الفصل 27: لقد سمعت

بعد بضعة أيام تولّيتُ رسميًا منصب القطب السفلي

وصل محاربو هوانغتشونغاك إلى مقرّي في الصباح الباكر

وكان المتقدّمهم سيو داي-ريونغ المحققُ الخاص الذي حقّق أيضًا في جيش الشياطين

جئتُ لرؤيتك يا سيّد

المحقق سيو تفضّل

لقد تقدّمتُ بطلب

في الحقيقة كان لهذا الرجل الصغير كئيب المظهر أمامي دورٌ كبير في أن أصير صاحب القطب السفلي

هيا بنا

قررتُ أخذ إيان معي

إيان تعالي معنا أيضًا عليكِ أن تتعلمي كيف تُدار المنظّمات

شكرًا لك

كانت مسرورة إلى حدّ شعرت معه أنها ستطير كأنها تظن أنني لن أُبعَد هذه المرة أيضًا

نحن لا نذهب للهو بل للتعلّم كيف تعمل المنظّمة وكيف نُعامل التابعين لا تفوتي شيئًا وتعلّمي كل شيء

نعم

حين وصلنا إلى هوانغتشونغاك خرج جميع المحققين واصطفّوا عند المدخل بدا أن هذا هو طقس استقبال المسؤول الجديد

كلما مررتُ من أمامهم حيَّوني بصوتٍ عال

نراك يا سيّد

كنتُ أتوقع ألا يرحّبوا بتعييني لكنها كانت نظراتٍ أطيب مما ظننت

لذلك سألتُ سيو داي-ريونغ هامسًا وهو إلى جواري

هل قلتَ لهم إن من لا يُظهر الترحيب سأقتطع من راتبه الشهري

لا

لِمَ الأجواء طيبة هكذا

عندها رفع سيو داي-ريونغ قدمه وقلّد حركة ضرب الأرض

لمّا رأيتُ ذلك فهمتُ سبب حفاوتهم بسبب ما حدث في منطقة جيش الشياطين فقد قتل غودانغ أولَ محققٍ جاء يحقق وأصاب هذه المرة محققًا آخر

في تلك الحال حين حطّمتُ رأس غودانغ وقتلتُه كان ذلك كأنه ثأرٌ لهم وفوق ذلك فإن مقاومة البعض لفكرة أنني صغير على منصب المسؤول خفّت قليلًا بفضل دمي ابن الشيطان السماوي كما أن مهارتي القتالية قد ثُبتت بعد قتلي سيد الشياطين نفسه

أتودّ أن تقول شيئًا

عند كلام سيو داي-ريونغ التفتُّ إلى تابعيّ قبل أن أدخل المبنى

نظرتُ ببطء في وجوههم واحدًا واحدًا وقلتُ جملةً قصيرة

لا أدري أستكونون أسعد أم أشقى بكوني مسؤولًا هنا لكن شيئًا واحدًا مؤكد قلوبكم ستخفق أسرع مما كانت

وبعد أن قلتُ ذلك استدرتُ ودخلتُ المبنى

تناهى إليّ همسٌ من الخلف ولا حاجة للقلق بشأن كيف سيستقبلون كلامي سيتضح الأمر قريبًا

ولمّا أرشدني سيو داي-ريونغ إلى المكتب همَّ بالمغادرة فأبقيتُه

أيها المحقق سيو لم تكن لتظن أننا سنلتقي هكذا ثانيةً أليس كذلك

بصراحة تفاجأتُ كثيرًا

أتيتُ لأنني رغبتُ برؤية المحقق

لم يتغيّر تعبير سيو داي-ريونغ كأن كلامي لم يُجْدِ

إيان عليكِ أن تتجنّبي رجلًا جامدًا هكذا الحياة معه مملة

قد يكون رصينًا بدل ذلك

وقفت إيان في صفّ سيو داي-ريونغ

لا هذا الرجل مجرّد حساء بلا أي مكونات

هذه المرة تقدّم سيو داي-ريونغ بنفسه

ليس حساءً حقيقيًا لكنه ليس بلا مذاق أيضًا

أها عندك شخصية وستلزمنا تلك الشخصية مرّاتٍ كثيرة لاحقًا

وفهم سيو داي-ريونغ الذكي فورًا مقصدي

لا إنه حساء باهت فأرجوك لا تلجأ إليّ في شيءٍ خطِر

سآكل ذلك الحساء مع الأرز مع كثيرٍ من التتبيل الحار

تراجع سيو داي-ريونغ خطوة وعلى رغم تظاهره بالخوف فهو رجل شجاع أعلم أن في ذلك الجسد الصغير جرأةً وروحًا كبيرتين

