1

الفصل الأول: ليون غريمفايل!

“هل تعلم، أخي القارئ، أنه لا يوجد شيء متعب مثل البحث عن رواية جديدة لترجمتها، لأن معظم الروايات تعيد نفسها مع القليل من الإضافات. لكنني وجدت هذه الرواية، قرأت منها 10 فصول، وإن شاء الله تعجبكم كما أعجبتني.” ❤️

الفصل الأول: ليون غريمفايل!

“انظروا! إنه قمامة!” صرخ أحد المتنمّرين حين لمح فتى في السادسة عشرة من عمره يعبر الشارع متجهًا نحو متجرٍ صغير للخلطات العشبية.

كان الفتى ذا شعر فضّي وعيون زرقاء فاتحة، تمنحه مظهرًا غامضًا وغير مألوف.

وبسرعة، اجتمع حوله بعض الصبية ليبرحوه ضربًا، لكن الفتى لم يبالِ؛ بدا وكأن هذا الأمر معتاد تمامًا بالنسبة له.

ذلك الفتى هو ليون غريمفايل. كانت والدته تعاني المرض منذ أن جُرّد والده—الإيرل السابق—من لقبه قبل شهرين بلا سبب وجيه. كما قام الإمبراطور بحلّ حسابه المليء بالذهب، ليُترك بلا شيء. ولتأمين المال، فتح والده حسابًا جديدًا في بنك آخر، وانضم إلى نقابة المرتزقة الصيادين لينجز مهمّات لقاء أجر. وبفضل قوته في الزراعة الروحية، كان الأمر سهلًا للغاية.

بعد أسبوع فقط، تم ضمّه إلى مجموعة من المزارعين لمداهمة زنزانة من رتبة A.

خرج الجميع أحياءً بعد المداهمة… إلا أن الإيرل السابق أُعلن ميتًا. كل شيء كان مشبوهًا، لكن أحدًا لم يجرؤ على الكلام. ومنذ تلك اللحظة، عُدّ في عداد الأموات، لتزداد حياة ليون وأمه بؤسًا.

كان والده رجلًا وسيما ذا سمعة طيبة، لطالما خطفت أنفاس فتيات الإمبراطورية في شبابه. لكنّه، وهو في الثالثة والعشرين، اختار الزواج بامرأة بشرية بسيطة.

تقول الشائعات إن الإمبراطورة نفسها كانت قد أعجبت به، غير أن ما دار في القصر ظلّ سرًا، ولم يعرف الناس سوى التخمينات.

في إحدى المرات، أوعزت الإمبراطورة إلى رسولها ليبلغ الإيرل بأن الإمبراطور يريد لقاءه. لكن بدلًا من ذلك، اقتاده إلى جناحها الخاص.

وما إن دخل الغرفة، حتى أغلق الرسول الباب بإحكام وتركه هناك. خرجت الإمبراطورة مرتدية ثوبًا فاضحًا، محاولة ابتزازه بجمالها. غير أن الإيرل لم ينخدع. وعندما فشلت خطتها، استشاطت غضبًا، فاتهمته بمحاولة الاعتداء عليها، مستدعية الإمبراطور نفسه. ومن هنا بدأت المأساة التي أطاحت به.

اضطر ليون ووالدته إلى الرحيل من المدينة التي عاشا فيها دومًا، ليستقرا في قرية صغيرة.

كان أهل القرية يسخرون منهما دائمًا، إذ كانت رتبتهما في الزراعة أدنى حتى من بعض القرويين.

في العادة، كان ليون سيحاول ردع المتنمّرين، لكنه الآن بحاجة ماسّة إلى دواء، ولم يكن يملك مالًا. لذا خطّط لسرقته.

دخل المتجر ورأى أن ما يحتاجه موضوع في آخره، حيث يستحيل أخذه بلا مخاطرة كبيرة. قرر العودة ليلًا. فلو كانت السرقة سبيلًا لإنقاذ أمّه وأخواته، فسوف يتجاوز تلك الخطوط الحمراء بلا تردّد.

لكن حين خرج، وجد العصابة بانتظاره.

“أيها القمامة، من أين حصلت على المال لتشتري العقاقير؟!” صرخ أحدهم، رغم أنه لم يرَ معه شيئًا.

“… ”

ظل ليون صامتًا وتابع طريقه، لكنهم سدّوا عليه.

