75
الفصل 75: ليون ضد الأورك (3)
“تبقّى ثلاثة… تبا. إن كان الأورك العاديون بهذه الصعوبة، فعلي أن أكون أكثر حذرًا عشرة أضعاف مع الرتب الأعلى.”
فكّر ليون وهو يلهث، أنفاسه متقطعة.
لكن الأورك الثلاثة الباقين لم يتراجعوا. بل على العكس، ازدادوا حدة، زأروا وانقضّوا عليه.
جرّ ليون نفسه واقفًا، وواجههم.
“أوه، بحق السماء!!” صرخ بانفعال، الإحباط يشق صوته المرهق. ارتجفت يداه، والعرق غلّف مقبض الخنجر البلوري حتى كاد يفلت منه.
لقد وصلت إلى الحد الأقصى… لا أستطيع الاستمرار بهذه الوتيرة أكثر.
اندفعوا نحوه كموجة هادرة.
مراوغة يسارًا، انزلاق تحت فأس هائل اخترق الهواء فوق رأسه، فيما خنجره يمرّ على ربلة ساق خصمه، جرح ضحل لكنه كافٍ ليبطئ حتى الوحوش.
استدار، رفع قفازه الفولاذي ليصدّ ضربة هابطة. شررٌ تطاير حين اصطك الحديد بالحديد. ثم دار بخصره وغرس الخنجر البلوري بين أضلاع خصمه، ليس عميقًا بما يكفي، فتراجع خطوة، صدره يلهث.
لكنهم لم يتركوا له فرصة. ضغطوا بلا رحمة. خطوة تراجع… ثم هجوم خاطف عبر اندفاع المانا، اندفع داخل حارس أحدهم، طعنة قصيرة، لفة للمعصم، صرخة ألم مكتومة.
شدّدوا صفوفهم، ضيّقوا الدائرة، وحاولوا أن يحاصروه.
لكن ليون ارتفع في الهواء ثلاثة أمتار. أجبرهم على رفع أعينهم، على فقدان لحظة، على حساب المسافة خطأ. ثم هبط لا على الأقرب، بل على الثاني، الزاوية التي لم يتوقعوها، الخط الذي لا تحميه أقواس فؤوسهم إلا إن اصطدمت ببعضها.
اخترق الخنجر الترقوة إلى اللحم العميق. زمجر الأورك، دار مصابًا بالعمى من الألم، فهوت فأسه على كتف رفيقه. العظم تحطّم.
هبط ليون على الرمل، تدحرج مرة، ثم اندفع مستغلًا الفوضى قبل أن تُغلق الفجوة. خطوة أخرى، نَفَس آخر، ضربة أخرى—ذراعه من حديد ونار—حتى اخترق النصل أسفل الفك ليصيب النقطة الرخوة.
ارتجف الأورك وسقط.
تبقّى اثنان.
انقضا معًا، أحدهما بضربة علوية، الآخر بسيف جارح منخفض، يحاولان أن يقطعا جسده كالمقص.
قفز ليون، ارتكز بقدمه على مقبض الفأس المنخفض، وانطلق به كزنبرك ليتفادى الضربة العليا. سقط التوازن قليلًا، كاحله يصرخ ألمًا، لكنه ثبت.
تحرّك.
وفعل. جرح في المعصم. شقّ في مفصل الأصابع. خطوة تراجع كادت تتحول إلى سقوط، لكنه جعلها اندفاعة. الرمل يعيق خطواته، الشمس تكتم صدره، ورؤيته تومض عند الأطراف.
لكن الألم لم يكن سوى علامات على جسده: ساق، أضلاع، كتف، كف. أحصاها… ثم تابع القتال.
الأورك الأكبر اندفع بتهوّر—كبرياءه يقوده للهلاك—فاستغل ليون الفرصة. تسلل إلى داخل القوس، رفع ذقنه بلكمة من قفازه المعدني، وغرس الخنجر تحت عظم الصدر. كان اختراقًا صعبًا… ثم انفتح الطريق.
