيضاء على واقي خوذته التكتيكية
«مياو»
اقشعرّ وبر القط الروحي كله، وانخفض بجسده حتى كاد يحكّ الأرض وهو يمرّ بمحاذاة شياو يونلونغ، وفي اللحظة التالية دوّى صوت تمزّق قماش
انشقّت بدلة القتال على فخذ شياو يونلونغ، فانكشفت لحومه ممزّقة في مشهد بالغ البشاعة
«أوه»
تهدّلت ساقا شياو يونلونغ وكاد يفقد توازنه، واجتاح قلبه فيضٌ من الرعب
سريع، سريع للغاية
كان بارعًا في فنون القتال ذات عنصر الريح، حركاته رشيقة سلسة، لكنه أمام القط الروحي بدا كوتدٍ خشبيّ متحرك لا دفاع له
لكن شياو يونلونغ أدرك أيضًا أنّ هذا هو أثر السلالة والموهبة، فإلا إن بلغ بفنون الريح مرتبة عالية جدًا، فلن يضارع القط الروحي ولو اجتمع منه ثلاثة
«يونلونغ»
استدار تشين دادي، ولمّا رأى الدم ينزف بغزارة من فخذ شياو يونلونغ كادت أسنانه أن تتكسّر من العصرة
في تلك اللحظة تمنى لو كان الخصم وحشيًا طويل القامة من نوع الاعتماد على القوة، بل حتى «وحشي الحديد الأسود»، لما خافت فرقة التنين الأرضي
فمع قيامه هو بدور الدرع البشري، ومشاغلة شياو يونلونغ من الجانب، وكبح ليو تشاوتشاو بالنار، ومع وجود الرامي البارز تشين تيان سرًا، لكانت فرص الفوز عالية
لكن لسوء الحظ كان العدو هو القط الروحي، أكثر من لا يرغب أحد في لقائه
رشيق، خفيف، ماكر
سريع حدّ اليأس
ومضة
جثم القط الروحي، وأطرافه الأربعة تمسّ الأرض، وفي عينيه الخضراوين الغريبتين قسوةٌ وسخرية، ثم دفع بأطرافه في اللحظة التالية فتحوّل فورًا إلى ظلّ أسود وانقضّ نحو شياو يونلونغ
رأى شياو يونلونغ ذلك فتراجع سريعًا ليتفادى، لكن فخذه المصاب خارت فيه القوة فجأة فعثر، فطلعت الفزع والرهبة إلى عينيه في التوّ
ومضة
رفع القط الروحي مخلبه ليمزّق حنجرة شياو يونلونغ، غير أنه ما إن ارتفع ساعده حتى انتصب وبر ظهره فجأة
ومن دون أدنى تردد تدحرج القط الروحي للأمام حاسمًا، فانحرفت الرصاصة التي كانت تستهدف ظهره عن مسارها
«همف»
استدار القط الروحي، وأربعته تشدّ الأرض وظهرُه مقوّس، يكشر كقطٍّ متوحّشٍ غاضب، يحدّق بضراوة خلفه
أنزل تشين تيان بندقيته إلى الأرض ببطء، كان يتوقّع أن هجومًا غادرًا من الخلف لن يؤذي القط الروحي، لكن حين وقع ما توقّعه مع ذلك شعر بشيء من الأسف
لو أصابت تلك الطلقة لما اضطر للمخاطرة بعد الآن
«مياو»
صرخ القط الروحي وانطلق بكل أطرافه دافعًا الأرض مهاجمًا تشين تيان
«تشين تيان، احذر»
هتف شياو يونلونغ وتشين دادي وليو تشاوتشاو مذعورين، وقد بدأت أمارات اليأس تظهر في عيونهم
فتشين تيان ليس إلا نسخة وُلدت قبل أيام، يملك موهبة رمي ممتازة وبنية بدنية لافتة، لكن أمام القط الروحي، وهم مستخدمو طاقة روحية من الطبقة الثانية وذوو قدراتٍ خارقة، كانوا عاجزين تمامًا، فماذا عساه يفعل تشين تيان
ومضة
رفع القط الروحي مخلبًا ليمزّق حنجرة تشين تيان بسرعة شبح، لكن تشين تيان بدا كأنه توقّع ذلك، فجلس قرفصاء مسبقًا، تاركًا المخلب يمرّ فوق رأسه
ما هذا
لم يتوقع تشين دادي والآخران سرعة ردّ فعل تشين تيان، ففوجئوا وسُرّوا، لكن المشهد التالي عقد ألسنتهم
