الفصل 28: تشبّث جيدًا، فالثامن والعشرون ينطلق
صرخ يانغ هو بضيق إزاء الكلمات التي سمعها من هذا الطابق
أي نذل أنت
ثم تردّد الصوت نفسه ثانية
ألم تتحقّق حتى مَن يكون، وبدأت تشتم مباشرة
وعندها هذه المرة سُمِع صوت امرأة
هذا ليس شجاعة، هذا غرور
كان صوت المرأة عذبًا لدرجة أفهم معها لماذا وُلد تعبير «تدحرج حبّات اليشم»، حتى لو وبّختني هذه المرأة لشعرتُ بالسرور
ما الذي في رأسك ليصير شكلك هكذا
يبدو أن التربية في البيت كانت خاطئة
هناك أبناء ينشأون جيدًا حتى لو أهملهم آباؤهم، فلا يُمكن تعليق اللوم على الوالدين وحدهم
أصبتِ
في العادة كان ليغضب إلى هذا الحد، غير أن يانغ هو سرح في خواطره، فقد امتلأ رأسه الآن بأفكار ملوّنة
يكفي سماع الصوت لأحسّ أنها قرينتي من السماء، أليس كذلك، إن مشينا الأمور اليوم جيدًا سنقضي ليلة لهو
وكان الذي معه يفكّر في رمي الرمح وأخذ الفتاة
وكان لهذا الخيال الجريء سبب، فالأماكن التي تُرتاد مثل بيوت الضيافة أو الحانات في قرية ماجا كانت تُحدَّد بحسب المكانة أو القدرة
كانت حانة بونغ ريو التي يديرها جو تشون-بي مكانًا يرتاده المقاتلون من الطبقة الدنيا، موضعًا لا يجيء إليه لا أبوه ولا حتى شياطينه التابعون له
ولأن هذه القرية، قرية ماجا، ليست ممرًّا يمرّ به مقاتلو الفِرق السياسية أو الفِرق الأخرى، فقد افترضوا من تلقاء أنفسهم أن الخصوم سيكونون من مقاتلي الطبقة الدنيا في المدرسة الأم
وفي الأثناء استؤنفت المحادثة في هذا الطابق
أن ترى ولد شيطان أبيض يعيث هذه الفظاظة في وضح النهار فهذا يريك مدى سطوة الشيطان
لا بد أن ذلك بسبب نفوذ هيولتشون دوما
استغرب يانغ هو، فهذه أول مرة يجرؤ فيها أحد على النظر إلى أبيه من علٍ، بل إن الطرف الآخر يذكر هيولتشون دوما أيضًا
أتخيّل كيف كانت تنشئته منذ صغره
كبر ولم يدرِ كم العالم مخيف
تكلّم يانغ هو وهو يصغي بأدب على خلاف ما كان قبل قليل
لعلّ الراحل يظهر فينبّه هذا التابع الأحمق إلى خطئه
وأردف فور أن أنهى كلامه
أيها الأحمق، أكنتَ تعرف أن هذا سيحدث، لا أعرف أيّ قوم تتظاهرون بأنكم غامضون، لكن إن لم تُظهروا رؤوسكم حالًا فسوف ينزلون بكم
ثم أطلّ رجل برأسه من هذا الطابق
ولمّا رأى يانغ هو سحنته اليافعة خفّ توتّره
أأنت
نعم، أنا
ومن كانت تلك الحقيرة التي كنتَ تدردش معها
وعندها أطلّت المرأة برأسها، فصرخ يانغ هو حين رآها
