الفصل 37
الفصل 37: تخمين جريء
أما عن الحليف الذي ذكره الطرف الآخر هه هه
شخص لم يلتقِ به قط ولا يكشف عن هويته هل يمكن عدّه حليفًا
بدأ شي مينغ يحدّس هوية الطرف الآخر ونيّاته
أولًا يمكنه استبعاد أيّ شخص من ساكورا
فقد كانت نايلوئي في حال يُرثى له طوال الثلاثين سنة الماضية ولا تبدو صاحبة خلفية
لو كان لها نفوذ في المجتمع الأسود لما هبطت إلى هذا الدرك أصلًا فساكورا بأسرها لا تملك موارد كثيرة يراها شي مينغ ذات قيمة من ذلك الصنف الذي لا يكترث به المغيرون
أهو خصم سياسي لدا هوانغيه
يعرض نفسه للانكشاف ليحذّره من خطر وشيك كم مكسبًا سيجني ليمنع دا هوانغيه من استرداد كنز السرّ ثم ينتهز الفرصة للهجوم عليه
أو لعل هذا «التنبيه الحسن النية» يفهم القيمة الحقيقية لهذا الكنز ويعتقد أنه بوجود الكنز في يده سيملك حظًّا أوفر في اعتراضه
لم يردّ شي مينغ على تلك الرسالة
وازداد شعوره بأن «الخريطة الملاحية» ليست بسيطة
أخرج الخريطة ثانية من تخزين نظامه وفَعَّل هذه الخريطة الغريبة بقوة استيقاظه مرّة أخرى ثم وضعها على الطاولة وشرع يمعن النظر فيها بعدسة مكبّرة
وبعد بحث طويل لم يجد على الخريطة سوى نقطتين أو ثلاث نقاط سوداء صغيرة كلها ضمن نحو 3000 ميل بحري من إحداثياته الحالية
لا اكتشافات أخرى
«لا لعل منهجي في التحري كان خاطئًا»
«ربما عليّ تغيير طريقة التفكير»
«فلنفترض… أنني مكان تشون يي فكيف سأستعمل هذه الخريطة»
سحب القوة التي ضخّها في الخريطة وانتظر حتى عادت خريطةً عالمية عادية ثم أخرج قنينة «دم القرش الأسود» التي كان القبطان السابق تشون يي يصونها بعناية وأخذ قطرة بحذر ونقّطها على حافة الخريطة
وكان هذا الدم بذاته بادئ استيقاظ للبشر لذا يمتلك قوةً لتفعيل الخريطة الملاحية كأنه تشون يي يشغّلها بنفسه
هووش—
تبدّلت الخريطة مجددًا
فالخريطة التي عادت إلى حالتها الأصلية انقلبت أزرق لازوردية مرة أخرى
لكن هذه المرّة مختلفة
اتّسعت عينا شي مينغ
إذ بدت على الخريطة الزرقاء دائرة مركزها موضع شي مينغ الحالي ونصف قطرها نحو 20 سنتيمترًا وقد غصّت داخلها نقاط سوداء صغيرة لا تُعدّ
مئات
بل
أكثر
وكلّما اقتربت النقاط السوداء من إحداثيات شي مينغ ازداد سوادها أمّا نقاط حافة الدائرة فخافتة السواد تكاد لا تُرى
ومن هذا يمكن استنتاج أن دائرة نصف قطرها 20 سنتيمترًا قد تكون نطاق رصد الخريطة الملاحية
وبين ذهوله التقط شي مينغ تفصيلة بدقّة
«حين فعّلتها بقوة شوانوو كانت النقاط داخل الدائرة قليلة جدًّا نقطتين أو ثلاثًا ومنها موضع شوانوو»
«لكن حين فعّلتها بدم القرش الأسود ظهرت النقاط داخل الدائرة مكتظة وعلى الرغم من وجود نقطة عند موضع شوانوو فهي باهتة نسبيًا وواضح أنها ليست كالسابق»
«شوانوو وحش بحر من الرتبة S بينما القرش الأسود مجرد وحش بحر من الرتبة D»
«أتكون طرق التفعيل المختلفة للخريطة تعطي تغذية راجعة مختلفة»
افترض بجرأة وتحقّق بحذر
خمّن شي مينغ مبدأً لهذا «كنز السرّ» وهو
كلما كان المستخدم أقوى كان أثرها أقوى
فإن استخدمها مُستيقِظ من الرتبة S رصدت وحوش البحر من الرتبة S
وبناءً على المعلومات المتاحة افترض شي مينغ بجرأة أنه إن حفّز مُستيقِظ من الرتبة S قدرتها أظهرت الخريطة مواقع وحوش البحر من الرتبة S التي يمكنها رصدها
وإن حفّزها مُستيقِظ من الرتبة D أظهرت الخريطة مواقع وحوش البحر من الرتبة D التي يمكنها رصدها
