415
الفصل 415: نظرية التطور [الجزء الثاني]
في تلك اللحظة، كانت جميع الأعشاب التي تقلّ درجتها عن المستوى السماوي قابلة للحصاد عدة مرات في اليوم، لذلك لم يكن على شيانغ يوي أن يقلق بشأن باقي أفراد الطائفة من التلاميذ الذين سيرتقون من الجذور الروحية المنخفضة إلى الجذور الإلهية.
بالطبع، لن تُقدَّم تلك الأعشاب مجاناً، بل سيكون على الجميع القتال داخل برج الزنزانة للحصول عليها.
أما الأعشاب ذات الدرجة السماوية والخالدة، فلم يكن شيانغ يوي يظن أنه يمكنه منحها لأي أحد بهذه السهولة.
فبينما لم تكن الأعشاب الأخرى تكلّفه شيئاً، وكان بإمكانه إنشاء عدد لا نهائي منها تقريباً، إلا أن الأعشاب السماوية والخالدة كانت أكثر تعقيداً، وتتطلّب وقتاً وجهداً كبيرين لصناعتها يدوياً من خلال مجال الخلق الخاص به.
في الوقت الحالي، كان يعتقد أنه يستطيع صنع حوالي مئة عشبة من الدرجة السماوية، وعشر أعشاب من الدرجة الخالدة يومياً. وبهذا العدد، يمكنه تنقية الأعشاب السماوية المئة إلى حبوب اليقظة والاحتفاظ بها للمتميزين من أفراد الطائفة.
علاوة على ذلك، من في الطائفة وصل حالياً إلى الدرجة الإلهية وينتظر الترقي إلى الدرجة السماوية؟ يبدو أنهم سيحتاجون إلى وقت طويل قبل أن يتمكنوا من استخدام هذه الحبوب فعلياً.
أما الأعشاب الخالدة، فكان يعتزم تنقيتها واستخدامها لاكتساب خبرة في الجذر الروحي.
ورغم أن تحفيز الجذر الروحي خارجياً بهذه الطريقة دون ترقية صحيحة ينطوي على بعض المخاطر، إلا أنه، بفضل بنيته الجسدية وسلالاته الدموية، كان واثقاً من تحمّل النتائج دون أن يُصاب بأذى.
ومع ذلك، كان هناك احتمال للانتكاس، لذا قرر تناول واحدة فقط يومياً. وحتى بهذا المعدل البطيء، فسيكون ذلك كافياً لتقليص الوقت اللازم بشكل كبير لاكتساب مليون نقطة خبرة والارتقاء إلى الدرجة السماوية العليا.
وبينما كان يفكر في ذلك، وجّه انتباهه إلى مستوى استنارته، الذي كان يسعى بدوره للوصول إلى الدرجة السماوية.
كان بحاجة إلى إيجاد حل لتعزيز الاستنارة. فعلى الرغم من أنه فهم كيفية عمل محفّز الاستنارة، إلا أنه لم يعرف بعد الطريقة الدقيقة لتطبيقه على عشبة يمكنها تحفيز استنارة من يتناولها.
كانت الاستنارة نفسها مفهوماً غامضاً للغاية، يصعب تحديده أو التعامل معه مباشرة.
وأول ما خطر بباله كان… العقل.
لكن، رغم وجود علاقة بين الاثنين، فهما مختلفان جذرياً، خصوصاً في الدرجات العليا.
بعد ساعات طويلة من البحث المرهق — بحث استغرق أحد عشر نسخاً منه وامتد ليوم كامل تقريباً — لمح شيانغ يوي أخيراً بارقة أمل.
فبعد أن بحث طويلاً عن شيء يمكنه التفاعل مع الاستنارة دون جدوى، عثر على الجواب في سلالاته الدموية الخاصة بسلاحف البحر السوداء وطائر الفينيق. هاتان السلالتان كانتا قادرتين على التفاعل مع الاستنارة. ومع ذلك، ظلّ ينقصه مكوّن أساسي.
وبعد المزيد من البحث، توصّل إلى أن الحل يكمن في أمر لم يكن ليتوقّعه أبداً.
الجواب كان في السلالة البشرية نفسها.
فعلى الرغم من أن السلالة البشرية تُعدّ سلالة عادية، إلا أنها تملك خاصية فريدة. تماماً كما تمتلك كل سلالة سمة مميزة خاصة بها، كانت للسلالة البشرية سمة مميزة هي ارتباطها بالاستنارة.
ببساطة، كل إنسان يولد وهو يمتلك قدراً أساسياً من الاستنارة.
وبينما يتمتع بعضهم بمستويات أعلى من غيرهم، إلا أن الإنسان الخالص لا يُولد أبداً دون استنارة. ولهذا السبب، ورغم أن البشر أضعف من الوحوش الأخرى، فإنهم يُولدون بطبيعتهم أذكياء، ولا يحتاجون إلى الزراعة أو التدريب لاكتساب الوعي.
