الفصل 248: متى ستقتلني؟
بعد مغادرة مقر مابول، مضى غوم مو يانغ ببطء عبر الحديقة الداخلية لطائفة الشيطان السماوي
راح يطوف متفحصًا مباني الحديقة واحدًا واحدًا لم يسبق له أن تأمل هذه الأبنية عن كثب من قبل
حياه المحاربون القائمون على الحراسة بأدب
وحين رد غوم مو يانغ على تحيتهم تبادل المحاربون النظرات في حيرة إذ لم يسبق أن سنحت لهم تحية لائقة له لانشغاله الدائم ومروره الخاطف
وبعد أن قطع الحديقة الداخلية وصل غوم مو يانغ إلى بوابة دونغ غون مون
كان الوقت متأخرًا لكن غونما كان مستيقظًا
وصل غوم مو يانغ إلى سفح الجرف يتبع الدليل
وقال غونما الواقف أمام الجرف دون أن يلتفت
أنوي أن أهدم هذا الجرف بضربة واحدة هذا حلمي
رفع غوم مو يانغ رأسه إلى الجرف كان جرفًا هائلًا لا يُرى له آخر وكأنه يعلن استحالة ذلك وفكر غوم مو يانغ أن الأمر عسير ولو كان الفاعل غونما
إن كانت يد السيد غون قادرة فحلمك سيتحقق حتمًا
آنذاك فقط استدار غونما نحوه
أراكِ يا سيدة غون
دوقي، أهلًا بعودتك
وكانت رؤية وجه غونما المخيف الذي يجعلك ترى الأشرار في طائفة الشيطان السماوي لطفاء كفيلة بأن تزرع الخوف في نفس غوم مو يانغ كل مرة
أعتذر لمجيئي في هذا الوقت المتأخر من الليل
لا عليك كنت مستيقظًا لأن عندي اجتماع تدريب ليلي
ويا للمفاجأة كان غونما يواظب هذه الأيام على التدريب الليلي وعلى الرغم من أنهما لم يشاركا في رقصة السيف منذ العودة من المدرسة فإن إيان وتشيون سوهي واصلا الحضور
تظاهر غونما بالخروج لكنه لم يُرِد أن يبدو كمن يعتذر عن عدم الخروج لمجرد غياب رقصة السيف ولهذا خرج، ثم صار في الآونة الأخيرة لا يتخلف بسبب تشيون سوهي
ولم أكن أعلم ذلك حتى أخبرني غوم موغوك، لكنني إذ قضيت معها الوقت أدركت أن موهبتها وخلقها يؤهلانها لتكون الفارسة التالية لذلك صرت أعطيها تعليمات خاصة أثناء التدريب
وجد غونما أن هذا التدريب الليلي ممتع
وربما كان السبب أنه بصحبة شابتين جميلتين وربما بسبب تشيون سوهي التي تكن احترامًا مطلقًا لغونما أو بسبب إيان التي تُضحك الحضور بنكات مباغتة بين حين وآخر وبالنسبة لمن كرّس حياته للتعليم كان مجلس التدريب الليلي وقتًا ثمينًا وممتعًا
فما الأمر إذن
كان غونما يشعر بالأمر لمجرد قدومها ليلًا غوم مو يانغ على وشك اتخاذ قرار كبير
سيدة غون هي الوحيدة التي أعلنت رسميًا دعمها لي
لستُ ممن ينقضون العهود
لو أنك التقيتِ موغوك أكنت لتقطعي هذا العهد
حدق غونما في غوم مو يانغ كأنه يثقبه بنظره ولأن غوم مو يانغ لم تعتد بعد على وجه غونما خفضت رأسها قليلًا وتفادت النظر في عينيه
لو حدث ذلك لأعلنت دعمي للي غونجا
في الحقيقة سُرّت غوم مو يانغ لأن غونما أجاب بصراحة وجئت أزوره اليوم لأني أعلم أنه رجل من هذا الطراز
كيف هو موغوك
