247
- الرئيسية
- نقاط فنون القتال: الكمال في ثانية واحدة
- 247 - قارة الخالدين المهجورة، معركة مرتبة الـ"طاو"
الفصل 247: قارة الخالدين المهجورة، معركة مرتبة الـ”طاو”
حين أشرق القمر في الشرق، خيّم القلق على قلبي لفقداني أثر صديقي القديم.
في تلك اللحظة، داخل السرّ المكنون لتسعة الجحيمات—ذلك الفضاء المستقل المنعزل عن العالم منذ زمن بعيد—كان المشهد مختلفاً تماماً عمّا يُتوقع.
لم تكن هناك ظلال قاتمة، ولا هالة شريرة كما يوحي الاسم.
بل كانت الطيور تُغرّد، والزهور تتفتح، والجو مشبع بسحرٍ سماوي يجعل المكان أشبه بجنةٍ معلقة، منفصلة عن الدنيا بأكملها.
وعلى مذبحٍ قديم مهيب، جلست فتاة فاتنة القوام ترتدي ثوباً أبيض بسيطاً، ينساب من حولها كضوء القمر، وملامحها يجلّلها سموّ روحي ساحر.
إنها شي تشينغ!
لم يبقَ في مظهرها أثر لتلك الهيبة المتجمدة التي كانت عليها من قبل.
فمع زوال لعنات دمها تدريجياً وتقدّمها السريع في مسارها الروحي، استعاد جسدها رشاقة فتاة يافعة، وبشرتها تشبه أنقى اليشم الأبيض، ناعمة هشّة، تبث نوراً خافتاً أشبه بلمعان جوهرةٍ مقدسة.
وجهها الجميل بطبيعته فقد كل أثر للبراءة، ليغدو جماله فائقاً حتى إن العالم بأسره ليبدو باهتاً أمامه!
أسفل المذبح، كانت جموع غفيرة من الرجال والنساء، يرتدون أزياء عتيقة الطراز، تتقدّهم هالات قوية من الطاقة، جميعهم ساجدون للأرض، تنضح أعينهم بالجنون والعشق المقدّس.
صرخوا بصوتٍ واحدٍ ملأ السماء:
“مرحباً… بسيدة الخلق!”
ترددت الهتافات كالرعد بين الجبال!
حدّقت شي تشينغ بالمشهد أمامها، ولمعت في عينيها الباردتين لمحةٌ عميقة من الارتباك… والعجز.
نهضت ببطء، وقالت همساً للظلّ الذي يقف إلى جانبها بصمت منذ البداية:
“كبيرتي… هذا…”
“اقبلي الأمر فحسب.”
خرج الصوت من تلك الهيئة الأنثوية المجهولة بنغمةٍ سماوية مهيبة، لا حدود لوقارها.
كانت امرأة غامضة ترتدي ثوباً أبيض بسيطاً، يغطي وجهها حجاب ضبابي.
وقفت هناك بهدوءٍ تام، كأنها جزء من العالم ذاته، يستحيل على أي مخلوق أن يدرك عمقها الحقيقي.
عند سماعها ذلك، لم تجد شي تشينغ بُداً من الإيماء بإذعانٍ خافت.
فتعالت الهتافات مجدداً من الأسفل، تزلزل الهواء حول المذبح!
نظرت شي تشينغ إلى هؤلاء المؤمنين المتحمسين، وفي ذهنها تجسدت صورة ذلك الرجل الهادئ ذي الهيبة المطلقة.
【تُرى، كيف حال دونغفانغ يوي مينغ الآن؟】
【هل ما زال في سلالة شيا العظمى؟】
【بموهبته تلك، فلا شك أنه قد بلغ مرتبة الإتقان الفطري بالفعل، أليس كذلك؟】
تمتمت بصوتٍ خافت:
“لقد وصلتُ الآن إلى ذروة مرتبة الأستاذ الكبير… إن التقينا مجدداً، ورأى ما صرتُ عليه، هل سيفاجأ؟”
【لكن… متى سأراه مجدداً؟】
عادت بذاكرتها إلى اللحظة التي خدعها فيها شي هاو وأوقعها في هذا المكان السري.
ظنّت حينها أنها ستلقى مصيراً مظلماً.
لكنها فوجئت بأن هذا المكان لم يكن “السرّ المكنون لتسعة الجحيمات” مطلقاً، بل أطلال أثرٍ قديم يُعرف باسم “معبد فتح السماء”!
وما أدهشها أكثر أن جميع من فيه قد سجدوا لها فور رؤيتها، واعتبروها حاكمة الخلق منذ اللحظة الأولى!
أما تلك المرأة الغامضة التي تقف أمامها، فكانت قوتها تتجاوز بكثير مستوى تأسيس القاعدة، ومع ذلك تُعاملها بعطفٍ مدهش، وتعلّمها كل ما تعرفه من الأسرار الروحية.
قالت المرأة بصوتٍ رخيم:
“هل تفكرين فيه؟”
رفعت شي تشينغ رأسها، وقد قرأت المرأة أفكارها كما لو كانت صفحة مفتوحة.
“كبيرتي…”
قاطعتها المرأة بهدوءٍ جليل:
“ليس الوقت مناسباً بعد. إن أردتِ مغادرة هذا المكان ورؤية النور من جديد، فعليكِ أولاً أن تبلغي مرتبة النواة الذهبية.”
“ماذا؟! النواة الذهبية؟!” صُدمت شي تشينغ تماماً عند سماعها!
“نعم.” أجابت المرأة المقنّعة وهي تومئ برأسها.
“وخطوتك الأولى هي أن تصقلي ذاتك حتى تبلغي مرتبة الفطرية المقدسة!”
“ثم بعدها، بكل قوتك، اهجمي نحو الأسطورة الخالدة… تأسيس القاعدة من مرتبة الـ«طاو»!“
“الفطرية المقدسة؟!”
“القاعدة من مرتبة الطاو؟!”
تجمّد تفكير شي تشينغ للحظة، وكأن ذهنها لم يستوعب المعنى!
فهي تعرف أن مرتبة الفطرية ذات الروح الروحية علامة على العبقرية الفائقة، أما الفطرية ذات الجوهرة فهي حدّ الأسطورة نفسه!
فما هي إذن هذه الفطرية المقدسة؟!
قالت المرأة بنبرة ثقيلة مهيبة:
“لا حاجة لأن تعرفي التفاصيل الآن. ما يجب أن تحفظيه هو أن مرتبة الـ«طاو»… لا مثيل لها في الوجود!”
ثم أغمضت عينيها قليلاً، وارتسمت على وجهها لمحة تأمل حزينة.
【منذ أن وُلد أول “فطري من مرتبة الطاو” في هذه القارة الخالدة المهجورة…】
【وقدرُ السماء والأرض بأسرهما قد استيقظ!】
【من الآن فصاعداً، كل المزارعين القادمين من خارج قارة الخالدين المهجورة سيكون لهم الحق في خوض معركة الـ«طاو»!】
【واحد فقط من بينهم سيبلغ الحقيقة المطلقة…】
【أما الآخرون… فلن يكونوا سوى أتباعٍ يلهثون خلفه!】