79
الفصل 79: الحاجز المثالي!
آمل ألا يكون قد رآني الكثيرون… واحد يكفي. سيصبح الأمر مزعجًا إن اضطررت لمواجهة حشد وأنا ما زلت أختبر هذه القوة. ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتي ليون، وعيناه مثبتتان على الأورك الذي كان يخطو نحوه بخطوات ثقيلة.
لحسن الحظ، لم يكن سوى حارس وحيد.
يبدو أن الحظ يقف بجانبي…
رفع الأورك فأسه الضخم، مندفعًا بثقة وحشية. عيناه الصغيرتان ضاقتا، تحدق فيه بفضول—كما ينظر المرء إلى كائن غريب لم يره من قبل. كانت هذه المرة الأولى التي يرى فيها الأورك بشريًا. لكنه لم يُعِر الأمر أهمية.
أما ليون، فظل واقفًا بثبات، هادئًا لا يتزعزع.
مقارنةً بالأورك الذين واجههم سابقًا، كان هذا أضعف. حركاته بدت بطيئة جدًا في عينيه.
ومع ذلك، لم ينوِ ليون التعامل معه باستخفاف. ليس الآن. فـ سوترا خنجر اللص الإلهي كانت تحترق داخله، وهو عازم على اختبار قوتها الحقيقية.
ابتسامة شريرة شقت وجهه.
همم… يبدو أن الحظ يبتسم لي فعلًا. أورك يقدّم نفسه ككبش فداء.
زأر الأورك واقترب بخطوات عنيفة، ملوحًا بفأسه بجنون. عيناه تحملان غرور مفترس واثق من النصر. لكنه لم يكن يدرك أنه يركض نحو موته المحتوم.
ليون، بوجه بارد وخالٍ من الخوف، راقب المشهد بلا مبالاة. زئير الوحش هز الهواء، وأقدامه الثقيلة ضربت الأرض كطبول حرب. أنيابه الصفراء برزت وهو يزمجر، متشوقًا لرؤية رأس ليون يتدحرج.
وحين اقترب بما يكفي، هوى الأورك بفأسه في قوس وحشي نحو عنق ليون. قوة الضربة كانت كفيلة بشطر جذع شجرة لنصفين.
لكن ليون لم يتحرك.
انتظر. حسب. كالـمفترس الذي يترقب اللحظة المناسبة.
وعندما وصل الفأس إلى منتصف طريقه نحو عنقه… تحرك.
الخنجر الكريستالي لمع، حادًا وصامتًا.
لم يستوعب الأورك ما حدث إلا حين شعر بأن ذراعه اليمنى قد خفّت فجأة.
وفي اللحظة التالية، كانت يده—وهي ما تزال تقبض على الفأس—قد انفصلت عن جسده.
سقطت اليد والسلاح على الأرض مع ارتطام ثقيل، فيما تدفق الدم من الجذع كشلال أحمر.
صرخ الأورك صرخة ألم وحشية، متراجعًا وهو يمسك بجرحه النازف.
نظرة الأورك إلى ليون تبدلت على الفور. لم يعد يراه مخلوقًا غريبًا وضعيفًا. بل وحشًا.
وحشًا لا بد من الفرار منه بأي ثمن.
“ليس بهذه السرعة.” تمتم ليون بصوت كالجليد.
انقض عليه بسرعة خاطفة، قابضًا على جبينه بقبضة من حديد. الخنجر اهتز في يده الأخرى، لكن هذه المرة أراد تجربة شيء مختلف.
تفعيل مهارة لصّ الطاقة.
… لم يحدث شيء.
قطّب ليون حاجبيه. “ما اللعنة؟”
دينغ!
┏━━━━━━༻❁༺━━━━━━┓ لا يمكنك استخدام هذه المهارة على سكان زنزانة اللصّ الأسمى. ┗━━━━━━༻❁༺━━━━━━┛
“ماذا!؟” اتسعت عينا ليون.
إذًا ما فائدة هذه المهارة؟ لماذا أُعطيت لي إن لم أستطع استخدامها هنا!؟ لعن في سرّه، والإحباط يغلي بداخله.
لكنه سرعان ما استعاد هدوءه. لا بأس… سأغادر هذه الزنزانة قريبًا. بقي ساعتان فقط… لا داعي للعجلة.
ومع ذلك، الفضول ظل يشتعل بداخله.
وماذا عن مهارة لصّ المهارات؟ هل ستعمل؟
ظل الأورك يتخبط في قبضته، لكن يد ليون كانت ثابتة، أصابعه تغرز في جمجمته.
“تفعيل مهارة لصّ المهارات.”
وهذه المرة، جاءه الإشعار.
دينغ!
┏━━━━━━༻❁༺━━━━━━┓ تم اكتشاف مهارة… إنها قمامة. مهارة متدنية. يجب أن تكون على الأقل من رتبة B لتتمكن من استخراجها. ┗━━━━━━༻❁༺━━━━━━┛
ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيه.
“إنها تعمل… إنها تعمل فعلًا! هاهاهاها!” انفجر ضاحكًا بجنون، كالرجل الذي عثر للتو على كنز محظور.
لكن احتفاله لم يدم طويلًا. إذ تعالت خطوات مسرعة، وهمسات غليظة تتردد في أنحاء القرية.
زمجر الأورك تحت قبضته، ثم أطلق صرخة حادة بلغته الغليظة—صرخة لم يفهم ليون معناها، لكنه أدرك فورًا أنها كانت نداء استغاثة.