ألستِ، يا أخي، أدرى مني به
لا، لست واثقًا
عادت عينا غونما إلى الجرف
قلتُ للدوق لي ما قلته لك قبل قليل قلتُ إن حلمي هدم هذا الجرف
تساءلت غوم مو يانغ كيف رد غوم موغوك
قال إنه يريد أن يهدم نفسه هو أيضًا
وشعرت غوم مو يانغ للحظة أن هذه الكلمات صادقة عند غونما على الأقل
وربما كان هذا الفارق الصغير هو السبب فهذه الفروق الصغيرة قد تتراكم لتصنع الفرق بين رقصة السيف الآن وبيني
ألا يمكن أن تكون كلمات مزينة أليس محتملًا أنه قالها ليؤثر في السيد غون
ومع أن مثل هذا القول صعب أصلًا فقد أخرجت غوم مو يانغ ما في صدرها كأنها حزمت أمرها
بل هو محتمل
فلماذا صدقته إذن
كان غونما يفهم شعور غوم مو يانغ فقد مستهم رقصة السيف هم أيضًا ولن يسهل على غوم مو يانغ الصغيرة التعامل معه
لأن لي غونجا أثبت قوله بفعله لأنه خرج من بوابة كون الشرقية وترقى من الكون الأبيض إلى الكون الأسود
لو كانت لدى موغوك مهارة قتال لكان الأمر هيّنًا
سأل غونما غوم مو يانغ بهدوء وهو يرى غضبها
لو كان هيّنًا فلماذا لم تفعليه أنت
صمتت غوم مو يانغ فقد كانت تعرف ذلك أيضًا ما يتحدث عنه غونما ليس مجرد مهارة قتال فإذا تبعت الأفعال الأقوال قويت الثقة
وعادت عينا غونما إلى الجرف
وبعد قليل سألت غوم مو يانغ
أيمكنني سؤال أخير
اسألي
أتظن أن من الأصلح لطائفتنا أن يصير موغوك شيطانًا سماويًا
ولِمَ تسألينني أنا
أظنك أصدق من في المازون جوابًا
وسرح غونما لحظة إذ أحس أن جوابه سيترك أثرًا كبيرًا في غوم مو يانغ ومع ذلك تكلم بصراحة
قبل أن أجيب دعيني أقول شيئًا واحدًا بغض النظر عن جوابي سيبقى موقفنا الرسمي الداعم لك على حاله
شكرًا لك
نظر غونما إلى غوم مو يانغ وقال بلا مواربة
أنا أكثر ترقبًا لدين الشيطان السماوي بزعامة لي غونجا
وكان جوابًا قاسيًا على غوم مو يانغ لكنه كان صادقًا
وطارت تلك الكلمات ثقيلة إلى صدر غوم مو يانغ
شكرًا لصدقك
انحنت غوم مو يانغ بأدب وبصوت مرتجف ثم استدارت وقبل أن تغادر رفعت بصرها إلى الجرف مرة أخيرة وحتى وقد نظرت ثانية لم تستطع أن تتخيل هدمه
ومضى غونما الذي كان يراقب رحيلها في الاتجاه الآخر إلى التدريب الليلي
ولم يقل له كلمة عزاء أو تشجيع
فلكل واحد جرفه الذي يجب أن يجتازه وحده
جاء أخي لزيارتي
وكان أخي، الواقف تحت ضوء القمر بثياب المحارب وحاملا سيفه، مختلفًا عن العادة
وقال أخي فورًا
فلنقتتل
وعرفت أن نتيجة هذا النزال ستحدد الخليفة وقد جاء وهو يعلم أنه سيخسر
حسنًا فقد رغبت مذ زمان أن أوسّعك ضربًا
لستُ أمزح
ولا أنا إنه أخ شرير حاول أن يغرس الخوف من فنون القتال في صدر أخيه الأصغر الذي سيغدو محاربًا، أليس جديرًا ببعض الضرب
إن كان هذا قدر ندمك فلا بأس
لا تتكلم كأن الأمر هين
مهما حدث لن أقول آسف
