الفصل 12
الفصل 12: صدمة!
لم يكن الممر طويلًا، لا يتجاوز ثلاثمئة متر، والجدران على الجانبين شامخة حادة شديدة الانحدار، وأحيانًا تتساقط منها صخور، وإذا نظرت إلى الأمام وجدت الأرض حالكة السواد، وتماثيل بشرية الهيئة تقف منتصبة وتفوح منها هالة باردة
هوو
حين استشعرت قدوم أحدهم رفعت كل الدمى رؤوسها، وعيونها التي كانت خافتة أشرقت كالجواهر، وأطلقت هالة شرسة، وربما يخطر الارتداد في بال من كانت إرادته ضعيفة أمام تلك النظرات
“دعوني أرى مدى رعب وادي الدمى المشهور بأنه مكان خطر لدى القسم الخارجي” ارتسم تقوس خفيف على شفتي مينغ تشانغتشينغ وتقدّم ماشيًا
زئير
دوّى صوت غريب واندفعت مئات الدمى تحمل أسلحة مختلفة نحو مينغ تشانغتشينغ
“إلى متى سيصمد، إنّه لا يصغي حتى لنصيحة الشيخ، ما أجهله”
“أويظن حقًا أنه قوي”
يبدو أن الجميع قد تخيّلوا بالفعل مشهد إصابة مينغ تشانغتشينغ بجروح بالغة وطرحه خارجًا
غير أنّه في اللحظة التالية
“فن سيف الظلال التسعة”
انبعث صوت هادئ، وعلى الفور اندفعت ظلال سيوف كثيفة تقطع في كل الاتجاهات، فاهتزت الدمى المحيطة كلها وتطاير بعضها، وبانت على صدورها أخاديد عميقة من ضربات السيف، وترنّحت الدمى وقد أُصيب لبّها بوضوح، وتذبذبت أنظارها بين خفوت وتوهج قبل أن تخبو تمامًا وتسقط أرضًا
“ما هذا” شهق الحشد وارتسمت على وجوههم علامات عدم التصديق، وتجمّدت ابتسامات السخرية على محيّا بعضهم، فقد فاق هذا المشهد توقّعاتهم كثيرًا، واختلف كليًا عمّا تصوّروه
“سيف بظلال تسع، هذا مستوى الإتقان التام لفن سيف الظلال التسعة”
تبدّل تعبير الشيخ أيضًا وقال: “لا عجب أنه تجرأ على تحدي وادي الدمى فور اختراقه، ولا عجب أنه في مواجهة هذا العدد من الدمى لم يختر المراوغة مثل الآخرين”
في الحقيقة يُعد فن سيف الظلال التسعة تقنية سيف شاملة إلى حدّ ما، فالظلال التسع وسيلة هجوم جماعي، بينما كانت الضربات الفعلية للسيف هي الأقوى
ولكونه شاملًا للغاية جاءت صعوبة صقله عالية جدًا، ويتطلب استيعابًا مرتفعًا، وعلى اتساع القسم الخارجي قلّ من يستطيع إتقانه
“لم أتوقع وجود نابغة كهذا في القسم الخارجي”
تحمّس الشيخ فجأة وتألّقت عيناه، وقد صنّف في نفسه مينغ تشانغتشينغ على أنه نابغة أُهمل شأنه في الطائفة
هدير
واصلت جموع الدمى الاندفاع، لكن مصيرها لم يتغيّر، إذ كانت تتطاير وتتحطّم، بينما انغمس مينغ تشانغتشينغ تمامًا في القتال، ومع هذا العدد الكبير من الدمى من حوله ونوايا القتل تملأ المكان لا يمكن القول إنه بلا ضغط، لكنها كانت أيضًا فرصة جيدة لتهذيب إرادته الروحية
فالزراعة القتالية ليست مرحلة قوّة فحسب، بل إن الذهنية وقوة الإرادة مهمتان جدًا، فالأخيرة كالدفّة تتحكّم بقوة الجسد كله وتمنعها من الفوضى، وكلما اشتدت الإرادة الذهنية أمكن للمرء أن يكشف أسرارًا روحية أعظم مستقبلًا
“إنه قوي للغاية” لم يملك الحشد إلا أن يطلقوا دهشتهم، فهذه مئات من الدمى، ومع ذلك لا يظهر على مينغ تشانغتشينغ أي ارتباك، بل بدا مسترخيًا كأنه يتنزه في حديقة، ولم تكَد أي دمية تقترب منه، إذ كانت تُقْطع مباشرة وتُطرَح جانبًا
كان هذا المشهد لا يُصدّق حقًا، اجتياح أفقي لوادي الدمى، هل يمكن لتلاميذ القسم الخارجي أن يفعلوا ذلك
غير قابل للتصوّر تمامًا
غرغرة
حتى تشاو تشن والآخرون لم يملكوا إلا أن يبلعوا ريقهم، فحين واجهوا هذا الكم من الدمى كانوا يفرّون يمينًا ويسارًا ولا يجرؤون على المواجهة المباشرة، أمّا هذا الرجل
“الأخ الكبير مينغ” كانت عينا باي سو شي تتلألآن بشدة
دوي
طارت دمية في الهواء وارتطمت بالأرض بقوة
ومرّ جسد نحيل بمحاذاتها
إنه مينغ تشانغتشينغ
كان قد بلغ نهاية الممر
وخلفه دمى متناثرة على الأرض، وقد تعاطى تقريبًا مع كل الدمى في الممر
ولم يبقَ الآن سوى دمية واحدة من المستوى الثاني
زفر مينغ تشانغتشينغ بخفة، وضبط حاله سريعًا ثم نظر أمامه، فإذا بدُمية ترتدي درعًا ثقيلًا على مقربة منه، وأكبر حجمًا من غيرها، تمسك بمطرقة برونزية، وتفور من جسدها ضغطة قوية
وما إن استشعرت قدوم أحدهم حتى انفتحت عينَاها تحت القناع فجأة وتلألأ فيهما بريق بارد
نهضت ببطء من دون أن تنطق، وقبضت على المطرقة البرونزية واندفعت نحو مينغ تشانغتشينغ
ولبرهة خيّم إحساس بأن الأرض تهتز
“أتظنونه قادرًا على تجاوزها” لم يملك أحدهم إلا أن يسأل، فلم يعد أحد يجرؤ الآن على السخرية من مينغ تشانغتشينغ أو الاستهانة به، إذ إن طريقته الكاسحة في تنظيف الممر زلزلتهم في الصميم
كانوا يعلمون يقينًا أنه مقاتل نابغ يفوقهم
“يصعب الجزم، فهذه في النهاية دمية من المستوى الثاني” فكّر أحدهم ثم أجاب “حتى لو استطاع العبور فلن يكون الأمر سهلًا كما كان، وربما تنتظره معركة قاسية”
هزّ الآخرون رؤوسهم موافقة، فقد بدا هذا التفسير أكثر معقولية
وبينما كان الحشد يتناقش، انطلقت المعركة عند نهاية الممر