11
الفصل 11: كيف حدث ذلك؟
حدّقت أليكس في الفراغ الذي كان ليون مقيّداً فيه قبل لحظات، تطرف بعينيها عدة مرات…
ماذا… حدث للتو؟
هل العبد الذي كانت تستعد لبيعه أفلت من أمام عينيها مباشرةً!؟
داهمها الإدراك دفعة واحدة.
لقد كانت تظن أنها تمسك بخيوط الموقف كله—كل حركة محسوبة، كل زاوية مغطاة—لكن في الحقيقة، كانوا جميعاً يرقصون على إيقاع لعبة صبي بشري. والآن لم تعد تعرف حتى من يكون حقاً. ولا أحد منهم عرف. لأن أياً منهم لم يكلف نفسه عناء إزالة القناع.
ولِمَ قد يفعلون؟ من ذا الذي قد يتخيل أن بشرياً عادياً يمكنه الهرب من فريق متمرّسين؟
هل استخدم أداة للانتقال الآني؟ ولكن… كيف!؟
تفعيل أدوات كهذه يتطلب كمية هائلة من الطاقة الروحية. وحتى لو كانت الأداة محمّلة بالطاقة مسبقاً، فإن إطلاقها يحتاج إلى متمرّس حقيقي لتحفيز تدفقها.
إذن… كيف؟
رأسها كان يدور.
لقد كانت لديه خطة بديلة. ذلك الوغد الصغير خطط لكل شيء حتى آخر ثانية. لكن كيف كان ذلك ممكناً أصلاً؟
إلا إذا… إلا إذا كان حقاً متمرّساً… وخدعهم جميعاً…
لكن كيف؟ وبأي طريقة؟
هذه أول مرة منذ سنوات تواجه فيها موقفاً بلا تفسير.
حتى لو كان متمرّساً، كيف أخفى طاقته الروحية بهذا الإتقان؟ ولماذا بدا ضعيفاً إلى هذا الحد؟ قوته لم تصل حتى لمستوى المرحلة الأولى من عالم تقسية الجسد. بل بدا وكأنه لم يدرب جسده يوماً.
صبي في السادسة عشرة فقط تلاعب بها.
صبي في السادسة عشرة—بشري، ظاهرياً.
من يكون بحق السماء هذا الفتى!؟
التفتت تنظر حولها. المتمرّس الثرثار الذي قيّد ليون بدا مرتبكاً مثلها—عبوسه عميق حتى كاد حاجباه يلتصقان.
أما الرجل الغامض، فلم يكن قد لاحظ شيئاً بعد؛ ما يزال يتحدث مع البارون عبر الهاتف.
والحارسان الآخران اللذان استأجرتهما لتلك الليلة؟ كلاهما تجمد في مكانه، مذهولاً.
لم يكن لدى أحد إجابة. لم يتوقع أحد هذا.
هل يمكن أن يكون ذلك الفتى هو ليون بالفعل؟
كانت تتذكر عينَيه الزرقاوين جيداً. لكنهم لم يتحققوا من وجهه، ولا من شعره. كان مقنّعاً. جسده مغطى. لم يكن هناك وسيلة للتأكد. لم يكن لديها ما يثبت إن كانت حدسها صحيحاً—أم خاطئاً تماماً.
لكنها بدأت تشك بكل شيء.
لماذا لم ننزع القناع حينها…؟
حسناً، ولِمَ قد يفعلوا؟ الفتى كان مقيّداً. مجرد بشري. لم يكن هناك عجلة. كان يمكنهم الانتظار حتى الصباح بعد نوم هانئ.
والآن أدركت الخدعة بأكملها.
لقد كشف هوية الرجل الغامض في اللحظة المناسبة تماماً—قبل أن ينزعوا القناع مباشرة. فضح أنه نوكس، ابن البارون وقائد القرية، وأوقع الجميع في فوضى.
لقد كسب وقتاً.
لا بد أن هذا ما حدث!
ربما كانت أداته ذات تفعيل مؤجَّل، وكل كلماته—كل أسئلته—مجرد تمويه. مسرحية متقنة لتأخيرهم حتى تعمل الأداة.
وما هو الأسوأ؟
لقد حصل الفتى على الحبة!
إنها بحوزته. كانت في جيبه حين اختفى.
