68
الفصل 68: العفاريت
ما إن سمع ليون ذلك حتى زفر بارتياح، لتتألق عيناه بالحماسة. ومن دون أن يضيع لحظة، اندفع يجمع الأوراق.
كانت خضراء اللون، لكنها سميكة وصلبة كجذع شجرة قوية.
┏━━━━━━━━━༻❁༺━━━━━━━━━┓
ورقة الجاذبية 003 ارتبطت بك.
┗━━━━━━━━━༻❁༺━━━━━━━━━┛
. . .
وبينما كان يلتقط الورقة الأخيرة ويتلقى إشعارها، ظهر تنبيه جديد بشكل مفاجئ.
┏━━━━━━━━━༻❁༺━━━━━━━━━┓
لديك 30 ثانية لمغادرة هذا المتاهة!
الوقت: 30 ثانية
┗━━━━━━━━━༻❁༺━━━━━━━━━┛
“ماذا!!!” اتسعت عينا ليون، فسارع بتخزين الأوراق كلها قبل أن ينطلق هارباً من الكهف.
وبالقرب من المدخل، كان الدوّام المألوف يلتفّ بانتظار دخوله وكأنه صُمّم خصيصاً له.
اندفع نحوه بلا تردد.
وما إن اخترقه حتى خيّم الظلام حوله، ثم فتح عينيه ليجد نفسه في مكان آخر تماماً.
’يا للانتقال الرائع!’
’وعلى عكس ما قرأته في الروايات، لم أشعر بالغثيان. هل السبب هو النظام؟ أم جسدي؟ أم أن الغثيان بعد الانتقال مجرد كذبة؟’
أيّاً كان الجواب، لم يهتم بمثل هذه التفاهات.
كان قد أمضى حتى الآن أكثر من 12 ساعة وهو يخوض أول متاهتين له — متاهة الطيور ومتاهة الجليد. وبقي أمامه أقل من 11 ساعة ليصل إلى المستوى 30.
لم يكن قلقاً، بل واثقاً من أنه سيصل إليه بسرعة، خصوصاً وأنه لن يضيع ساعات طويلة في تعلم مهارات جديدة كما فعل سابقاً مع [استشعار المانا] و[تحكم المانا]، اللتين التهمتا ما يقارب 8 ساعات.
حوّل تركيزه الآن إلى ما يحيط به.
لقد كان في غابة مطيرة، مليئة بأشجار شاهقة كثيفة ونابضة بالحياة.
كان واضحاً أنه في موقف غير مريح؛ فالمخلوقات التي تعيش هنا معتادة على هذه البيئة الكثيفة، بينما هو دخيل غريب عنها.
ستتقيّد حركته حتماً، بخلاف معركته الأخيرة التي جرت في ساحة جليدية مفتوحة. أما هنا، فالمكان مكتظ بطبقات من الفروع والعوائق.
وفجأة، شعر ليون بخطر يقترب من الأعلى.
وما إن دخل الخطر نطاق هجومه، حتى شق الهواء بسلاحه بكل قوته!
كلااااانغ!!!
ارتدّ صوت المعدن وهو يصطدم بالمعدن وسط الغابة.
ارتطم المهاجم بجذع شجرة بقوة، وفي تلك اللحظة الخاطفة لمح ليون شكله.
بووووووم!
ارتجت الأرض تحت وقع سقوطه العنيف.
’تباً! ما هذه المخالب!’ شتم ليون حين رأى بوضوح.
لقد كان فهداً متحوّراً — ارتفاعه 1.5 متر تقريباً. أقصر من زعيم متاهة الذئب-الهجين، نعم، لكن ليون أيقن أن هذا الوحش قادر على قتل ذلك الذئب بسهولة.
أما أكثر ما أرعبه فيه فهو مخالبه.
’بمثل تلك المخالب، كان سيفتك بالذئب-الهجين في ثلاث إلى خمس ضربات فقط.’
وأنيابه لم تكن أقل خطراً.
مخالبه بطول 10 إنشات، سميكة وحادة، وأنيابه بطول 9 إنشات، ملطخة بدماء حديثة — مما يعني أن هذا المفترس اعتاد القتل.
مهيب في شكله، فتاك في حضوره، يكفي النظر إليه ليزرع الرعب في قلب أي كائن أضعف.
غراااوووول!!!
اندفع الوحش نحوه مجدداً، متخماً بعطش الدماء. سرعته كانت مذهلة.
وعلى الرغم من أنه طُرد بعيداً في المرة الأولى، إلا أن وحشيته لم تتراجع لحظة.
رفع كفه الضخم المليء بالمخالب ليضرب.
لكن ليون ضحك ساخراً من محاولته العقيمة.
’كنت أظن أن أول مخلوق سيهاجمني سيكون قرداً متحوّراً.’
في المتاهة الماضية، كان يرغب فعلاً في مواجهة وحش قططي متحوّر — كالنمر أو الأسد. لكن ما إن وصل إلى هذه الغابة، أيقن أن أول هجوم سيأتيه من وحش يشبه القرد.
ومن كان يظن أن أمنيته ستتحقق حرفياً!
حين رآه كاملاً، أدرك سبب اعتبار المزارعين الوحوش القططية المتحوّرة تهديدات قاتلة حتى من دون سموم أو سحر.
مع ذلك، لم يتراجع. كان واثقاً من قدرته على القضاء عليه.
اندفع الوحش مرة أخرى، رافعاً كفه ليشطره بمخالبه، لكن ليون كان الأسرع.
