الفصل 51
الفصل 51: تقرير تحقيق بشأن الوحش البحري المستوى S «ليفياثان»
كان الوقت ظهرًا حين استيقظ شي مينغ؛ وبعد قسطٍ من الراحة عادَت حالته إلى ذروتها
ارتدى بدلة الإبحار وخرج من مقصورة القبطان، فرأى أفراد الطاقم منشغلين بجد، ولم تكن أي وحوش بحرية أخرى قد اقتحمت خلال هذه الفترة
وبعد تفقد السطح وأرجاء المقصورات تناول الغداء الخاص الذي أعدّه لاو يانغ، ثم عاد شي مينغ إلى مقصورة القبطان
أراد أن يبحث في كنوز «هوانغشي»
لم تكن آلةُ المشروبات، ومعدّاتُ استخلاص بلورة تشيونغ، والعددُ الكبير من الأسلحة النارية عاجلةً الآن؛ فهذه الأجهزة كلّها متضررة ولا يمكن إصلاحها وتشغيلها إلا بعد ترقية «دماغ الخلق»
لم يتبقَّ لشي مينغ سوى محاولة ترقية واحدة في هذا اليوم، لذا لا داعي لإنفاقها على أمور غير عاجلة
وفوق ذلك فقد راجع المواد المطلوبة لترقية هذه الأجهزة، وكانت موادَّ أساسية مثل حجر البحر البلوري المتقدم وخام الحديد، ولا شيء معقّدًا
ما كان يثير اهتمامه الآن هو الخزنة
تساءل عمّا تُخبّئه من مفاجآت
اصطفت ثلاث خزائن في المكان الخالي من غرفة شي مينغ
وكان هواء مقصورة القبطان يعبق برائحة صدأٍ خفيفة
وبعد بعض المعالجة نُظِّفت بقايا المرجان والقشرة الكلسية الناجمة عن تآكل الملح عن الخزائن، فعاد بريقها المعدنيّ المطفأ
تهيّأ شي مينغ لفتحها واحدةً تلو أخرى
ومن باب الحيطة ارتدى طبقةً من الثياب المطاطية وقفازاتٍ مقاومة للقطع
فحص كل جانبٍ من الخزنة أمامه بعناية؛ كانت خزنة بقفل قرصيّ ميكانيكي، وقد تآكلت اللوحة التعريفية وسائر العلامات وسقطت
أخذ نفسًا عميقًا، وعادت إلى ذهنه خبراتٌ متعدّدة في فتح الخزائن
لامس الصدأ في ثقب المفتاح بمسبارٍ رفيع، يحرك الآلة الدقيقة المتآكلة أمامه كما لو كان يحرّك عقرب ساعة
مرة، مرتين…
تُقشَّر صدأٌ مدمى قليلًا قليلًا
وكانت العملية برمّتها طويلةً معقدة
لم يتعجّل شي مينغ؛ كان المسبار في يده كمشرطٍ دقيق يتلمّس داخل ثقب المفتاح حتى سمع أزيزةً خافتة، وحدث انزياح صغيرٌ عسير في قرص القفل الذي يديره بيمينه
ثنى أصابعه مركّزًا كل أفكاره في أنامله، مستنفرًا حواسه كلّها
وبعد مدة لا تُعرَف من الضبط، صحِبَتْ طَقّةً خفيفةً زوالُ المقاومة عن راحته، فدار القرص الخشن مُتثاقِلًا في يد شي مينغ، ثم ارتدّ المزلاج بصوتٍ مكتوم، وانشقّ فجأةً فاصلٌ أسود في باب الخزنة الذي كان محكمَ الإغلاق
دويّ
درع السلحفاة السوداء
اندفع باب الخزنة تحت تأثير فروق الضغط كفلّينة شمبانيا
وكان شي مينغ مستعدًا؛ فتفعّل «درع السلحفاة السوداء» في الوقت المناسب، فتصدى مباشرةً للاندفاعة
إن خفض الضغط خطوةٌ مهمة عند التعامل مع حاوياتٍ محكمةٍ مُنتَشَلة من أعماق البحر، إلا أن شي مينغ كان يفتقر إلى الأدوات اللازمة، فلم يكن أمامه سوى أن يتحمّل ذلك بجسده
حقًا إن فتح الخزائن ليس عملًا تقنيًا فحسب بل خطيرٌ أيضًا؛ فلو لم أكن مستعدًا لطِرتُ بعيدًا على الأرجح
ولحسن الحظ كانت المحتويات متينةً جدًّا ولم تتضرر
انتشرت رائحة الاحتباس الطويل في الهواء، ورأى شي مينغ أن الخزنة تحتوي على زجاجة تشغل ثلثَي الصندوق كله؛ ومادتها فريدة ظلّت سليمةً تحت الانفجار عالي الضغط
كانت الزجاجة من مادة شفافة تمامًا كأنها زجاج، مملوءةً بسائل أصفر باهت وعضوٍ مبتورٍ غريب
لا يبدو هذا العضو بشريًا؛ بل أقرب إلى عضو وحش بحري
كان سطحه مكسوًّا بحراشف وتبلورات، وفي لحمه نتوءاتٌ دائرية صغيرة