آه، ماذا
لِم هذا الفزع يا صهيب
أأنتِ حقًا، أأنتِ
لم يكن الصوت لامرأة فاتنة لا تُجارى، بل لامرأة بدينة، وحين تحطّم خيال يانغ هو السعيد صاح
إن كنتما لا تريدان أن أعبث بكما هذا العبث فانزلا حالًا
لننزل فحسب
أنهيتُ شرابي على كلام إيان
كنتُ أنا الذي يشرب في هذا الطابق، وكانت هذه لحظة جئتُ فيها للقاء والد الضحيّة، كواك سو، فاصطدتُ صيدًا كبيرًا على غير توقّع
قفزتُ سريعًا من هذا الطابق إلى الأدنى، وتبعتني إيان قافزة، ورغم بدانتها هبطت بخفّة بأسلوب غيونغ شين بيوب
ارتاع يانغ هو حين رأى حركتنا، كان يظنّنا مقاتلين من الدرجة الثالثة، لكن حركتنا كانت واثبة أكثر من اللازم
رفعتُ كواك سو الذي سقط وأجلستُه
أعتذر لعدم تدخّلي مبكرًا، انتظرتُ قليلًا لأني ظننتُ أن فم ذلك الفتى سيتعثّر، وبفضلك حصلتُ على اعترافك
هذا السيد
أوه، لقد عرفتني
في الحقيقة عرفت المرافِقة، فهي مشهورة جدًا في الحرم
نظرتُ إلى إيان ومطّيتُ شفتَيّ
أمعقول هذا، صرتِ أشهر مني
وأي شهرة، لقد عرفوني في الحال لأني كبيرة الجسد، تبا
شحب وجه يانغ هو ونحن نتحدث
أأنت… هذا السيد
اهدأ، لأني اليوم جئتُ إلى جناح نيذر، لا، لعلّي ينبغي أن أكون أكثر توترًا إذن
هدأ يانغ هو الذي كان قبل قليل يصرخ كأن الدنيا ملكه، وتكلم بأدب
لم أعرف الشخص النفيس في مدرستنا، أنا ما زلت صغيرًا وأخطأت، فالرجاء الصفح
على ما تفعل لا تبدو صغيرًا البتّة
لا، إنه لا يعرف شيئًا
أطرق يانغ هو، فالغلام داهية يعرف متى يخفض رأسه كالشبح
أأستطيع الانصراف الآن
انتظر، فقد جئتُ لأمر يخصّك
ما الأمر
خرجتُ هذه المرة لأحقق في قضية الاعتداء التي ارتكبتها
ألم يُصدَر حكم بالبراءة في هوانغتشونغاك
هذه القضية قيد إعادة التحقيق التام
على النقيض من ذهول يانغ هو، أشرق وجه كواك سو، أما جو تشون-بي الذي كان إلى جانبه فاختلج وسكن في مكانه وهو يوشك أن يصرخ بالاستقلال
وأخذتُ أعدّد جرائم يانغ هو واحدة واحدة
كان يأخذ المال كل يوم، ويجبر على السرقة بابتزازٍ معتاد، وحرّض على السرقة وعرّض صديقه للخطر بضربه، ولم يكتفِ بمحاولة القتل بل جاء إلى والد الضحية واعتدى عليه، وإن كان الذنب قبيحًا فهو أقبح من أن يُحتمل، وستقضي على الأقل عشرين سنة في السجن
عشرون سنة
شحب لون يانغ هو إذ لم يكن ليطيق يومين فضلًا عن عشرين سنة
لا، لقد حدث هذا ونحن نتدافع فحسب
