91
الفصل 91: القضاء على ملك الأورك!
لكن ليون لم يكن مستعداً للموت مسحوقاً على جذع شجرة. غرائزه صرخت. في اللحظة الأخيرة فعّل اندفاع المانا، قاذفاً الطاقة تحت قدميه ليرتفع ويبطئ سقوطه. استقر جسده في الهواء قبل أن يرتطم بجذع شجرة الباوباب السميكة.
لو اصطدم بها مباشرة، لما تبقّى منه سوى كيس من العظام المحطمة.
ومع ذلك، وقبل أن تلمس قدماه الأرض، كان ملك الأورك قد قلّص المسافة بالفعل. هيئته تشوشت، وبخفة مذهلة بالنسبة لمخلوق ضخم مثله، دار بجسده موجهاً ركلة دوّارة مباشرة إلى معدة ليون.
الارتطام كان كارثياً.
بووووم!
جسد ليون انحنى كالقوس، والركلة أرسلت موجات صادمة عبر أعضائه. تفجّر الدم من فمه بعنف وهو يُقذف مجدداً إلى الوراء.
سخر ملك الأورك وهو يخفض ساقه، عيناه الضيقتان تتوهجان بحمرة أعمق:
“إذن… لديك القدرة على الطيران. مثير للاهتمام. كم سراً تخفي عني، أيها الإنسان؟!”
أنّ ليون، ورؤيته تهتز، بالكاد تماسك عبر اندفاع المانا مرة ثانية، متجنباً الارتطام بالشجيرات المتناثرة عبر السافانا. صدره يعلو ويهبط. شفاهه تقطر دماً. جسده يصرخ به ليتوقف، ومع ذلك وقف.
هذه المعركة لم تشبه شيئاً واجهه من قبل. في حياته كلها، لم يقاتل بهذه الحدة—لم يُدفع يوماً إلى هذا القرب من الموت.
ركلة الملك تركت معدته تغلي ألماً، وصدره يخفق بعذاب. سعل مزيداً من الدم، قابضاً على قفصه الصدري. شعر بذلك—إحساس العظام المكسورة. أضلاعه تحطمت.
ركبتاه ترتجفان، رأسه يدور. كل شيء صار ضبابياً. جسده يريد الانهيار.
لكن ليون صك أسنانه وزمجر في قلبه: لا! ليس هنا. ليس الآن!
هز رأسه بعنف لطرد الدوار، لكن العالم رفض أن يستقر. وفي تلك اللحظة الهشة، بينما لا يزال يتأرجح، ارتطم عمود الرمح الحديدي البارد بمعدته بلا رحمة.
كراك!
الضربة قذفته مجدداً، بالكاد متمسكاً بخنجرَيه فيما جسده يصفر في الهواء كسهم مكسور.
هذه المرة لم يكن هناك ما ينقذه. احتياطي المانا لديه كان يتداعى بالفعل. لم يتمكن من تفعيل اندفاع المانا بالسرعة الكافية. ارتطم بجذع باوباب ضخم بصدمة حطمت العظام، اهتز تحتها هيكله بأكمله. ارتعش الجذع السميك تحت قوة الضربة.
انهار ليون على الأرض، أطرافه ثقيلة، الدم يتدفق من فمه. جسده استرخى، يلهث بصعوبة. رؤيته تعتّمت. جسده رفض النهوض.
هل هذه نهايتي…؟
اجتاحت عواطف هائلة صدره، أعنف من ضربات ملك الأورك. لا… لا! لن أموت هنا! ليس الآن! ليس وذلك الإمبراطور الحقير ما زال حيّاً، يستمتع بعرشه بعد أن قتل والدي. ليس وأمي لا تزال طريحة الفراش تنتظرني لأشفيها. ليس وهناك الكثير من الأسرار في الظلام. ليس قبل أن أعرف حقيقة من أكون…
لسعت الدموع عينيه غيظاً وهو ممدد محطم على الأرض. ليس وقت موتي بعد. ليس هنا. ليس في هذا الزنزانة!
لكن ملك الأورك لم يُبدِ رحمة. وقع خطواته الثقيلة دوّى مقترباً. هالته تكثفت كعاصفة توشك أن تنفجر. رمحه أزّ وهو يغمره بالمانا، متوهجاً بضوء أزرق باهت قاتل.
قال بصوت بارد، وقد اختفى غروره السابق، وحل مكانه جديّة قاتلة:
“ألست ميتاً بعد؟ هه. إذن سأضمن أن الضربة التالية تنهي الأمر. يجدر بك أن تفخر، أيها الإنسان، بكونك تموت تحت أقوى هجماتي.”
رفع ملك الأورك رمحه عالياً. الطاقة تكثفت بعنف، والهواء يرتجف تحت وطأة تقنيته القصوى. الوهج تمدد في قوس أعمى البصر.
خفق قلب ليون. بالكاد استطاع أن يشاهد قوس الموت يتشكل. خنجرَاه يرتجفان في قبضته، وجسده يرفض طاعته. بصره يظلم.
الرمح انقضّ، مشقاً الهواء بزئير.
هذه النهاية…
لا!
من أعماق قلبه، صرخ ليون. لا، أرفض! أرفض أن أموت هنا! سأعيش—سأعيش!
وفي اللحظة التي صرخ فيها بتلك الكلمة في أعماق روحه، حدث الانفجار.
تدفقت موجة مانا، هائلة وعنيفة، داخله. جسده كله اهتز كما لو انكسرت قيود قديمة. عينيه انفتحتا، متوهجتين بالبياض الخالص. جسده ارتفع عن الأرض، يطفو رغم إرادته. شعره الفضي تماوج غامضاً رغم سكون الهواء، يلمع كما لو لامسه نسيم سماوي.
