الفصل 22
الفصل 22: أم… هل تود أن تكون صديقي
أما التابعان الآخران فلم يكن فيهما ما يلفت النظر
“حادّ اللسان ومحاط من كل جهة، وما زلتَ غافلًا عن هلاكك الوشيك”
بردت ملامح وجه «يد البرونز السماوية» قليلًا
وفي الوقت نفسه هبط قلبه
هو في الحقيقة كان يراقب هذا التلميذ من طائفة تاي شُوان طوال الوقت، ومنطقيًا حين يظهر هو، ينبغي لذلك الشخص أن يُبدي على الأقل قدرًا من التحفّظ والحذر
ففي النهاية كانت زراعته أعلى بثلاث طبقات من زراعة ذلك الشخص
لكن لم يحدث شيء من ذلك
لا شيء إطلاقًا
هادئ كما كان دائمًا، بل إن بريقًا خافتًا بدأ يلوح في عينيه تدريجيًا
وهو يعرف هذا النوع من النظرات جيدًا
إنها نظرة صيّاد
وهكذا صار كل شيء قابلًا للتفسير
فهذا الشخص لم يأتِ باحثًا عن الموت، بل كان واثقًا من قدرته على التعامل معه
وليس قطعًا تلميذًا عاديًا من التلامذة الداخليين لطائفة تاي شُوان
“حتى لو كان القطيع كبيرًا فهو يظل قطيعًا من الخراف، أتظن حقًا أن هذه الخراف قادرة على وقفي” قال منغ تشانغتشينغ بهدوء
أدار سيفه بيمينه، وانبعث طنين خافت من حافة النصل
وما إن انتهت الكلمات
حتى احمرّت وجوه اللصوص المحيطين غضبًا
هم الذين طالما كانوا ذئابًا إذا بشخص يصفهم بالخراف
لقد كان ذلك إهانة كبيرة حقًا
“همف، سواء كانوا خرافًا أم ذئابًا فليس لك أن تقرر ذلك
“إن كنت ترغب في مبارزة معي واحدًا لواحد
“فتعامل معهم أولًا”
بردت عينا «يد البرونز السماوية»
لم يُرِد أن ينخرط في قتال مباشر مع منغ تشانغتشينغ على الفور
فإن مات كل أتباعه فلن يعود لهم وجود
وعلى الأقل يمكنه أن يستهلك بعض قوة هذا الشخص
وفي الوقت نفسه يراقب أساليبه ويعثر على ثغراته
ففي مواجهة تلامذة الداخل لطائفة تاي شُوان لا مجال للتهاون، حتى وإن كان مجاله في الزراعة أعلى منهم
“اهجموا” أمر «يد البرونز السماوية» مباشرة
فتحرك التابعان الآخران على الفور
وصرخ اللصوص المحيطون واندفعوا نحو منغ تشانغتشينغ
وفي لحظة علا الغبار
غير أن منغ تشانغتشينغ وقف وسيفه أُفقي، تمرّ أنامل يده اليسرى ببطء على حدّه
وفي اللحظة التالية…
دويّ
صفرَت الريح، وانفجر الرعد
وبدت ومضات كهرباء تتلألأ
وامتلأ الجو بهالة من طاقة السيف
وطار الأتباع واللصوص المندفعون أسرع مما اندفعوا، يتقيّأون الدم، وحياتهم على شفا حفرة
وكل ذلك حدث في طرفة عين فحسب
انقبضت حدقتا «يد البرونز السماوية» فجأة
لم يكن يتوقع حدوث شيء كهذا
ودعك من اللصوص العاديين، فعلى الأقل كان ينبغي للتابعين أن يصمدا قليلًا، أليس كذلك
ومن ذا الذي كان يظن أن سحقهما سيكون بهذه السهولة
“إنه فن سيف الريح والرعد لطائفة تاي شُوان، وقد بَلغ التمام”
ولما عاد إلى رشده اسودّ وجه «يد البرونز السماوية»
فلا يملك مثل هذه القوة المرعبة إلا من بلغ ذلك الحد من الإتقان
مهلًا، أين ذلك التلميذ
تغيّرت ملامح «يد البرونز السماوية» قليلًا فجأة، لأنه وجد أن القامة التي في مجال بصره قد اختفت
“الآن صرنا واحدًا لواحد، أليس كذلك”
انبعث صوت من عند أذنه، بدا هادئًا، لكنه جعل فروة «يد البرونز السماوية» تقشعر، كأنه هبط في قبو جليدي
أي سرعة هذه
كيف ظهر أمامه في لمح البصر هكذا
“ابتعد”
بدافع الغريزة وجّه «يد البرونز السماوية» لكمة إلى اليمين
