الفصل 39

الفصل 39: صيد وحوش بحرية من الفئة D

راودت شي مينغ أكثر من عشرة أسماء على التوالي لكنه لم يرضَ حقًا عن أيٍّ منها

سواء تعلّق الأمر بتسمية أشخاص أو سفن فالأمر شديد الصعوبة، فالأسماء الجيدة التي تحمل رؤىً وطموحات نادرة المنال؛ تومض الفكرة أحيانًا فتقود إلى اكتشاف لامع، وأحيانًا يرهق المرء ذهنه ولا يحسم قراره

كلما سعيت لها بتكلّف ازددت تيهًا

لا بأس، هذا الأمر غير عاجل على أي حال، التركيز الآن أن نتجه إلى الموقع المعلَّم على تلك الخريطة لنتحقق من وجود وحش بحري من الفئة D فعلًا، فإن وُجد جرّبتُ صيده، ورغم أن أثر اغتسال مُستيقِظ من الفئة S بدم وحش من الفئة D لن يكون مثاليًا، فإنه يستحق المحاولة

وإن لم يوجد فبوسعي أيضًا تخزين شيء من دم الوحش البحري كي يتمكن شي دُن والآخرون مستقبلًا من أن يصيروا مُستيقِظين

على المحيط الذي لا ينتهي يصعب أن تحيا أفضل إن سرت منفردًا

بناء قوة حقيقية تخصّني هو خير مخرج

بعد ترقية سرعة السفينة الجائلة ازدادت السرعة بالفعل، وأخذت الآلات الهادرة تعمل بوتيرة عالية تاركةً شريطًا أبيض على صفحة البحر

قبطان، أمامنا إحداثية البحر التي حدّدتها، هل نخفّض السرعة على نحو مناسب ونبحث عن موضع ملائم لتهدئة الأمواج

سأل الملاح رأي شي مينغ عبر جهاز الاتصال

يمكنكم الإبطاء، لكن اجعلوا الحركة أضخم أثرًا

البحر مملكة الوحوش البحرية، ومعظمها القوي لا يخاف هذه الهياكل الفولاذية الطافية، فتجول متبخترة وتستفزّ كثيرًا سفنًا جائلة منخفضة الرتبة وسفنًا برية، وفي الأعوام الأولى لدخول البشر عصر الانجراف دُمّرت سفن برية لا تُحصى وهلكت أطقمها تحت هجمات الوحوش البحرية

خلع شي مينغ زي القبطان الثقيل وصعد إلى السطح، يتدلّى السيف المعترض عند خصره، ومسدس المستوى 4 عند جانبه

زي القبطان ضعيف الحماية ويعيق الأداء القتالي كثيرًا

مضى زمن طويل منذ خاض قتالًا خالصًا بحق

غير أن البحر هنا هادئ، لا يوحي بوجود وحوش بحرية قوية

ارموا سمك البحر المخمَّر في الماء

وقف شي مينغ عند لوحة التحكّم يُصدر الأوامر

مفهوم يا قبطان، هل سنصطاد اليوم أيضًا

نعم

ابتسم شي مينغ وهو يمسح سيفه المعترض

اليوم نصطاد الكبير

تهادت السفينة على صفحة البحر في تهدئةٍ للأمواج، وبدأ الطاقم ينشغلون

الاستدراج المتقدّم يتطلب غالبًا مكوّنات خاصة، وسمك البحر المخمَّر رائحته كريهة لاذعة لكنه يجذب وحوشًا بحرية قوية كثيرة، فغطّى الطاقم أنوفهم ورفعوا دلاء السمك وألقوها من حافة السفينة الجائلة

بلب… بلب

تقاذفت الأسماك العفنة إلى البحر، وطفت واحدًا واحدًا على السطح، فزمّ شي مينغ حاجبيه من شدّة النتن

لكن حاسة الشم عند البشر تتأقلم سريعًا، وبعد قليل اعتاد الرائحة

وقف في الموضع الأبرز عند طرف السطح بعينين حادّتين وعضلات مسترخية ويده اليمنى على السيف المعترض عند خصره ينتظر بصبر

هو اليوم صيّاد، وأهم ما يحتاجه الصيّاد هو الصبر

مضت عشر دقائق وبضع

رش… رش

توسّعت تموّجات على البحر وطفَت فقاعات ضخمة واحدة تلو الأخرى، وتقلّب تحت السطح ظلّ داكن كبير

أقدَم

عرض الصيّاد نفسه طُعمًا

حبس شي مينغ أنفاسه واستعدّ للقتال

وتأهّب لتفعيل مهارة الفئة S «درع السلحفاة السوداء» في أي لحظة

ولم يدع سائر الطاقم يستعملون أسلحة حارّة للمساندة، فوحوش الفئة D أسهل نسبيًا، وهذه فرصة نادرة للتمرّن على السيف، ثم إن بصره صار أفضل بعد استيقاظه وأكل سمكة الترويتة الزرقاء

حركات خفيفة تحت الماء لا تفوته

ها هو

كان سمكًا بحريًا ضخمًا مشوّهًا شرسًا بانحناءات مبالغ فيها وحادّة، يغطي جسمَه قشورٌ حادّة، وعلى رؤوس القشور أشواك معقوفة بارزة، وفمه كخنجر لامع، وصفّ أنياب هائلة يلمع تحت الماء ببرودة

