الفصل 25
الفصل 25: مدينة لينتيان، عائلة هان
تحادثت العائلة بفرح غامر
قال هان شوانجي: يا أبي، أرى أنك تستطيع الانتقال إلى مدينة لينتيان، ثم شرح قائلًا إن المزارعين الشيطانيين من ولاية العالم السفلي الشمالية شرعوا في غزو شيا العظمى، والعالم محفوف بالمخاطر، وإذا مر مزارعون شيطانيون واشتبكوا قربكم فقد تتأذون
تقع مدينة لينتيان في منطقة أقرب إلى طائفة شنشوان، وهي مدينة لذوي العمر الطويل مشهورة في إقليم يونغ تجتمع فيها أعداد كبيرة من المزارعين، ولذلك فأمنها أعلى بطبيعته
معظم السكان فيها مزارعون وأفراد عائلاتهم
قال هان ياوتيان وهو يومئ وقد غدا تعبيره جادًا بما أن هان شوانجي قال ذلك، فالتفكير في طلب حماية العائلة الرئيسة أمر لازم
قال هان شوانجي عندها إنه لم ينتبه إلا الآن إلى أن عائلة هان في مدينة لينتيان، وكان قد خطط أصلًا لأن يطلب من تشانغ شيُويُوان أن يدبر له أمرًا، بل كان ينوي اختلاق هوية لنفسه، لكنه لم يتوقع هذه الصلة، وحين رأى حماسة هان ياوتيان فهم ما يدور في ذهنه، فإمكانية العودة إلى العائلة الرئيسة أمنية لِمن ينتمون إلى الفرع، وهذا يعد أيضًا فخرًا للأسلاف
قال هان شوانجي إن الوقت من ذهب وبإمكانهم الرحيل الليلة، وصار الآخرون يرونه عمادهم فلم يعترض أحد
وكان الأب هان حاسمًا بدوره، فسرّح عددًا كبيرًا من العاملين في القصر وعوّضهم بسخاء تقديرًا لمدّة خدمتهم، ورغب كثير من الخدم في اللحاق بهم لكنهم قوبلوا بالرفض، فهم ذاهبون هذه المرة للاعتماد على العائلة الرئيسة، واصطحاب الخدم لا يبدو حسنًا
ليلًا
حزم الأب هان والأم هان الأمتعة، واجتمعت العائلة حول هان شوانجي، فأخرج ورقة خضراء زمردية صافية كأنها بلورة خضراء منحوتة بدقة
قال مبتسمًا هذه أداة سحرية طائرة يستعملها المزارعون عادة، وبها سنصل إلى مدينة لينتيان بسرعة كبيرة
سألت هان وانرو متعجبة كيف لشيء صغير هكذا أن ينقلنا
فقلّب هان شوانجي يده وقذف بالورقة الخضراء إلى السماء، فتحولت للحال إلى مركب طائر فريد الشكل، وكانت مساحته الداخلية غير صغيرة تكفي لنقل عشرة أشخاص وأكثر، وحين دخل الأربعة صار الأمر أيسر بكثير
ولما رأت الزخارف المتقنة في الداخل لم تتمالك هان وانرو أن هتفت رائع
ثم سألت يا أخي، هذا المركب الطائر ليس رخيصًا، أليس كذلك
ضحك هان شوانجي قليلًا وقال إنه عادي فقط، فالمزارعون الأقوياء حقًا يسافرون بما هو أفخم بكثير، على سفن قصور منحوتة قادرة على حمل آلاف الأشخاص
أومأت هان وانرو مفكرة، والحقيقة أن هذا المركب يبدو متواضعًا، لكنه مركب طائر حقيقي من المستوى 4، ودفاعه وسرعته من الدرجة الأولى، ومساحته الداخلية مريحة للغاية، والجلوس داخله أريح بكثير من سفر المزارع وحده
وحين فعّله هان شوانجي بدفقة من الطاقة الروحية وحدد الإحداثيات، حملهم المركب إلى السحب شاقًا الهواء
ومضى الوقت ببطء
موقع مركز الروايات هو المصدر الأصلي لهذه الرواية. خالٍ من الإعلانات، ومتابعتك هنا تمنح المترجمين الحافز لترجمة أعمال أكثر.