سقط الأورك بتنهيدة مبحوحة.
تبقّى واحد.
تردّد لحظة—جزءًا من نبضة فقط—ثم صرخ وانقض، ناسياً فؤوسه، كفيه ممدودتين ليُمزق.
كدت يد ليون تُسقط الخنجر. قبض عليه حتى غاص الجلد في الجلد المدبوغ، ثم واجه الهجوم باندفاعة يائسة أخيرة.
لم يحاول أن يكون ماكرًا. اندفع مباشرة.
خطوتان. انحراف جانبي. جرح على العضد. ضربة ركبة في البطن. طعنة قصيرة حادة تحت الضلوع.
لكن قبضته الهائلة ارتطمت برأس ليون. انقلبت الدنيا، نجوم بيضاء انفجرت في عينيه.
أنهها.
زمجر، وانتزع الخنجر، ورسم خطًا أخيرًا عبر الحلق.
ترنّح الأورك، حدّق، ثم سقط على ركبتيه. هوى على الرمل ولم يتحرّك بعدها.
صمت.
حرارة.
رائحة الدم والعرق والغبار.
وقف ليون متمايلًا، صدره يعلو ويهبط كمنفاخ حداد، عيناه شاردتان. العالم ضاق واتسع، ثم استقر. ترك الخنجر يتدلّى حتى توقف ارتجاف يده.
…
بعد دقائق، كان الفتى ذو السبعة عشر عامًا ممدّدًا على رمال السافانا الملتهبة، يتنفس بعمق. ضغط الحرّ عليه ككفّ من نار، لكنه لم يكترث.
بل ارتسمت على شفتيه ابتسامة متعبة.
لقد فعلتها… نجوت.
لقد كان هذا أشد قتال يخوضه في حياته.
دُفع إلى أقصى حدوده!
في لحظة ما، أيقن أنه سيموت هنا. تلك الأورك استحقت سمعتها كوحوش صلبة لا تلين.
حتى الغوبلن الماكرون السريعي الحركة لم يُرهقوه بهذا الشكل.
قوتهم، دفاعهم… كل شيء كان في قمّة مستواهم. ما افتقدوه فقط كان الذكاء، والحس، والسرعة.
بل إن قوتهم وحدها جعلتهم يعادلون وحوشًا أعتى تفوقهم بمستويين على الأقل!
بعد أن طرحهم أرضًا، شعر ليون بالإنجاز. شعر بالنشوة… بالإثارة!
ورغم أن القتال كان شاقًا، فقد أحبّه.
دون وعي، بدأ يتطلع إلى المزيد. كان يعرف أن المعارك المقبلة ستكون أصعب، لكنه لم يهتم. أراد أن يخوض المزيد من القتالات المثيرة كهذا.
ممددًا على الأرض العارية، مبتسمًا برغم جراحه وكدماته، فكّر: أنا محظوظ لأن الأورك لم يحطّموا عظامي بفؤوسهم. حتى مع مهاراتي وكل ما أملك، بالكاد تمكنت من هزيمتهم.
وقف ببطء. رغم إصاباته، لم تكن جروحه خطيرة جدًا، وكان متأكدًا أنه يستطيع الاحتمال.
كان بإمكانه شرب الإكسير العلاجي ليشفي جسده ويستعيد كامل قوته، لكنه لم يجرؤ.
الإكسير باهظ الثمن، ولولا التخفيض لما استطاع شراءه أصلًا. أراد أن يحتفظ به للحاجة القصوى.
نظر حوله، تنفّس بعمق، وتمتم لنفسه: “الآن… أخيرًا أستطيع التحقق من كل إشعاراتي.”
ثم بدأ يفتحها واحدة تلو الأخرى.
┏━━━━━━༻❁༺━━━━━━┓
[المضيف جمع ما يكفي من نقاط الخبرة]
[ارتفع المستوى!]
المستوى الحالي للمضيف: المستوى 19
أضيفت خمس نقاط إلى كل إحصائية من إحصاءات المضيف!
┗━━━━━━༻❁༺━━━━━━┛