ولم نقل إننا نقاتل على الخلافة كما وعدنا بل تصرفنا كأننا نصفي دَينًا قديمًا
سحب أخي سيفه وسحبت أنا سيفي وهذه أول مرة نشهر فيها سيفينا أحدنا في وجه الآخر منذ قتالنا صغارًا
سيف بيتشيون في مواجهة سيف بيتشيون
كان أخي قد بلغ الطبقة 10 وبلغت أنا الطبقة 12 وحتى لو أغفلنا ذلك فالفارق في الخبرة والمهارة كان كبيرًا بحيث لا يمكن لأخي أن يغلبني
ولن أترفق به لكني بدل أن أصرعه سريعًا جعلته يستنفد كل ما عنده من أساليب
انتبه، سيأتي الجد الآن
أطلق أخي تحذيرًا جادًا وبسط أسلوب جيون تشون الأول
شش
انقض شعاع السيف ليمزقني، لكن هجومي الناسف كان أسرع وأشد
كواااانغ
دهش أخي لرؤيته الأسلوب الأول يذوب في الهواء هباء
خرج بالأسلوب الثاني وملامح الصدمة في وجهه لكنه تلاشى أيضًا أمام أسلوبي الأقوى
ثم الثالث…
ومع تتابع الأعداد ازداد يأس أخي كنت أعلم أنني أقوى منه، لكنني لم أظنه سيكتشف أنني بهذه القوة
وكان هذا شأن هيوُل تشون دوما
قال إن تثبيت القدم في الطريق القويم لأجل أخي وأنا أوافقه
عرضت كل مهاراتي حتى يشعر أخي باليأس
تلك كانت طريقته من الآن فصاعدًا ألا يتيه قلبه وأن يدرك أن عدم نيله الخلافة ليس ندمًا بل أمر طبيعي
لا بد أن أخي يرى الجدار الآن جدارًا أعلى وأعظم من الجرف الذي كان غونما يحدق فيه
ولما لم تُجد تقنية سيف بيتشيون اندفع أخي عليّ ملوحًا بسيفه لقد جاء وهو يعلم أنه سيخسر لكن لما صارت الهزيمة واقعًا تشبث بالأمل
أريد أن أكون الخليفة
لكن ذلك الإخلاص لم يسدّ فجوة المهارة بيننا
طااانغ
طار السيف من يد أخي وسقط أرضًا
حدق أخي في السيف بعينين خاويتين لحظة ثم نظر إليّ شزرًا وقال
في الحقيقة كنت أنوي أن أهزمه بهذه القبضة
إذًا فالرجال قبضة
قلت وأنا أولج سيف السحر المظلم في غمده
لكن، أتدري أنا تلميذ السيد غون
لا تستعمل أساليب السيف
غرقت في الضحك من قوله وفي مثل هذا الموقف، إن قال كلامًا كهذا، فذلك فأل حسن
نعم يا أخي سأوسّعك ضربًا حقًا
وتصادمنا قبضتين سواء كان سيفًا أم فنون قتال أم قتال قبضات فكيف يغلبني أخي
بَك بَك
أصابت قبضتي وجه أخي وجسده
هذه عقوبة على غرسه الخوف في أخيه الأصغر بسبب طمعه وعليه أن يغادر وقد فُكّ قيده
بَك هُع
لقد كانت قبضة تُقصد بها مغفرة الأخ لأخيه
ومع أنه ضُرب حتى كاد يهلك لم يستعمل أخي قوته الداخلية كان بإمكانه أن يقتنص فرصة لقتلي لكنه لم يفعل ولم يحاول
هذا هو يا أخي لهذا حاولت إنقاذك وأخذك معي ولعلي أبي رأى ذلك أولًا أيّ رجل يكون أخي
وقبل أن ينهار أخي مباشرة من فرط العجز
بَك
أصابت قبضته وجهي إصابة صافية ويبدو أنني شعرت بالأسى عليه أنا أيضًا فلو لم أرتد بالزمن لكان أخي هو الخليفة
لكن من مصلحة أخي أيضًا أن أصير أنا الخليفة فلنحي هذه الحياة أطول ما نستطيع ولْننجُ سواء صرنا أصدقاء أم خسرنا أم تألمنا
