الفصل 57

الفصل 57: جبل الذهب، نقش حجري، والجمعية السوداء

كان لدى مايكل ما يكفيه من الثقة

وجبل فوجي كذلك

منظمة «البرج الذهبي» التي يديرها، من حيث قدرات الاستخبارات، كانت بلا شك أدنى كثيرًا من منظمات التجسس في عصر اليابسة، لكنها في عصر السفن التائهة، وبالاحتماء بـ«المنارة» والعمل وسيطًا لبيع المعلومات والمنصّات، لا تكاد تجد منافسين في المحيط اللامتناهي

وما تعجز عنه هي، قد تعجز عنه غيرها أيضًا

وحتى إن وُجد من يقدر عليه، هل تستطيع جمعيتكم السوداء الوصول إليهم وهل تستطيعون الانتظار

لقد أمسكوا بهم من موضع الوجع

فوق ذلك، كانوا يتوقعون أن الجمعية السوداء لن تقبل بتكليف خاسر—فالقدرة على عرض 150 من بلّورات السماء الخالصة للبحث عن سفينة تائهة فضية عادية تعني أن هذه السفينة ليست عادية كما يدّعون، وربما تخفي سرًا كبيرًا

وبالطبع لم يكن حجم السرّ يعنيهم إلا إلى حدٍّ معيّن

كما قالوا، قيمة السمعة لمنظمة ما تفوق 150 من بلّورات السماء الخالصة

ولن يفعلوا ما يخونون به شركاءهم

راقب شي مينغ بهدوء هذه الصفقة في قناة «ليكن نور»، كعينين تقفان خلف الستار

وفي النهاية، لا شك أن الجمعية السوداء قد تنازلت

خلص التفاوض إلى أن تدفع الجمعية السوداء 150 من بلّورات السماء الخالصة، وتتلقى «فوجي» 20% أجرة وساطة، ويُسلَّم الباقي لمايكل على دفعات، على أن يرسل مايكل في المقابل «مستيقظًا» من الفئة B من نوع البحث ليقدم مساعدة استكشافية للجمعية السوداء، ضامنًا أن يعثروا على الهدف خلال 15 يومًا

وإن عجزوا حقًّا عن العثور عليه فلن يردّ مايكل سوى 150 من بلّورات السماء الخالصة ويتحمّل أجرة الوساطة، لا أكثر

وأما التعويض الثلاثي فكيف يُجرى في صفقة خاسرة

خرجت الأطراف الثلاثة راضية بهذه النتيجة

فـ«فوجي» قبضت عمولتها، ومايكل واثق من عدم الفشل، والجمعية السوداء حصلت على عون خارجي قوي يعوّض قصورها في البحث ويرفع توقع استرجاع خريطة البحر اللامتناهي إلى 90%

ربحٌ وربحٌ وربح

ومن الخاسر

طوى شي مينغ جهاز الاتصال

وبالتأكيد لن يخسر هو

بعد أن شهد الصفقة من أولها إلى آخرها وتفقّد السطح والبحر القريب كالمعتاد، مضى شي مينغ إلى المساحة المفتوحة على متن السفينة وبدأ تدريبه اليومي

فقوته الذاتية هي ورقته الرابحة الكبرى

القدرة البدنية وقوة الهجوم والتحمّل لا تزداد بإضافة النقاط فحسب، بل إن التمرين اليومي ينمّيها ببطء أيضًا، خصوصًا لمن كان مثل شي مينغ لم يمض على استيقاظه شهرٌ كامل، فهي فترة «عوائد نمو»

وخلال الأيام الماضية ثبّت كذلك آليات الترقية والاستيقاظ لأفراد الطاقم

فمتى بلغ رصيد المساهمة 100 نقطة، جاز لصاحبه أن يستبدلها بجثة «حبار ضباب» كاملة ممّا اصطاده من قاع البحر، ليغتسل بدمه ويتمّ استيقاظه

ونوع وحش بحر واحد لا يمنح شي مينغ نقاطًا إلا مرة واحدة، وهذه المواد التي لا تنفعه شخصيًا ترفع القوة الإجمالية للسفينة، وهو أمر مفيد جدًا

أما قارورة «دم القرش الأسود» من الأعماق التي حصل عليها من تشون يي فقد امتصّ قدراتها عمدًا، فزادت لديه نقطتا قدرة بدنية وتحمل

【القدرة البدنية: 58】

【التحمّل: 62】

وباتت قدرته القتالية أطول أمدًا

وموضع هذه السفينة الفضية «ترويض الأمواج» الآن ممتاز، فتركيز حجر بلّور البحر قوي، وهي على حافة البحر المفقود؛ وحوش البحر الخارجية لا تجرؤ على دخول نطاق «قناديل الضباب»، وقناديل الضباب لا ترغب في مغادرة منطقة النواة الأعلى طاقة

أتاح لهم ذلك أن يستريحوا قليلًا ويتعافوا مؤقتًا

وأضحى إنتاج حجر البلّور البحري المتقدّم يوميًا يبلغ 37 قطعة وفق التوقع

وبعد خصم 70 قطعة متقدمة استُخدمت اليوم، بات لديه 271 قطعة متبقية

ولم ينقصه سوى عدد ترقيات «دماغ الخلق»