حدّثني عن هذا المكان فأنا لا أعرف شيئًا

عندها شرح سيو داي-ريونغ كأنه كان ينتظر

كما تعلم هوانغتشونغاك منظّمة تحمي قوانين الطائفة وتنفّذها وبالإضافة إلى استئصال الفساد نتولّى الحوادث المختلفة التي تقع داخل الحرم وعددنا الكلي 100 بينهم 30 محققًا و70 منفّذًا

وكان المنفّذون يتولّون مساعدة المحققين ومرافقتهم واعتقال المجرمين

ليسوا بعدد ما توقعت

إنها منظّمة لا تحتاج إلى كثرة العدد

كانت هوانغتشونغاك جهةً ذات هيبة يخشاها الجميع بالطبع كانت هناك استثناءات كجيش الشياطين لكن معظم الشياطين كانوا يخافون هوانغتشونغاك

ومن بين المحققين الثلاثين هناك خمسة محققين خاصين يتولّون القضايا الأصعب والأهم لكن يمكن عدّهم مثل المحققين العاديين لا يُسنَد المنفّذون إلى محققين بعينهم بل يقدّمون الدعم عند الحاجة

ولمّا أنهيتُ الاستماع سألته

برأيك أيُّ مشكلةٍ هي الأكبر في هوانغتشونغاك

تردّد سيو داي-ريونغ لحظة ثم أجاب

لا منظّمة في طائفتنا تُفلِت من تأثير بالمازون

لم يذكر هوانغتشونغاك مباشرة لكنه عنى أن بالمازون هي المشكلة الأكبر

وأأنت داخل ذلك التأثير

أنا لا كما قلت لك لأنني وحيد

أي على الأقل لم يتورّط في سياسة الطائفة من أجل المال أو الترقيات

لكنني لستُ صاحب مبادئ كبيرة فاعتبرني فقط متنمّرًا متذمّرًا

ولهذا أحبك لا أحب من يبالغ في المثالية

أدرتُ نظري إلى إيان وقلت

أُحبّ العقلانيين اعتنِ بنفسك أولًا

اكتفت إيان بابتسامةٍ خفيفة لأنها تعرف أنني أتحدّث عنها

وعادت عيناي إلى سيو داي-ريونغ

قلتَ ذلك من قبل طائفتنا لن تتغير ما رأيك أن نغيّرني ونغيّر طائفتي من الآن

ماذا لو أشعلتَ شغفك ثم مضيت كما جئت فجأة

سأرحل حين يأتي الوقت

وأنا الذي أشعلتَ شغفه معك أبقى وحيدًا بين الرماد

ليس شأني قلتَ إنك دائمًا وحيد فما الذي تريد فعله

تنهد سيو داي-ريونغ عاليًا كأنه يفخر بوقاحتي لكن ردَّه كان مخالفًا لفِعاله

سأفعل

وما السبب

ألم تُرني السبب مسبقًا في طريقة تعاطيك مع شؤون الشياطين

أرجو أن نعمل سويًا منذ الآن

نعم سلّمني الأمر

مددتُ يدي إليه بسرور فقبض عليها سيو داي-ريونغ بقوة

إن رحلتُ فماذا سيصير بك كيف ستجلس مكاني

على أيّ حال نلتُ ترحيبًا أدفأ مما توقعت وما يلزمني الآن أن أتأكد من أنّهم يعترفون بمن أكون

ولذلك كنتُ بحاجة إلى مثال رجلٍ شديد الخبث والسُمّية

هل هناك قضايا حديثة تتصل ببالمازون ينبغي أن نعيد النظر فيها

كانت عبارة إعادة النظر تعني بلطف معالجةً جائرة

وفهم سيو داي-ريونغ مقصدي فورًا

بالطبع هناك

كلمة بالطبع أعادت إلى الأذهان مشكلة هوانغتشونغاك التي ذكرها سيو داي-ريونغ آنفًا

هاتها

بعد قليل عاد سيو داي-ريونغ بالملفّات

ولمّا راجعتُ تفاصيل الحادثة أطلقتُ تنهيدةً طويلة

أتفعلون هذا عمدًا كي تقتلوني

كانت القضية التي جاء بها سيو داي-ريونغ متصلةً طبعًا بهيوالتشيون دوما

لا أرغب بهذا أنا أيضًا لكنها حادثة حديثة وتطابق ما قلت

فلماذا نحتاج مسلخ هيوال

تدخّلت إيان سريعًا وهي تراقب

يا سيّدي عليك أن تصبر هذه المرة فالأغلب أن الشيخ توماس على وشك الانفجار

ناولْتُ إيان الملفّات

القصة المكتوبة هنا جائرة أكثر من أن نغطيها بحجةٍ كهذه اقرئي هذا وإن استطعتِ فغطّيه

