الفصل 6: اكتشاف وحش بحري فائق القوة؟

توقفت الملاحظات فجأة هنا دون أي معلومات لاحقة

بدت وكأن صاحبها قد اختفى

مع أنّ الباحث لم يكتب السنة في ملاحظاته، إلا أنّ شي مينغ وبالاستناد إلى تاريخ عصر السفينة التائهة حكم بأن هذا الدفتر عمره لا يقل عن 20 عامًا

أن يظل دفتر في بيئة رطبة قرب البحر كل هذه المدة، حتى مع حماية صندوق خشبي وقارب خشبي، من دون أي علامات تلف فهذا يعني أنّ مادته استثنائية

كما أنّه حصل من الملاحظات على كثير من المعلومات المفيدة، مثل تفاصيل عن عصر الطوفان العظيم

وفوق ذلك تأكّد من طريقة “الاستيقاظ” للبشر

الاستحمام بدماء الوحوش البحرية يتيح للإنسان أن يستيقظ ويرث القدرات الفريدة لذلك الوحش البحري

وبالمثل فإن دماء الوحوش البحرية المختلفة تُحدث استيقاظًا لقدرات مختلفة؛ وكلما اشتدّ عود الوحش ازدادت قوة القدرات المستيقظة

سابقًا، في مكتب القبطان، لمح القبطان أيضًا على نحو مبهم إلى أنّ الاغتسال بدم الوحوش يمنح احتمالًا معينًا للاستيقاظ

لم يكن ليصدق بسهولة المعلومات التي قدّمها القبطان

لكن إذا وُجدت مصادر أخرى يمكن مقاطعتها للتحقق فسيزداد مستوى الموثوقية كثيرًا

وقد صادف أن سجلات صاحب الدفتر جاءت لتؤكّد هذه النقطة

قال لنفسه: إنّ إمكانات هذه عين الذكاء لا حدّ لها فعلًا، بوسعها أن تساعدني كثيرًا

تساءل: هل توجد وحوش بحرية قوية على هذه الجزيرة؟ إن وُجدت، فمع الذراع القوي قد أسبق القبطان وأستيقظ سرًا على قدرة ما

حفظ الملاحظات، وعلّم موقع الزورق باستخدام إحداثيات ليسهل استرجاعه لاحقًا، ثم غادر الشاطئ واختفى سريعًا بمحاذاة الساحل

لقد حان وقت استكشاف هذه الجزيرة العائمة الغامضة

كانت الجزيرة غنية بالنباتات ومتنوعة الأنواع، بل احتوت كثيرًا من التوت ذي الثمار الممتلئة، غير أنه لم تكن هناك أي آثار لحيوانات، بل لم تكن هناك حشرات على النباتات والثمار أصلًا

تسقط ثمار التوت الناضجة طبيعيًا إلى الأرض فتتحوّل إلى هدر لنبتتها الأم

لم تكن على الأرض آثار أقدام أو روث لطيور أو لوحوش، وباستثناء حفيف الريح بين الأوراق كان السكون مخيفًا

زاد ذلك حذر شي مينغ أكثر

لم يجرؤ على أكل أي من الثمار الزاهية الألوان، ولم يكن بحاجة لذلك، أمّا العبيد الآخرون فلم تكن لديهم مثل هذه التحفّظات

كان القبطان يوافق ضمنيًا على أن يتذوّقوا طعام الجزيرة أولًا

كان شي مينغ يلتقي أحيانًا عبيدًا آخرين وقد تلطخت أفواههم بعصير التوت وهم يلتهمون الثمار النضرة بشراهة

كان هذا طعامًا شهيًا نادرًا، وكميته لا تُحصى، ولولا مجازفتهم بحياتهم في الاستكشاف لما توفّر لهم مثل هذا الطعام

لم يجرّبه شي مينغ ولم يمنعهم

واصل استكشاف الجزيرة بعناية، لا من أجل القبطان بل من أجل نفسه

كان النظام قد أسند إلى شي مينغ 3 مهام

الأولى قتل 3 مخلوقات عدائية

الثانية الاستيقاظ

الثالثة امتلاك سفينته التائهة الخاصة

ولإنجاز هذه المهام الثلاث كان عليه أن يغتنم بإحكام فرصة استكشاف الجزيرة الجديدة

في لمح البصر كان قد أمضى 3 ساعات على الجزيرة

خلال هذه الساعات الثلاث كان يستكشف مع فترات استراحة قليلة

كما أصبح الوحيد الذي توغّل أعمق مسافة داخل الجزيرة

كان الحذر والدقة رفيقيه

تربة ونبات وطبوغرافيا ونوع صخر، كان يلاحظ كل تفصيل بعناية

كان سكون الجزيرة الجديدة يشي بأمر مريب، وكان الاستكشاف سهلًا على نحو يثير الشبهة، ومع ذلك ازداد حذرًا وتوغّل أعمق فأعمق