وهكذا انتهى قتال ليس بقتال
ابتسم الأخ الذي نجح في تسديد الضربة الأخيرة في رضا واستلقى على ظهره
هوو هوو هوو هوو
كل شيء كان في نفَس أخي الثقيل
وأخذ النفس يهدأ رويدًا
حتى ذلك الحين استلقيت أنا أيضًا بجواره أحدق في ليل السماء
وسألني أخي وهو مستلق
أتقدر أن تفعلها على خير وجه
ربما كان يتوقع أن أقول لا، لكنه كان ينتظر أن أقول سأفعل ولو على سبيل الاحتمال
أستطيع أن أكون الأفضل بين كل الشياطين السماوية عبر التاريخ
تبًا
صرخ أخي وهو مستلق
آآآآآآه
صرخ كأنما يكابد العذاب وكثير من أهل طائفتنا سيسمعون هذه الصرخة فهي تحدد مصيرينا أنا وأخي
وتوقف أخي عن الصراخ وزفر زفرة طويلة أطلق فيها آخر ما في صدره من أسى
عليك أن تفعلها حقًا على أحسن وجه
سأفعلها
خليفة طائفة الشيطان السماوي إن كان ثرثارًا ونمّامًا فلا وألف لا
ذلك لأني حين أكون جادًا لا أمزح أفتريدني أن أستجديك أن ألقي نكتة
لا تفعل هذا
حسنًا
لقد تخلّى أخي تمامًا عن الخلافة ولذا كان سؤاله هذا صادقًا
متى ستقتلني أعطني وقتًا أرتب فيه أموري قبل أن تقتلني
لماذا رأسك ممتلئة بأفكار سوداء ولنقل إنك غرستَ ظلامي فمن زرع الظلام فيك أنت
أنت الغريب
لقد تخلّى أخي عن كل شيء، لكن لا حاجة لذلك لأني بحاجة إلى أخ
عليك أن تساعدني من الآن
لا تهذر
أنا جاد لست بحاجة إلى أخ دمية ولا إلى أخ مجروح مكتئب أحتاج إلى أخ حقيقي
نهضت أولًا ومددت يدي إلى أخي المستلقي
بعد أن أتخلص من سلاح النار ربما أستطيع أن أعطيه لأخي فنحن لا نعرف ما الذي سيجري لنا حينها فانهض يا أخي وخذ بيدي
لكن أخي جلس من تلقاء نفسه دون أن يأخذ بيدي وقال وهو يمسح الدم من أنفه
هذا مُخزٍ
كن فخورًا لديك أخ أصغر يقتلك، أليس كذلك
أريده أنا أن أقتلك اهدأ
وفي اللحظة التالية
مدّ أخي يده إليّ كانت يدًا تمتد لتقبض علي وترفعني
ولما أبصرت تلك اليد الممدودة خفق قلبي كانت لدي أشياء كثيرة أود قولها فلم أستطع أن أقول شيئًا
قبضت على يده بقوة وشعرت أن أخي يقبض على يدي بقوة أيضًا
ورفعته بحمية
حدق أخي فيّ لحظة ثم رفع قبضته أمامي وقال
إن لم تصبح خليفة على الوجه اللائق فستتلقى مني علقة ثانية
ابتسمت لأخي وكانت أول ابتسامة أحبها
إن ضايقني أحد فهل أنادي أخي
يا لك من مجنون
ومضى أخي أولًا نحو قاعة الشيطان السماوي
كنت قد قلت لأبي إنني آخذ أخي، لكن أخي هو من يأخذني
وتعجب الشياطين القائمون على الحراسة لأن الأخوين يمشيان جنبًا إلى جنب في جوف الليل بوجوه منتفخة
ألا تحتاج إلى حمّام قبل رؤية أبيك
إن بقيت هكذا فسأريك كم أنا أخ أصغر شرس يبرح أخاه ضربًا
وقال أخي
أخبرني مسبقًا حين تهم بقتلي وحتى إن ضايقني أحد فلا بد أن تخبرني
هبّت نسمة ريح ولوّحت بأطراف ثيابنا كانت ريحًا تُعلن بداية جديدة