420
الفصل 420: الدجاجة أم البيضة
كان شيانغ يوي غارقًا في التأمل العميق حين شعر باقتراب إعادة التعيين.
ركز انتباهه، محددًا بدقة اللحظة التي سيحل فيها اليوم الجديد.
في اللحظة التي تجاوز فيها عقرب الساعة منتصف الليل، انتهى وقت استعادة قدرته على الاستنارة، ففعّلها فورًا. تمدد وعيه على الفور، ورأى كل شيء بمنظور جديد كليًا. في تلك الحالة، شعر بـ«النظام» يرفع إحصاءاته، فابتسم برضا.
لقد نجح أخيرًا في التقاطها.
فجأة، وجد نفسه يُطرد من حالة الاستنارة.
«ما الذي يحدث؟» تساءل وهو ينظر من حوله. ورغم أنه خرج من حالة الاستنارة، فإنه لم يعد إلى العالم الحقيقي، بل انتقل إلى مكان مختلف تمامًا. في هذا المكان الجديد لم يكن هناك شيء، لا فراغ ولا مادة… لا شيء على الإطلاق.
حين تأمل محيطه، أدرك مكانه، فغمره الذعر. لقد كان في مفهوم «النهاية المطلقة».
فكّر في الهرب، لكنه توقف. لم يشعر بتأثير النهاية المطلقة المدمّر الذي يمحو كل ما يلمسه. وهذا منطقي، فهو لم يكن موجودًا هناك بجسده فعليًا. تساءل إن كانت هذه رؤية ما.
وإن كان الأمر كذلك، فعليه أن ينتبه جيدًا. ركز على ما حوله، ثم أغمض عينيه ليحسّ بالمفهوم نفسه. كان ما يراه مجرد سطح مما رآه سابقًا — عليه أن يتعمق أكثر. كان عليه أن يتقدم أبعد.
وفجأة، وجد نفسه يطفو في فضاء يغمره نور ساطع باهر. كان المكان كله مكونًا من إشعاع متألق يملأ كل شيء. كان النور قويًا لدرجة أنه لم يرَ أي شيء آخر سواه.
تساءل إن كان هذا هو النقيض.
فالمكان الأول كان نهاية لا يمكن لأي شيء الإفلات منها، أما هذا المكان فبدا كأنه بداية يولد منها كل شيء.
حدّق في النور الساطع، رابطًا إياه بحالته أثناء الاستنارة. في كل مرة يدخل فيها تلك الحالة، كان يرى أضواء متعددة تحيط به. والآن، وهو يحدق في هذا النور المكثف، رأى خيوطًا دقيقة من الضوء تتفرع منه. هذا ما كان يبحث عنه — «المصدر المطلق».
أغمض عينيه مجددًا وبدأ يتحسس المفهوم من حوله. بدا على وجهه التعب بينما كان يحاول الفهم.
لم يكن يحرز أي تقدم. ما خطبه؟ هل يفتقر إلى مستوى كافٍ من الاستنارة لفهمه؟ فتح عينيه، محدقًا في النور الممتد بلا نهاية في جميع الاتجاهات.
ما الذي ينقصه؟
وحتى لو كان الأمر متعلقًا بالاستنارة، ألا يمكنه على الأقل دراسة هذا المجال الآن ورفعه إلى مستوى «قانون» لاحقًا؟
واصل الانجراف في بحر النور اللامتناهي وهو يفكر في حل.
«لحسن الحظ، يبدو أن هذا المكان لا يخضع لحدود زمنية مثل حالة الاستنارة الأولى، لذا يمكنني أخذ وقتي في الفهم»، فكّر، لكنه مع ذلك أدرك أنه يجب أن يسرع. ماذا لو كان الزمن هنا مختلفًا ويتدفق أسرع في الخارج، فيعلق لمليارات السنين؟
وبالنظر إلى ما فعله مؤخرًا مع زوجته، فقد يخرج ليجدها قد وصلت إلى عالم لا يُقهر، وتنتهي رحلته في سبيل الزراعة قبل أن تبدأ.
هزّ رأسه. ما الذي يشغله بهذا الآن؟ عليه أن يجد الحل بسرعة.
توقف. «النهاية؟ نعم… هذا هو»، أدرك فجأة.