إن انتشرت الأخبار… إن عرف الناس أنها لم تستطع الإمساك حتى بسارق تافه رغم ما أنفقته من مال…
لا.
لا يمكنها مجرد الوقوف والتفكير.
يجب أن تتحرك.
“الجميع!” صرخت بصوت حاد كالجلد بالسوط. “انشروا حواسكم الروحية! أو حسّ المتمرّسين! أي موهبة أو قدرة من نوع المجال—استخدموها! تحققوا إن كان قد أصبح غير مرئي. إن لم يكن قد انتقل آنياً بل أخفى نفسه فقط، فما زالت لدينا فرصة! ضربة واحدة تكفي لإلغاء قدرته!”
قد يبدو الأمر جنونياً، لكن الآن؟ كان هو الحل الوحيد.
بشري بلا طاقة روحية لا يحلم حتى باستخدام تقنيات التخفي.
لكن إن لم يكن بشرياً…
إن كان شيئاً آخر…
فلا شيء سيكون مستحيلاً.
وإن أمكنها الإمساك به مجدداً، فستضمن إطعامه وتسمينه جيداً—مثل إوزة ثمينة قبل الذبح. ثم تبيعه بأعلى سعر ممكن.
سيدفع ثمن كل قطعة، وكل ثانية، وكل ذرة سمعة خسرتها الليلة.
ما إن أصدرت أوامرها حتى انطلق الجميع إلى العمل. ليس بدافع مساعدتها تحديداً، بل لأن الأمر لم يعد يتعلق بمجرد حبة مسروقة.
بل صار مسألة سمعة.
مسألة كبرياء.
لا متمرّس يريد أن يُسخر منه كالأحمق الذي سمح لسارق أن يهرب من بين يديه.
لكن لسوء الحظ، لم يكن أحد منهم قد أيقظ مجالاً بعد.
تلك القدرة نادرة إلى حد فلكي. واحد في المليار، إن وُجد أصلاً.
كل ما كان بإمكانهم فعله هو انتظار نوكس حتى ينهي مكالمته مع والده—فهو الوحيد القادر ربما على إنقاذ الموقف الآن.
أما الآخرون، فلم يكن أمامهم سوى اللجوء إلى ضربات عمياء، يلوّحون بحواسهم الروحية وهجماتهم المعززة بالطاقة في الهواء. ينتظرون. يأملون.
فالاختفاء لا يعني الحصانة.
إن كان الشخص غير مرئي، يمكن للإمساك به أن ينجح. يمكن ضربه—إن حالفك الحظ.
لكن إن كان هذا التخفي مشفوعاً بتقنية إخفاء الطاقة الروحية؟
فحينها… حظاً سعيداً.
وإن أضاف فوق ذلك تقنية “الجسد المتلاشي”، فقد تمر الهجمات من خلال جسده كما يمر الهواء عبر الضباب… إلا إن كان المهاجم في مرتبة أعلى. حينها فقط تحمل الضربات وزناً كافياً لتصيب وتسبب ضرراً حقيقياً.
في تلك الأثناء، كان نوكس ينهي حديثه مع والده.
“نعم يا أبي”، قال. “سأنهي أمره بمجرد أن أفرغ من هذا.”
أنهى المكالمة بزفرة، ثم التفت نحو المكان الذي كان فيه السارق، متوقعاً أن يرى هوية الفتى مكشوفة.
لكن ما رآه كان… لا شيء.
لا سارق.
لا قناع.
ولا حتى ظل.
تجمّد وجه نوكس.
نظر إلى أليكس.
عيناه قالت كل شيء.
أين هو!؟
أليكس لم تجب. لم تكن بحاجة لذلك.
كان حرّاسها يتخبطون في الهواء، يهاجمون العدم، وجوههم مشدودة بالقلق والإحباط.
كانوا يبحثون.
قطّب نوكس حاجبيه. اندفع نحوها—كان قد ابتعد بما يكفي خلال المكالمة كي لا يسمعه حتى المتمرّسون، لكن بما أن الوضع انقلب، فقد احتاج الإجابات بسرعة.
اقترب منها. التقت عيناه بعينيها.
ومن دون تردد، ألقت عليه سؤالاً جعل فكّه يرتجف من الصدمة:
“هل يمكنك استخدام مجال؟”