تجمدت ملامح ليون، بردت حدقتاه.
وبضربة واحدة حاسمة، جز رأس الأورك.
آخر ما شعر به المخلوق كان راحة خادعة، ظنًّا أن نداءه قد سُمِع. لكن قبل أن تتحول الراحة إلى فرح، دار العالم من حوله، ورأسه تدحرج منفصلًا عن جسده… ثم حلّ الظلام الأبدي.
سقط الجسد المقطوع على الأرض بصوت مكتوم، يتناثر الدم على التراب. وجه ليون لم يتغير—فهو منذ زمن اعتاد على مشهد الموت.
ثم سمعها.
عشرات الزمجرات الوحشية تطوّقه من كل الجهات.
ظهر الأورك، مسلحين بفؤوس وسيوف، وبعضهم—لمفاجأته—بأقواس مشدودة بأسهم ضخمة.
هذه لم تكن كسهام الغوبلن الهزيلة. بل أكبر، أشرس، وقادرة على اختراق جسده بضربة واحدة.
ضيّق ليون عينيه.
تبا… إنهم منظمون فعلًا.
رسمت شفتاه ابتسامة باردة.
“ما أكرمكم… وفرتم عليّ عناء مطاردتكم.” ثم ثبت عينيه على الرماة. “لكن هؤلاء قد يسببون صداعًا…”
حدّق الأورك فيه بارتباك ورعب خفي، بعدما شهدوا كيف مزّق رفيقهم بسهولة. ثم اتسعت أعينهم أكثر وهم يرون جثة أخيهم تتفتت إلى بيكسلات، وتختفي من الوجود.
شيء لم يسبق لهم أن شاهدوه. الخوف امتزج بالغضب في أعينهم.
ولم يعد في نظرهم مجرد دخيل. بل عدوّ حقيقي… تهديد لا بد من القضاء عليه.
راقبهم ليون ببرود، محللًا نقاط القوة والضعف، حتى سمع صوتًا جديدًا خلفه.
استدار قليلًا، ليجد قلبه يهبط في صدره.
حشد من الأورك قد اجتمع هناك—معظمهم من النساء والأطفال.لكن بدل أن يفرّوا… كانوا يصفقون ويهتفون ويضربون أقدامهم بحماسة، كأنهم يشاهدون مباراة مصارعة دامية.
تنهد ليون بعمق.
“هذا يجعل الأمر أبسط… ما إن أنتهي من هذه الحثالة، سأهتم بكم أيضًا. بعدها أخرج من هذا الجحيم.”
بردت عيناه، وارتسمت على شفتيه ابتسامة قاتمة.
“آسف… لكن ما تتوقعونه لن يحدث. أنا لن أموت… أنتم من سيموت.”
انفجرت هالته، مانا تتدفق حول ساقيه وهو يفعل خطوات الضوء. جسده صار أخف، أسرع، أكثر حدة… أشبه بشبح.
في لحظة، اندفع نحو أقرب أورك، ممسكًا به بقبضة فولاذية.
المخلوق تقلب بعنف، زامجر متحديًا، لكن عبثًا. قبضة ليون كانت كالسلاسل.
“لا تقلق.” همس ليون ساخرًا، “سأستفيد من جسدك عديم الفائدة. يفترض بك أن تفخر… ستكون درعي البشري.”
كانت هذه إحدى التقنيات الممنوحة من سوترا خنجر اللص الإلهي. ما إن يُمسك شيئًا، لن يفلت إلا إن تجاوزه الخصم بقوة ساحقة.
لو كان ذلك عند بداية دخوله الزنزانة، لما استطاع ليون أبدًا إخضاع هذا الأورك. لكن بعد أن ذبح سبعة من جنسه، ارتقى في المستوى، وأتقن السوترا… تفوقه الحالي جعله يحكم قبضته بلا عناء.
زمجر الأورك محاولًا المقاومة، لكن ليون تجاهله.
ثم—
وش!
سهم انطلق عبر الهواء، مستهدفًا قلبه.
غير ليون موقعه فورًا، رافعًا “درعه” البشري.
انغرس السهم في صدر الأورك بانفجار لحمي مدوٍ. فغر عينيه في صدمة، متقيئًا الدم.
ابتسم ليون ابتسامة باردة.
تجمّد الأورك المحيطون، مذهولين مما رأوه. غضبهم تأجج، لكن أقدامهم ترددت في التقدم.
ذلك لأن ليون لم يعد مجرد رجل ضد حشد. لقد أصبح المفترس… الممسك بأخٍ لهم كدرع، متحديًا إياهم أن يتحركوا.
وكان يبدو أخطر من أي وقت مضى.
وبينما يمسك “درعه” ليصد به السهام، تحرك ليون كالطيف المميت، منقضًا على أقرب محارب، قاطعًا إياه بضربة واحدة نظيفة شطرت اللحم والعظم. الخنجر الكريستالي همس وهو يشق الجسد، تاركًا الأورك ينهار بلا حياة على التراب.
أما الأورك “الدرع”، فقد كان يئن في ألم، جسده ينتفض كلما سحبه ليون ليتلقى ضربة جديدة.
قطب ليون جبينه. لم يكن يحب تعذيب المخلوق أكثر من اللازم. لكن لو قتله الآن، سيتحول إلى بيكسلات ويختفي—بينما وهو حيّ، فهو الحاجز المثالي.