الفصل 3: احصل على طعام، لحم بقري معلّب!
بعد عشر دقائق، على الدرج بين الطوابق
قال قائد فريق الاستكشاف، وهو يتقدّم بالبحّارين اللذين أيقظهما القبطان قسرًا، ونظرته عميقة وفيها سخرية: أنت بارع فعلًا في اقتناص الفرص للصعود. كما أنك بارع في إخضاع هذين العاجزين بسهولة. إن نجوت، فربما تصبح أحد أتباعي
هذا شرف لي يا سيدي
ههه، لنرَ إن كنت ستنجو أولًا
فهم شي مينغ المعنى الضمني لكلام القائد تمامًا — استكشاف الجزيرة الجديدة مغامرة شديدة الخطورة. ففي عالم البحار اليوم، الجزر غير المُستكشفة كنوز ثرية بالموارد، وقد تنشأ فيها عجائب غريبة… لكنها قد تأوي أيضًا وحوشًا بحرية متحولة قوية ومخاطر لا تُتخيَّل
وبحسب البيانات السابقة، لم تتجاوز نسبة البقاء 30%
حتى فريق الاستكشاف نفسه لم يكن يرغب بالتضحية بحياته في عمل شديد الخطورة كهذا. عادةً ما يُدفَع العبيد أولًا كرأس حربة، وبعد التأكد من عدم وجود خطر كبير فقط، ينزل فريق الاستكشاف إلى الجزيرة للبحث عن الموارد التي تحتاجها السفينة التائهة
وكان العبيد كذلك مجرد لحم مدافع للاستطلاع
لم يُبالِ شي مينغ بذلك. حتى لو صار فعلًا لحمَ مدافع، كان واثقًا أنه سيشعل نفسه نارًا متّقدة، ويرد بقذيفة مدوية على السفينة التائهة بأكملها
وفوق ذلك، لا يزال يملك قدرته الخاصة، وهي الآن في طور الاستعادة
المشكلة الوحيدة ربما تكون شريحة التحكّم التي ذكرها القائد. شي مينغ لم يسمع بمثل هذه الشريحة من قبل، ولم يكن أمامه سوى البحث عن طريقة لتعطيلها في الأيام القادمة
لم يطل الوقت حتى وصل الأربعة إلى أدنى طابق من عنابر العبيد
فتحوا الباب
من بين عشرين شخصًا كانوا أصلًا في الغرفة المعتمة، لم يبقَ سوى ثمانية. إلى جانب تسع جثث هلكت في العاصفة، اختفى عبدان آخران على الأرجح وماتا، أو ربما فقدا قيمتهما كقوة عمل، فثُقِبا بثقوب قليلة ورُميا مباشرة في البحر، طعامًا لأسماك المحيط
أما العبيد الثمانية الباقون، فبعد استراحة قصيرة مع رغيف على البخار، استعادت أرواحهم شيئًا من العافية
اسمعوا يا أنتم! من الآن فصاعدًا، كلكم مُضمَّنون في مجموعة الطليعة، وهو سيكون قائدكم بالوكالة، مسؤولًا عن الإشراف على عملكم الاستكشافي القادم
نظر العبيد إلى شي مينغ، وامتلأت عيونهم بالحسد مع لمسة خوف
التفت قائد فريق الاستكشاف نحو شي مينغ
بعد ساعة، ستكون مسؤولًا عن أخذهم إلى الجزيرة لإجراء استكشاف للموارد وتقييم المخاطر. أعلم أنك ذكي وتملك بعض المهارات. آمل أن تغتنم هذه الفرصة لتُحسن الأداء. وعد القبطان ليس شيئًا يناله أي أحد. إن أتممت المهمة جيدًا، فقد تتمكن حقًا من الإفلات من صفة العبد
أخرج القائد من جرابه علبة طعام، وبضعة أكياس من البسكويت، وزجاجتي ماء، ورماها إلى شي مينغ
لم تأكل طعامًا جيدًا كهذا من قبل، أليس كذلك؟ كُل جيدًا لتعمل جيدًا
استدار قائد فريق الاستكشاف وخرج من الغرفة المعتمة، وأغلق الباب الخشبي المتعفن بطنّة عالية. عاد الظلام والانحصار يلفّان المكان الصغير. لحسن الحظ بقي مصباح التوفير الوحيد في الغرفة مضاءً. شقّ شي مينغ طريقه عبر العتمة إلى موضعه القديم. كان ذلك الموضع قد احتلّه عبد جديد، لكنه نهض بحكمة وأفسح مكانًا واسعًا
