الفصل 12
الفصل 12: معلومات استخباراتية مزيفة
«الدودة الأم؟»
استشعر القبطان ما بدا معلومة شديدة الأهمية، وحمل صوته قدرًا يكاد لا يُلحَظ من الانفعال
لم يقاطع شي مينغ، إذ إن ما يسمّى بالدودة الأم وموقع العش لم يكونا سوى معلومات اختلقها
كان في الأصل ينوي أن يرمي هذا الطُّعم بنفسه ليُثير اهتمام القبطان ثم يمضي في خطته
لم يتوقع أن تُلتقط هذه المعلومة المختلَقة
الآن أصبح الأمر جيدًا؛ لم يعد حتى مضطرًا لتحمّل المخاطرة
كان ذو الندبة هذا حقًا شخصًا «طيبًا»
تابع ذو الندبة: «نعم يا قبطان، حجم تلك الدودة الأم أكبر بعدة مرات من الديدان العادية. ولأنني خشيت أن أُفزعها لم أمكث في المكان طويلًا. وفوق ذلك، وبسبب حدسي بعاداتها المعيشية، اختبأت ليلًا ونجوت من كارثة»
تحدث ذو الندبة بطلاقة، كأنه رآها بعينيه، واثق النبرة
فكّر القبطان لحظة
كان قد قرأ من قبل بعض كتب المعلومات عن وحوش البحر، وفيها أيضًا تسجيل لكائنات برية شبيهة بما وصفه هذا العبد. تعيش في أعشاش حشرية، وقوة الفرد القتالية ليست قوية جدًا، لكن عند تجمعها يمكنها بسهولة قتل وحوش بحرية تفوقها قوة بعشرات المرات
مثل أسراب الأسماك النهمة للدم في البحر سابقًا
لا يُستهان بها
لكن مقارنة بأسراب الأسماك النهمة للدم، لدى هذه «الزِّرغ» نقطة ضعف قاتلة: سُباتها نهارًا
كانت هذه فرصة ممتازة
حتى عبد ضعيف القتال للغاية يمكنه الاقتراب نهارًا من عش الحشرات والانسحاب سالمًا، والحصول على معلومات قيّمة. فممَ يقلق هو، وهو مستيقظ
هذه العملية نجاحٌ مضمون
«إن صحّت المعلومات فقد أسديت خدمة عظيمة هذه المرة»
«شكرًا، يا قبطان»
ابتهج ذو الندبة، وبينما هو فرِح رمق شي مينغ بطرف عينه خفيةً
ولما رأى شي مينغ بلا رد فعل ازداد خُيلاء
«هكذا يحصل حين تثق بالناس بسهولة. صارت معلوماتك لي، ولن تقدر على فعل شيء. ما قائد فرقة العبيد المزعوم ذاك؟ بعد أيام قليلة سيصير هذا المنصب لي» هكذا كان يحسب في نفسه
بعد أن استمع القبطان إلى معلومات ذي الندبة، حوّل نظره إلى شي مينغ ومجموعته
«وماذا عنكم؟ أنت قائد هذه العملية، تكلّم»
«حاضر يا قبطان»
«أهم ما أنجزتُه في هذا الاستكشاف كان اشتباكًا مباشرًا مع عدة «زِّرغ» ليلًا، وقتلت بعضًا منهم، وفهمت خصائص قتالهم، وحصلت على جثةٍ لإحداهم»
كان شي مينغ، أمام القبطان، يُسمي تلك العثّ النهمة للدم «زِّرغ» على الدوام
«أساليب هجماتهم محدودة جدًا؛ لا يقدرون إلا على الهجوم بالأسنان الحادة وأجزاء الفم. وقد استخدمتُ مرة خنجرًا من حقيبة الأدوات لقطع جزء فم أحد «الزِّرغ»، فعندها فقد كامل قدرته القتالية وسقط أرضًا صيدًا سهلًا»
قال شي مينغ الحقيقة، لكنه أخفى عمدًا معلومة أن جزء فم العثّة النهمة للدم يمكن أن يتمدّد وينكمش في لحظة
لو صارح بكل شيء، فكيف سيُعد مفاجأة للقبطان
أصغى القبطان صامتًا، بل هزّ رأسه في سرّه موافقًا
فخصائص قتال «الزِّرغ» هي أيضًا من المعلومات التي يحتاجها
وهذه ميزة إرسال أفراد قتالٍ للاستكشاف؛ فلا يُعرف ضعف العدو إلا بمواجهته مباشرة
واصل شي مينغ: «أما سائر المعلومات المجموعة فلا تتجاوز معادن الجزيرة وثمارها وبعض الخرائط الطبوغرافية. سأرسم الخريطة لاحقًا وأضع عليها كل العلامات»
«همم، ليس سيئًا»
أومأ القبطان، دالًا على إقراره بمعلومات شي مينغ
ثم نظر إلى العبدين الآخرين، ذو الندبة وأخاه
ولحسن الحظ، ومع هلعهم، تذكّر الاثنان أيضًا بعض المعلومات الأخرى المفيدة، ومنها حالة العبيد الموتى البائسة، فمرّا بصعوبة