فات الأوان، لقد اعترفتَ بنفسك أمام جناح نيذر مباشرة
ولما ضُيّق عليه الخناق استحضر الشخص الذي كان درعًا لكل صنوف شروره
أتعرف من أبي
أعرف، إنه صاحب السيف الأبيض
إن لفّقتَ لي تهمة فلن يقف أبي مكتوف اليدين
تبدو كأنك تقول افتراء، أمتقصد فعلًا أن تلفّق لي
ارتجف الفتى إزاء حدّتي
ثم إن أباك سيكون مشغولًا عنك، فأنا أنوي أيضًا اعتقال أبيك بتهمة الضغط الخارجي على محقق هوانغتشونغاك
لم يطق يانغ هو، وهو ابن في مقتبل العمر، ضغط الموقف
لن يتركك أبي وشأنك، سأخرج من السجن وأنتقم منك، لا، أستطيع قتلك حتى في السجن، لذا عليك أن تفكر جيدًا
بووم
قبل أن يتم كلامه اندفعت قبضتي بلا رحمة إلى بطنه
وبرقت صاعقة في يانغ هو الذي جلس على الأرض ممسكًا بطنه
إن أضفتَ جريمة الابتزاز صارت 30 سنة
رفع يانغ هو رأسه وهو مرتاع
لا أستطيع، أرجوك أنقذني
لقد استعملتُ رأفتي، وأنا أتنازل عن ذلك
أرجوك اغفر لي
حسنًا، هات سببًا واحدًا يجعلني أغفر لك، ودعك من ذكر أبيك
أمم…
هل سبق لك أن أنقذت حياة أحد، من ساعدت، لا أحد، إذن قل شيئًا يشبه عملًا صالحًا، على الأقل حاول أن تختلق واحدًا
…
لا تقدر أن تختلق، أليس كذلك، لأنه أمر لم تفعله قط، ومن العسير أن تصنعه فجأة، فلماذا أغفر لك هكذا
سأعيش حياة صالحة من الآن فصاعدًا
نعم، كفّر عن ذنبك في السجن ثم اخرج وعِش هكذا
هوييك بوك
سددتُ لكمة إلى وجهه بلا رحمة، فدارت فكّه وسقط مغشيًّا عليه
انقلوه إلى الجناح
كان بوسعي أن أقتله وهو في منتصف الطريق هنا، لكنني لم أفعل، فجحيمه الحقيقي أن يُحبس عشرين سنة، ولم يكن هذا مجرّد تهديد، فأنا أنوي حقًا الحكم بعشرين سنة
لأن سجن مدرستنا جحيم تُداس فيه حقوق الإنسان تمامًا، وأنا أضمن أن هذا الفتى لن يصمد شهرًا قبل أن ينتحر
غوي غواتشون سون؟ لو كان من هذا الطراز لما فعل أصلًا شيئًا بهذا التوحش
تراجع الفتيان الواقفان عند المدخل خطوة لينفذا بجلديهما
غير أن عند المدخل مقاتلين يصدّانهما، كانوا من مُنفّذي سيو داي-ريونغ وهوانغتشونغاك، معروفين بأنهم أرهَب من أيّ مقاتل في المدرسة الأم، فهم قوى شيطانية
جلس الفتيان وبالا على نفسيهما
لقد فعلنا فقط ما أُمِرنا به
أرجوكم أنقذونا
موقع مركز الروايات هو المصدر الأصلي لهذه الرواية. خالٍ من الإعلانات، ومتابعتك هنا تمنح المترجمين الحافز لترجمة أعمال أكثر.
