17

الفصل 17: أيّ واحد أختار

اندفع شيانغ يو داخل الغابة الكثيفة، والأغصان تلطمه وهو يغوص أعمق في الأدغال
كان قلبه يدق بعنف داخل صدره، كل نبضة تنضح بإحساس عميق بالظلم
ماذا فعل ليستحق هذا؟ لا شيء! لا شيء على الإطلاق! ومع ذلك ها هو الآن، يركض من أجل حياته مطاردًا من مزارعين يريدون موته فقط لمجرد الارتباط به
هل أراد هذا الكون حقًا إلغاء وجوده؟

توقف لحظة في فسحة صغيرة، يمسح محيطه بعينيه محاولًا بيأس تحديد طريق الهروب الأكثر أمانًا
غير أن صوت تحطيم الأغصان وصيحات الغضب خلفه بدد أي فرصة للتفكير المتأني
فمن دون أن يلتفت، اندفع إلى الأمام مجددًا، متوغلاً في حضن الغابة الحامي

خلفه مباشرةً اقتحم المبتدئون الخمسة الفسحة التي غادرها للتو
توقفوا، ورؤوسهم تلتفت في كل اتجاه محاولين تحديد أي طريق سلك فريستهم

«إلى أي جهة ذهب؟» صاح أحدهم والإحباط يعلو صوته

بعد لحظات من الجدال توصّلوا إلى قرار

«فلنتفرق ونفتش في كل الاتجاهات» اقترح أحد المبتدئين بابتسامة متعجرفة، «إنه مجرد فانٍ بلا جذور روحية، أيّ واحد منا يكفي للتعامل معه وحده»

وافق الآخرون جميعًا
ومع إيماءات سريعة، تشتتوا كلٌ في طريق، غاصوا في الغابة من مسارات متفرقة
تلاشت خطواتهم تدريجيًا، ولم يبقَ إلا صمت مهيب تقطعه أصوات الطبيعة المعتادة

لم يهبط شيانغ يو من مخبئه بين الأغصان إلا بعد أن اختفى آخر أثر لهم
كانت خطته الارتجالية خطرة لكنها أثبتت فعالية مدهشة
الأهم من ذلك أنه استمع كاملًا لمحادثتهم وخطتهم التالية

منحنياً على ركبتيه حلّل الموقف بحذر
لم يستطع أن يقدّر بدقة مستويات زراعتهم، لكنه أدرك أنهم جميعًا عند مرحلة صقل الجسد
وبما أنهم يطاردونه بلا توقف فإن انتظاره سيؤدي إلى اكتشافه عاجلًا أم آجلًا—سوف يجتمعون بعد فشلهم في العثور عليه فرادى، وسينتهي أي تفوق يملكه

كانت هذه فرصته المثالية ليبادر، لكن أي واحد يهاجم أولًا؟

عمل عقل شيانغ يو بسرعة، مسترجعًا ديناميكيات المجموعة
اثنان منهم كان واضحًا أن لهما احترامًا أكبر من البقية—ما يعني على الأرجح مستوى زراعة أعلى أو أهمية أعظم
ومهاجمتهما ستكون حماقة
من الثلاثة المتبقين، واحد بدا أكثر توترًا، وقفته أقل ثباتًا من رفاقه

ذلك هو هدفي، قرر شيانغ يو
إنه أفضل فرصة لي

ومن دون تردد أكثر انسلّ صامتًا بين الأدغال، متتبعًا أثر فريسته المختارة
الصياد سيصبح هو الطريدة

…

انطلقت لي ياو من موقعها برشاقة قاتلة، سيفها مسلول يشع بطاقة روحية وهي تهوي على خصمها
كان العميد قد اتخذ وضعية القتال بالفعل، قوته الروحية تتجمع حول قبضتيه حتى توهجتا بسطوعٍ مخيف
عيناه تابعتا اقترابها ببرود قاتل لرجل متمرّس

ضربت بمهارة دقيقة، وسيفها شق الهواء في قوسٍ لامع من القوة المركزة
فرد العميد فورًا، رافعًا ذراعيه ليشكّل حاجزًا طاقويًا متلألئًا بالقوة الحامية
وعندما لامس سيف لي ياو الحاجز، انفجر اصطدام الطاقتين في عرض مذهل من الشرر المتطاير والصوت المدوّي الذي تردّد عبر الغابة