وبعد أن فرغ العبيد جميعًا من الكلام، كان المخطط الطبوغرافي البسيط الذي رسمه شي مينغ قد اكتمل. وأخذ المديرون على متن السفينة التائهة يتناولونه واحدًا تلو الآخر وبدأوا النقاش
«يا رفاق»
«لقد سمعتم المعلومات التي حصل عليها العبيد خلال هذا الاستكشاف لجزيرة «الجديدة»»
«ألديكم أفكار أو تكتيكات؟ هاتوا ما عندكم»
حان وقت العصف الذهني
«يا قبطان، هذه فرصة ممتازة. تلك الحشرات في حالة سُبات نهارًا؛ يمكننا مباغتتها، والهجوم بغازٍ سام، وإبادتها بضربةٍ واحدة»
كان في عيني الضابط الأول «تريم» توقّعٌ كبير، مؤمنًا بأن هذه الرحلة إلى الجزيرة الجديدة فرصة ساقها القدر، وهي أيضًا أفضل فرصة له لنيل الاستيقاظ
والاغتسال بدم الحشرات وإن بدا مقززًا، فهو ثمن يستحق الدفع إن كان يعني الحصول على القوة
«كما يعلم الجميع، فالكائنات الغريبة الحشرية أسهل معالجةً من الكائنات الغريبة البرية ووحوش البحر، ونِقاط ضعفها أوضح بكثير. أوافق «تريم». لنستخدم السموم»
أدلى «البرج الحديدي»، قائد فريق الاستكشاف، بقوله وهو منتصب كالرمح
«حقًا، أساليب هجوم «الزِّرغ» ضعيفة، وقوة الفرد منهم ليست كبيرة. ما دمنا نرتدي دروعًا قاسية نسبيًا ونحظى بحماية جيدة فسوف يعجزون عنّا»
كان كبير المهندسين «تشو تشُو» رجلاً بدينًا خمسينيًا أصلع قليلًا، وقد تلقى تدريبًا بحريًا مهنيًا في جامعة قبل بدء عصر التِّيه، لذا كان نفوذه في السفينة عاليًا
وأخذ الآخرون يدلون بآرائهم تباعًا
…
«يا إخوة»
«نحن نطفو على المحيط، ونغتنم الموارد بالبُنادق والمدافع والقبضات»
«نهاية المجتمع البشري ليست نهايتنا؛ بل هي فرصتنا. غير أن القوة الحقيقية لا تذهب إلا للمحظوظين المستعدين. هذه الجزيرة الجديدة حظُّنا. «الزِّرغ» تخشى ضوء الشمس، والآن… بعد الظهر، والشمس في أقواها»
ألقى القبطان خطابًا حماسيًا قبيل المعركة
«لقد مررنا بعاصفة توناها. وفي العاصفة مات بعضٌ ونال بعضٌ حياةً جديدة. من نجا من بلاءٍ عظيم، فالبركة في إثره»
«الآن أمنح الجميع نصف ساعة للاستعداد. بعد نصف ساعة نتحرك إلى الجزيرة الجديدة»
«حاضر»
نصف ساعة للتحضير ليست طويلة جدًا، لكن يمكن إنجاز الكثير فيها
كان أفراد الطاقم منشغلين على الدوام فوق السفينة التائهة
وفي الأثناء، جلس شي مينغ وذو الندبة والعبد الأصلع وأخوه للمرة النادرة على السطح يتناولون الغداء الذي أعدّه لهم الطاهي
كانت وليمة مكافأة، وقد رآها سائر العبيد المحبوسين في غرفٍ مظلمة أخرى
كان الغداء غنيًا جدًا، فيه سمك بحر، ولحم بقرٍ معلب، وحتى قدرٌ من أرزٍّ مطهوٍّ على بخار الروبيان المجفف
كان العبد الأصلع يجرف الأرز جرفًا، يأكل بنهم
متى حظي بمثل هذا من قبل
«يا قائد الفريق، أنا حقًا متفيّئٌ ظلّك هذه المرة. هذا لحم، مذاقه رائع»
كان يلتقط قطعة كبيرة من لحم البقر المعلّب المتقاطر بإحدى يديه، وبالأخرى يجرف الأرز إلى فمه، يقرنه باللحم العصاري، والدموع تكاد تلمع في عينيه من الرضا
«وكيف يكون بسببي»
نظر شي مينغ إلى ذو الندبة بجانبه
«بل بسبب هذا السيد»
«ههه، يا قائد الفريق، لا تكن ساخِرًا. القبطان طلب مني أن أتكلم أولًا، فكان لا بد أن أقول كل ما أعلم. ومن كان يدري أنه سيتقاطع مع معلوماتك»
التقط ذو الندبة قطعة من سمك البحر ووضعها بهدوء في فمه
أما شي مينغ فازداد امتنانًا له
يا له من شخص «طيب» رزين
يرجو أن يتمكّن ذو الندبة غدًا، حين يكتشف القبطان زيف المعلومات، من مواجهة غضبه بهذه الرزانة
التعليقات على الفصل "الفصل 12"
YOU MAY ALSO LIKE
