30
الفصل 30: الطيران!
«هناك أمور كثيرة تنتظرك لتتعلمها يا ليون. لكن عليك أن تكتشفها بنفسك.»
زفر ليون زفرة حادة، متنكّراً للخيبة.
مهما رغِب في معرفة المزيد، فهم ذلك. النظام لن يكشف كل شيء. ليس الآن. ليس بهذه الطريقة.
حينئذ، كان قد قضى على كل وحوش المستوى 4. قبضتاه المشبعتان بالمانا تنزفان دمًا. مفاصلهما تتألم من أثر التصادمات، والألم كان باهتًا لكنه ثابت.
ومع ذلك، لم يكن قرب حده الأقصى.
أما الغربان من المستوى 5 فقد تكبّدت أضرارًا جسيمة. نقاط حياتهم قد انخفضت إلى النصف—وهم كانوا يعلمون ذلك، لذا توقفوا عن الهجوم.
الموت أمام مرؤوسيهم؟ كان سيخجلهم. سيهبط من معنوياتهم. سيكسر التسلسل الهرمي.
فلم يبقَ لهم سوى التحليق بلا كلام… يراقبون.
ثم انتهى الأمر.
كل مرؤوسيهم قد سقطوا.
ليون قضى عليهم بيدٍ واحدة.
رفع بصره إلى الأعلى حيث لا يزال بعض الغربان من المستوى 5 يحومون بعيدًا، يتجنبونه كما لو كان تجسيدًا للموت.
لم يجرؤوا على الفرار. ليس لأنهم لا يريدون، بل لأنهم لا يستطيعون.
الكل مقيد بقواعد مبارزة الموت.
الفرار الآن؟ يعني إبادتهم فورًا.
ليون كان قد سمع ذلك من النظام.
والغربان أيضًا تعلمه.
ابتلعوا ريقهم.
من فوق، راقبوه بعيون واسعة لا ترمش.
رأوا تلك الابتسامة—ابتسامة شيطانية تقشعر لها الأبدان—تتوسع على وجهه.
في تلك اللحظة، لم يعد يبدو إنسانًا.
بدت هيئة شيطان. إله ابتهاج بالدماء يبتسم مُستقبلًا الأرواح، ذراعاَه ممدودتان، عيناه تتوهّجان بالفوضى.
لم يستطعوا إلا أن يتذكّروا ضحكاتهم قبل قليل، حين سخروا من تكبره وسماوه له بالمَهْمَلة.
الآن عرفوا الحقيقة.
هو لم يكن الأحمق.
هم كانوا كذلك.
بالمقارنة معه، لم يكن لديهم شيء: لا قوة، لا إرادة، لا شجاعة.
التفتوا إلى الكائن الوحيد الذي قد يمنحهم أملًا.
زعيمهم.
توجّهت العيون إليه بصورةٍ فطرية.
حلق أعلى، جناحاه منصبان كآمر، وعلى وجهه… ما بدا كابتسامة.
لا ينبغي للطيور أن تبتسم.
لكن هذا فعل.
ريشُه انتفش وهو يطلق قهقهة منخفضة.
رغم خفوت الصوت، شعروا بتدفّق الثقة.
لزعيم خطة.
هم علموا ذلك.
لم يحتاجوا إلى كلمات. ثقتهم فيه مطلقة.
فانتظروا… صامتين… يراقبون.
ورغم كل ما شاهدوه، تمسّكوا ببصيصٍ من الأمل.
ربما—ربما تكفي ورقة الزعيم المفاجئة لقتل ليون.
بعد كل شيء، ليون لم يُبدِ رحمة. ولم يكونوا ليفعلوا لو كانوا مكانه.
وقف ليون شامخًا، جسده ملطّخ بالدم والتراب، قبضتاه متورّمتان وينبضان بالمانا.
انتظر.
كان يعلم أن الزعيم يجهّز شيئًا ما.
شيئًا خطيرًا.
شيئًا قاتلاً.
ومع ذلك، لم يتحرّك بعد.
هل ينتظر حتى يقضي على كل المرؤوسين؟
هل يشتري وقتًا لشيء آخر؟
عبست حواجب ليون، وهو في حيرة.
غرائزه تنتفض من جديد—لكن هذه المرّة لم تكن صرخة تحذير، بل فضولًا.
هل يملك زعيم الغربان قدرة تشبه قدرة زعيم الدجاج؟ فكر بوجل.
لو كان كذلك… فذاك الوحش أخطر مما تخيل.
نظر إلى المؤقت مجددًا.
┏━━━━━━༻❁༺━━━━━━┓
1:15:23
┗━━━━━━༻❁༺━━━━━━┛
ساعة وخمسة عشر دقيقة متبقية.
الوقت ينفد.
هؤلاء الغربان يضيعون ثوانًا ثمينة.
يحتاج إنهاء هذا—بسرعة.
دون تردد، وجه نظره نحو الجبناء الطائرين.
لقد استغلّوا أجنحتهم لفترة طويلة.
يحومون خارج مدى الضرب، يتهرّبون من قبضاته برشاقةٍ جنونية.
يكسبون وقتًا مع كل ثانيةٍ يماطلون.
لكن ليون كان له مفاجأة لهم.
اهتزت الغربان من المستوى 5 في الهواء.
ثم شعروا بشيء خاطئ.
خاطئ جدًا.
شعروا به.
ذلك الإحساس الغامض الذي حذّرهم سابقًا عن ليون تكرّر—لكن هذه المرة صرخ بصوت أعلى.
زعيمهم تجاهل ذلك—كما من قبل.
وفي الأرض—
ابتسم ليون مجددًا.
ابتسامته كانت باردة، صوته حادًا كما الشفرة.
«حان الوقت لإنهاء هذا نهائيًا… أَيُّها الجبناء!» صرخ.
وبلا تردّد وضع خطته قيد التنفيذ.
بلقبه كـ «سيّد المانا»، بدأ التحكم في المانا ينساب كفعلٍ غريزي—رغم أنه أيقن هذه الطاقة منذ دقائقٍ فقط. أصبح تلاعبه يضاهي تحكّم ممارسي التشي الذين درّبوا طوال عمرهم.
وجّه بسرعة الجزء الأكبر من تدفّق المانا إلى أخمص قدميه، موجهًا الطاقة لتخرج عبر مسام ساقيه. فورًا، التفّ الوهج الأزرق حول ساقيه وكاحليه.
الطاقة بدأت تدور كدوّامة، كثيفة وحية. شعر بقوة تلفّه كعاصفة—وعميقًا بداخله، لذّة غامضة استمتعت بهذا الشعور.
دون إضاعة نبضة، أطلق العنان.
انفجرت المانا بعنف، دفعته للأعلى كصاروخ حي. حلق في الهواء بزخمٍ عنيف، ومخلفًا أثرًا من المانا كعادم محرك نفاث.
كلما ارتقى، ازدادت الصعوبة.
الطاقة رفضت الهدوء—اندفعت بقوة جامحة، وتوهّج الضوء حول ساقيه أكثر فأكثر.
من هذه العلوّة، نظر إلى العالم أدناه، الأفق يتسع، والريح تقطع جلده. المنظر كان جميلًا. رغب جزء منه أن يصرخ بفرحٍ طفولي من السماء. لكنه لم يفعل. كَبَتْه.
لم ينتصب مجال للاستهجان. لا مكان للاحتفال.
كانت ساحة قتال.
هذه الزنزانة ليست لعبة خيالية لها محاولات لا نهائية أو شبكات أمان. لا نقاط حفظ. لا إعادة محاولات.
لو أخطأ خطوة واحدة—يموت. حقيقي.