لم تستطع إيان أن تطوي الملف بعد قراءة مضمونه وتنهدت

لا أطيق هذا

قفزتُ من الكرسي

لنذهب إنْ ناداني القدر فعليّ أن ألبّي

والحق أن الأمر ليس قدرًا ولا شيئًا من هذا القبيل إنها حتمية تقع بسبب شيخٍ يخلّف القمامة وراءه

كان سُو غواك مخمورًا

غرق في يأسٍ عميق لا يُجدي معه الشراب

تعرّض ابنه الذي كان يؤدي خدمته في المعسكر لاعتداءٍ من رفاقه والابن الذي أصيب في رأسه لم يستعد وعيَه حتى بعد 10 أيام

جلس صاحب حانة بونغريو تشو تشون-باي أمامه إذ كان يعرف حاله جيدًا

أصحيحٌ أنهم أُفرِج عنهم

شرب غواك سوّ الخمرَ متتابعًا

تبا تبا

حقّق محققو هوانغتشونغاك في الحادثة وبالطبع ظنَّ أن من أحدثوا الواقعة سيُسجَنون لكن الثلاثة بُرّئوا وأُطلق سراحهم وعوملت كإصابة أثناء لهوٍ مع صديق

كل شيء عندكم خطأ يقولون إن والد الفتى الذي قاد الحادثة سيفٌ أبيض

كان بايكدوغوي قائدَ مئة شيطان

يا للعجب

تنهد تشو تشون-باي فإذا كان والد الطرف الآخر تابعًا للشيطان السماوي ذو السيف الدامي وليس حتى من العشرة الكبار بل شيطانًا أبيض فستنتهي الحادثة هكذا

محقّقو هوانغتشونغاك كلّهم سواء أولئك الأوغاد أسوأ

هشش اخفض صوتك ماذا لو سمعك أحد

تلفّت تشو تشون-باي حوله وهدّأه

قل لهم ليسمعوا قل لأوغاد هوانغتشونغاك ليقتلوني أولًا وقل للشيطان الأبيض ذاته أن يأتي ويقتلني

دقّ

ضرب غواك سوّ الطاولة فلحق تشو تشون-باي الزجاجة التي كادت تسقط

يا رجل اصبر

إن لم يفق ابني فلن تصمد زوجتي بأمري

كان تشو تشون-باي يعلم أن ذلك ليس مبالغة لأنه الابن الوحيد لغواك سوّ وقد رأى طويلًا كم رعياه برفق

سيفيق

إن لم يفق فسأقتلهم ثم أنتحر

حينها سُمع وقعُ خطًى من الخلف

أتريد أن أقتلك

وحين التفت الاثنان كان ثلاثة شبّان يقفون عند مدخل الحانة

أنت

كان المتحدث بنبرة ساخرة هو الشاب في الوسط ولم يكن سوى يانغ هو الذي قاد الاعتداء

أيُّ رجلٍ أنت لتقتل ابنَ غيرك الثمين

انتفض غواك سوّ من مقعده

أنت أنت

لقاؤه يانغ هو في موقفٍ غير متوقع أدهشه وأربكه ثم صرخ عاليًا

يا نذل بسببك الآن أنقذ ابني أنقذه

كانت انفعالاته طاغية حتى إنه لم يدرِ ما يقول لكن يانغ هو تضايق

يا هذا لم نسمع منك اعتذارًا واحدًا

ثم تقدّم يانغ هو وانحنى مهذّبًا

أنا آسف لقد ارتكبتُ ذنبًا جسيمًا ولن يتكرّر هذا أسمعت لقد اعتذرت بلا شك فاكفف أنت أيضًا عن هذا وذاك