فالمفهوم لم يكن عن البداية فقط — بل شمل النهاية أيضًا. ولهذا لم يتمكن من إدراكه، لأنه لم يكن كاملاً. كان الأمر شبيهًا بمحاولته السابقة لفهم «النهاية المطلقة» داخل بحره الروحي. «يبدو أنني لا أستطيع فهم الاثنين بشكل منفصل»، فكّر.
أغمض عينيه وركّز بكل ما لديه.
فجأة، انفتحت عيناه، ووجد نفسه عائمًا في نقطة التقاء المفهومين المتضادين. على يمينه كان النور الطاغي الذي يُنجب كل شيء، وعلى يساره العدم المطلق الذي يبتلع كل وجود.
…
تعلقت عيناه بالدورة، شعر أنه لا يستطيع التوقف عن النظر.
رأى المفهومين المطلقين يتصارعان بشراسة، كل منهما يحاول ابتلاع الآخر بالكامل.
وفي خضم معركتهما، في مكان تصادمهما، رأى شيانغ يوي مفاهيم أخرى عديدة تتجمع في شكل خيوط من الضوء، ثم تتبدد مكوّنةً طيفًا ضوئيًا بالغ الجمال.
راقب كل ذلك باندهاش قبل أن يدرك ما يفعله. عليه أن يركّز على المفهومين المطلقين، لا على هذه المفاهيم الأخرى. طرد الأفكار من رأسه وركّز مجددًا.
أعاد انتباهه إلى المفهومين المطلقين، مراقبًا صراعهما الشرس.
تساءل: لماذا يتصرفان هكذا وهما في الأصل وجهان لمفهوم واحد؟ هل كان استنتاجه خاطئًا؟ لا، لا يمكن أن يكون مخطئًا. عليه فقط أن يجد التوازن.
تذكر مفهوم «الين واليانغ».
بسط كفيه، فانطلقت تيارات من الطاقة من المفهومين المطلقين نحو يديه، مكونةً كرتين بلوريتين. كانت «النهاية المطلقة» ظلامًا محضًا يبتلع كل ذرة من الضوء حوله، أما «المصدر المطلق» فكان نورًا محضًا يشمل كل ما ليس عدمًا.
ارتعش قليلًا تحت ثقل المفهومين. لم يتبقَّ سوى أن يجمعهما معًا.
بدأ بدفع كفيه ببطء نحو بعضهما.
تذكر الين واليانغ — الأمر كله كان إيجاد النظام وسط الفوضى.
رغم أنهما نقيضان متطرفان، كان متأكدًا أنهما يمثلان جوهرًا واحدًا.
عاد السؤال إلى أصله: النهاية أم البداية؟ من أين بدأ كل شيء؟
قد يبدو الجواب بديهيًا — فلا نهاية بلا بداية — لكن أليس من الممكن قول العكس؟ هل يمكن اعتبارها «بداية» إن كانت موجودة مسبقًا؟
وهذا يعني أن النهاية سبقت البداية.
لكن هذا لا يعني أن النهاية أصبحت هي البداية — بعيدًا عن ذلك.
بل عاد كل شيء إلى دائرة واحدة.
بداية في نهاية، ونهاية في بداية.
وجود داخل العدم، وعدم داخل الوجود.
جميع الحالات يمكن أن تكون صحيحة في آنٍ واحد. يبدو الأمر متناقضًا، أليس كذلك؟ الوجود والعدم معًا في نفس اللحظة. لكنه كان ينظر إليه من منظور خاطئ. الزمن خرج من مفهوم «المصدر المطلق»، فكيف يمكنه أن يُملي على المفهومين الأبويين سلوكهما؟
أخرج الزمن من المعادلة.
وأخرج ببطء كل المفاهيم الأخرى. وعندما توقف عن استخدام تلك المفاهيم لفهم «المصدر المطلق»، وسمح له أن يأتي إليه من تلقاء نفسه… عندها تحقق الفهم.
فعلى عكس المفاهيم الأخرى التي تركز على ما بداخل الوجود، فإن «النهاية المطلقة» و«المصدر المطلق» يركزان على الوجود نفسه ككل. «المصدر المطلق» يلد كل الوجود، و«النهاية المطلقة» تُقر بأن كل الوجود سيصل في النهاية إلى زوال، ليُولد من جديد، وتستمر الدورة.
ضحك شيانغ يوي عند هذا الإدراك، وفتح عينيه في العالم الحقيقي.
«إذن هكذا يشعر المرء عندما يصل إلى قانون.»