الفصل 105
الفصل 105: الخوف من الذنب والفرار
تجمّع عدد من الجنود حول جثمان تشاو نُو، وعيناه مفتوحتان تحدّقان في السماء، تغمرهما مشاعر عدم الرضا، وقد تمزق قميص صدره كاشفًا بوضوح عن بصمة كف دامية ضخمة على صدره
مات نائب القائد تشاو بسبب صراع على السلطة، وقتله قائد الكتيبة تشين، فوقف الجنود مذهولين، يتردد في أذهانهم ذلك الصوت الحاد الغاضب
«تشين تيان، لا عداوة بيني وبينك، ومع ذلك تريد قتلي لتستولي على السلطة»
نعم، بعد وصول قائد الكتيبة تشين، ظل القائد تشاو يتولى شؤون الجيش صغيرها وكبيرها، كما أن مستخدمي الطاقة الروحية الثلاثة، يه تشونغيي، شي ليو تشنغ، وتو تشانغ سونغ، لم يكونوا مقتنعين تمامًا بقائد الكتيبة تشين
وبصفته القائد الأعلى، فلا بد أن قائد الكتيبة تشين كان شديد الاستياء، وفي نوبة غضب قتل القائد تشاو
إيذاء الرفاق جريمة عقوبتها الإعدام في الجيش
هل يمكن للسلطة حقًا أن تُفقد الناس عقولهم
ظهر شخص فجأة إلى جوار جثة تشاو نُو، وحين دقّق الجميع النظر وجدوا أنه القاتل، قائد الكتيبة تشين
في لحظة تراجع كل الجنود كأنهم يتجنبون وباء، وبدت في عيونهم نظرات معقّدة تجمع الغضب والحيرة والخوف
جثا تشين تيان ليتفحّص إصابات تشاو نُو
لم تكن ضربة تشاو نُو على صدره كافية لتكون سببًا مباشرًا للموت، ولحدوث الوفاة بهذه السرعة لا بد من سبب آخر
«توقفوا»
في تلك اللحظة جاء هدير غاضب من الجانب
أقبل يه تشونغيي وشي ليو تشنغ وتو تشانغ سونغ، ثلاثتهم من مستخدمي الطاقة الروحية، يركضون بغضب وعيونهم مثبتة على تشين تيان
«يا عديم القلب يا حقير»
حدّق تو تشانغ سونغ في تشين تيان كأنه خصم شرس، وقال بمرارة
«لقد عاملك القائد تشاو بإخلاص، وكان مستعدًا لتسليمك السلطة العسكرية، ولأنك غير ملم بشؤون الجيش تكفّل هو بالأعباء عنك»
«ثم الآن، من أجل استعادة السلطة، تجرؤ على قتل العجوز تشاو»
«لا بد أن القائد تشاو كان أعمى حتى وثق بك دائمًا»
نظر تشين تيان مباشرة إلى تو تشانغ سونغ، وكانت نظرته عميقة
تشاو نُو صار جثة هامدة، وأما تو تشانغ سونغ، الذي لم يفترق عنه يومًا، فهو موضع شبهات كبيرة وقد يكون بيدقًا بيد العقل المدبّر
بعد انتحار تشاو نُو صار تو تشانغ سونغ بلا شك المشتبه الأبرز، ومن المؤكد أن خبر موت تشاو سيُرفع فورًا إلى القيادة، وستصل فرقة التحقيق إلى بلدة الضباب في أقصر وقت
وحينها سيجري احتجازه بلا ريب
وبعد الاحتجاز سيصبح لعبة في أيدي الآخرين
كان تشين تيان على يقين أن مَن يقف خلف الأمر خطط طويلًا، فنقله أولًا إلى بلدة الضباب، ثم دفع تشاو نُو إلى الانتحار، ولن يتركه بسهولة، بل يريد الحصول منه على شيء ما
وبدا الآن أن الاحتمال الأكبر هو ذلك الكهرمان
«لا، لا أستطيع البقاء هنا»
فكّر تشين تيان أن بقاؤه سيكون بالضبط ما يريده تشاو نُو، والآن مع غياب يان تشينغ لا يستطيع تشانغ منغ، وهو مجرد نائب مدير، أن يحميه إطلاقًا
الهرب، لا بد أن يهرب، حتى لو صار مطلوبًا، فلا يمكنه الوقوع في الفخ
«تشاو نُو لم أقتله أنا، لقد انتحر، وسأشرح ذلك لمرؤوسيّ»
قال تشين تيان بهدوء ثم استدار متجهًا نحو المكتب
طَقّ
تحرك تو تشانغ سونغ خطوة جانبية ليعترض طريق تشين تيان، وقال من بين أسنانه المشدودة
«أتظن أن بإمكانك طمس الأمر لأن ظهرك قوي؟ دعني أخبرك: احلم بذلك»
«سأبلغ مرؤوسيّ وسأتأكد من أن تنال أقسى عقوبة يا من آذيت رفاقك، لن تذهب إلى أي مكان اليوم، ابقَ هنا بهدوء»
طَقّ، طَقّ، حرك يه تشونغيي وشي ليو تشنغ أقدامهما فورًا، وأحاط الثلاثة بتشين تيان
