الفصل 111
الفصل 111: التوغّل في الوكر، دودة الدماغ
تلك الليلة أنهت لين شياويُه ترتيب المواد وقدّمت تقريرًا إلى رؤسائها
في التقرير وصفت لين شياويُه تشين تيان بأنه عميق التفكير وماكر وذكي بالمراوغة، وأكدت صعوبة التعامل معه وطلبت دعمًا من فرق أخرى
سرعان ما جاء ردّ القيادة العسكرية، فبعد توبيخ تشن غوفنغ على ضعف القيادة أرسلت ثلاث فرق تحقيق إضافية إلى بلدة الضباب
ما إن وصلت الفرق الثلاث حتى بدأت العمل فورًا، وكان أفرادها خبراء تعقّب يستخدمون قدرات ووسائل شتى لتحديد موقع تشين تيان
لكن تشين تيان نفسه صيّاد من الطراز الرفيع ويعرف جيدًا كيف يَخفي أثره
عملت الفرق طوال الصباح دون جدوى ولم تعثر على أي خيط، وعلموا أن البقاء أكثر لن يجلب إلا هدر الوقت
وعليه رفعت فرق التحقيق الموقف إلى رؤسائها
وحين رأت القيادة العسكرية أن الفرق الثلاث لم تُحرز اختراقًا قررت عدم إهدار مزيد من النخبة في بلدة الضباب، فسحبت الفرق الأربع بحزم وأصدرت مذكرة ملاحقة إلى الوحدات وشركات الطيران
في عقد النقل كالموانئ والمحطات طُلِب من جميع الوحدات إجراء تفتيشات صارمة، وإذا كُشفت تحركات تشين تيان وجب الإبلاغ فورًا
غادرت فرق التحقيق، فعادت بلدة الضباب ومعسكر 137 إلى وتيرتهما المعتادة
ومع غياب قائد الكتيبة ونائبه تولّى الأقوى تو تشانغ سونغ منصب القائم بأعمال قائد الكتيبة مؤقتًا، وتلقّت الحكومة ومركز الشرطة بلاغات فقدان من السكان، لكن بعد قبولها بدا أن الجميع تجاهل الأمر تلقائيًا
استمرّت البلدة تعمل بصورة طبيعية ولكنها أكثر تهالكًا من ذي قبل
بعد أسبوع، وتحت ضوء قمر خافت، جلس رجل متربّعًا على أريكة في غرفة خالية، فانفتحت عيناه المطبقتان بإحكام فجأة
وجدتك
نهض تشين تيان ولمع في عينيه بريق حاد
انفتح النافذة، وتشوه الضوء حول تشين تيان فجأة، ثم اختفت هيئته كأنها مُحيت من الهواء، وبعد دقائق كان قد وصل إلى سهل الضباب
نتوءات صغيرة انتفخت من الأرض تباعًا ثم خرجت من باطنها مجموعة كبيرة من الأفاعي الصفراء
كانت هذه أفاعي الرمال، نوعًا خاصًا حصل عليه تشين تيان من مربٍّ بعد التفاف طويل
وعلى خلاف الأفاعي ذات الدم البارد المعتادة التي تفضّل البيئات الرطبة تعيش أفاعي الرمال في الصحارى وتُجيد الحفر
بعد أن اشترى أفاعي الرمال أطلقها تتجوّل بحرّية في سهل الضباب، ثم استخدم موهبة سيد الأفاعي الروحي للتواصل معها ومشاركة منظورها
وللتوّ، وأثناء مشاركته منظور الأفاعي، اكتشف ممرًا مخفيًا، وكانت عليه آثار بناءٍ اصطناعي واضحة
ومن ثمّ رجّح أن هذا الممر يقود في الأغلب إلى وكر العقل المدبّر
بعد كل هذا التحضير حان وقت اللقاء
رمق تشين تيان الأرض أسفل قدميه ولمع في عينيه بريق شرس
لم يكن يومًا ممّن يتلقى الضرب دون أن يرد
ذلك اللعين جعل الجيش كله يطارده وجمّد بطاقته الشخصية وبطاقاته المصرفية، فصار كالفأر الملاحَق في الشوارع
ومع أنه يستطيع العيش بهوية أخرى عبر التحوّل الشكلي إلا أن هذا ليس ما يريده
قتل الفاعل وإيجاد الأدلة وتبرئة اسمه هو ما يجب فعله
تلانت التربة تحت قدميه وسرعان ما غاص تشين تيان تحت الأرض وغاب عن الأنظار
لضمان دعم المترجمين، اقرأ دومًا رواياتك من موقع مركز الروايات، مكتبة بلا إعلانات وأكبر منصة عربية للروايات.