للمرة الأولى، شعر ليون بها—جوهر جارف، ليس من عنده، بل يتدفق عبره من سوترا الخنجر اللص الإلهي.
القوس الأزرق القاتل ضربه—لكنه مرّ عبره بلا أثر، متفتتاً إلى جسيمات كما لو أنه ضرب وهماً.
تجمّد ملك الأورك. اتسعت عيناه بعدم تصديق:
“مستحيل…! أنت… أنت حاكم…! لكن كيف! كيف لحاكم أن يكون ضعيفاً هكذا؟!”
ملامح ليون كانت هادئة، تكاد تكون سماوية، لكن عيناه المتوهجتان ضاقتا بازدراء.
همست السوترا في روحه. خرج صوته بارداً، ممتزجاً بقوة ليست قوته وحده:
“أنا اللص الأسمى. رغبة اللص يجب أن تكون لا تشبع. وعليه ألّا يتوقف عند أي شيء لبلوغ هدفه.”
هالته اشتعلت، تبتلع ساحة المعركة:
“إن وقف الحكّام في طريقي، أذبح الحكّام. إن وقف الخالدون، أذبح الخالدين!”
تراجع ملك الأورك مترنحاً، مثقلاً بالضغط. ركبتاه ارتجفتا فيما قبض عليه خوف لم يعرفه من قبل.
وقع بصر ليون المتوهج عليه كالحكم نفسه. انقطع نفس الملك، جسده خانَه، فخرّ على ركبتيه بلا وعي، كما لو يسجد أمام كيان أعلى.
قال ليون بصوت دوّى بارداً عبر السافانا، كل كلمة تهتز بنية القتل:
“ذلك… ذلك هو الفارق بين الحاكم والفاني… أيها الأحمق.”
خنجرَا ليون أزّا بطاقة سماوية. الكلمة خرجت رغماً عنه، كما لو نطقت بها قوة أعظم عبره:
“امحُ.”
اتسعت عينا ملك الأورك رعباً خالصاً. لأول مرة في مليون عام، اجتاحه خوف حقيقي. غرائزه صرخت بالهرب، لكن قبل أن يتحرك—تحلل جسده. انطفأت روحه. مُسحت هويته.
اختفى.
لم يتبقَّ حتى غبار.
ملك الأورك تبخر كما لو لم يوجد قط.
بقي ليون لحظة معلّقاً في البهاء السماوي—ثم خبت عيناه، وضاع النور الأبيض. جسده هوى أرضاً منهكاً، مفرغاً تماماً من المانا. صدره يعلو ويهبط بصعوبة، كل نفس معاناة.
ما… ما كانت تلك القوة؟
الكلمات التي نطق بها لا تزال تحترق في ذهنه. معظمها لم تكن كلماته. انسكبت منه قسراً، مدفوعة بشيء عميق في السوترا. ومع تلك القوة جاء غضب جامح، ومشاعر ليست بالكامل له. لكنه… فهم الآن. قطعة من جوهر المستوى الثالث.
رنّ نظامه.
لكنه تجاهله، ناظراً إلى سماء السافانا الواسعة، العرق والدم يخطّان وجهه. ابتسامة ارتسمت على شفتيه. أخيراً… أستطيع مغادرة هذه الزنزانة.
استدعى إكسير اليشب وابتلع قطرة. دفء اجتاح جسده، يعيد لحمَه الممزق، يرمم أضلاعه المحطمة، يستعيد جسده المتهالك. خلال دقائق عاد كاملاً.
زفر ليون بعمق، واقفاً من جديد. نفض التراب عن ثيابه الملطخة بالدماء، متأففاً:
“تبا. لو علمت أن الأمر سيتسخ هكذا، لأحضرت ثياباً إضافية.”
هذا ليون لم يعد ذلك الفتى الذي دخل الزنزانة. هالته صارت أعمق، أثقل. عيناه تحملان وزناً جديداً. قلبه يخفق بعزم مختلف.
المستوى 30. نظام اللص الأسمى. نموه بدأ لتوه.
التفت إلى حصان الأورك المتحوّر—آخر كائن حي في الزنزانة. استدعى خنجره، وقطع بضربة نظيفة، شفرة الخنجر تهمس بطاقة الفراغ. صهل الحصان ألماً قبل أن ينهار، متبدداً إلى جزيئات متلألئة.
<طنين!>
┏━━━━━━━━━༻❁༺━━━━━━━━━┓
لديك 30 ثانية لمغادرة هذه الزنزانة!
الوقت: 30 ثانية
┗━━━━━━━━━༻❁༺━━━━━━━━━┛
ابتسم ليون ابتسامة شريرة، شعره الفضي يلمع تحت الضوء الآفل:
“أخيراً… أستطيع أن أخرج وألهو مع أولئك المزارعين التافهين. هاهاها…”
اتسعت ابتسامته الخبيثة. فبينما استمتع بتمزيق الوحوش، كان طريدته الحقيقية بانتظاره. الإمبراطور. ذلك الحقير الذي يظن نفسه عصيّاً على المساس.
مع جسد اللص الأسمى ونظام اللص الأسمى، طريق ليون بلا حدود. نموه بلا سقف. سيكون سيد كل الحرف—وسيد الجميع.
مكبوتاً الحماس المتفجر في صدره، اتجه ليون نحو الدوّامة المتلألئة في البعيد. خطواته ثابتة، عزيمته لا تتزعزع.
وبذلك، سار بهدوء نحو النور.
ملاحظة المؤلف:
معركة ملحمية، أليس كذلك؟ أخيراً انتهى الأرك الأول.
نهاية المجلد الأول: صعود اللص الأسمى.
التالي—
المجلد الثاني: ملحمة اللص الأسمى.
وسيكون واحداً من أكثر المجلدات إثارة جميعها.