لبضع نبضات بقيا متجمدين في هذا التوازن القاتل
ابتسمت شفتا العميد بابتسامة متعجرفة، وامتلأ نظره احتقارًا
كما توقعت، إنها ما زالت مجرد مزارعة في تأسيس الأساس…

لكن قبل أن يكمل الفكرة تغيرت ملامح لي ياو
ملامحها الرقيقة صارت قاسية بالإصرار، فجرت فجأة اندفاعًا غير متوقع من القوة عبر شفرتها
التصعيد المفاجئ أطلق موجات اهتزاز اخترقت حاجز العميد، وضغطت عليه باستمرار حتى—وبصوت أشبه بتحطم الزجاج—انكسر الحاجز تمامًا

أُخذ العميد على حين غرة، لكنه تحرك بغرائز صقلها عقود من الزراعة
انحرف جانبًا بسرعة
فأخطأ سيف لي ياو جسده بفارق سنتيمترات، مواصلًا نزوله الكاسح ليضرب الأرض تحت قدميه
وعند الارتطام انشقت الأرض بعنف، وتصدّع عميق تشقق من النقطة التي سقطت فيها الضربة

اتسعت عينا العميد وهو يتأمل الدمار الذي أحدثته ضربة واحدة
مستحيل! كيف لمزارع في تأسيس الأساس أن يمتلك مثل هذه القوة المدمرة؟
ومضة احترامٍ مترددٍ ظهرت على ملامحه قبل أن تمحوه عزيمة باردة
يجب أن أتوقف عن الاستهانة بها وأقاتل بكامل قوتي

ومن دون إنذار اندفع نحو لي ياو، مستهدفًا ضعفها اللحظي بينما كان سيفها ما يزال مغروسًا في التربة المتصدعة
لكن لي ياو توقعت هجومه الانتهازي
ممسكةً بمقبض سيفها، قلبت جسدها بخفةٍ فنية لتطير فوق جسده المندفع

وجدت ضربته الهواء فقط، لكنه استعاد توازنه بسرعة مرعبة، ملتفتًا ليشن ضربة أخرى
غير أن لي ياو، وهي ما تزال وسط قلبتها، نزعت سيفها ورفعته لتصد الهجوم القادم
صدّت الضربة بنجاح، لكن قوة العميد المطلقة قذفتها للخلف حتى اصطدمت بجدار الفجوة بعنف، مثيرة غيومًا من الغبار حولها

نهضت على قدميها بسرعة، أعادت وضعيتها للقتال، لكن العميد كان قد اقترب بالفعل
وبمهلة قصيرة للتصرف، تدحرجت على جدار الفجوة، متجنبةً بأعجوبة لكمةً مدمرة اخترقت الأرض الصلبة حيث كانت تقف قبل لحظات
الارتطام فتّت الحجر والتراب، ناشرًا شظايا حادة في الهواء كمقذوفات قاتلة

استعادت لي ياو موقعها، تحدق بخصمها بتركيز حاد
ينبغي أن أنهي هذا سريعًا وأساعد أخي الأكبر، فكرت، لكن هذا الخصم صعب حتى عليّ
بإصرارٍ متجدد، اندفعت للأمام، وسيفها يرسم أنماطًا أنيقة في الهواء—رقصة قاتلة من الدقة والقوة

اشتد الاشتباك، هجماتٌ وهجماتٌ مضادة تتدفق في تناغم عنيف
كل ضربة متبادلة تركت آثارًا على كلا المقاتلين، ولم يرضَ أيٌّ منهما بالتراجع
بعد جولةٍ ضارية، اصطدامٌ هائل للطاقتين طرح الاثنين بعيدًا، منزلقين إلى جهتين متقابلتين من ساحة المعركة

الفجوة الصغيرة التي بدأت اتسعت بشكل ضخم، وتحولت ساحة المواجهة إلى حلبة واسعة من أرضٍ محطمة وصخورٍ مكشوفة
ومن دون تبادل كلمة، جمع كلا المقاتلين قوته من جديد وانطلقا نحو بعضهما، والهواء بينهما يتشوه من ضغط القوة المطلقة التي أطلقاها