كان الممرّ تحت الأرض معتمًا تمامًا، واتّسع الطريق بحيث يسع ثلاثة أشخاص جنبًا إلى جنب
سار تشين تيان عبر الممر، ومع تراكب مواهب شيطان الليل والصياد رفيع المستوى وتشويه الضوء صار كالشبح في الظلام بلا صوت ولا أثر
كان هواء الممرّ رطبًا يحمل رائحة ترابية خفيفة ونتنًا يصعب وصفه يشبه حموضة العفن
واصل تشين تيان التقدّم، وكان يركع بين حين وآخر ليضع برفق بضع كُرات فولاذية على الأرض
مرّ نصف ساعة، فسمع تشين تيان أخيرًا صوتًا غريبًا، فضيّق عينيه وتقدّم بحذر أشد
سرعان ما انكشفت أمامه مغارة ضخمة، سقفها على ارتفاع نحو عشرين مترًا عن الأرض، وفي المركز بركة كبيرة مملوءة بسائل أخضر، وتربض فيها مخلوقة عجيبة المظهر طولها 5 أمتار وارتفاعها نحو 3 أمتار، جسدها كتلة لحمية ضخمة بلا درع صلب على السطح، ورأسها الهائل يشكّل قرابة ثلث جسدها ومنه يمتد خرطومٌ إبري الشكل
أمام ذلك الكائن الغريب جلس شاب بملابس بيضاء متربّعًا فوق منصة حجرية، تتكدّس أمامه عظام، ومئات العناكب تزحف عند قدميه
هذا هو
حدّق تشين تيان بالكائن الغريب وقفز إلى ذهنه اسم مرعب، وانكمشت حدقتاه فجأة
دودة الدماغ
إنها فعلًا دودة الدماغ
ديدان الدماغ قادةٌ عاليّو الرتبة في عِرق الحشرات، تمتلك ذكاءً وطاقة نفسية مرتفعين للغاية، وتحتوي رؤوسها العملاقة على شبكة عصبية معقدة تمكّنها من توجيه جنود الحشرات لتنفيذ عملياتٍ عسكرية معقدة شتى
وفي الوقت نفسه يمكنها التغذي على أدمغة البشر لتحويل ذكائهم إلى قدراتها الخاصة وامتصاص ذكريات من تُسيطر عليهم وقدراتهم ولغاتهم وغيرها
ديدان الدماغ أعلى منزلةً من طفيليات الروح وآكلي الأرواح ضمن العِرق الحشري، وهي تفرز باستمرار مخاطًا في جوفها البطني لتوليد بيوض طفيلي الروح الجديدة
وبحسب موسوعة الحشرات يمكن لدودة دماغ ناضجة أن تتجاوز 300 متر، بما يعادل سفينةً حربية صغيرة، بينما التي أمامه لا تزال في طور اليفاعة
لكن سمات القائد بادية عليها بالفعل
هكذا إذًا، كل شيء بات منطقيًا
لمعت عينا تشين تيان، فالشاب ذو الثياب البيضاء على الأرجح مروّض وحوش، وقد حصل بطريقة ما على دودة دماغ يافعة ووقّع معها عقد روح
السائل الأخضر في البركة هو محلول تغذية لنموّ دودة الدماغ، لكنها في الوقت نفسه تحتاج إلى التهام أرواح البشر لتحصيل الذكريات وتقوية نفسها
وربما بسبب الطبيعة الخاصة لبلدة الضباب أقام الشاب بلباس أبيض وكره في سهل الضباب، وأطلق بيوض طفيلي الروح في النبع الروحي تحت الأرض، فحوّل الجميع إلى دمى لطفيليات الروح
ثم خلال موجات الضباب المتكررة كان يختطف السكان المحليين والسياح لتوفير الطعام لدودة الدماغ وللعناكب الأخرى
وبعد فترة من الزراعة الروحية نمت دودة الدماغ تدريجيًا وامتلكت طاقة نفسية قوية جدًا، قادرة على قيادة وحوش العِرق الحشري
وحتى التأثير على تشاو نُو من معسكر 137 ودفعه إلى الانتحار طوعًا
أنت حقًا تستحق الموت
بردت عينا تشين تيان، فديدان الدماغ عدوٌّ كبير للإمبراطورية البشرية، وكم من الأبطال ضحّوا بحياتهم الثمينة للقضاء عليها
ومع ذلك فهذا الرجل بملابسه البيضاء أمامه يُربّي دودة دماغ عمدًا، ويستخدم البشر طعامًا لتسريع نموّها
شخص كهذا لم يَعُد بشرًا بل وحشًا، وحشٌ يَزدري الحياة ولا يرى إلا مصلحته
أخرج تشين تيان بصمت سلاح القتل الخفي ووجّه فوهته نحو صدغ الشاب ذي الثياب البيضاء ووضع سبابته برفق على الزناد ليستعد للضغط، لكن الشاب استدار فجأة وابتسم ابتسامة خفيفة باتجاه تشين تيان
تختبئ كل هذا الوقت، أظننت حقًا أنني لن أعثر عليك
تشين تيان