28
الفصل 28: مواجهة الغربان منفردًا!
كان هناك أمر واحد يعلم ليون يقينًا أنه صحيح: مقارنة الغربان بالدجاج تثير غضبهم إلى أبعد حد. ولهذا قالها بلا تردد.
الإهانة اخترقت أعماقهم.
فما إن وصلت الكلمات إلى مسامعهم حتى تلألأت عيونهم ببريق من الغضب المتقد. لم يكن شرارة عابرة… بل اشتعالًا. دمهم غلى بحرارة. لم يفكروا بشيء سوى تمزيق ذلك الصبي المتعجرف إلى شرائح لحم، والتغذي على بقاياه. لم يهِن غرابًا واحدًا فقط—بل سخر من سلالتهم كاملة. وكان ذلك، في نظرهم، تجديفًا.
«هذا الفتى يطلب الموت… كيف يجرؤ على مقارنتنا بتلك الحشرات!»
«أيها الدود الحقير… لقد أغضبت العشيرة الخطأ!»
لم تكن أفكارهم كلمات، لكنها كانت مشاعر واضحة، عاصفة من الكراهية حجبت غرائزهم.
كانوا على درجة عالية من الذكاء—أعلى من أغلب الوحوش، بل حتى من كثير من البشر. لكن طبيعتهم خذلتهم. يمكنهم فهم اللغة، إدراك النبرة، قراءة الاستراتيجية، وحتى استيعاب الإهانة مثل الكائنات العاقلة. لكن أجسادهم لم تكن مهيأة للنطق—ليس بعد.
فقط عبر طفرات متواصلة وتطور طويل يستطيع الوحش أن يكتسب قدرة الكلام… غالبًا حين يقترب من هيئة بشرية أو تتغير تركيبة حنجرته بالكامل. وحتى يحين ذلك، سيبقون بلا صوت… لكنهم أبعد ما يكونون عن الغباء.
ما إن استوعبوا الإهانة حتى توقفوا عن التحليق الدائري في السماء.
وانقضّوا. بسرعة. بعنف.
أجنحتهم غشّت البصر. الهواء تَشقق.
مئات منهم هبطوا دفعة واحدة. موجة جارفة من الريش الأسود والمخالب الحادة اندفعت نحوه.
أغلب المهاجمين كانوا في المستوى الرابع. أما من هم في المستوى الخامس والسادس فقد ظلوا محلّقين أعلاه، يراقبون بمكر، ساخرين. لم يتحركوا. ولِمَ سيتكلفون؟ مرؤوسوهم يكفون وزيادة للتخلص من هذا الطفيلي الضعيف… أليس كذلك؟
ظلّوا واثقين—رغم أن ليون قضى على الدجاج جميعًا.
ففي نظرهم، الدجاج مجرد ضعفاء.
أما ليون… فهو أدنى من ذلك على السلسلة الغذائية.
خطأ سيدفعون ثمنه قريبًا.
ليون، على العكس، لم يشعر بأدنى خوف.
ابتسم.
عيناه تتلألآن.
ابتسامة ملتوية، متحمسة، ارتسمت على شفتيه.
رأت الصفوف الأولى من الغربان تلك الابتسامة… فصرخت غرائزهم: هناك خطب ما!
لكن الوقت كان قد فات.
فالطيور التي خلفهم دفعتهم إلى الأمام. حين ينقض أكثر من مئتي غراب دفعة واحدة، لا مجال للإبطاء. ولا للعودة.
كالعاصفة، اندفعوا.
وقبيل الاصطدام، فحص ليون بياناتهم.
┏━━━━━━༻❁༺━━━━━━┓
[الغراب الأسود المتحوّل]
─────⋅☾ تفاصيل الوحش ☽⋅─────
[المستوى: 4] [نقاط الحياة: 1890]
─────⋅☾ الإحصاءات ☽⋅─────
- القوة: 43
- القدرة على التحمل: 43
- السرعة: 43
- الدفاع: 33
- الذكاء: 26
┗━━━━━━༻❁༺━━━━━━┛
كاد أن يسخر.