وكلما اقترب وحش البحر من موضع المستخدم اشتدّ سواد النقطة السوداء
لكن هذا لا يعني إمكان مصادفتها على سطح البحر فمعظم وحوش البحر القوية تنشط في أعماق البحر أو أعمق
وبمعنى آخر قد تعتمد قوة الخريطة الملاحية على رتبة المستخدم نفسه
ومن المؤسف أن هذا الكنز القوي منذ أن وقع في يد المجتمع الأسود كان كدرةٍ غمرها الغبار فلم يُكتشف مكنونه الحقيقي قط
وهو مفهوم أيضًا فالمجتمع الأسود لا يملك مُستيقِظين من الرتبة S أصلًا
وحتى لو وُجد مُستيقِظون من رتبة A أو B فربما لم يخالطوا هذا الكنز فعليًا لمكانتهم الأعلى أو لأسباب أخرى
وهكذا استعارها تشون يي بسهولة ثم آلت الآن إلى يد شي مينغ
… …
بطبيعة الحال ما سبق كله حدس من شي مينغ
ولم يُثبَت بعد عمليًا
وقد تنطوي فرضيّته على جوانب غير وجيهة بسبب نقص المعلومات
لكن لا بأس فالإثبات ليس عسيرًا إنما العسير أن لا تملك خيطًا
وسيستكشف لاحقًا الوظيفة الحقيقية لهذه الخريطة تدريجيًا
«إن صحّ الاستنتاج فهذه الخريطة كنز رائع دون شك»
حدّق شي مينغ في الخريطة المبسوطة على مكتب عمله ونظر إلى النقاط السوداء المكتظة في البحر المحيط وعيناه تتلألآن
كانت الخريطة خريطة عالم بحجم رُباعي القطع ومقياس رسمها صغير جدًا 1:30,000,000
وكل سنتيمتر على الخريطة يمثّل 300 كيلومتر في العالم الحقيقي أي 162 ميلًا بحريًا
ونصف قطر دائرة رصد الخريطة 20 سنتيمترًا فإن صحّ ظنّه فهل يعني ذلك أن الخريطة قادرة على رصد وحوش البحر ضمن مدى يصل إلى 3200 ميل بحري
وفي الوقت نفسه باستخدام شدة سواد نقطة شوانوو الطافي على سطح البحر خطًّا أساسًا هل يمكنه استنتاج عمق موضع وحش البحر تحت السطح من تدرّج سواد النقاط الأخرى
قابلية التشغيل عالية جدًا
فعند المرتزقة غالبًا ما يختبئ جوهر المعلومة في أحكام دقيقة على التفاصيل
وبفضل قدرة شي مينغ على التحليل الاستخباراتي التي صقلتها مهماته التقط ذلك بحدّة وافترض هذا الاحتمال
… …
منطقة بحر ينبينغ
خط طول 138 شرقًا وخط عرض 35 شمالًا
ضباب كثيف يملأ الجو
تبدو سفينة «المجتمع الأسود» الهائلة من مستوى جنرال طَودًا في الضباب الكثيف لا تكاد تُرى
وفي مكتب ما على هذه السفينة التائهة العملاقة كان دا هوانغيه يرفع تقريرًا إلى رئيسه المباشر «أميرال غزو البحر» البارز يان داو لين
«أميرال يان داو لين أعلن معهد أبحاث شي رانغ التابع لـدا يوي مؤخرًا أنه فكّ بعض النقوش من اللوح الغامض على قمة إيفرست
هل نتواصل معهم قريبًا لشراء بعض المعلومات»
«معلومات معهد شي رانغ باهظة دائمًا
هل أفصحوا عن نوع هذه المعلومات»
جلس أميرال غزو البحر يان داو لين في هيئة مريحة جدًا على أريكة من جلد غزال
وكان في هذه اللحظة يطالع الوثائق في يده وهو يتباحث شؤون الحكم مع مرؤوسه دا هوانغيه
«يقال إنها قائمة لائحة تصنيف لذخائر نادرة خاصة في المحيط اللامتناهي لكنها النصف السفلي فقط»
بعد مجيء عصر التيه صارت قمة إيفرست واحدة من مناطق قليلة لم تغمرها مياه البحر فدُعيت الملاذ الأخير للأرض
وقد استكشفها الناجون من البشر مرّات واكتشفوا على نحو غير متوقع لوحًا حجريًا غامضًا في قمتها
وكانت كتابته ثلاثةً وثلاثين ألف حرف لكنها لا تنتمي إلى أي نظام كتابة معروف
وخلف اللوح لوحة صخرية أيضًا
وبإلهام من تلك اللوحة الصخرية ومن خلال مغامرات شاقّة لبعض روّاد البشر اكتشف الناجون طريقة الاستيقاظ
فكّر يان داو لين طويلًا
«سنشتريها»