الفصل 115
الفصل 115: الوحش الروحي الملازم، خازيكس
في ذاكرة الشاب ذو الثوب الأبيض، حين وقع الانفجار، أنشأت دودة الدماغ درعًا ذهنيًا لتحميهما معًا
لكن الانفجار كان شرسًا جدًا، ولهيب انفجار اللهب فائق الشحن كان يملك خاصية نخر نظم الدفاع الطاقية، لذا لم تستطع دودة الدماغ الصمود طويلًا، فتكسّر الدرع الذهني تمامًا
في لحظة الحياة والموت الحاسمة، استخدم الشاب ذو الثوب الأبيض تقنية سرية، فاستخرج قوة حياة دودة الدماغ وحقنها في جسده، ولهذا نجا حتى النهاية
أشار تشين تيان بيده، فجاءت بقايا عدّة أجسام إلى قدميه تجرفها الرمال المتحركة المبتلعة
كانت تلك جثة دودة الدماغ، ومن عدة سمات جسدية واضحة أمكن تأكيد هويتها
ألقى تشين تيان بكل تلك الجثث والبقايا في كيس الفضاء، ثم ومضة من البوابة السوداء عند قدميه أعادته إلى سطح الأرض
«أخيرًا انتهى الأمر»
ارتخى جسد تشين تيان، فقد أنهكته مؤخرًا لعبة العقول مع الشاب ذي الثوب الأبيض ومع فريق التحقيق جسديًا وذهنيًا، ولحسن الحظ أنهى أخيرًا المتاعب الكبرى وتعلّم أشياء مفيدة له أيضًا
كانت عائلة وِن وون تشنغشيان بيادق يُتلاعب بها دون أن يدروا، ارتسمت على شفتي تشين تيان سخرية باردة وهو يتمتم: يبدو أنني ما زلتُ قد بالغت في تقديركم
تتابع انفتاح البوابة السوداء، وعبر تشين تيان بوابة تلو أخرى حتى ظهر سريعًا داخل بلدة الضباب
امتدت قوته الذهنية إلى الخارج، فانبثقت في ذهنه مقاصد كائنات، خافتة أحيانًا وواضحة أحيانًا أخرى
دودات سلب الروح، ودودات التهام الروح… كما توقّع، كل من في البلدة واقع تحت سيطرة دودة الدماغ
كلتا دودتي سلب الروح والتِهام الروح تتطوّران من بيض دودة الدماغ، وهما بمثابة ختم روحها وتُطيعان أوامرها
ولا حاجة للتفكير طويلًا، فالمعسكر 137 لا يختلف عن بلدة الضباب
وهكذا يتضح سبب استفزاز تو تشانغ سونغ والآخرين له باستمرار وكرههم له وهو القائم بأعمال قائد الكتيبة
غالب الظن أن تصرفات تو تشانغ سونغ لم تكن بإرادته، بل بسبب تحكم دودة الدماغ، فلم يعد قادرًا على التصرف بحرية
كان بوسع تشين تيان في هذه اللحظة أن يلوّح بيده آمرًا كل دودات سلب الروح والتِهام الروح بمغادرة مضيفيها
لكن بعد لحظة تفكير، أعطى تشين تيان تعليمات جديدة لتلك الديدان، فأمرها بالدخول فورًا في حالة سُبات، ومنعها من امتصاص القوة الذهنية للآخرين، وفي الوقت نفسه طلب منها مواصلة التأثير على عقول السكان ليحافظوا على نمط حياتهم الحالي
كان تشين تيان يخشى أنه إن أيقظ المواطنين والجنود الآن فلن يبقى اختفاء مئات الأشخاص من بلدة الضباب سرًا
وعندها سيضجّ النجم الفضي الرمادي كله
ومع ذلك، تظلّ عائلة وِن سيدة القارة، ولديها القدرة على كبح الرأي العام، كما أن وِن تشنغشيان سيستعمل بلا شك شتى الطرق لإخفاء ما فعله والهرب بأمان، وهذا تحديدًا ما لا يريده تشين تيان، فما يريده هو انتظار عودة يان تشينغ، ثم عرض كل الأدلة والحقائق، وفي اللحظة التي تعجز عائلة وِن فيها عن ردّ الفعل سريعًا، يثقب السماء بثغرة
مساعدة مروّضي الوحوش على تربية قادة حشريين، دودات الدماغ
هذه جريمة لن يستطيع وِن تشنغشيان غسلها أبدًا. بعد أسبوع، مرّت نسمة عبر الغابة القاتمة فتساقطت الأوراق بخشخشة
في تلك اللحظة جاءت خطى متعجلة من أعماق الغابة، وكان كائن غريب يفرّ في هلع كأن وحشًا مرعبًا يطارده من الخلف
كان جسده مؤلفًا من جذوع أشجار غليظة، ولحاؤه خشن متشقّق كأن الزمن رسم عليه ندوبًا لا تُحصى، تتقاطع الأخاديد على سطحه، ويتسرّب من شقوقه سائل لزج أخضر داكن تفوح منه رائحة خشب عفن، وأطرافه فروع ملتوية مشوّهة، أطرافها حادة كالسكين تمتد بحرية، والمفاصل موصولة بأوتار شجر مرنة لكن متينة، وكل حركة تعقبها صرير احتكاك الخشب
