الفصل 32
الفصل 32: تنين مهاكالا
«أنا أيضًا من سلالة أرستقراطية. اسمي نايلوئه. قد لا تكون سمعت بعائلة نايلو، لكنها كانت لوقتٍ من الأوقات بارزة فعلًا»
نظر شي مينغ إلى ملابس القائدة نايلوئه
على ثياب الصيد كانت شارة العائلة، غزالٌ أليف
وبالطبع فمعظم الشبان المولودين في عصر السفن التائهة ربما لم يروا غزالًا قط، ولا يعرفون هذا الكائن الذي كان يعيش على اليابسة
«كل ذلك أمجادٌ مضت وانتهت. حين حلّ عصر السفن التائهة غمر البحرُ جبل فوجي، وعندها فقط صار للإمبراطور الرؤوف و«الجمعية السوداء» القدرة على التوغل عميقًا في البركان لاستكشاف أغواره الغامضة. وفي أعمق نقطة في البركان اكتشفوا كائنًا نائمًا. كانت قوة سلالته تتجاوز فهمهم كثيرًا. أطلقوا عليه اسم تنين مهاكالا»
أصغى شي مينغ ولم يقاطعها
مهاكالا سيد سماوي في بعض المعتقدات
وتسمية هذا الكائن بهذا الاسم كافية لتُظهر قوته
«قوة سلالة تنين مهاكالا عنيفة إلى أقصى حد، وتتجاوز الفئة A بكثير. والسبب في أنه لم يُقارَن بكائن من الفئة S هو أنه لا توجد عيّنة. لكنه قطعًا أقوى من أي كائن من الفئة S»
«في ذلك الوقت كان للحكومة بعض القول، وكانت أمي مسؤولة رفيعة، ومن القلائل الذين يعرفون هذا السر»
«بعد وفاة أمي تعرضتُ للقمع من خصومها السياسيين، ومع الاكتمال التام لعصر السفن التائهة صرتُ إلى ما ترون. غير أن هذا السر الذي لا يكاد يُعرَف ظلّ مدفونًا في قلبي أكثر من ثلاثين سنة»
سردت القائدة الأسيرة كلَّ ما مضى
«إن كان الأمر كذلك، فلماذا لم تستغل الجمعية السوداء والإمبراطور الرؤوف ذلك لتنمية مستيقظين أقوياء طوال هذه السنين»
طرح شي مينغ سؤاله
لديهم قوة سلالة وحش بحري من الفئة S، ولا يستخدمونها
لماذا يحرسونها يومًا بعد يوم، بل ويتظاهرون بالتعلق بموطنهم
«ليس من السهل امتصاص دمٍ يتجاوز الفئة S»
تنهدت نايلوئه وتابعت
«بعد أن ضحّوا بعددٍ لا يُحصى من الباحثين ومحاربي النخبة تبيّن لهم أخيرًا أنه لنيل قوة سلالة تنين مهاكالا يجب أولًا أن تكون مستيقظًا من الفئة S. وحده جسد المستيقظ من الفئة S يقوى على احتمال هذه القوة العاتية»
«هذا الشرط وادٍ سحيق كالهوة في السماء»
«كم هم نادرون المستيقظون من الفئة S. الجمعية السوداء لا تملك حاليًا مستيقظًا واحدًا من الفئة S. لا طاقة لهم إلا أن يحرسوا كنزًا عظيمًا ويتحسروا»
«الجمعية السوداء لا تملك مستيقظًا واحدًا من الفئة S» سأل شي مينغ
نظرت إليه نايلوئه نظرةً غريبة
هؤلاء الشبان يظنون أنفسهم كثيرًا. أيرون أن مستيقظي الفئة S كالكرنب الشائع على قارعة الطريق. لا، فالكرنب نفسه سلعة نادرة الآن، وليس أشيع من مستيقظ الفئة S
«لا تحقر الجمعية السوداء، ولا تحقر الفئة S. مستوى قوتك هش أمام الجمعية السوداء وأمام مستيقظٍ من الفئة S»
تجاهل شي مينغ سخريتها
فهو نفسه يملك مهارتين من الفئة S، لذا فهو يعرف بطبيعة الحال ندرة الفئة S وقوتها، ولن يستهين بأي مستيقظ
غير أن بلدًا متقدمًا سابقًا لا يملك حتى مستيقظًا واحدًا من الفئة S، فذلك ضعف شديد
«بناءً على هذا، تتمثل مهمة الجمعية السوداء الآن في تنمية مستيقظٍ من الفئة S. يستخدمون شتى الحوافز والموارد ليرتقِيَ أبناؤهم المباشرون بالقوة عبر التنافس. هاها، تشون يي واحد منهم. للأسف هو أحمق للغاية، فمع مساعدة خاله لم يستيقظ إلا على الفئة D. ما أضحكه»
«هل يعرف تشون يي بسرّ تنين مهاكالا»