«لا مهارات؟ مستوى أدنى من مستواي؟ إحصاءات ضعيفة؟ ها! ليسوا سوى أكياس ريش ليتلقى لكماتي.»
قبض قبضتيه بترقّب.
وما إن اقتربوا—حتى انفجر بالحركة.
لكم. سريع. عنيف. دقيق.
كل لكمة ارتطمت كقذيفة مدفع.
درع المانا حوله استجاب للضربات كأنه درع حي—أي غراب لامسه ارتدّ وكأنه اصطدم بجدار نابض. الصدمة تسللت إلى أجسادهم، تاركة أجنحة ملتوية وعظامًا مهشّمة.
خلال ستين ثانية فقط، سقط أكثر من مئة غراب أرضًا.
قتلى.
ممزقون. مسحوقون. مسطّحون.
أما الغربان الأعلى رتبة التي ظلت في السماء تراقب… فقد رأت جنونًا مطلقًا.
جنودهم يسقطون كالمطر.
كالحشرات.
ليون تحرك كالبرق—قبضتاه غشاها الضباب، ساقاه تقطعان الهواء كسيوف. انحنى، دار، قفز، ركل. كل حركة انسابَت إلى الأخرى، بلا توقف، بلا تردد. جسده صار سلاحًا. عقله—حد شفرة. وكلما طالت المعركة، ازداد دقّة.
كصيّاد يتطور أثناء الصيد.
يتأقلم مع كل ثانية.
طائران معًا؟ لكمة واحدة.
يطوّقونه؟ ركلة مانا دوّارة تطيح بهم متصادمين.
كراااه!
من فوق، صرخت الغربان في هلع.
أعدادهم تنهار.
ثلاثمئة محارب من المستوى الرابع… تقلصوا إلى خمسين فقط خلال أقل من خمس دقائق.
تبدلت ملامح القادة. الغضب طغى على كبريائهم.
«إنه يقتلهم جميعًا… وبسهولة!»
ثم… اخترق صوته السماء من جديد:
“ماذا؟! خفتم أن أقضي عليهم جميعًا؟! هيا! أرسلوا المزيد! لقد كان الدجاج أكثر جرأة منكم أيها المزوّرون المغطون بالريش! تافهون! أنتم ضعفاء جدًا!!!”
ذلك الصوت…
كان خنجرًا في كرامتهم.
ارتجفوا غضبًا. بعضهم تراجع بجناحيه قليلًا ليكبح نفسه.
كادوا يفقدون السيطرة.
لكنهم لم يندفعوا بغباء.
بدلًا من ذلك… توقّفوا.
ثم أرسل أحدهم شيئًا غريبًا.
┏━━━━━━༻❁༺━━━━━━┓
الغراب رقم 14 أرسل لك دعوة لمبارزة الموت
[قبول] [رفض]
┗━━━━━━༻❁༺━━━━━━┛
ملاحظة: قبول المبارزة يعني مواجهة جميع الغربان المشاركين. إن فزت، قد تنال مكافآت عظيمة. إن خسرت… فالموت مصيرك.
نصيحة النظام: قبول هذا التحدي يمنحهم فرصة أكبر لقتلك. اختر بحكمة.
تلاشت ابتسامة ليون.
وجِهته ازدادت صرامة.
الكريستال كان قد حذّره من قبل—لكن هذه المرة، لم يهمس في ذهنه فقط.
بل بعث التحذير عبر واجهة النظام نفسها.
ولم يحدث ذلك من قبل.
وهذا يعني شيئًا.
هذه لم تكن مجرد معركة أخرى.
ضيّق عينيه.
«لماذا حذّرني النظام من هذا… ولم يفعل حين قاتلت الدجاج؟»
«هل لأن هؤلاء أقوى…؟ لا. مع هذا الذكاء الذي يملكونه أشك أن الأمر بهذه البساطة.»
بدأ عقله يدور.
لم تكن مجرد مبارزة موت.
كان هناك أمر آخر خلفها.
أمر أكبر.
وإن قبل هذه المبارزة…
فقد يكون يسير بخطاه إلى فخ قاتل.
لكن… هل سيوقفه ذلك؟