«بوجودنا هنا لا تفكر حتى في الهرب» قال يه تشونغيي بصوت عميق
تقدّم مستخدمو الطاقة الروحية الثلاثة في المقدمة، وفي لحظة ازداد عدد الجنود من حولهم، وشكّلوا جدرانًا بشرية وأطبقوا على تشين تيان في الوسط حتى لا يمر بينهم ماء
«حياة مقابل حياة»
رفع شي ليو تشنغ ذراعه وهتف
«حياة مقابل حياة»
«حياة مقابل حياة»
هتف الجنود بصوت واحد، وجاء توبيخهم الغاضب كموج بحر يتردد موجة بعد موجة جارفة نحو تشين تيان
ومع ذلك ظل قوام تشين تيان منتصبًا، ونظرته هادئة ثابتة، كأنه صخرة قديمة لا تُكسر، راسخة رغم اندفاع الأمواج
«حياة مقابل حياة»
حدّق تو تشانغ سونغ في تشين تيان، ثم حرّك قدميه وانقضّ سريعًا، وقد اشتعلت قبضتاه لهبًا كأنهما كرتا نار، لتنفجرا نحو وجه تشين تيان
«تشين تيان، مت لأجلي»
دوّى هديره العنيف في أرجاء المعسكر
اندفعت موجة الحرارة نحوه، فضيّق تشين تيان عينيه، ثم أطلق ركلة جانبية كالبرق، فأصابت صدر تو تشانغ سونغ مباشرة
انفجر وميض كهربائي تحت قدميه، ولم تكد قبضة تو تشانغ سونغ تبلغ منتصف الطريق حتى طار جسده عاليًا بزاوية ككرة قدم سددت بقوة، ثم ارتطم بقوة في الحشد
*بُخّ*
بصق تو تشانغ سونغ فمًا من الدم، وامتلأت عيناه بالدهشة والرعب
يا لها من قدمين سريعتين ويا لها من قوة مرعبة، أهو حقًا مجرد مستخدم طاقة روحية بالرتبة 2 وبنجمة واحدة
في لحظة خيّم الصمت فجأة على الساحة
لم يتوقع أحد أن يركل تشين تيان تو تشانغ سونغ، وهو الأقوى بين مستخدمي الطاقة الروحية الثلاثة، فيطيره ويجعله يتقيأ دمًا بركلة واحدة، فمن ذا الذي يقدر على إيقاف شخص بهذه القوة في المعسكر 137
استدار تشين تيان ونظر إلى يه تشونغيي وشي ليو تشنغ، وما إن وقعت نظرته عليهما حتى تيبّست أجسادهما في الحال وشعرا كأن قلبهما يُعتصر، وكادا يختنقان
سحب تشين تيان نظرته، ولم ينوِ مهاجمتهما
ثم ألقى نظرة حوله، وداس الأرض دَسّة خفيفة، فانطلق كطائر خفيف، وقفز فوق طبقات الجدران البشرية واختفى عن أنظار الجميع
أهرب قائد الكتيبة تشين
وقف الجنود مبهوتين، ثم أدركوا مشكلة
قائد الكتيبة تشين هرب، أليس ذلك فرارًا خوفًا من الذنب؟ لا شك أنه قتل نائب القائد تشاو، إنه القاتل
اندفع شي ليو تشنغ إلى مكتب الشؤون العامة واتصل برؤسائه عبر الخط المخصص، وبلّغهم بما حدث في المعسكر 137
وبعد سماع الرواية اضطربت الجهة العليا، فقائد كتيبة المعسكر 137 قتل نائبه تشاو نُو بوحشية بسبب صراع على السلطة، ثم فرّ خوفًا من الذنب، فاستشاط القادة غضبًا وأرسلوا فورًا فريق تحقيق إلى بلدة الضباب للتحقيق في الحقيقة والقبض على تشين تيان
بعد نصف ساعة وصل فريق التحقيق إلى المعسكر 137
كان في فريق التحقيق ثلاثة أشخاص، رجلان وامرأة
كان القائد رجلاً في منتصف العمر ذو وجه مربع، عيناه عميقتان حادتان كأنهما تنفذان إلى كل شيء، وعلى صدغيه مسحة شيب، وتنبعث منه هالة من السلطة
أما الرجل الآخر فأسمر البشرة ضخم البنية، كقمة جبل شامخة، يبث شعورًا بقوة لا تُقهر
وآخرهم امرأة تبدو في السابعة والعشرين أو الثامنة والعشرين، بشعر قصير أنيق ونظيف، وكان زيّها العسكري المفصّل يبرز قوامها تمامًا، وعلى شارات كتفها ما يدل على رتبتها كمقدم
«القائد تشين، أنا تو تشانغ سونغ من قوات النخبة في المعسكر 137»
تقدّم تو تشانغ سونغ نحو الثلاثة، وأدى التحية، ثم قال بعينين محمرّتين
«أرجوكم أيها القادة، أنصفوا قائدنا تشاو وعاقبوا القاتل تشين تيان بشدة»
كان وجه تشين غوفنغ جادًا، فردّ التحية وقال بصوت عميق
«اطمئنوا، فالإمبراطورية ستقتل حتمًا من يؤذي رفاقه»