هيئة مميزة بالفعل

وكانت الزوارق التي يركبها البشر بطول 3 أو 4 أمتار فقط، أما حجم هذا السمك فمماثل لقارب مجوّف أكبر قليلًا

سأسمّيك السمكة القشرية إذن، ستكون أول وحش بحري أصطاده

نظر شي مينغ إلى هذه السمكة القشرية ومنحها اسمًا على عجل

لم تكن مهارته في التسمية جيدة، لكنه ظنّ أن السمكة القشرية لن تكترث

عادةً ما تكون وحوش الفئة D أقوى قتالًا من معظم مُستيقِظي الفئة D، لكنها تفتقر إلى مكر ودهاء الكائنات العاقلة، وبوصفي مُستيقِظًا من الفئة S إن لم أثق حتى بقتلها فذلك لا يكون إلا فشلي

وووش

سبحت السمكة القشرية تحت السطح تُطلق صرخات غرائبية، وقد شمّت فريستها، والكائن الواقف على السفينة يحدّق بها له جاذبية لا تُقاوم

إنه طعام لم تتذوقه من قبل

سوش

إنه غريزة الافتراس

فقد قفز جسد السمكة القشرية الهائل خارج سطح البحر مباشرةً كأنه سهم انطلق من قوس، منقضًا على شي مينغ

وفمها الحاد كسيف قاطع يندفع بسرعة، وعلى بطنها المُقشّر أربعة مخالب غريبة

برمائية

إنها سمكة طائرة مدببة الفم، قاسية جدًا، احذر يا قبطان

في اللحظة التي وثبت فيها السمكة القشرية وانقضّت، ومض شي مينغ جانبًا ليتفلّت إلى حافتها، ثم ومضت في عينيه لمعة باردة وانفجرت قوة جسده كلّها متدفقةً في ذراعه مباشرةً

أتظنها مباغتة

وخفتَت العلامات الحمراء على ذراعه اليمنى خفوتًا يكاد لا يُرى

لمع ضوء فضي كالبرق، تحرّكت يد شي مينغ وسقط سيفه بضربة هابطة خاطفة لا ترحم، فاتجه حدّ السيف المعترض إلى عنق السمكة القشرية، ورشّة ماء، ومن أعلى إلى أسفل شقّ القشور القاسية في العنق وقطع الرأس بضربة واحدة

طَق

انفصل رأس السمكة القشرية مع فمها الحادّ عن الجسد وطارت، وتدفّق دم طازج غزير كنافورة يغمر شي مينغ، فتشبّعت سترته الوحيدة على الجزء العلوي من جسده، وانساب دم ساخن مالح على بشرته إلى السطح

ارتطم الرأس الضخم بالسطح بقوة، لكنه لم يفقد حياته فورًا، وظلّت أسنانه الحادة تعضّ الفراغ

أما النصف السفلي من السمكة القشرية فانزلق على حافة السفينة وسقط إلى البحر

وحتى من دون رأس ظلّ يضطرب بجنون على السطح

منعش

قصير كان القتال لكن اندفاع الدوبامين كان قويًا

التقط شي مينغ نفسين عميقين، فحمّامه الدافئ بدم الوحش من الرأس حتى القدمين، ومشهد نفث الوحش البحري لدمه أشعل الحماسة في صدره

وتقدّم شي مينغ الملطّخ بالدم إلى رأس السمكة الذي ما زال يعضّ ويكافح، ووجّه السيف المعترض إلى مركز الرأس وغرزه بعنف ثم سحبه سريعًا، كانت السمكة القشرية قوية الدفاع، لكن مع القوة المضافة من ذراعه اليمنى شقّها بسهولة

وأخيرًا خمد بريق عيني السمكة العكرتين، وبعد طقطقات قليلة من أسنانها الحادة سكنت تمامًا

انذهل أفراد الطاقم المراقبون جانبًا

أقَتل قبطانُهم وحشًا بحريًا في ثوانٍ معدودة

هذه السمكة الطائرة مدببة الفم التي عانوا تحت قيادة تشون يي لمواجهتها، ولم تخترق رصاصاتهم دفاعها، جرى قطع رأسها بهذه السهولة

ما بالكم واقفين، أسرعوا وانتشلوا جثة الوحش البحري

أعاد شي مينغ سيفه المعترض وصرخ

ولأنه اغتسل بدم الوحش البحري الطازج أثناء القتل فقد حمل ذلك الدم الساخن قوة غريبة تسلّلت عبر بشرته إلى عضلاته، لكن يا للأسف كانت هذه القوة كالفارق بين القاع والقمة مقارنةً بما ناله سابقًا في بركة دم السلحفاة السوداء

تنبيه

تهانينا، لقد قتلت وحشًا بحريًا من الفئة D: السمكة الطائرة القرمزية المكسوّة حراشف

بعد الاغتسال بدم الوحش حصلت على مهارة من الفئة D «الضربة الطائرة»، وبسبب انخفاض مستواها استوعبتها المهارة من الفئة S «درع السلحفاة السوداء» وابتلعتها، ما زاد سرعة المضيف وقدرته على التحمل قليلًا

ماذا

لا، ولو كانت لقمة صغيرة فهي طعام، وحتى أصغر مهارة تظلّ مهارة، لست أرفضها

لكن درعك أيها السلحفاة السوداء متسلّط أكثر من اللازم، لماذا ابتلعتَ مهارتي