الفصل 247
الفصل 247: هذا العصر سيؤول إليه
ساد الصمت العالم
لم يبقَ إلا عواء الريح
لم ينطق أحد ممن حضروا، وكلٌّ رفع بصره وعيناه مملوءتان بعدم التصديق
قصد ثالث… كامل الإتقان
كيف يمكن ذلك
كان هان يوانتشن أول من استفاق، وقد امتلأ وجهه بالذهول
ظنّ أنه حين قال منغ تشانغتشينغ إنه لم يبذل قصارى جهده بعد، فإن المقصود تقنية سرية أو ورقة مخفية
ومن كان يظن أنه قصد كامل الإتقان آخر
يا للعجب، أأنا أشهد بعينيّ ولادة عظيم قتالي من جديد
لقد كان يخفي قصدًا كامل الإتقان طوال هذا الوقت
بدأ الجمع يستعيد هدوءه تدريجيًا، وتتابعت أنفاس الدهشة
الصعقة مرتسمة على كل الوجوه، لا يستطيعون كبتها
حتى فروات رؤوسهم اقشعرّت
إن ذُروة الحاضرين، من يُسمَّون بالأبطال، لا يملك كل واحد منهم إلا قصدًا واحدًا كامل الإتقان
أما هذا المنغ تشانغتشينغ فله ثلاثة
فوق حدود الفهم، والكلمات تعجز عن وصف فرادته
«إنه نابغة لا نظير له» تراجع دونغمن شيانغتشونغ بضع خطوات، واصفرّ وجهه من الذهول
حتى بعد أن حسب كل العوامل لتقدير قوة منغ تشانغتشينغ، فقد بالغ في التقليل من شأنه كثيرًا
في مثل هذا العمر، ثلاثة مقاصد كاملة الإتقان، أمر غير مسبوق في التاريخ
لم يقرأ عن شخصية كهذه في مجلدات السجلات القديمة جميعها
«أختي، قلت لكِ من قبل، أيُّ رجل من جهتنا يمكن أن يقارنه»
«فرصتنا الوحيدة لهزيمته هي تثبيته داخل تقنية التأمل البهيج» جاء صوت يويه يوتشان ممزوجًا بالحماس وعدم التصديق
لكن يويه تشينغتشان لزمت الصمت
حدّقت في بهاء المقاصد الثلاثة المهيبة الكاسحة
وغمرها إحساس جارف بالعجز
كأنها للمرة الأولى في حياتها ترفع رأسها إلى السماء، بعيدة المنال، موغلة في البعد
«أعطوه وقتًا… وسيؤول هذا العصر إليه» خطَر هذا الخاطر في قلوب كل من حضروا، من دون تردد
يا للعجب قال هوي كونغ ذو الشعر الأحمر وقد استعاد توازنه، وعيناه الهادئتان دائمًا تموجان بالعاطفة
«من كان يظن أنه في هذا العصر قد يبرز محسن مثل القائد منغ، نابغة لا نظير له
«ومع أننا لا نستطيع الغلبة، فلا بد أن أقدّم هذه الضربة الأخيرة
«آمل أن تُسهم في إتمام إرادته التي لا تلين»
وصلوا إلى نقطة لا أمل فيها بالنصر
ما كان محتومًا لن يتبدل
فالأجدر مسايرته وترك انطباع حسن
وبالنظر إلى القوة التي أظهرها منغ تشانغتشينغ وإمكاناته التي لا حد لها، فمؤكد أنه حتى في المقاطعة الوسطى سيصنع يومًا سمعة لا تُجارى
«حُسن صنيع منكما» ارتسم قوس لطيف على شفتي منغ تشانغتشينغ
دويّ
ذاب قصد كفّ هوي كونغ كهدير ماء، وامتزج بقصد سيف منغ تشانغتشينغ
وفي لحظة، ازداد ذلك القصد الشاهق فورانًا
هالته المرعبة ظلّلت العالم
«السيف الرابع والعشرون» وبضربة واحدة بدا كأن السماء والأرض فقدتا لونهما
أحرق «توأما الصحراء الغربية» ما تبقّى من قوتهما، وأطلقا تعويذة الماس
وتجلّت في راحتَيْهما مملكة بوذية تتردّد فيها ترانيم مكرمة لا تُحصى
تغمرها أنوار بوذية ساطعة ذات بأس مهول
لكنها أمام سيف منغ تشانغتشينغ بهتت
فكادت تتلاشى في اللحظة التي اصطدمت فيها، ثم تفتّتت شِظايا
تقيّأ التوأمان الدم فيما تهاوت هيئتهما الذهبية، وعادا إلى صورتين منفصلتين وهبطت هالتهما إلى ما يقارب العدم
وعلى النقيض، ازداد فيض منغ تشانغتشينغ قوة
ومع ذلك لم يكتمل تصلُّبه بعد
بقيت شظية صغيرة، لكنها حاسمة
وتحتاج إلى خصم أقوى من أيّ حاضر، شخصية لا يُجارى بأسها، كي تُتمّها
«للأسف» تمتم منغ تشانغتشينغ، وعيناه الحادتان تومضان بأسى خفيف
حقًّا، صوغ إرادة لا تلين أصعب مما ظن
حتى بعد أن هزم هذا العدد من الأبطال ونوابغ الأقاليم الأربعة، لم يكفِ ذلك
لكن إذا أمعن التفكير وجد الأمر منطقيًا
لو كان يسيرًا لامتلأ العالم بهم