تنفّس نسخة الزراعة من شيانغ يوي الصعداء، وقد حصل أخيراً على القطعة الأخيرة التي كان يحتاجها لإكمال نظريته.
كانت طريقته لإنشاء محفّز استنارة تقوم على تحليل كيفية تكوّن الاستنارة طبيعياً في السلالة البشرية، ثم استخراج الجوانب الأكثر فاعلية من عملية تكوينها — تلك الجوانب التي تمكّنه من التفاعل مع استنارة الآخرين.
بعدها، سيحلل كيفية عمل تعزيز الاستنارة في سلالات مثل الفينيق وسلحفاة البحر السوداء، ويستخلص المعلومات منها أيضاً. ثم سيستخدم كل ما جمعه لإنشاء عشبة قادرة على تحفيز الاستنارة.
تنهد طويلاً… ومع ذلك، كانت هذه لا تزال مجرد نظرية لم يُنفّذها بعد. وحتى إن نجح، فلن يكون تأثيرها إلا مؤقتاً، إذ لا يزال يجهل الطريقة التي يمكن بها ترقية مستوى الاستنارة بشكل دائم.
…
في قصرٍ مصنوعٍ بالكامل من الجليد، كانت امرأة شاحبة البشرة تنظر إلى انعكاسها على بلورات الجليد التي تُشكّل جدران القصر. وما إن رأت وجهها حتى وجهت لكمة نحو البلورات، فتهشّمت كي لا ترى نفسها بعد ذلك.
سقطت على الأرض وهي تمسك وجهها بيدها.
«ما الذي يحدث لي؟» فكّرت.
تساءلت كم من الوقت مضى الآن. فمنذ بضعة أيام، بدأ يحدث لها أمر غريب. أفكار ومشاعر لم تعرفها من قبل كانت تتدفّق إلى عقلها بلا توقف.
تساءلت إن كان ذلك نوعاً من اللعنة.
لكن من يمكن أن يكون قوياً بما يكفي ليلعنها؟
هل هو الداو السماوي؟ أم شجرة العالم؟ لا، فهذان لن يهتما بامرأة ضعيفة مثلها. كما أن لهما قيوداً تمنعهما من التدخّل.
جلست تتأمل ودخلت في حالة سكون، محاولةً استخدام قانون السببية، لكن صرخة ألمٍ حادة انطلقت منها وهي تمسك رأسها من جديد. كان الأمر تماماً كما من قبل — اللعنة كانت تزداد سوءاً كلما حاولت استخدام أي قدرة تتعلّق بالسببية.
«اللعنة!» تمتمت بغضب وهي تنهض من مكانها.
كانت كل قوتها تعتمد على السببية. وكأن أحدهم قد قطع أطرافها. كيف ستعيش هكذا؟
سارت عبر جدار الجليد، لتدخل إلى ما يشبه قبوًا سريًا.
كان المكان مظلماً، لا يضيئه سوى خيط ضوء يتسلل من فتحة صغيرة. لوّحت بيدها، فانبعث الضوء في المكان. في زاوية القبو كانت هناك عشرات من بلورات الجليد، كل واحدة منها تحتوي على جسدٍ مغطى بالجليد يشبهها تماماً.
اقتربت من إحدى البلورات ووضعت كفها عليها.
بدا وكأنها تنقل شيئاً إلى النسخة داخل البلورة. ثم بدأت تصرخ من الألم، لكنها تماسكت وأمسكت رأسها بيدها الأخرى، مستمرةً رغم العذاب.
وبعد فترة، بدا أنها انتهت، فرفعت يدها عن البلورة — لكن فجأة، انفجرت النسخة داخلها، وتحطّمت البلورة إلى ملايين الشظايا.
لم يبقَ شيء.
حدّقت في المشهد بدهشة.
«مستحيل… هذه الأجساد جميعها من المستوى الحاكم، لا يمكن أن تنفجر هكذا لمجرد ذكريات ومشاعر غريبة!» فكّرت.
وفي تلك اللحظة، أمسكت رأسها مجدداً متألمة. لقد حاولت نقل الذكريات والمشاعر الغريبة إلى إحدى نسخها، لكنها فشلت، بل إن اللعنة ازدادت قوة.
سقطت على الأرض بقوة، وبدأ الضوء في الغرفة يخفت ويومض.
وعند كاحلها، ظهرت خيط أحمر لثانية واحدة قبل أن يختفي.
وقفت ببطء، وقد تغيّر تعبير وجهها ليصبح غامضاً لا يمكن قراءته. بدأت الدموع الدموية تتساقط من عينيها، ثم ابتسمت.
«أخي الكبير… إنه مؤلم جداً… أين أنت؟ ألا تحبني بعد الآن؟»
ثم تحوّل وجهها فجأة إلى ملامح شريرة مشوّهة.
«إذن لا خيار أمامي… سأقبض عليك وأقيّدك هنا، عندها لن تتركني أبداً… هذه هي الطريقة الوحيدة… النهاية السعيدة الوحيدة…»
ما هذا 😲😲😲