33

الفصل 33: السيطرة!

ذلك الحدس—أدرك الآن أنه مهارة لإنقاذ الحياة.

بواسطته وحده، يمكن للمرء أن يقاتل حتى وهو معصوب العينين…

لكن ليستفيد منه حقًا، لا بد أن يكون سريعًا، عالي الرشاقة، حاد البديهة، وزمن رد فعله يكاد يضاهي البرق. فبدون ذلك، حتى لو شعرت بالخطر فلن تنجو—ستكتفي بالموت وأنت على علم به.

بدأ ليون يتساءل.

هل أعيد تجسيده؟ أم أنه انتقل إلى جسد آخر—كما في الروايات التي اعتاد قراءتها على هاتف زاك؟

أم… هل يمكن أن يكون الأمر مزيجًا من الاثنين معًا؟

وإن كان كذلك، فأي حياة منهما هي التي تعلّم فيها أو رأى خلالها تلك المهارة الطائرة؟

هل كانت حياته السابقة… أم الحياة التي عاشها قبل انتقاله؟

مهما يكن الجواب—فهو بحاجة إليه. عاجلًا.

لأن الذكريات المحبوسة داخله قد تخفي شيئًا مهمًا… شيئًا قادرًا على إنقاذ حياته.

انقطعت أفكاره حين رفع بصره مجددًا—وهذه المرة، رآه.

الغراب.

ينقض.

اندفع بسرعة مزّقت الهواء من خلفه. بلا صوت. بلا صرخة. حتى الريح لم تصدر صفيرًا حوله—لقد كان أسرع من أن يُسمع.

ذكاؤه تراجع بشدة، لكن في المقابل، جميع إحصاءاته الأخرى ارتفعت.

نقاط حياته، قوته، سرعته، مهاراته—كلها أصبحت أقوى بمقدارين كاملين من مستواه الأصلي.

حتى قوته الحيوية أخذت تتناقص بسرعة، تغذي تحول مهارة “الهياج” وجنونها.

لكن بدلًا من الذعر، كان الغراب يواجه بابتسامة شيطانية ارتسمت على وجه ليون.

ابتسامة أبغضها.

ابتسامة كرهها بكل ذرة من كيانه.

وذلك الكره لم يزد إلا من نيران غضبه.

لم يعد يهمه ما سيأتي بعد ذلك.

فالحشرة ستموت على أي حال.

فلمَ يُبالي بابتسامة؟

لقد نسي منذ زمن أن تلك الابتسامة نفسها كانت كابوسًا يطارد أتباعه—قبل أن يُذبحوا بوحشية على يدَي الرجل نفسه الذي يندفع نحوه الآن.

فهل سيلقى المصير ذاته؟

من يدري؟

وقف ليون ثابتًا، لا يتحرك.

لقد قرر.

لكم هذا الشيء مضيعة للوقت. حتى مع قبضتيه المدعمتين بالـ”مانا”، لن يتمكن من إنقاص واحد بالمئة من نقاط حياته.

“ولِمَ أعاني… بينما يمكنه أن يهلك بيدَيه هو نفسه”، فكّر ليون، وابتسامة خبيثة تشق طرفي شفتيه.

لو كان الغراب ما زال حكيمًا كما كان، لتوقف الآن.

لكنه لم يكن كذلك.

لقد تجاوز نقطة اللاعودة.

الغضب أعمى بصيرته.

والكراهية التهمت أفكاره.

لم يعد يرى سوى هدف واحد.

عيناه توهّجتا بلون أحمر أعمق وهو يغوص أسرع، يخترق حاجز الصوت كمذنب ساقط.

أما ليون، فظل واقفًا، يبدو عليه الملل. وكأنه يسخر منه.

“حتى الآن… كل شيء يسير وفق الخطة”، تمتم مبتسمًا ابتسامة أوسع.

رغم هدوئه الظاهر، كان ليون متأهبًا. كل عصب فيه في حالة إنذار.

ثم—

رفع بصره آخر مرة ورآه—قوسًا حادًا من الهواء، رفيعًا ودقيقًا، شق الغيوم فوقه.

“اللعنة!”