وبينما انقضّ المخلب نحو وجهه، انزاح ليون جانباً، متابعاً ببطء حركة الظفر وهو يخترق الهواء قربه، ثم غرس سلاحه في جسد الوحش في اللحظة ذاتها.
زمجر الوحش بألم، إذ اخترقت شفرات ليون المعدنية جلده السميك بسهولة مذهلة.
وبعد نصف ثانية، شعر الوحش بعموده الفقري يتمزق من الداخل.
حاول ليون تعميق الضربة، لكن صرخة الألم المدوية دفعت الوحش ليلتف محاولاً تمزيقه بمخالبه المرنة.
عندها سحب ليون سلاحه فجأة، مما ضاعف من نزيفه، ثم ابتعد خطوة.
’آه، الغابات ضيقة للغاية!’
ارتبكت حركات الوحش تحت وطأة الألم الساحق.
لكن ليون تساءل: لماذا لم يحاول الفرار؟ كان يدرك بالفعل أنه أضعف… فلماذا يقاتل حتى النهاية؟
لم يهمه السبب. لم يكن يهمه سوى رفع مستواه والخروج من هنا.
انقض لينهيه… لكن فجأة لمح سهماً يتجه نحو عنقه.
تفادى فوراً، ليستقر السهم عميقاً في جذع شجرة.
’ماذا بحق… سهام!! أي وحش ذكي بما يكفي لصنع قوس ورمي السهام!؟’
ارتج عقله في فوضى.
وقبل أن يستوعب ما يحدث، اجتاحه خطر جديد من الجانب. تفادى مرة أخرى، فمرت ثلاثة سهام أخرى عبر المكان الذي كان فيه للتو.
ابتلع ريقه والتفت نحو الفهد المتحوّر — ليجده جثة هامدة.
سهم مغروس في الجرح الذي أحدثه سلاحه كان كافياً لقتله.
’الوحش مات! ولم أحصل على أي خبرة! ولم يتحول إلى بكسلات!’
كاد ليون يصرخ كالمجنون.
كان هذا كافياً ليهدم كل ما بناه من فهم عن قوانين المتاهة حتى الآن.
استمر وابل السهام، لكنه اتخذ الأشجار غطاءً، متفادياً الهجمات.
شيء واحد كان واضحاً — إذا كان السهم قتل الفهد من ضربة واحدة، فلا بد أن سمّاً فتاكاً طُلي به.
وكان على يقين أن السم قوي للغاية. لديه ترياق، نعم، لكنه لم يرد المخاطرة أبداً.
وبعد لحظات، توقفت الأسهم. فنظر باتجاه مصدرها… ليلاحظ ظلاً قصيراً خفيف الحركة.
ثم التقط سمعه خفّة حركة بجواره، مع همسات غامضة، لكنها سرعان ما خبت.
’هاه؟ هل كنت أتخيل؟’
لكنه كان متأكداً من شيء — عليه العثور على مصدر الصوت قبل أن يعثر هو عليه.
بدأ بالتحرك، لكن فجأة اندفع خطر من خلفه.
استدار بسرعة غير بشرية، شاقاً الهواء بسلاحه.
ارتفع صراخ حاد، والكائن الذي هاجمه تمزق إلى أشلاء.
وفي تلك اللحظة… لمح شكله.
’ع-عفريت!!!؟؟’ صرخ في عقله، وقد انقبض صدره.
لكن لم يكن هناك وقت للدهشة — إذ أطبق الخطر من ثلاث جهات. ولحسن حظه أن شجرة ضخمة تحمي ظهره، وإلا لكان وقع في كماشة من أربع جهات.
ثم جاء هجوم آخر — من فوق، من ذات الشجرة خلفه!
’اللعنة، لقد حاصروني في هذا المكان بالذات!’
فلم يجد خياراً سوى تفعيل [دفعة المانا]، فانطلق صاعداً.
اخترق سهم الأرض حيث كان يقف قبل لحظات.
وبينما كان يحلّق للأعلى، أبصر المهاجم — عفريت يحمل قوساً.
نعم، لقد هاجمته العفاريت. عفاريت خضراء.
قفز نحو الشجرة حيث يختبئ العفريت وطارده. لكن العفريت ركض ضاحكاً، وهو يصرخ بكلمات غير مفهومة، ويلتفت بين حين وآخر مشيراً نحوه.
ورغم التفاته المستمر، إلا أنه تنقّل بخفة بين الفروع وكأنه يعرف كل جذع وغصن بالغابة عن ظهر قلب.
كان يحمل قوساً صغيراً وجعبة مناسبة تماماً لحجمه على ظهره.
’نظام! ما الذي تفعله العفاريت في هذه المتاهة بحق الجحيم!؟’ صرخ في عقله، ممتقع الوجه.
’…’
صمت.
<طنننغ!>
فهم على الفور ما يعنيه ذلك.
’لماذا لا تجيب!؟ هل كل ما تجيده هو إلقاء المهام!؟’ انفجر غاضباً في داخله.
’…’
فتوقف عن المطاردة. هذا لن يجدي، بل قد يقتله إن استمر. فالتفت إلى العفاريت التي كانت على الأرض، بعيداً عن مسرح الملاحقة.
ابتسم حين رأى العفريت الذي كان يطارده يتوقف فجأة عن الضحك ليصرخ محذراً رفاقه أن ليون قادم.
’لقد أحسنت صنعاً حين توقفت عن مطاردته.’
—