التفت شيطان الخشب إلى الخلف فرأى في الأفق هيئة سوداء تحلّق على ارتفاع منخفض
«آيا»
أطلق شيطان الخشب صرخة من فمه، فهوجمت الأعشاب والكروم خلفه بنمو جامح كجلد سياط طويلة متشابكة، وانقضّت لتلتف على الهيئة السوداء
شَقّ
ومض ضوء أسود فانقسمت الكروم والأعشاب نصفين
تسللت أشعة الشمس عبر فجوات الأوراق مكوّنة بقع ضوء كشفت عن هيئة الحقيقة
كان سرعوفًا أسود بحجم إنسان بالغ، رأسه حاد كالإسفين، وجبهته مغطاة بدرع كيتيني أسود صلب لامع، وحدقتاه الطوليتان زرقاوان داكنتان كنجمتين باردتين تبثان وهجًا نافذًا، وجسده نحيل مكسوّ بحراشف سوداء كثيفة تلمع ببرودة تحت الضوء كأنها درع معركة طبيعي
وخلفه زوج من أجنحة سوداء مزدانة بنقوش غامضة معقدة، وعلى حوافها أشواك عظمية حادة تشع بلمعان يبعث على القشعريرة، وأطرافه الأمامية كمنجلين عملاقين حادين، ومخالبه الأرجوانية بدت كأنها مسمومة تبث هالة فتاكة، وذيله الطويل غليظ وطرفه شوكة حادّة كرمح شرس، يهتز مُعلنًا كرامته كمفترس قُمّي، أينما مرّ تبعه الخوف كظله
خفق السرعوف الأسود بجناحيه محلّقًا على ارتفاع منخفض، وحدقتاه العموديتان تحدّقان ببرود في شيطان الخشب، وفي اللحظة التالية اختفت هيئته فجأة، ثم اندفع من الظل أمام شيطان الخشب، وانقضّت أطرافه الأمامية كالمناجل على نحو مائل كالبرق الأسود قاطعةً عنق شيطان الخشب
رفع شيطان الخشب ذراعه الشجرية ليتصدى، لكنها قُطعت بضربة السرعوف
رَشّ
سقط الذراع الشجري وتدفّق عَصير أخضر كثيف
صرخ شيطان الخشب، وأضاء ضوء أخضر داكن جسده، فنمت فروعه سريعًا وشكّلت مسامير خشبية
طاعنةً نحو السرعوف الأسود
تراجع السرعوف طائرًا ولوّح بمناجله فقطع كل المسامير الخشبية أمامه
ولما لم يطرح شيطان الخشب بسرعة، استشاط السرعوف غضبًا، وازداد البرود في حدقتيه العموديتين، واهتزت أجنحته، فتحوّل جسده إلى وميض برق وعبر إلى جانب شيطان الخشب
تصلّب جسد شيطان الخشب، وتعلّقت المسامير الخشبية الراتعة في مكانها ثم تدلّت واهنة
رَشّ، ظهرت خط أسود في منتصف جسد شيطان الخشب، وتسرّب سائل أخضر من ذلك الخط، ثم مالت قسمته العلوية إلى الوراء وسقطت أرضًا
وقف السرعوف على غصن خلف شيطان الخشب، وتلاشى ببطء الوهج الأزرق الداكن في حدقتيه العموديتين
«حسنًا فعلتِ، يا خازيكس»
ظهرت فجأة هيئة بجانب السرعوف، وصوت صاحبها يحمل نبرة إطراء
استدار السرعوف، وفتحت فُكوكه مطلِقة فحيحًا
«حسنًا، أعلم أنك تريدين صيد فرائس أقوى، لكن علينا أن نمضي خطوة خطوة»
ربّت تشين تيان على رأس السرعوف، فكان درعها ملسًا باردًا كقطعة حديد
كانت خازيكس آخر وحش روحي في عالم فراغ الوحوش، مُتناقَلًا من جيل والد الشاب ذي الثوب الأبيض، وكانت موهبتها باهرة وشخصيتها غريبة، وحتى مع إطعام الشاب لها قوة الدم يوميًا لم يستطع إخضاعها
لاحقًا ضاق الشاب ذرعًا بعدم تعاون خازيكس، فصبّ كل الموارد في سرعوف أرجواني آخر، تاركًا لخازيكس ما يكفي فقط لبقائها
وكانت خازيكس شرسة الطبع، فدخلت مباشرة في سُبات وختمت نفسها حتى أيقظها تشين تيان
كان لدم تشين تيان جاذبية قاتلة لدى خازيكس، فوعاء واحد من الدم كان كافيًا لإيقاظها، ووقّعت طواعية معه عهد دم
ومنذ ذلك الحين حصل تشين تيان على أول وحش روحي له
ولأنها سرعوف، فقد ذكّرته ببطل توقيعه، فسمّاها خازيكس
طوال هذا الأسبوع واصل تشين تيان إطعام خازيكس بالدم الطازج، وسلالة الإمبراطور السماوي و«قلب وحش الدم» سَرَّعا نموّ خازيكس ومكّناها أيضًا من التهام جثة السرعوف الأرجواني الشيطاني
سرعان ما تعافت خازيكس من وهن الاستيقاظ وعادت إلى ذروة قوتها
وليس ذلك فحسب، بل تفاجأ تشين تيان أيضًا بأن خازيكس أخذت تُوقظ قدرات جديدة تدريجيًا بامتصاص القوة الكامنة في دمه
خطوة الظل، تمويه بصري، أجنحة سوداء، سم فعّال، هيجان