الفصل 28
الفصل 28: لن ترف صورتك الرمزية الرمادية بعد الآن
كانت الرتبة العميقة المتقدمة ثمينة للغاية
ناهيك عن المستوى العالي منها
وحتى داخل الباب الداخلي لطائفة تاي شوان فليس كل أحد مؤهلًا لتعلّمها
فهي تقع في طوابق أعلى من جناح الفنون القتالية الخفي، وتستلزم مقدارًا كبيرًا من نقاط الإسهام لاستبدالها
أما في أماكن مثل مدينة كلاودووتر فليس لها وجود أصلًا
وأعلى تقنيات القتال هناك لا تتجاوز الرتبة العميقة الابتدائية
وتُعد إرثًا نفيسًا لدى نقابة التجارة الكبرى
وهذا يدل على ندرتها
وفوق ذلك، ابتداءً من الرتبة العميقة تصبح صعوبة ممارسة تقنيات القتال عالية للغاية
حتى كأنك تتسلق طبقة بعد طبقة من المراتب
ومن دون موهبة ممتازة وموارد وفهم، فحتى إن حصلتَ عليها فلن تقدر على ممارستها
أما رتبة الأرض، الأعلى من الرتبة العميقة المتقدمة، فهي شبه معدومة الذكر
ولا يتاح الاحتكاك بها إلا لمن هم في قلب الطائفة
بهذه التقنية القتالية، ومع بلوغها حالة الكمال، فلن أكاد أجد خصمًا ضمن مرحلة وصل المنافذ، وإن كان مجالي لا يزال في المستوى الرابع من مرحلة وصل المنافذ
ارتسم تقوّس خفيف على شفتي منغ تشانغتشينغ
فمجرد امتلاك تقنية من الرتبة العميقة المتقدمة بحالة كمال يكفي لتجاوز الجميع
فضلًا عن أنه لا يزال لديه قوة «خطوات السيف» و«طاقة السيف» وغيرها من التعزيزات
يكفي التخيل ليبدو الأمر قويًا إلى حد مبالغ فيه قليلًا
«فن سيف قمر الشتاء البارد، ومعناه القمر البارد في الشتاء، أسلوب سيفه رصين قاتل، يجمّد الأرجاء ويثلج أميالًا»
«حقًا كلما علت رتبة التقنية علت طموحاتها»
واصل منغ تشانغتشينغ تمرين أسلوب السيف في ذهنه
وكلما تمرّن ازداد إحساسه بهيبَة هذا الفن
ذلك أن حركات السيف بديعة للغاية
فكل ضربة سيف يمكن أن تنطلق من زاوية لا تخطر على بال
وفوق هذا، حين يقترن الأمر بفن القلب لديه، يمكنه تحويل الدم والطاقة الحارّين في جسده إلى طاقة باردة
فيؤثر في البيئة حوله، وكلما ازدادت قوته اتسع المدى
بل قد يجمّد الناس مباشرة إلى تماثيل جليدية ويطفئ الحيوية
وهذا فقط عند تسييره بالدم والطاقة، فإذا بلغ مرحلة شق البحر وتوالد في بحر طاقته الـ«تشي» الحقيقي، فستغدو القوة مرعبة بحق
فكل ضربة قد تطلق هالاتٍ ضخمةً من سيف القمر البارد
تجتاح ساحة القتال
وبينما كان يتأمل بدأ آخرُ سِماتِه يندمج أيضًا
فن سري: فن ختم الشيطان بكف اللوتس
وليس هذا تقنية قتال، بل تقنية سرية خاصة لكشف الفنون الشيطانية وقمع الطاقة الشيطانية
وتُعد تقنية صغيرة، لكنها مجدية حين تتعامل مع ممارسي الفنون الشيطانية
وهكذا اكتمل أخيرًا اندماج السمات الأربع جميعًا
وعندها أسند منغ تشانغتشينغ ظهره واتكأ على السرير