انفلتت الشتيمة من شفتيه، لكنها لم تمحُ تلك الابتسامة الغامضة الملتصقة بوجهه.

لقد التصقت به الآن—كأنها جزء من روحه.

ليون كان مستمتعًا بما يحدث.

ومن دون تردد، أطلق المانا—أولًا من ساقيه.

دووووم!

انفجر وميض أزرق من تحته، قاذفًا إياه جانبيًا في اللحظة المناسبة.

اختفى من منطقة الهجوم كما يختفي شبح من الأنظار.

والآن، على ارتفاع خمسين مترًا في السماء، وجّه المانا إلى كفيه.

وبذلك—تحول جسده كله إلى صاروخ حي.

أضاء توهج ماناه الأزرق الساطع السماء كذيل مذنّب—يتدفق من يديه وساقيه معًا.

لم يكن يتحرك فحسب—بل كان يطير.

لكن هذا الصاروخ لم يطلق لهبًا أحمر—

بل أشعّ مانا نقيًّا متلألئًا، في مشهد يأسر الأبصار.

استخدم ليون المانا في كفيه ليحافظ على توازنه في الهواء.

ومن خلال ضبط التدفق، أبقى جسده ثابتًا واستهلاك المانا منخفضًا.

حلّق فوق ساحة المعركة، ناظرًا إلى نتيجة فخه.

ارتفع الغبار عاليًا، ملتهمًا الأرض أدناه. الرؤية ضعيفة—حتى مع بصره المعزّز، كان من الصعب تمييز شيء.

“هل مات…؟”

لم يكن متأكدًا.

“اللعنة. هذه الخطة نجحت أكثر مما توقعت. ومن يفكر… أن النظام الأحمق كان يتوقع مني أن ألكمه حتى الموت باستخدام قوتي الضعيفة.”

ضحك بخفة.

لقد أمضى الدقائق الماضية يستفز الطائر عمدًا—دافعًا إياه إلى أقصى حدوده.

ونجح الأمر.

انقض الوحش بكل سرعته، عازمًا على إنهائه بضربة واحدة. أراد أن يلقنه درسًا.

أطلق مهارته العنصرية—”قطع الرياح”—واثقًا أنها ستمزق ليون إربًا.

لكنه فقد أثر ليون كليًا بعد ذلك. الغضب، والكبرياء… وانخفاض الذكاء بسبب حالة “الهياج” جعلته أعمى.

القطع مزّق الهواء، حاجبًا رؤية الطائر نفسه.

لم يره وهو يطير مبتعدًا.

لم يشعر به حتى.

ثم—بووووم!

اصطدم.

ارتطم بالأرض بقوة نيزك ساقط.

حتى الآن، كان بالكاد يقف—يتمايل مترنحًا، مذهولًا، مشوشًا.

لم يفهم ما الذي حدث للتو. ولن يفهم… إلا حين يخرج من حالة “الهياج”.

تلفّت حوله، تائهًا.

ومن خلال الغبار المتصاعد، التقطت عيناه المشوشتان شيئًا.

هيئة.

ظلّ.

شخصية بشرية تحوم فوق الفوضى—محاطة بهالة من الضوء الأزرق المتوهج.

تعرّف على تلك الهيئة.

اتسعت عيناه رعبًا.

ثم—

صرررخ!!!

انطلق صراخ ألم وغضب من حنجرته، يهز الهواء.

أما ليون، فظل معلقًا في السماء، تلك الابتسامة اللعينة لا تفارق وجهه. عيناه متقدتان بعزيمة.

جسده مشعّ بالقوة.

“الآن…” همس.

“يبدأ الدور الثاني.”

…..

بعد أن رأى نتيجة خطته، لم يعد ليون متأكدًا إن كان الطائر قد مات أم لا.

وكان يعرف جيدًا أنه لا يجب أن يطمئن.

لذا قرر أن يقترب—ليتأكد بنفسه.

ومع استمرار المانا بدفعه بنبضات لطيفة، هبط ببطء، مستقرًا برفق وسط سحابة الغبار… لكن عينيه لم تريا شيئًا.

ملاحظة المترجم:

ما رأيكم في الرواية حتى الآن…؟