العقوبة عقوبة، لكن لهما أولًا دور ينبغي أن يقوما به
إن لم تَنفُخا بالحرف فستفسدان الأمر كله
سنقول كل شيء
سأقول كل شيء
قلتُها بلهجة توهم أنه سيُغفَر لهما إن شهدا، لكنها كانت محض كلمة فارغة، فمتى أخذنا الشهادة فسيدخل هذان السجن أيضًا، ورغم أن الحكم سيكون أقل من حكم يانغ هو الذي قاد الفعل الخبيث، فإني أعتزم معاقبتهما بخمس سنوات على الأقل
فإن جعلنا هذين عبرة فهل سيجرؤ بعد اليوم أحد في الجيش أو في ساحات الدراسة على التنمّر على زملائه
خذوهما إلى غرفة الاستجواب وانتزعوا الإفادات
نعم
قبض المُنفّذون على سيوف الدمّ للثلاثة ونقلوهم إلى المدرسة
وكان أحد الزبائن الذين يشاهدون لا يملك إلا أن يصفّق
تصفيق تصفيق تصفيق
ثم هتف الآخرون دفعة واحدة، وهتفوا هتافًا عجز جو تشون-بي عن إطلاقه
ولعلّه لو لم أكن أنا لما حدث هذا التفاعل، لكن ألسْتُ ابن الشيطان السماوي، لقد كان ظرفًا يصحّ فيه الهتاف
قلتُ لهم بصوت عال
إن حدث لكم ظلم بعد اليوم فأبلغوا هوانغتشونغاك، ما دمتُ في القطب السفلي فلن ينفع أي ضغط خارجي
اشتد التصفيق أكثر، فطالما أنك لا تهاب المازون، فأي ضغط خارجي تظنونه سينفع
وأنهيتُها بمزحة
إن خوّفني أحد باستدعاء أبيه كما فعل ذلك الفتى قبل قليل فسأستدعي أبي أنا أيضًا
انفجر الضحك من كل ناحية
وفي تلك اللحظة جاء أحد أتباعي وقال لي شيئًا، فأبلغتُ كواك سو الخبر السار في الحال
قبل مجيئي إلى هنا كان الدكتور ما قد عالج ابنك
أمتأكّد، ذلك الشخص النفيس عالج ابني
ابنك أنفَس عندي، وقد سمعنا أنه قد أفاق تَوًّا، فاذهب سريعًا
آآاه
صرخ كواك سو من شدّة الصدمة السعيدة
آه، دونغا دونغا، أنت حي، لقد عاش ابني
عانقه جو تشون-بي صاحب الحانة
خير، خير
وأقبل الذين يعرفونهما يهنئون، وفاضت عينا كواك سو بدمع الفرح
لن أنسى هذا الفضل ما حييت
ومنعته من أن ينحني جهارًا
ألم تُفْنِ عمرك في خدمة مدرستنا، فمن البديهي أن تحميك مدرستنا
لم نكن لنحفظ مدرستنا لولا أمثال هؤلاء الذين يفنون حياتهم في خدمتها، في مكان ما، في صمت، واليوم هذه الامتنانات البديهية توشك أن تغيب عن مدرستنا
مدرستنا هي الممتنّة لك
أطأطِئ رأسي له، وإذ شعر كواك سو بأن مشاعري صادقة سالت دموعه
شكرًا لك، ممتنّ لك حقًا
عليك أن تذهب سريعًا إلى ابنك
حسنًا، سأذهب الآن حالًا
أسرع يعدو ليرى ابنه، وقال لي جو تشون-بي صاحب الحانة
إن جئتم في أي وقت قدّمنا لكم الشراب والوجبات الخفيفة
شكرًا لك، في المرة القادمة سأجيء لأُضيفك شرابًا
سيكون ذلك شرفًا لي إن فعلت
انحنى جو تشون-بي يحيّي، كما انحنى كل الزبائن الذين كانوا معنا، ولعلها المرة الأولى التي يقع لهم فيها شيء مثير مثل اليوم
وإذ انحنوا ورحلوا تقدّمت إيان وسيو داي-ريونغ، وكانا يقفان في الخلف، نحوي
سأل سيو داي-ريونغ بحذر ووجهه قَلِق
لكن… أمتأكّد أنه لا بأس
لن يُعتقل يانغ هو وحده، بل سيُقبَض أيضًا على أبيه صاحب السيف الأبيض، وهذا حقًا سيُغضب هيولتشون دوما مجددًا
أمتراك بخير، ستعمّ الفوضى مرة أخرى
أنا قلِق
هذه قضية أنت الذي جئتَ بها، أليس كذلك، لتدفنني تحت الساطور العظيم
نعم، لكن…
تنهد سيو داي-ريونغ، وكان الندم باديًا على وجهه كأنه ما كان ينبغي له أن يثير هذه القضية
وخاطبتُ بقوة سيو داي-ريونغ الذي يحلم بالتغيير حلمًا حثيثًا، وإيان التي لا تزال تخشى التغيير
لم نبدأ بعد بدءًا جادًّا، فلا تهتزّا وتمسّكا جيّدًا