فبالنسبة إلى شي مينغ، عدد الترقيات اليومي وعدد مرات الاستخبارات هما الموردان الأشد جوهرية، وفرص 3+1 يوميًا لا سبيل إلى زيادتها بأي وسيلة، بخلاف أمثال حجر بلّور البحر الذي يمكن الحصول عليه بشتى الطرق ويمكن تحسين كفاءة تحصيله

…

الجمعية السوداء

وقف يان داو لين مستقيمًا عند نافذة المكتب، يحدّق في البحر القريب—فقد كان جبل فوجي الغارق ينفث أحيانًا فقاعاتٍ وضبابًا ورديًّا أبيض على سطح البحر، فيبدو المشهد فريدًا

سمّاه الناس «زهرة الكرز الصاعدة في البحر»

وعلى بعد أربعة أو خمسة أمتار من خلفه وقف دا هوانغيه باستقامة، يرفع تقرير تقدم التعاون مع مايكل

لم يكن في المكتب الكبير سواهما، ومُنع كلّ السكرتارية والكتبة من الدخول في هذه اللحظة

«سيدي الجنرال، لقد أُبرم اتفاق التعاون، فهل نُسيّر فورًا سفينة للقاء مايكل في المنطقة المحددة»

«بأسرع ما يمكن»

«حسنًا»

حَوَّل يان داو لين نظره عن «زهرة الكرز الصاعدة في البحر» البعيدة والتفت إلى دا هوانغيه

«لقد اطّلع سائر كبار المسؤولين على السفينة، بمن فيهم الكبار، على ذاك التقرير عن الغرض الغريب، لكن تحت تعمّد الإخفاء لم يستطع أحد حتى الآن أن يصل بين «الغرض 108» وخريطة الملاحة في مخزن السفينة»

«وهذا يعني أن أمامي وأمامك فرصةً لنسدي خدمةً جليلة»

«غير أنّ»

راح صوته يبرد شيئًا فشيئًا

«الورق لا يغطي النار، ولن أستطيع أن أخفي الأمر عنك طويلًا، وحين يدركون الحقيقة فلن يكون لك غير مصيرٍ واحد: الموت كفّارة»

كانت عيناه صارمتين

وشعر دا هوانغيه بأن قلبه قفرٌ كالبيداء

فأصلًا، بفضل هذا «الغرض 108» كان يمكنه أن يطير عاليًا، فهذه الخريطة الملاحية غنيمةٌ نهبها من سفينة متوحشة، ويستحق عليها أكثر من نصف الفضل، لكن بسبب ابن أخيه عديم الجدوى، الذي مات ولم يفهم حتى كيف مات، انقلب عليه قبل موته، فوقع الغرض النادر الثمين في يدٍ خارجية

فتحول الفضل العظيم إلى خطيئة تكاد لا تُغتفر

يا للغيظ

«اطمئن يا سيدي الجنرال، سأذهب بنفسي هذه المرة ولن أسيء إلى المهمة»

رمقه يان داو لين بنظرة

«أنت تبقى»

همف

أتريد الفرار

وأين تُمنَح مثل هذه الفرصة

فهذا التعاون بات مضمونًا، لكن ماذا لو لم يُعثر على خريطة البحر اللامتناهي ولم تكن أنت حاضرًا، من يتحمّل إذن هذا الوزر العظيم حتى وإن كنت أملك السيطرة على «شريحة شبكة السماء» لديك وأستطيع إعدامك عن بُعد، فكيف يحمل الميت اللوم

ابقَ مطيعًا على ظهر السفينة

«أما هذه الرحلة فقد فوّضتُ مسؤوليتها كاملةً إلى ياو داو، وأنت تبقى على السفينة لتنسيق الأمور»

«ومع تدخّل اللورد ياو داو، فالأمر مضمون بطبيعة الحال»

غلى صدر دا هوانغيه من الداخل، لكنه لم يستطع الرد

فـ«التنسيق» يعني تحميله كامل المسؤولية

لكن وهو على السفينة كيف ينسّق

وعند استرداد الكنز سيذهب الفضل الأكبر بطبيعة الحال إلى ياو داو—تولّي مهمة في أزمة، وقلب الموقف، فضل من الدرجة الأولى، وبطل الجمعية السوداء

وإن لم يُسترد، فلن ينال ياو داو أكثر من توبيخ، ثم ينسحب بلباقة، وربما ينال بعض الفضل على جهده، أما الصاعق من اللوم كله فسيقع عليه

تمامًا كعاملٍ خارجي مؤقت، أو متدرّب في فريق

لا فضل، وكومة من اللوم

لكن ماذا بيده

الشيء الوحيد الذي طمأنه هو أن نفقات هذا التعاون مع مايكل واستهلاكاته جميعها من بلّورات السماء الخالصة التي استدانها يان داو لين مؤقتًا من الخزانة العسكرية، من غير أن يكلّفه دفعها، وبالطبع فإن ثروته كلها لا تبلغ هذا القدر أصلًا

«مستيقظ» من الفئة A، إضافة إلى مساعدة مايكل الخارجية وضمانه

أمرٌ مضمون حقًّا

وعلى الأقل هذه المرة نجا بحياته

ورجا عند إنجاز الأمر لاحقًا أن يحظى، استنادًا إلى صفته مكتشفًا أول لـ«خريطة البحر اللامتناهي»، ببعض المنافع الصغيرة

آه، القناعة كنز