ماذا ماذا قلت للتو

ألستُ ابنك

كان الرفيقان إلى جانبه يتضاحكان كما كتم يانغ هو ضحكه

لم يستطع غواك سوّ بين سُكره وغضبه أن يتمالك نفسه وهمَّ أن يسحب سيفه لكن تشو تشون-باي اندفع يمنعه بيأس

اصبر اصبر ومن أجل عائلتك تحمّل

كان واضحًا أنه إن سحب غواك سوّ سيفه هنا فسيقتله يانغ هو فغواك سوّ محاربٌ منخفض المستوى في الهامش بينما يانغ هو شاب لكنه تعلّم الفنون القتالية على أصولها منذ الصغر

أمجنون أنت طلبتُ اعتذارًا فحاول قتلي

واصل يانغ هو استفزاز غواك سوّ كأنه قرر أن يرحل فحسب

لا ضمير لك أصلًا هات اقتل اقتلني إن استطعت

كيف يكون الإنسان بلا حياء إلى هذا الحد كان غواك سوّ يريد طعن ذلك الحقير في الحال

لكن لا ينبغي أن يفعل لن يفوز وحتى إن قتل يانغ هو فذاك أعظمُ بلاء ففي تلك اللحظة سينتهي كل شيء هو نفسه وابنه الغائب عن الوعي وزوجته المكلومة سيُقتلون جميعًا بيد والد يانغ هو

رجاءً اخرجوا بسرعة بسرعة

حاول تشو تشون-باي أن يُخرج يانغ هو ورفاقه لكن يانغ هو تصرّف كمن تخلّى عن إنسانيته

كنتُ أتساءل عمّن يشبهه دونغ-إي ليكون جبانًا فاتضح أنه نسخة عن أبيه

في تلك اللحظة فقد غواك سوّ صبره

سحب غواك سوّ سيفه فانطلقت قبضة يانغ هو كأنها كانت تنتظر

ضُرب غواك سوّ في وجهه فارتطم بالطاولة خلفه وسقط طريحًا

ذلك الرجل هو من سحب سيفه أولًا

صرخ الرفيقان الواقفان خلفه بأنهما شاهدا كأنهما شاهدان

اندفع يانغ هو وبدأ يبرح غواك سوّ ضربًا

بَك بَك بَك

كيف يجرؤ حارس مخزن أن يبلغ عني هوانغتشونغاك

وهذا ما جعله لا يعود إلى منزله ويبدأ الشجار فبعد الإبلاغ إلى هوانغتشونغاك تعرّض لتأنيبٍ شديد من والده ولم يقدر على ضبط غضبه فجاء يفرغ حنقه

ولمّا فرغ من توجيه اللكمات أفاق يانغ هو من فوق جسد غواك سوّ

كل هذا بسببك قالوا لي عد إلى البيت واسرق المال لا أستطيع لأنه مال تعب أبي به أتحسب نفسك الطيب الوحيد أأنا وحدي القمامة فكيف لا أضربك إذًا كله خطؤك فهمت

لقد اعترفتَ بلسانك

شُجَّت شفة غواك سوّ وكان الدم يسيل من جرحٍ تحت عينه لكنه عثر في تلك اللحظة على بصيص أمل

أيُّ اعتراف

الجميع هنا سمع لماذا ضربتَ ابني لقد اعترفتَ أنه اعتداء وليس شجارًا

نظر يانغ هو حوله بجنون

هل سمع أحدٌ هنا ما قلت

كان ثمة زبائن عديدون لكن لم يتقدّم أحد حتى صاحب الحانة تشو تشون-باي لم يستطع أن يتكلم فبمجرّد أن يتدخل سيغلق عمله هنا وتتعرض حياته للخطر والأمر نفسه ينطبق على الزبائن

قالوا إن لا أحد سمع شيئًا هيهيهي

أضحكُ يانغ هو أخيرًا فجرت الدموع التي كان غواك سوّ يحبسها

آااه

اشتدّ غضبه حتى لم يعد يحتمل كانت الحقيقة ساحقة أن لا يقدر على فعل شيء بينما من أدخل ابنه في غيبوبة يضحك منه ويسخر منه شعر كأب بالخزي والأسى لم يُرِد الدموع لكنها انهمرت

رجلٌ بالغ يبكي كالأحمق إنه كنز بحق هاهاها

قهقه الرفيقان اللذان جاءا مع يانغ هو أيضًا

في تلك اللحظة سُمِع صوتُ شابٍ واضحًا من الطابق الثاني للحانة

لقد سمعت