جلس شي مينغ على التبن، مزّق كيسًا من البسكويت المنتهي الصلاحية، وحشره في فمه يأكل بنهم، ويرشف الماء بين حين وآخر
لم يكن قد أكل منذ يوم وليلة، وحتى مع جسد من حديد فقد شعر الآن ببعض الجوع
بعد لقيمات، وضع ما تبقى من البسكويت كزاد للطوارئ، ثم التقط علبة الطعام الثقيلة وفتحها مباشرة في الغرفة المعتمة دون تردد
طق
انتشرت رائحة شهية كالقنبلة في الحيّز الصغير بسرعة
لم يكن هذا طعامًا نباتيًا، بل علبة يخنة لحم بقري دسمة — سلعة نادرة نسبيًا. مجرد شَمّها جعل لعاب كثير من العبيد يسيل بلا توقف
لدقائق تعاقب صوت بلع الريق صعودًا وهبوطًا، كأنه سيمفونية غريبة
لم يَخَف شي مينغ الآن من أن يحاول أحدٌ خطفها
لقد صار قويًا إلى حد يُروِّع — بوسعه معالجة عشرين من هؤلاء بسهولة لو تطلب الأمر قتالًا
وأكله الطعام المعلّب هنا ليس للتفاخر ولا لاستعراض امتياز القائد — فهذه أمور بلا معنى. ومع اقترابهم من الجزيرة، كان عليه أن يُعدّ حالته إلى أفضل مستوى. وفي هذا الواقع، لم تكن هناك سوى قوته الخاصة يتّكل عليها
ألا يُعَد إهمال الموارد والقتال على معدة خاوية حماقة؟
قرقرة… قرقرة…
لا ضرر من المقارنة. العبيد الذين أكلوا للتوّ رغيفًا واحدًا ازداد جوعهم فجأة
بعضهم لم يذق اللحم منذ سنوات، وبعضهم خطرت له أفكار عجيبة: لو تمكن من أكل علبة لحم بقري، لكان الموت بعدها مستحقًا
لكن المؤسف أن حياة بعضهم لا تساوي حتى علبة لحم بقري
…
أكل شي مينغ حتى شبع تقريبًا بنسبة 70%
رمى العلبة الفارغة عند قدميه بلا اكتراث وبدأ يضبط حالته. فاستكشاف الجزيرة الجديدة القادم لن يعتمد فيه على هؤلاء العبيد — جماعة جائعين منذ أيام ثم لم ينالوا سوى رغيف واحد — بالكاد لا يعيقونه، فكيف يعتمد عليهم؟
إن ظهر الخطر، سيتخلّى عنهم بلا تردد
لقب قائد العبيد؟ هه، لا أحد سيأخذه على محمل الجد
وأثناء استراحته، لمح عبدًا أصلع ذا ندبة على جبهته يحدّق به — لا، يحدّق بالعلبة عند قدميه
سيدي القائد… ذاك…
كانت عينا العبد الأصلع تتّقدان شوقًا
فهم شي مينغ مقصد العبد طبيعيًا، وزفر في داخله، ثم ركل العلبة على الأرض نحوه بلامبالاة
ابتهج العبد وهرول بخطى سريعة متعثّرة، والتقط العلبة وفيها بقايا مرق كأنها كنز. واغتاظ الآخرون وتحسّروا على فوات الفرصة
همَّ العبد الأصلع أن يضع العلبة على فمه ليمتصّ ما فيها، ثم بدا كأنه تذكّر شيئًا
تردّد لحظة، فلعق الغطاء بطرف لسانه فقط، ثم تناول العلبة وقدّمها لعبد آخر أشعث النظر زائغ العينين
هذه… جيدة… لك أنت
…
…
…
بعد صمت طويل، أخرج شي مينغ نصفَ رغيف على البخار متعفّنًا بلا شكل، تفوح منه رائحة كريهة، من حقيبته
لقد أُزهِقت روح بسبب هذا النصف من الرغيف
ورمى بنصف الرغيف ناحيته
من الواضح أن ذلك العبد الأشعث لم يتسلّم حصته في توزيع المؤن الأخير، ولا يزال يبدو على حافة الموت جوعًا. ربما أسقطه المشرفون سهوًا، أو سرق أحدهم حصته، لكن شخصًا كهذا لن يكون إلا عبئًا إن ذهب إلى الجزيرة
شكرًا سيدي القائد، شكرًا سيدي القائد
تهلّل العبد الأصلع حتى كاد يركع، ولوّح له شي مينغ بيده، ثم أغمض عينيه قليلًا، لا يريد سوى لحظة من الراحة الهادئة
داخل الغرفة المعتمة، لم يُسمَع سوى خَفَقان المضغ وهدير الأمواج، ولا شيء غير ذلك