ومضات متتابعة
واصل القط الروحي تأرجح مخالبه بسرعة توهِم بالسراب وبزوايا شديدة المكر
لكن تشين تيان بدا كأنه ثمل: يقرفص، ينحني، يتدحرج، يقفز… يفلت دائمًا من هجمات القط الروحي بهيئاتٍ غريبة ملتوية
ومن يجهل الحال سيظن أنهم يصورون فيلمًا، وأن تشين تيان أقرب إلى جاكي شان في فيلم، بخطواتٍ عجيبة لا تخطر على بال
«هذا…»
تدلّت أفواه تشين دادي وشياو يونلونغ وليو تشاوتشاو ذهولًا، لم يخطر ببالهم أن لدى تشين تيان مثل هذه القدرات، فهذا التفاعل وتلك المهارة قطٌّ روحيّ على هيئة إنسان
وفي تلك اللحظة أرادوا هم أيضًا الاندفاع للمساعدة، لكن التحام الاثنين كان وثيقًا جدًا، وتشين دادي أبطأ من أن يلحق، وليو تشاوتشاو خافت أن تُصيب تشين تيان خطأً، وإصابة شياو يونلونغ في ساقه منعته من التقدّم
عاجزين، لم يملك الثلاثة إلا أن يراقبوا تشين تيان والقط الروحي يتشابكان، وقلوبهم تغلي قلقًا
ومضة
خدشت مخالب حادّة حنجرته مرورًا، فقشعرّ جلد تشين تيان فورًا
لا، الاقتصار على التفادي ليس حلًا
دارت أفكار تشين تيان بسرعة، ولم يكن أنه لم يفكر في الرد، لكنه لم يتعلم القتال ولا يعرف كيف يُخرج القوة، وحتى لو لكم وجه القط الروحي فلن يجدي على الأرجح
ومثل تلك الأفعال ستربك إيقاعه بشدة، بل تصنع للقط الروحي فرصًا
وفي هذه الحال لم يبق إلا أن يُغامر
عضّ تشين تيان على أسنانه، ولمعت في عينيه شرارة قسوة
ومضة
اندفع مخلب قط نحو عينه، فأمال تشين تيان رأسه، ورفع يده كالبرق وقبض على معصم القط الروحي
كان معصم القط نحيلًا، ووبره صلبًا قليلًا يبعث على نفور الملمس
لم يتوقع القط الروحي من تشين تيان، الذي ظلّ يراوغ دون توقف، أن يمسك يده، فشرد لحظةً جلية، فانتهز تشين تيان الفرصة وبسط يده الأخرى سريعًا وطبق على مؤخر رأس القط الروحي، ثم جذبه بقوة نحوه
دونغ
اصطدمت الرأسـان بعنف وأصدر الاصطدام خبطًا مكتومًا
تشقق الخوذة التكتيكية وسقط درع وجهها الشفاف أرضًا
لم يتوقف تشين تيان، بل أتبعها مباشرة بنطحةٍ قوية أخرى
دونغ
وكان الصوت هذه المرة أكثف وأعلى
حكّت شظايا مقوّاة جبينه وخلّفت خطًا دامٍا غائرًا، وبدأ رأسه يثقل كأن نجومًا تومض في عينيه
لكن مع ذلك لم يُفلِت، وحشد كل قوته لنطحة ثالثة
دووونغ
طارت الخوذة، وارتطمت الجبهتان بعنف
وهذه المرة لم يعد تشين تيان قادرًا على الاحتمال، فدار به العالم ونزف أنفه، فأفلت وتراجع مترنحًا
حالُه لم تكن على ما يرام، لكن حالَ القط الروحي كانت أردأ
فلا بد من التذكير أن تشين تيان يمتلك أيضًا الموهبة الخضراء «قوة متقدمة»، وبنيته البدنية تقارب أورك الجلد الأخضر، بينما القط الروحي من النمط عالي الرشاقة منخفض الدفاع، وحتى مع تقسية الجسد بالطاقة الروحية فليست عظامه كعظام تشين تيان صلابةً
لقد تهشّم عظم جبهته، وأسودّ كلّ ما في مرآه
وفي تلك اللحظة ضربت كرة نارية ضخمة ظهرَ القط الروحي من الخلف، وفي الوقت نفسه لمع ضوء شفرة مباغتًا
شَقّة
انفصل الرأس الكبير وتدحرج مرتين على الأرض، وفي عينيه الخضراوين الغريبتين خيطٌ باهتٌ من يأسٍ ورعب