أهذا عيّنة محفوظة
وما يُحفَظ في خزنة ليس عيّنةً عاديةً بطبيعة الحال
وعند قاع الزجاجة الشفافة كان ثمة مستند أيضًا
لم يلمس شي مينغ الزجاجة التي بداخلها العيّنة؛ بل التقط المستند بيده المُقفّزة
تقرير تحقيق بشأن الوحش البحري المستوى S «ليفياثان»
ضاقَت عيناه
ليفياثان؟ وحش بحري مستوى S
إذًا أيمكن أن يكون ما في هذه الزجاجة جزءًا من طرف الوحش البحري المستوى S ليفياثان؟ أكانت هذه الدراسة منجَزةً على «هوانغشي»، أم أن «هوانغشي» كانت مكلفةً فحسب بمرافقة التقرير والعيّنة
مال شي مينغ إلى الاحتمال الثاني
فقد شعر أن «هوانغشي» وإن كانت أقوى سفينةٍ ذهبية، فهي تفتقر إلى القدرة على دراسة لحم وحشٍ بحري مستوى S
فتح الصفحة الأولى من التقرير
وكان التقرير، كما يشير عنوانه، مكتوبًا بالإنجليزية الأمريكية
ملفٌ سري للغاية: الرمز دي تي-2821-002
ليفياثان أعماق البحر
مستوى التهديد: S
مهارة استيقاظ مستوى S: «الأعلى 25» — «هوة الالتهام»
تحليل السمات الحيوية: «ليفياثان أعماق البحر» بطول 380 مترًا، يشبه اندماج سمكة مجداف عملاقة للغاية مع سمكة مرقطة البلورات، تغطيه دروعٌ حيوية خشنة سميكة من الخارج، ولا ملامح وجه في رأسه، ولا يُرَى إلا فمٌ هائل مكوَّن من مادة عباءة متبلورة…
…
…
…
منطق الحركة: يقوم بدورياتٍ وصَيدٍ على طول حلقة النار الباسيفيكية القديمة وحواف المحيط الوسطى، وينشط في طبقات الأعماق…
وسائل الفتك: ضربة نووية تحت الماء «قابلة نظريًا»…
الملحق 1: خلاصة سجلات الرصد الرئيسة
الملحق 2: خلاصة أبحاثٍ على جزء من جسد ليفياثان
الملحق 3: قائمة ترتيب مهارات الاستيقاظ المستوى S «المعروفة»
وهكذا إذن
فهذا الشيء الشبيه بنصف مخلب هو فعلًا جزءٌ من جسد «ليفياثان»، وقد وضع كاتبُ التقرير بعد دراسةٍ دقيقة لهذا الجزء عدةَ طرائق لاصطياد «ليفياثان»
كما هو متوقَّع، وحوش المستوى S مواردُ للبشر
وتذكّر جزيرة السلحفاة التي خَبِرَها من قبل
فلو اكتشفت قوى السفن الملكيّة «شيوان وو» لَسعت هذه المنظماتُ إلى كل وسيلةٍ لصيده
غير أن «شيوان وو» في سباتٍ بنشاطٍ يقترب من الصفر، وفي المحيط اللا متناهي لا تغطي آثار البشر سوى جزءٍ يسير—حتى في عصر التقنية كان من العسير استكشاف كل زاوية من البحر، فضلًا عن العصر المتراجع لعهد السفن التائهة الآن
فعدم اكتشافه أمرٌ طبيعي تمامًا
كما أن القوة القديمة لليابان لم يكن لديها حتى مستيقِظ مستوى S، ما يبيّن نُدرتهم
هذا الجزءُ من نسيج «ليفياثان» لا أدري إن كان لا يزال نافعًا بعد هذه السنين، لكن سأحتفظ به على أي حال
وبالمقارنة فإن الأثمن هو المعلومات بين يديّ
لقد حُفِظت المعلومات في خزنة، و«هوانغشي» اصطدمت «بمدّ الفقد»، ما يعني أن التقرير لم يصل إلى «المنارة» في النهاية، فضاعت ثمرةُ بحثٍ شاق
أما قائمة ترتيب مهارات الاستيقاظ المستوى S في الملحق
فقد كانت مثارَ اهتمام شي مينغ أيضًا
لم يكن يهتم بالمحتوى فحسب، بل بما هو أهم: من الذي وضع هذه القائمة
فلا يقدر على وضعها إلا شخصٌ أو كائنٌ رأى كل مهارات المستوى S
أيوجد مثل هؤلاء في عصر السفن التائهة
عثر عند نهاية المستند على الملحق المقابل، صفحةٌ رقيقة سُجِّل فيها—
7، «الثقب الأسود» — ؟؟؟
19، «المصفوفة اللامتناهية» — ؟؟؟
25، «هوة الالتهام» — «ليفياثان أعماق البحر»
34، «موت الحرارة» — ؟؟؟
67، «مدّ الفقد» — «حوت اندفاع المد»
98، «عين نسج الأحلام» — «يشم البحر»
99، «أمت ثم عِش» — ؟؟؟