ومع أن مجاله لم يزدد أدنى زيادة، فإن قوته الإجمالية قد ارتفعت كثيرًا
آه، تذكرت أمرًا آخر، قال منغ تشانغتشينغ، وكأنه تنبّه لشيء، ثم فتح لائحة الأصدقاء
وبالأحرى حساب «هيفنلي برونز هاند»
فخلافًا للآخرين كانت صورة «هيفنلي برونز هاند» الرمزية رمادية
وهذا ذكّر منغ تشانغتشينغ بقولٍ مأثور
لن ترف صورتك الرمزية الرمادية بعد الآن
تلميح: حين يموت صديق تصبح صورته الرمزية رمادية، ما يدل على أنه خارج الاتصال
تكلم النظام فجأة
كما توقعت، قال منغ تشانغتشينغ وهزّ رأسه
في هذه الحال لا يسعني إلا أن أزيلك من لائحة أصدقائي
نقر، تحديد، ثم حذف
كانت العملية شبيهة بما كان عليه الأمر في حياته السابقة
وفي ذلك شيء من الألفة والغَمْر الحسي
وبعد أن أنهى كل شيء أغلق منغ تشانغتشينغ الواجهة وأغمض عينيه ليستريح رسميًا
فقد كان هذا الفصل من العجلة في الطريق مرهِقًا جدًا
في اليوم التالي
حين شقّت شمس الصباح خيوطها، امتلأ الأفق بسُحُب مورِدة
ونام منغ تشانغتشينغ بتكاسل نادر، فلم ينهض من سريره إلا قرابة الظهر
ولم يُزعجه أحد في تلك الفترة، حتى قو هونغيو
ودفع الباب
فانهمر ضوء الشمس الدافئ فجأة إلى الداخل
ووقف منغ تشانغتشينغ عاري الصدر في أشعة الشمس
ومدّ جسده، فإذا بطقطقة عظام تتردد من داخله
وإن أصغيت وجدت فيها نفَسَ زئير نمر وفهد
ولا يكون مثل هذا إلا لجسد قوي
همم، رفع منغ تشانغتشينغ حاجبه فجأة
إذ لاحظ شخصًا يقف غير بعيد عن الباب
كانت إحدى أفراد عشيرة منغ
وفي تلك اللحظة كانت تحدّق به مذهولة
ولمّا أحسّت بنظره أفاقت فجأة
سيدي الشاب، لقد استيقظت
انحنت عضوة العشيرة على عجل واحمرّ خداها قليلًا
يا للعجب
أهذا جسد السيد الشاب
إنه قوي جدًا
بل إنك تشعر بحرارة دمه وطاقة جسده حتى وأنت على هذه المسافة القليلة
كأنه لهب مشتعل
مفعم بالهيبة
همم، أومأ منغ تشانغتشينغ ثم تناول الثياب القريبة وارتداها
وما إن غُطِّي جسده القوي حتى عاد إلى حالته المعتادة
هادئًا رصينًا، ساكنًا وديعًا، مشرق الشباب
فتيّ نبيل على أكمل صورة
فركت عضوة العشيرة عينيها
كان تبدّل الأسلوب لافتًا
لكن سواء أكان السيّد الشاب قبل قليل أم الآن، فقد راق لها كلاهما
هل ثمة أمر تريدينه، قال منغ تشانغتشينغ بصوت لطيف وهو يقترب
طلبت مني الرئيسة أن أنتظر هنا، وقالت إنه حين تستيقظ عليك الذهاب إلى قاعة العشيرة للبحث عنها، ردّت عضوة العشيرة على عجل
حسنًا، فهمت، يمكنك الانصراف الآن، وشكرًا لك على التعب
نعم، قالت عضوة العشيرة ومضت باحترام
وبعد رحيلها رتّب منغ تشانغتشينغ نفسه قليلًا ثم اتجه نحو قاعة العشيرة
فالعمة امرأة شديدة الذكاء
ولا شك أنها قد عرفت غاية عودته إلى العشيرة