232

الفصل 232: عودة الساحرة، وعودة الاضطرابات

المنطقة الوسطى، حيث تقع إحدى الطوائف السبع الشريرة العظمى — طائفة الاتحاد البهيج.

على قمة جبل مكسوّ بالضباب ومفعم بهالة الخلود، تجمّعت هناك أعداد لا تُحصى من التلميذات الشابات ذوات القوام الممشوق، وهنّ يتهامسن فيما بينهن.

وكان موضوع حديثهن لا يدور إلا حول شيء واحد — انتخابات “القديسة” المقبلة.

قالت إحداهنّ بقلق:
ـ “آه… لقد اقترب الموعد النهائي، لماذا لم تعد سو ووراو بعد؟”

فأجابت أخرى بسخرية:
ـ “العودة؟ هاها، أظنها تخجل من العودة! سمعت أنها قُمعت على يد تينك الفتاتين من طائفة الماء والنار. وحتى بعد تحرّرها، لا بدّ أنها باتت ضعيفة جدّاً ولن تجرؤ على الرجوع والمشاركة في الانتخابات، أليس كذلك؟”

وأضافت ثالثة:
ـ “بالضبط! برأيي، هذه المرة لقب القديسة سيكون من نصيب الأخت الصغرى يوجي بلا شك!”

ـ “طبعاً! الأخت يوجي موهوبة على نحو استثنائي. قبل نصف عام فقط، نجحت في صقل أساس داو رفيع المستوى! في المستقبل، يُتوقَّع أن تصبح سلفاً عتيقاً في طور الروح الناشئة! أما سو ووراو، فما الذي تملكه لتقارن نفسها بها؟”

وبينما كانت الهمسات تتعالى، تقدّمت ببطء امرأة ترتدي ثوباً حريرياً زهريّ اللون، ذات جسد آسر ولكن ملامحها تحمل بروداً وغطرسة. كانت محاطة بعدد من التلميذات.

إنها لم تكن سوى “الأخت الصغرى يوجي” التي كنّ يذكرنها — تشاو يوجي.

انحنت التلميذات جميعاً فوراً، وقلن بصوت واحد:
ـ “تحياتنا للأخت الكبرى يوجي!”

اكتفت تشاو يوجي بإيماءة فاترة، بينما ومضة احتقار خفية تلمع في عينيها. ثم نظرت نحو كهف الخلود الذي كانت تسكنه سو ووراو من قبل، ورسمت ابتسامة باردة على شفتيها.

ـ “سو ووراو… أيتها الأخت الصغيرة العزيزة.”

ـ “لو لم تكوني تتفوقين عليّ دائماً، لما اضطررتُ لدفع ثمن باهظ من أجل صقل هذا الأساس الرفيع المستوى.”

ـ “لكن الآن… انتهى كل شيء.”

ـ “حين تعودين وترينني أتبوأ منصب القديسة، بينما لا يكون مصيرك سوى أن تصبحي ‘فرناً’ لأولئك العجائز، أي وجه ستُظهرينه حينها؟”

ـ “أنا… حقاً أتطلّع لذلك.”

غادرت من دون أن تُطيل الوقوف، عائدة إلى كهفها الخالد، حيث أخرجت أداة روحية من الدرجة الثانية حصلت عليها تواً من خزينة الكنوز التابعة للطائفة…

وفي الجهة الأخرى، كانت سو ووراو تشقّ طريقها بسرعة نحو المنطقة الوسطى، عندما لاحظت أن لوح الاتصال في يدها أضاء مجدداً.

كان ذلك رسالة “تحية ودّية” أخرى من تشاو يوجي.

ـ “أختي الصغرى ووراو، لم يتبقَّ سوى ثلاثة أيام على الانتخابات. إن لم تحضري… هيهي، فسأضطر إلى أن أهنئك سلفاً~”

ـ “أهنئك على أن تصبحي ‘الفرن’ الخاص بأحد الشيوخ ~”

غير أن وجه سو ووراو الجميل لم يحمل أي غضب، بل ارتسمت عليه ابتسامة مرحة ساخرة.

ثم نقرت بخفة بأناملها البلورية على اللوح، وكتبت سطراً واحداً:

ـ “حسناً.”