كانت قبضته كأنها مصبوبة من برونز مُذاب، تنفث هالة من الصلابة التي لا تُقهر
لكن أمامه لم يكن سوى انفجار برق مبهِر
وفي الوقت نفسه انبعث زخم حاد على نحو لا يُصدَّق
مثل سيف عظيم يُستلّ، يكشف عن حدّته، وكأنه قادر على شقّ العالم السماوي والأرض
وجعل جسده كله يحس بألمٍ لاسع
واختلّت طاقة الدم في جسده من غير إرادة منه
وكان الأكثر رعبًا أنه تحت تضخيم هذا الزخم صار البرق أشرس وأشد افتراسًا
كوحش رعدٍ قديمٍ يزأر
دوّي
في لحظة الالتحام
جحظت عينا «يد البرونز السماوية»، وتقيّأ دمًا قِرمزيًا من فمه
لم تصدر عنه أي مقاومة أصلًا، وطار جسده كله إلى الخلف كأنه قذيفة مدفع
واقتحم عدة بيوت خشبية
ثم انغرس جسده بالكامل في شجرة ضخمة قديمة
فتناثر الورق وتهادى في الهواء
“أتراه لم يمت بعد”
رَمى منغ تشانغتشينغ السيف المكسور من يده وأسرع نحو موضع الشجرة القديمة
ففي النهاية «يد البرونز السماوية» ليس ضعيفًا
فمجاله عالٍ ومهاراته القتالية لا بأس بها، ومن دون استخدام تقنيات السيف سيستغرق طرحه أرضًا بعض الوقت
أما هو ففي القتال لطالما فضّل المعارك الخاطفة الحاسمة
حتى حين يصطاد الأسد أرنبًا يبذل كامل قوته، وهو لا يُحب أن يُمسك نفسه
لكنه كان واعيًا لقوة تقنية السيف، لذلك لم يُطلقها إطلاقًا كاملًا، وبقوة «يد البرونز السماوية» لا ينبغي أن يموت في الحال
ولما بلغ أمام الشجرة القديمة
كان «يد البرونز السماوية» فعلًا غير ميت، لكنه كان في حال حرجة وعلى شفا الموت
ومظهره بالغ البؤس
مغطّى بنُدوب السيوف، والدم يسيل بلا انقطاع
وكابد ليرفع رأسه
وناظرًا إلى منغ تشانغتشينغ امتلأت عيناه بعدم التصديق
“لقد أدركتَ فعلًا… طاقة السيف”
كانت «طاقة السيف» جوهر فنون القتال، وجودًا بالغ الغموض
ويتطلب إدراكها غمرًا طويلًا في الفنون ومستوى رفيعًا جدًا من الفهم
وإذا ما أُدركت
صارت شبه لا تُقهَر في المستوى نفسه، وقادرة على تجاوز الحدود بيسر
ولم يكن يتوقع أن يلقى يومًا شخصًا كهذا
ثم إنه يقف في الجهة المقابلة
وإذ فكّر في ذلك شعر «يد البرونز السماوية» ببعض عدم الرضا
فلو كان تلميذًا داخليًا عاديًا لما كان دون هذا القدر بكثير
لكنها… طاقة السيف
غلبة ساحقة بلا جدال
“أهذا إذن هو أساس القوة العظمى لدى طائفة كبرى؟ حتى بين التلامذة الداخليين قد يظهر أمثال هؤلاء الأشِدّاء”
حدّق «يد البرونز السماوية» في وجه منغ تشانغتشينغ ملء عينيه، كأنه يريد أن يحفظ ملامحه إلى الأبد
“أنت تموت” قال منغ تشانغتشينغ وهو يفحصه بعناية
فعلى الرغم من أنه كبح نفسه فإن مزج «خطوات السيف» و«فن سيف الريح والرعد» مع «طاقة السيف» كان قويًا للغاية
لقد انقطعت كل المسارات في جسد «يد البرونز السماوية»
وهو الآن يعتمد فقط على زراعته القوية وبنيته الجسدية ليصمد
وما إن سمع ذلك حتى لم يملك «يد البرونز السماوية» إلا أن يأخذ نفسًا عميقًا
وهل ثمة حاجة إلى قول ذلك
أليس كل ما حدث بسببك أنت
“ما دمتَ كذلك، فقبل أن تموت هل تمنحني طلبًا صغيرًا”
قال منغ تشانغتشينغ بجدية شديدة
وكان نظره صادقًا
ذهل «يد البرونز السماوية» فجأة واستغرب
فهو على وشك أن يموت
فما الجدوى إذن
“ما الطلب” تكلّم «يد البرونز السماوية»
ولعله بسبب الجرح تفجّر الدم من فمه، وضعُف نَفَسه أكثر
“ذاك أم… هل تود أن تكون صديقي”