«لقد فاز العم المعلّم» من معسكر الإقليم الجنوبي هتفت مو شياوي بدفق من الحماس، وملامحها الطفولية تفيض إعجابًا
بعد هذه المعركة بلغ توقيرها لمنغ تشانغتشينغ ذروة لا تُضاهى
«ثلاثة مقاصد كاملة الإتقان، من من أبناء سنّه في الدنيا يملك مثل هذه القوة، يا لها من قوة» هتف الشقيقان شي ومن معهم بدهشة
كانت معركة اليوم فعلًا قطار أفعوانة من المنعطفات
وأغوار قدرات منغ تشانغتشينغ أذهلتهم حتى أعماقهم
«أهذا هو السيد الشاب القادم لطائفتنا تاي شوان» تبادل لين تشينغمينغ وغيرهم من الخبراء المختفين النظرات وقد امتلأت قلوبهم بالشوق
ومع سيد شاب كهذا يقودهم، كيف لا يزدهر مستقبلهم
«منغ تشانغتشينغ…» حتى نظرة يويه هونغشويه لانت وامتلأت إعجابًا
فوارثة جناح الزجاج التساعي الألوان، أقوى قوة في الإقليم الجنوبي، لم تعترف يومًا بندٍّ من جيلها
حتى بعد خسارتها معركة النوابغ، ظلّت تفكر في استرداد كرامتها مستقبلًا
لكن اليوم اعترفت بالهزيمة من أعماقها
وأمام تلك القامة التي لا تُقهر، اجتاحها حنين جامح إلى اتباعه
«لقد فزت» مسح هوي كونغ ذو الشعر الأحمر الدم عن شفتيه ونهض ببطء
وضمّ كفّيه وانحنى رأسه قليلًا
وتردّد الآخرون — هان يوانتشن، دونغمن شيانغتشونغ، يويه تشينغتشان — لكنهم في النهاية فعلوا الشيء نفسه
كان مشهدًا مدهشًا
فالأبطال، ولا سيما النوابغ الأرفع، اعتزازهم بأنفسهم لا يُجارى
وحملهم على الإذعان أشبه بالمستحيل
لكن منغ تشانغتشينغ فعلها اليوم
بوحده حطّم نوابغ ثلاثة أقاليم وجعلهم يسلّمون بتفوقه تسليمًا
«هل شهدتُ التاريخ لتوّي» راقب البعيدون، وعلى وجوههم صدمة كبيرة
«لم يُهزم ثلاثة أبطال فحسب، بل حملهم على الخضوع…»
«تلك ثلاثة مقاصد كاملة الإتقان، من ذا يبقى غير مقتنع»
قال أحدهم: «توأما الصحراء الغربية قويان، لكنهما في المحصلة شخصان وقصد واحد لكل منهما، أما بطل الإقليم الجنوبي هذا فله ثلاثة»
«لا نظير له في هذا العصر»
«أتُرى هل يستطيع كبار تلاميذ الأرض المكرمة أن ينافسوه»
وعندها غرق الجميع في الظنون
فالأرض المكرمة، ولا سيما أرض تشنغيي المكرمة، هي ذروة عالم الزراعة القتالية
وأكابر تلاميذها لا شك أن بأسهم لا يُجارى
لكن الآن، لا أحد يملك الجزم
«انتهى الأمر أخيرًا، لو علمتُ بوجود وحش كهذا لما جئت أصلًا» قال دونغمن شيانغتشونغ متنهدًا وهو يجلس متربعًا في الجو
حُسمت مسألة ملكية ثمرة روح الأمنية
وانتهت حملة البحر المتوحش
ولا خصومة بين الحاضرين الآن، فكان من الطبيعي أن يهدأوا
وما إن سمع الآخرون ذلك حتى خفّفوا حذرهم
وأخرجوا حبوب العلاج ليسكنوا جراحهم، وبدأ التوتر ينجلي
«كنت أظن أن هان يوانتشن أكبر تهديد، ومن كان يظن أنه سيكون الأضعف» أضاف دونغمن شيانغتشونغ
«أحسن ألفاظك يا دونغمن شيانغتشونغ» انفجر غضب هان يوانتشن
حقًّا إنه سكب الملح على الجرح
ولو لم يمنع البحر المتوحش الخروج الطوعي لخرج منذ زمن، فمن يحتمل البقاء هنا وكرامته محطمة
لكن دونغمن شيانغتشونغ بدا وكأنه يتعمّد الإيلام
«عليك أن تشكر حظك، على الأقل أثنى بطل الإقليم الجنوبي على تقنيتك في السيف» قال دونغمن شيانغتشونغ بابتسامة ماكرة
بمعنى أن لا شيء لديك سوى براعة سيفك
«حين نخرج من هنا فلنحسمها على المنصّة» ردّ هان يوانتشن، وقد ثبت نظره على دونغمن شيانغتشونغ
«بالطبع» أجاب دون تردد
ومن الواضح أن بينهما ضغينة سابقة
ولولا ظهور منغ تشانغتشينغ الذي حوّل انتباههم لكانا اشتبكا منذ زمن
ضحك منغ تشانغتشينغ بخفة وهو يراقب المشهد
ومع انحسار التوتر، بدأ يفكر هل يستطيع استمالة هؤلاء إلى صفّه
فهم أبطال أقاليمهم، ولكلٍّ منهم إمكانات لافتة
لكن في تلك اللحظة اهتزت الأرض بعنف
وارتفعت أمواج البحر إلى قمم شاهقة
وبعيدًا هناك شقّت أعمدة من النور عنان السماء
Comments for chapter "الفصل 247"
YOU MAY ALSO LIKE