أخيرًا أخذت الشجيرات والنباتات تختفي تدريجيًا، وفي شق صخري عريض في عمق الجزيرة التقط رائحة دم وتعفّن ليست شديدة القوة

كما سمع صوت مخلوقات تتلوّى

غرغر

غرغر

هناك شيء هنا

أطلّ بهدوء برأسه ونظر إلى أسفل الشق

كان أوّل ما واجه عينيه لونًا أحمر ناريًا

أسفل الشق سائل أحمر ناري أشبه بالحمم، لكنه لم يشعر منه بحرارة

ثم دخلت إلى مجال رؤية شي مينغ المخلوقات التي في السائل الأحمر الناري

لقد رأى لأول مرة على هذه الجزيرة حيوانات حية

كانت حشود لا تُحصى من اليرقات الدهنية تسبح وتتلوّى في الداخل

كانت كل يرقة منها بسمك ذراع طفل، وإذا امتدّت تمامًا بلغ طولها 30 إلى 40 سنتيمترًا، تبدو ممتلئة بالعصارة وبدانة على نحو استثنائي

وعلى الحافة الشبيهة بالحمم قرب الصخور، انتظمت صفوف من الشرانق البنية، متلاصقة بكثافة ولزوجة على جدار الصخر، هادئة كأنها معروضات

وبنظرة واحدة كان عددها لا يقل عن بضع مئات

حتى مع رباطة جأش شي مينغ لم يملك تفادي ابتلاع ريقه مرات

مثل هذا المشهد كفيل بأن يصيب أي شخص برُهاب النتوءات

وليس ذلك فحسب، بل إنّ فوق الشرانق البنية كانت ترسو فراشات حمراء لا تُحصى بحجم العُقبان

لهذه الفراشات أنياب ومخالب حادّة، وواضح أنها فصيلة ذات قدرات قتال قوية

كانت جميعها نائمة في تلك اللحظة، ويبدو أنها ليلية النشاط

شعر شي مينغ بشيء من الامتنان لكون الوقت نهارًا وأنه كان حذرًا كفاية

في بيئة هادئة كهذه يمكن لأصغر اضطراب أن يثير تموجات غير لازمة

وعندها، وهو يواجه وحده هذا العدد من الفراشات ذات الأنياب، قد تصبح العاقبة كارثية

قمَع انزعاجه البصري وراح يلاحظ الوضع أسفل الشق بعناية

في البلازما الحمراء، إضافة إلى اليرقات، أمكن رؤية لفائف بيضاء باهتة من اللفافة

وتحت الصخور حيث تجمّعت الفراشات برزت بشكل مبهم أشياء غليظة كالأعمدة تبدو كعظام عملاقة مدفونة عميقًا في الأرض

ثم إنّ كلما اقترب من الفتحة ازدادت قوة رائحة الدم والتعفّن التي يلتقطها شي مينغ

كان يعرف هذه الرائحة جيدًا

إنها رائحة تحلّل من مخلوق كبير بإصابة خارجية غير معالجة

عقد حاجبيه، فليس هنا مخلوق مصاب

لا، تبدو هذه اليرقات والفراشات كأنها مخلوقات تأكل الجيف

أيمكن ذلك

انبثقت في ذهنه فرضية جريئة

شدّ جسده واستلقى دون حركة فوق الشق، وثبّت حدقتيه بأقصى درجات اليقظة وهو يحدّق في الصخر المتصدّع حيث الطبقات هناك واضحة

الطبقة العليا بلا شك تربة وصخور مترسّبة، وتحتها مادة سميكة مجهولة لا تنتمي إلى أي نوع جيولوجي

بصورة إجمالية تبدو كقوقعة سلحفاة عملاقة مغطاة بصخور متراكمة

قوقعة سلحفاة

لفافة وسائل أحمر

يرقات جياف تتلوّى

ظهرت في ذهنه فرضية جريئة صارت تزداد واقعية

اخمن بجرأة وتحقق بحذر

ماذا لو لم يكن هذا الشق الصخري طبيعي التشكل، بل جرحًا على ظهر مخلوق عملاق، كسلحفاة هائلة

إذًا لن يكون السائل الأحمر في الأسفل حممًا، بل خراجًا متقيّحًا مليئًا باليرقات

وقد لا تكون هذه الجزيرة جزيرة أصلًا بل

فجأة أضاءت شرارة في عيني شي مينغ العميقتين، وبدا أن خطوط الدم الحمراء المشتعلة الممتدة من ذراعه إلى صدره تطلق توقًا لا يُضبط

شيوان وو

شيوان وو المذكور في الملاحظات، ذاك الذي كان الباحث يبحث عنه، من المرجّح جدًا أنه الجزيرة نفسها