الفصل 41

الفصل 41: غنائم الحرب

هسس—

من المعلوم أن الأخطبوطات بلا حبال صوتية، لكن الأخطبوط العملاق الذي واجهه شي مينغ والبقية أطلق صرخة حادّة للغاية في اللحظة التي بُتِر فيها أحد أذرعه

انتصبت أذرعه السبع الباقية في تلك اللحظة، واندفعت موجة صوتية عالية التردد تهز طبلة الأذن كأنها تسونامي

ولحسن الحظ كانت السفينة التائهة قد أتمّت تشغيلها أخيرًا في تلك اللحظة؛ ورغم أن أفراد القيادة ارتبكوا قليلًا وخلت أذهانهم لبرهة تحت تأثير الموجات الصوتية، فإن السفينة زمجرت بالحياة، وقبل أن تهوي الأذرع السبعة الأخرى، ابتعدت بأقصى سرعة ممكنة عن الوحش البحري الغاضب وتجنبت ضربةً قوية

راحت الأذرع السبعة الهائلة للأخطبوط تصفع سطح البحر وتنوح وتنتحب بلا توقف

وقد همّ بأن يلحق بذلك الوحش الفولاذي الهارب ويدمّره

لكن جسده الكبير المترامي جعله أقل خفة، ومع بتر ذراعٍ ضخمٍ واحد عجزت سرعته عن مجاراة سفينة شي مينغ التائهة، فلم يملك إلا أن يحدّق عاجزًا فيما الوحش الفولاذي يحمل ذراعه المبتور العملاق ويختفي في البعيد

غراااه—

أثارت أذرعه السبع أمواجًا شاهقة، ولقي عدد كبير من أسماك البحر البريئة حتفها في اللطمات العملاقة

بل إن جثث الأسماك تمزقت إلى أشلاء تحت غضب الأخطبوط اللامرئي، وظلّت تطفو على سطح بحرٍ لم يهدأ تمامًا

آه

غرس شي مينغ سيفه الأفقي في السطح، ورفع رأسه وزفر زفرةً ثقيلة

لو لم يجعل من نفسه ترسًا قبل قليل ليصدّ ضربة ذراع الأخطبوط العملاق لتعرّض جسر هذه السفينة لأضرار جسيمة، ولساءت فرصة الفرار السريع، ولكانت الخسائر فادحة

ولحسن الحظ لم تَصُدّ الضربةُ الهجمةَ فحسب، بل نجحت أيضًا في بتر ذراعٍ من أذرع ذلك الوحش

أكلتَ طرائدي إذن؟ فلتعُضَّ ذراعك ثمنًا لذلك

كان جسد شي مينغ في تلك اللحظة مغطّى بخليطٍ من الدم الأزرق والأحمر كأنه لوحة شوارع تجريدية

الأزرق من دم الذراع المبتورة للأخطبوط، والأحمر من الدم الذي ترشّ عندما قطع رأس سمكة الطيران القشرية القرمزية قبل ذلك

وقد صار قميصه الداخلي أيضًا «عملًا فنيًا» لا يصلح للارتداء

وفي الأثناء ظلّت الذراع الضخمة المبتورة على السطح تتلوّى بعنف وتنتفض، كدودة رُشَّ عليها الملح، تكاد تجنّ التفافًا وانبساطًا وتقلبًا وزحفًا… ولم يجرؤ أحدٌ غير شي مينغ على الاقتراب منها

وهذا مجرد انعكاسٍ غريزي لذراعٍ مقطوعة لا قدرة هجومية لها

قائد، أأنت بخير

أنا بخير، هيا تفقدوا إن كانت السفينة التائهة أصيبت بأذى وأصلِحوا ما يلزم فورًا

حاضر

ازداد إعجاب أفراد الطاقم الذين شهدوا قتال شي مينغ مع الأخطبوط بقبطانهم من أعماق قلوبهم، فالأخطبوط العملاق الذي يبلغ نصف حجم السفينة التائهة ليس وحشًا بحريًا عاديًا، ولو صادفته سفينة تائهة معتادة لاستحال عليها أن تنجو بلا خسائر، وحتى حين كان تشون يي يقود فريق الاستكشاف في ذروته لما نالوا ميزة، وكان نصف الطاقم على الأقل سيهلك

بل إن الإبادة الكاملة لم تكن مستبعدة

وتلقّى شي مينغ، وقد تلطّخ بالدم ثانيةً، إشعارًا جديدًا من النظام

طن

تهانينا، لقد بتَرتَ ذراعًا هائلًا من الوحش البحري المستوى B «الصياد ذو الأذرع الثمانية»، واغتسلتَ بدمه، وكعادتك ابتلعتَ بقوة كل الطاقة في الذراع المبتورة

حصلت على المهارة المستوى B «إغراء العضو المبتور»

إغراء العضو المبتور: عند مواجهة الخطر يمكنك طوعًا بتر أي طرف لاستدعاء انتباه العدو كلّه بالقوة