وبحلول اليوم التالي رأى هان شوانجي في البعيد ضياءً روحيًا يفيض، وأشباح وحوش ياو عملاقة تدور في الأعالي، وهذه الظاهرة تدل على مكان تجتمع فيه قوى الزراعة الروحية حيث تتلاقى مواضع الأرض مع حظ البشر
فكّر هان شوانجي أن مثل هذا المكان يغلب أن يحوي أيضًا أرضًا مشبعة بالداو، لكنه لم يشأ أن يهدر فيه فرص التوقيع الثمينة
خارج المدينة كانت سفن طائرة وسفن كنوز لا تُحصى تصطف في السماء وتلمع بألوان شتى، حتى بدا مركب الورقة الوحيد لهان شوانجي غير لافت، وكانت الطرق على الأرض عريضة جدًا ومقسمة إلى ممرات، وعلى أعرضها ترى وسيلة النقل المميزة لعالم الزراعة الروحية وهي ركائب وحوش ياو، تمشي الوحوش الهائلة على الطرق وركابها من المزارعين على ظهورها، وهي تملك ردعًا أشد من عربات الكنوز أو المراكب الطائرة
نادرا ما رأى هان شوانجي مظهرًا كهذا في طائفة شنشوان فلم يملك إلا أن يطيل النظر، وفكّر أن امتطاء مركوب مهيب يُظهر سمت السيد أكثر
وفي هذه اللحظة كانت خطوط ضوء تومض بلا انقطاع عند الأفق، وبعض المزارعين حين يبلغون بوابة المدينة يطوون أدواتهم الطائرة بسرعة ويهبطون مطيعين للمشي، ففي معظم مدن الزراعة الروحية توجد قواعد تحظر الطيران تيسيرًا للإدارة، وحتى الركائب الطائرة تمشي على الأرض طائعة
وكانت مدينة لينتيان مسنودة بطائفة شنشوان، فإدارتها منتظمة والداخلون والخارجون كثيرون ولا يجرؤ أحد على مخالفة القوانين
أشار هان شوانجي إلى الجميع بالنزول، ولوّح بيده بلطف فتحول المركب إلى ورقة واختفى في خاتم التخزين
أما القوى الكبرى فإن كان معها تصريح تستطيع دخول المدينة مباشرة بمركبها، وإلا وجب عليها الخضوع للتفتيش، ومع هوية هان شوانجي كتلميذ قسم خارجي في طائفة شنشوان مرّ من التفتيش بسهولة
وبمجرد دخولهم المدينة رأى هان شوانجي أجنحة كنوز ومبانٍ روحية في كل مكان بهية بديعة، ومشهدًا مختلفًا تمامًا عن غابة الإسمنت في حياته السابقة، حبوب دوائية وأدوات سحرية وأطعمة روحية وتقنيات زراعة ورفاق روح وغير ذلك كثير مما يُباع على جانبي الطريق
ثم ركبوا المركب الطائر يسير قريبًا من الأرض حتى وصلوا إلى مقر عائلة هان
وفي مدينة لينتيان عدة عوائل للزراعة الروحية، وأقواها العوائل الأربع الكبرى لمرحلة روح الوليد، وفي كل منها أكثر من مزارع واحد من تلك المرحلة ينهض بالمقام، أما عائلة هان فهي عائلة من عالم النواة الذهبية، وقد خرج منها في ما مضى مزارع من مرحلة روح الوليد، لذا كان أساسها لا بأس به وتستحوذ على رقعة أرض جيدة
سرعان ما أفصح هان شوانجي عن هويته، فمكانة مزارع مرحلة تأسيس الأساس ليست متدنية في عائلة من عالم النواة الذهبية، فضلًا عن كونه تلميذًا في طائفة شنشوان، فلن تتجاهله العائلة
خرج شيخ من عائلة هان لاستقباله، ولما استشعر زراعته أضاءت عيناه وأومأ راضيًا وقال لم أتوقع أن تخرج من عائلتي موهبة أخرى بلغت تأسيس الأساس، هذا حقًا أمر يبعث على السرور، وكان الشيخ مبتهجًا، فلا تحتقر مرحلة تأسيس الأساس في طائفة شنشوان، لكنها داخل عائلة هان شخصية محورية لها كلمة مسموعة، ومن يبلغ تأسيس الأساس في العشرينات يُعد ذا مستقبل واعد ويستحق العناية
وبعد أن عرف الشيخ نية هان شوانجي وعد فورًا بتخصيص مكان جيد لإقامة الأب هان والأم هان وضمان سلامتهما، وكان هذا الشيخ أيضًا من نسل الأب هان، فما لبثا أن شرعا في استرجاع الذكريات
أما هان شوانجي فتمشّى في أرجاء عائلة هان، وكان لافتًا في الطريق، فبعض من لا يعرفونه حين علموا أنه تلميذ قسم خارجي في طائفة شنشوان بدت على وجوههم علامات الدهشة، ولا سيما حين عرفوا أنه من الفرع، وقد دخل طائفة شنشوان وحده وترقّى من خادم إلى تلميذ قسم خارجي، فازدادوا إعجابًا، فاعلم أن النوابع في طائفة كبيرة مثل شنشوان كالسحاب، وليس من السهل البروز بينهم، ومن يبلغ تأسيس الأساس في العشرينات يعد قد أحسن جدًا
وجاء كثير من أفراد عائلة هان في مرحلة تكثيف الطاقة الروحية للدردشة معه، فلم يرفض هان شوانجي بل بدأ يلتقط المعلومات برفق، ولم يطل الوقت حتى عرف الكثير
لقد كانت عائلة هان تعيسة الحظ في الأعوام الأخيرة، فكان لديها أصلًا عدة مزارعين من عالم النواة الذهبية، لكن مع غزو المسار الشيطاني وإقامة طائفة الشيطان السماوي كثيرًا من أوكارها في إقليم يونغ أحدثت القلاقل بين الحين والآخر، ولم تستطع العوائل المحلية للزراعة الروحية أن تقف على الحياد، إذ كان على كل عائلة أن تُرسل عددًا معينًا من المزارعين للمشاركة في قمع الشياطين وإلا تعرّضت للطرد
ولم يكن أمام عائلة هان إلا أن تُرسل مزارعين اثنين من عالم النواة الذهبية وعشرين من مرحلة تأسيس الأساس، غير أنهم في معركة كبرى وقعوا في كمين للمزارعين الشيطانيين فهلك المزارعان من عالم النواة الذهبية، ولم يعد من الكثيرين إلا قليل وكلهم جراحى بدرجة بالغة
وبغياب اثنين من عالم النواة الذهبية عن رئاسة العائلة ضعفت قوة عائلة هان كثيرًا، ولم يبق الآن إلا شيخ العشيرة الذي دخل للتو عالم النواة الذهبية، إضافة إلى سلف لعائلة هان في عزلته، وقد شاع منذ مدة أنه فشل في اختراقه ولم يبق له كثير في الحياة، فدب الهلع في العائلة وطفق بعض الخصوم خارجها يتربصون بها طمعًا