ـ “لكن، ولماذا أكلّف نفسي عناء الحضور لمجرد انتخابات القديسة؟”

ـ “أختي الكبرى، اذهبي إلى قائدة الطائفة مباشرة.”

ـ “وأخبريها أنني، سو ووراو، أريد منها أن تأتي بنفسها لاستقبالي.”

…

داخل كهف الخلود الخاص بتشاو يوجي في طائفة الاتحاد البهيج.

حين رأت السطر المكتوب بتلك النبرة “المتعجرفة” و”المستهترة”، تجمّدت لوهلة، ثم انفجرت غاضبة!

ـ “تلك الوقحة! هل جنّت؟!”

ارتجفت من شدّة الغيظ، حتى كادت أن تحطّم لوح الاتصال بين يديها!

ـ “تطلب أن تأتي قائدة الطائفة شخصياً لاستقبالها؟! من تظن نفسها؟!”

لكن… وبعد لحظة قصيرة من الانفعال، اجتاح قلبها شعور قوي بالقلق والاضطراب لم تستطع كبحه!

ـ “هذا غير طبيعي… غير طبيعي إطلاقاً!”

ـ “بحسب معرفتي بسو ووراو، لم تكن أبداً لتتفوّه بكلمات جنونية كهذه!”

ـ “هل يمكن أن يكون…”

خطرت ببالها فرضية مروّعة جعلت روحها ترتجف!

ـ “هل يمكن أنها… صقلت هي الأخرى أساس داو رفيع المستوى؟!”

فقد كانت تعلم أن من يتمكّن من صقل “أساس داو رفيع المستوى”، يمكنه أن يصبح مباشرة مرشحاً لمقام قائد الطائفة، ويحظى بمكانة متعالية، ولن يضطر بعد ذلك للمشاركة في أي انتخابات!

ـ “لكن… كيف يكون ذلك ممكناً؟!”

اختلطت مشاعرها تماماً.

ـ “هل عليّ… إبلاغ القائدة؟”

ـ “لا! إن كانت قد حققت ذلك بالفعل، فإنني سأجلب العار لنفسي أمامها!”

ـ “لكن إن لم أبلّغ… ماذا لو…”

وأخيراً، لمعت في عينيها نظرة خبيثة!

ـ “همف! سواء كان ذلك صحيحاً أم لا، فهي بالتأكيد لن تتمكن من العودة خلال ثلاثة أيام!”

ـ “وحين يحين الموعد، سأكون قد انتهيت من كل شيء. وحتى إن كان كلامها صحيحاً، سيكون الأوان قد فات!”

اتخذت قرارها، وعاد البرود إلى ابتسامتها، لتكتب ردّاً:

ـ “حسناً، أيتها الأخت الصغرى.”

ـ “سأذهب الآن.”

ـ “وإن كنتِ تكذبين، فانتظري العقاب وفق قوانين الطائفة~”

…

غير أن سو ووراو، عندما قرأت ذلك الرد “المهدِّد”، اكتفت بابتسامة ساخرة ملؤها الاحتقار.

وفي تلك اللحظة، داخل القاعة الرئيسية لطائفة الاتحاد البهيج…

كانت قائدة الطائفة، وهي امرأة ما تزال فتنتها آسرة رغم عمرها، تحمل هالة غامضة لا يمكن سبر غورها، تحدّق بهدوء في لوح اتصال يتوهّج بين يديها.

وكان محتواه بالضبط تقرير سو ووراو الشخصي إليها:

ـ “التلميذة سو ووراو، بفضل السماء، نالت فرصة سماوية عظيمة، وتمكّنت من صقل… أساس داو من رتبة الأرض داخل مدينة الفوضى!”

ـ “وهي الآن في طريقها للعودة.”

ـ “آمل من قائدة الطائفة أن تستقبلها بنفسها!”

وضعت قائدة الطائفة اللوح ببطء.

لكن ملامح وجهها، التي اعتادت أن تبقى ثابتة، لم تعد قادرة على إخفاء مشاعرها. فقد غمرتها نشوة لا توصف… حماس وانفعال لا يُحدّ!

ـ “أساس داو من رتبة الأرض!!!“

ـ “طائفة الاتحاد البهيج خاصتي… على وشك أن تزدهر!!!”