“أمك مريضة، يا ولد أمّه؟ أعطني المال، أيها الحقير!” قال زعيم العصابة، وكان في الحادية والعشرين بصوت غليظ.

“إنه أحمق مثل أبيه! لو كنت مكانه، لكنتُ نلتُ من الإمبراطورة حتى أفقدتها صوابها!” تفاخر شاب في السابعة عشرة، فسكتوه بسرعة خوفًا من أن يسمعه أحد.

رمقهم ليون بغضب. “لا تذكروا أبي أمامي!” صرخ.

“انظروا إليه، غاضب!”

“وكأنك ستفعل شيئًا، يا قمامة!”

اشتعل دم ليون غضبًا. لو استطاع، لكان سحقهم سحقًا، لكنه لم يكن قادرًا حتى على استشعار طاقة الـ كي، بلا موهبة، بلا قوة.

عندها، سمعوا صوتًا جديدًا.

“سمعتُ أنه حين فحص موهبته في حجر القياس العام، كانت النتيجة: عديم الموهبة!”

التفت الجميع، ليجدوا ابن البارون وقد انضمّ إليهم.

“ابن السيّد البارون، أحقًا ما تقول؟!” سألوه باحترام.

أومأ مؤكدًا: “انتشر الخبر في المقاطعة التي عاشوا فيها قبل أن يُسلب لقبهم النبيل.”

تجمد الجميع صدمة. فالمعروف أن كل إنسان يملك موهبة ما، مهما كانت ضعيفة. والمراتب تتدرج من E إلى SSS، لكن أن يُصنّف شخص على أنه بلا موهبة؟ هذا عار لم يُسمع به قط.

“هاها! إنه أوهن حتى من رتبة E!” انفجر أحدهم ضاحكًا، وتبعه الآخرون.

بالعادة، أصحاب رتبة E يعيشون في خزي، فكيف بمن لا يملك أي موهبة أصلًا؟

لكن ما لم يعرفه أحد، أن ما يملكه ليون أعمق بكثير مما يُرى بالعين.

وبينما يضحكون عليه، كان كريستال يراقبهم من عالٍ، في بُعدٍ فضائي مظلم أشبه بالفراغ.

“سيدي، وجدتك أخيرًا! حان وقت مغامرتنا الجديدة!” صاح الكريستال بفرح.

“سيدي، أشعر بغضبك. كان بوسعي القضاء عليهم، لكن سأترك الأمر لك. اهرب الآن! وإن حاول أحدهم منعك، فاركله بعيدًا. ابحث عن مكان لا يراك فيه أحد… ولنلتحم معًا!”

لو كان للكريستال قلب، لكان يخفق حماسًا في تلك اللحظة.

شقّ الفراغ بسرعة، وانتقل لحظةً ليظهر على مقربة من ليون ومجموعة المتنمّرين.

كان العام 2073، وقد مرّت 11 سنة منذ اكتشف البشر أنهم يستطيعون أن يصبحوا أقوى عبر امتصاص طاقة غامضة اكتُشفت في الهواء سنة 2062. أطلق عليها الكوريون والصينيون اسم الـ كي. وسُمّي ذلك العصر بـ عصر استشعار الـ كي.

منذ ذلك الحين، ظهر الكثير من المتنسّكين القدامى، ليكشفوا عن أنفسهم، ويغيّروا وجه العالم في غضون عامين فقط.

عُرف هؤلاء فيما بعد بـ المزارعين القدماء، وهم من أوّل من علّم الآخرين أساليب الزراعة. وصار أولئك التلاميذ يُعرفون بـ معلمي الزراعة.

لم يعد للعالم حدود الدول أو الحكومات القديمة؛ بل أعيد تنظيم كل شيء بما يناسب العصر الجديد.

بدأت الزنزانات بالظهور في كل مكان، وتحوّلت الحيوانات العادية إلى وحوش هائلة. حتى صوص صغير يمكن أن يبلغ طول دراجتين، وقوة توازي كلبًا ضخمًا. ولو هاجم شخصًا عاديًا غير مزارع، فبعشر نقرات فقط من منقاره قد يرديه قتيلًا.

حينها، صار لزامًا على البشر الإسراع في الزراعة… إذ لم يكن هناك سبيل للبقاء غيرها.

وعادت المعادن الثمينة—الذهب والفضة والنحاس—لتكون العملة الرسمية، بعد أن فقدت الأوراق النقدية قيمتها، وكأن الزمن عاد إلى العصور القديمة.