المهارة «إغراء العضو المبتور» دون المستوى A وقد تم استيعابها والتِهامها بواسطة المهارة المستوى S «درع السلحفاة السوداء»، ما رفع مقاومة المضيف للضربات بصفة ملحوظة

مقاومة الضربات: 8

حتى دون تفعيل «درع السلحفاة السوداء» أصبحتَ أصلب تحمّلًا

انعقدت شفتا شي مينغ بابتسامة جانبية وهو يرى إشعار النظام

الأخطبوطات تشبه البرص قليلًا، فعندما تواجه تهديدًا قويًا قد تبتر أحد أذرعها طوعًا لتجذب انتباه العدو وتمنح نفسها فرصةً للهرب

حسنٌ أنه التُهِم، فمهارة كهذه بلا طائل لو بقيت عنده لزادت عبئًا

والأفضل أن تضاف إلى الخصائص

ومن ملاحظة الهامش يتبيّن أنه ما دامت المهارة دون المستوى A فإن مهارةً مستوى S ستلتهمها ثم تحولها إلى قوةٍ تعزز صاحِبها

إنها فعلًا مهارة مستوى S متسلطة

وهذا واضح أنه يصقله ليصبح رجلًا متكامل القدرات

مسح شي مينغ الدم عن وجهه وتذكّر مهارته الأخرى المستوى S «أمتْ ثم عِش»، فهذه المهارة السلبية القوية ظلّت دائمًا حاضرة بصمت ولم يره يلتهم أي مهارة أخرى

أعاد شي مينغ سيفه الأفقي وتقدم نحو الذراع المبتورة، يمعن النظر في ساق الأخطبوط الهائلة التي قُطعت من منتصفها بقطعٍ نظيف

لم تعد درجة الالتواء في الذراع المبتورة جامحة كما كانت، وهذا ما سمح لشي مينغ أن يرى تفاصيلها الخارجية بوضوح

مصاصات دائرية لا حصر لها مصطفّة بكثافة وانتظام، تنفتح وتغلق وتنقبض بإيقاعٍ ثابت كأضواء تنفّسٍ في أجهزة إلكترونية

وسطح الجلد الزلق للمصاصات يحمل براعم لحميةً ونتوءاتٍ صغيرة كالمحار الذي يلتصق بالصخور، ومنظرها يسلب الاتزان

وتسرّب مقدار صغير من الدم الأزرق من موضع القطع النظيف، وتجمّع على السطح

لم يعد في ذلك الدم أي أثرٍ لقدرة استيقاظ، فحين انفصلت الذراع عن الأخطبوط وسال الدم الطازج على جسد شي مينغ كان الرسم الأحمر على ذراعه اليمنى قد امتصّه كليًا

نظر شي مينغ إلى الرسم الأحمر على ذراعه اليمنى وتذكّر أنه أثناء استيقاظه في «بركة دم شيوان وو» التهم بجنون طاقةَ بركةٍ بأسرها، تاركًا بركةً مكتظة بالديدان بلا موئل

يا له من تغوّل

دم الأخطبوط الأزرق هذا غير نافع، لكن لحم الأخطبوط ينبغي أن يحتفظ ببعض طاقة وحشٍ بحري قوي، فإن أمكن تناوله بأمان فلا بأس بتوزيعه على أفراد الطاقم، فقد يعزّز بنية أجسامهم قليلًا كي لا يكونوا بلا حيلة تمامًا عند مواجهة الخطر مرة أخرى

غير أن مظهر هذه الذراع كافٍ لسلب الاتزان، ومن يقدر على أكله ليس شخصًا عاديًا

وأعاد هذا إلى ذهن شي مينغ «فطيرة ستارغيزي» الزرقاء التي رآها في حياته السابقة

فهي ليست بعُشر قبح المصاصات والنتوءات اللحمية أمامه

وبينما يراقب أفراد الطاقم وهم ينشطون في السفينة ازداد رضا شي مينغ، إذ كان سقف توقعه منهم أن يحافظوا على معدات السفينة وألا يعيقوا العمل ولا يُفسدوه في اللحظات الحرجة، وفي المواقف العاجلة كانت سرعة استجابتهم كافية

ولا يمكن لتشغيل هذا الكمّ من المعدات في السفينة أن يستغني عن أيدي هؤلاء

وطبعًا، إن برزت موهبة قابلة للصقل لدى واحد أو اثنين فلن يبخل شي مينغ عليهم بالرعاية

بإمرة شي مينغ قُطّعت الذراعُ المبتورة التي فقدت حيويتها وارتخَت إلى قطعٍ في حجم الجذوع، ثم حُمِلت إلى قاعة طعام السفينة التائهة في الطابق السفلي سالب 2

التقشير والتنظيف ونزع الأعصاب والدق… سيتولى لاو يانغ هذه كلها بنفسه ليقدّم للطاقم وليمة أخطبوط

وبالنسبة لأفراد الطاقم العاديين فإن لحم وحشٍ بحري المستوى B يعد متعةً نادرة على المائدة

وفوق ذلك فالكمية كثيرة إلى درجة أنهم لا يستطيعون إنهاءها كلها