«ليس مؤهَّلًا»
«هذا السر لا يعرفه الآن إلا المسؤولون الرفيعون حقًا»
«الجمعية السوداء ليست سفينةً تائهة من فئة الجنرال. لا يجرؤون على إطلاع مزيد من الناس على هذا السر. وينبغي أن تعلم أنه حتى في بحر يينبينغ توجد عدة سفنٍ تائهة من فئة الجنرال قوتها تفوق قوتهم، مثل شيفا وكيمتشي»
«هذا عدا سفينةٍ تائهة من فئة الملك، دا يو، التي تحرس ضمن محيط عشرة آلاف ميل بحري»
«وأنا وحدي هذه السمكةُ التي أفلتت من الشبكة، غفلوا عني. حسنًا، لقد أخبرتك السر. افعل ما تشاء»
تفكّر شي مينغ بضع ثوانٍ
«سركِ هذا صاعق حقًا، لكنه بالنسبة إليّ لا يساوي حتى عملة ملاحية». حدّق في نايلوئه «لا تقولي إنكِ تظنين أنني أستطيع مواجهة الجمعية السوداء وجهًا لوجه وأصطاد ذلك الوحش البحري الفائق من الفئة S»
«صحيح، لكنه أكبر أوراقي»
«إن أردتِ الحياة فليس ذلك مستحيلًا. أستطيع أن أوافق على تركك، لكن عليكِ الموافقة على ثلاثة شروط»
«أوه» نظرت نايلوئه بعينيها المعكّرتين قليلًا إلى شي مينغ
لم تتعجب من هذه الخلاصة
فلو انعكس الموقف وكانت هي الغالبة، لاستعملت وسائل أشد قسوة لتعصر آخر قطرة من قيمة شي مينغ
«أولًا، تسجّلين شريحتكِ في طرف الشبكة السماوية لسفينتي التائهة»
تسجيل الشريحة يوازي تسليم المرء شريان حياته للطرف الآخر. يصير الموت والحياة بقرار غيره، ويصبح ثمة شخصٌ آخر قادرٌ على التحكّم بمصيره
«حسنًا»
لم تُعر نايلوئه هذا بالًا
فلا قيمة إلا للحيّ
«ثانيًا، على السالب أن يتهيأ لأن يُسلب. سأستولي على تسعة أعشار الموارد في سفينتك»
عضّت هذه المرأة التي هامت على ظهر السفينة لعقود على أسنانها
«أوافق»
حيث توجد حياة توجد فرصة
والموارد الضائعة يمكن سلبها من أماكن أخرى لاحقًا
«ثالثًا، من الآن فصاعدًا تطيعين كل أوامري»
«أنت…»
لما سمعت هذا الطلب الثالث اضطربت نايلوئه اضطرابًا يكاد لا يُرى
لقد عاشت ما يكفي من حياة الطاعة للغير
كانت تطيع الجمعية السوداء، وكان عليها أن تسلّم قسطًا من الموارد التي تجنيها للجمعية. والآن يُطلب منها أن تخدم سيدًا آخر، فكيف يختلف ذلك عن الموت
«فيمَ أختلف إذًا عن العبد»
رمقها شي مينغ بنظرةٍ باردة
«لا تقلقي، لن تكون لديّ أوامر كثيرة. معظم الوقت ستكونين حرّة. قد لا أتواصل معكِ مرة واحدة في السنة»
وظلّ خنجره عند عنق نايلوئه
«أخبريني قرارك»
…
بعد نصف ساعة كانت نايلوئه تقف على متن سفينتها، تراقب رجال شي مينغ وهم ينقلون الأشياء جيئة وذهابًا على ظهر السفينة
لقد اتخذت قرارًا حكيمًا
كل الموارد التي كدّوا في جمعها، وحجر البلور البحري المستخرج، والعملات الملاحية المكتسبة، صارت كلها غنائم للطرف الآخر. والآن حتى هي نفسها بات عليها أن تطيع هذا الشاب اليافع الواقف أمامها
«آه، خطوة واحدة في غير محلها فتفسد اللعبة كلها»
…
«أمي، لقد خنتُ وعدي وأخبرتُ غيري بسرّك»
«لكنني فعلت ذلك لأعيش. لا بد أنكِ ستفهمين»
تنهدت نايلوئه
لم تكن نادمة في هذه اللحظة على إفشاء السر
بل شعرت براحةٍ خفية
بل إنها رغبت أن ينتشر هذا السر على لسان شي مينغ، كي تنظر، من غير أن يساورها ذنب، إلى قوى السفن التائهة الأقوى وهي تنقضّ على الجمعية السوداء المتشبثة بموطنها، فتسلب سرهم الأكبر سلبًا تامًا
لمعت في عينيها شرارة حقدٍ لا تكاد تُرى
كانت أمنيتها أن ترى سقوط الجمعية السوداء في وطنهم في حياتها
Comments for chapter "الفصل 32"
YOU MAY ALSO LIKE
